مثالية أفلاطون في مواجهة عقلانية ارسطو

الميتافيزيقيا وطبيعة الله :

♧♧♧♧♧♧♧

لقد “نشأت ميتافيزيقا أرسطو من علم احيائه. كل شيء في العالم يحركه باعث داخلي ليصبح شيئاً اكبر مما كان عليه. وكل شيء هو كلتا الصورة أو الحقيقة التي نشأت عن شيء كان مادة لها. والذي قد يكون بدوره مادة لصور أكبر تنشأ عنه. وهكذا فإن الرجل هو الصورة الذي كان الطفل مادة لها. والطفل هو الصورة التي كان الجنين مادة لها. والجنين هو الصورة والبويضة هي المادة. وهكذا نعود إلى الخلف إلى ان نصل بطريقة غامضة إلى تصور المادة بغير صورة اطلاقاً، ولكن هذه المادة بغير صورة سوف لا تكون شيئاً، لأن كل شيء صورة. ان المادة بمعناها الأوسع، هي إمكانية الصورة، والصورة هي الحقيقة، الحقيقة التامة للمادة. المادة تسد والصورة تبني، ان الصورة ليست الشكل فقط ولكنها القوة المشكلة، وهي ضرورة داخلية وباعث يعجن المادة المجردة إلى شكل وغرض خاص، انها تحقيق مقدرة المادة القوية، انها كمية القوى الكامنة في أي شيء ليعمل ويكون ويصبح، وبالتالي فإن الطبيعة غزو الصورة للمادة والتدرج والتقدم الدائم وانتصار الحياة”

ان هذا النظام والتصميم بالنسبة إلى ارسطو أمر داخلي وينشأ من نوع الشيء وعمله، فهو يعتقد بان العناية الإلهية تنسجم تماماً مع عملية الأسباب الطبيعية.

يقول أرسطو: “انه لا بد أن يكون للحركة مصدر اذا اردنا أن لا نغطس في رجوع لا نهائي. واضعين خلفنا مشاكلنا خطوة فخطوة إلى ما لا نهاية. ويجب أن نقوي الايمان بالله المحرك الأكبر ولكنه هو نفسه لا يتحرك، وهو كائن، معنوي لا مادي غير مرئي، ولا مكان له لا مذكر ولا مؤنث، ولا يتغير أو يتأثر، تام وأبدي، ان الله لا يخلق العالم، بل يحركه، ولا يحرك العالم كقوة ميكانيكية ولكن كمحرك كلي لجميع عمليات العالم. ان الله يحرك العالم كما يحرك المحبوب المحب. انه السبب النهائي للطبيعة. والقوة الدافعة للاشياء وهدفها، انه صورة العالم، ومبدأ حياته ومجموع تفاعله الحيوي وقوته، وهدف نموه الغريزي”.

ومع ذلك “فإن ارسطو بتناقضه المعتاد يصور الله روحاً مدركة لنفسها، أو بالأحرى يصوره روحاً غامضة مبهمة، لان الله لا يفعل شيئاً أبداً في نظر ارسطو وليست له رغبات ولا إرادة ولا هدف، انه حيوية خالصة لدرجة انه لا يعمل ابداً، وهو كامل كمالا مطلقاً، لذلك ليس بمقدوره أن يغرب بأي شيء لذلك فهو لا يفعل شيئاً، وعمله الوحيد هو التفكير في جوهر الأشياء. وبما انه نفسه جوهر جميع الأشياء وصورة جميع الصور، فان وظيفته الوحيدة هي التفكير في ذاته، يا له من اله فقير هذا الاله الذي يعتقد به ارسطو، انه ملك لا يفعل شيئاً ملك بالاسم لا بالفعل. ولا غرابة في ان يحب البريطانيون ارسطو لأن إلهه صورة طبق الأصل من ملكهم، أو صورة عن ارسطو نفسه. لقد احب فيلسوفنا التأمل والفكر إلى درجة أن ضحى من اجل هذا التأمل بمفهومه عن الله. ان الهه –كما يقول ديورانت- من نوع لا خيال فيه، وهو منعزل في برجه العاجي بعيداً عن صراع الأشياء”.

الأخلاق وطبيعة السعادة عند أرسطو :

ذ♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

يعترف أرسطو “بأن هدف الحياة ليس الخير في حد ذاته، بل السعادة، لاننا نختار السعادة لذاتها، لا لشيء آخر، ونحن نختار الشرف، والسرور والادراك..لاننا نعتقد اننا نصل عن طريقها إلى السعادة، ونكون سعداء بفضلها، ولكن ارسطو يعرف ان تسمية السعادة بالخير الاسمى مجرد حقيقة اولية، وما نريده هو تفسير أوضح عن طبيعة السعادة، وطريق الوصول إليها، عن طريق التفكير والعقل، لذلك يمكننا ان نفترض أن تطور هذه المقدرة الفكرية سيحقق له السعادة. عندئذ تكون حياة العقل شرطاً للسعادة باستثناء قضاء بعض اللوازم الجسدية”

أما “الطريق لبلوغ السعادة، الذي يوفر على الإنسان الكثير من التأخير والعناء، فهو –عند أرسطو- الطريق الوسط، أو الوسط الذهبي، حيث تنظم الاخلاق في شكل ثلاثي يكون الطرفان الأول والاخير فيه تطرفاً ورذيلة، والوسط فضيلة أو فضل، وهكذا يكون بين التهور والجبن فضيلة الشجاعة، وبين البخل والاسراف فضيلة الكرم، وبين التهور والجبن فضيلة الطموح، وبين الخضوع والعتو فضيلة الاعتدال، وبين الكتمان والثرثرة فضيلة الامانة، وبين الكآبة والمزاح فضيلة البشاشة وبين محبة الخصام والتملق فضيلة الصداقة، عندئذ لا يختلف الصواب في الاخلاق والسلوك عن الصواب في الرياضيات والهندسة، حيث يعني الصحيح والمناسب وافضل عمل لأفضل نتيجة” .

في هذا الجانب يقول أرسطو: “ان الفضيلة فن يمكن كسبه بالمران والعادة، اننا لا نعمل الصواب لان لدينا فضيلة أو فضل. ولكن الفضيلة موجودة فينا لأننا عملنا الصواب. هذه الفضائل تتشكل في الإنسان بعمله لها. اننا عبارة عما نفعل دائماً، لكن أرسطو يعتقد بأن الوسط الذهبي ليس كل السعادة، بحيث يجب أن يتوفر لدينا جانب من متاع الدنيا وحاجاتها، فالفقر يجعل من الإنسان بخيلاً شحيحاً، بينما المال يحرر الإنسان من الحرص والشَّرَه، كما أن أنبل الأمور التي تساعد في الوصول إلى السعادة هي الصداقة، لإنها ضرورية للإنسان السعيد أكثر من الإنسان التعيس، لان السعادة تزيد وتتضاعف بمشاركة الاخرين فيها، وهي اكثر أهمية من العدالة، اذ لا حاجة للعدالة عندما يكون الناس أصدقاء، فعندما يكون الناس عادلين مقسطين، تبقى الصداقة نعمة وفضل، فالصديق روح واحد في جسدين، ومع ذلك فإن الصداقة تعني قلة الأصدقاء، لا كثرتهم، وذلك الذي له أصدقاء كثيرون لا صديق له. ومن المتعذر ان تكون صديقاً لكثير من الأصدقاء اذا اردت الصداقة المخلصة”

إن الإنسان المثالي في رأي أرسطو “هو الذي لا يُعَرِّض نفسه بغير ضرورة للمخاطر، ولكنه على استعداد لان يضحي حتى بنفسه في الازمات الكبيرة، مدركاً أن الحياة لا قيمة لها في ظروف معينة، وهو يعمل على مساعدة الناس، ولكنه يرى العار في مساعدة الناس له، لان مساعدة الناس ونفعهم دليل التفوق والعلو، ولكن تلقى المساعدات منهم دليل التبعية وانحطاط المنزلة، كما أن الإنسان المثالي –كما يراه أرسطو- لا يشترك في المظاهر العامة، وينأى بنفسه عن التفاخر والتظاهر، وهو صريح في كراهيته وميوله، وقوله وفعله، بسبب استخفافه بالناس وقلة اكتراثه بالأشياء، ولا يهزه الاعجاب بالناس أو اكبارهم، اذا لا شيء يدعو إلى الاعجاب والاكبار في نظره، ولا يساير الاخرين، الا اذا كان صديقاً لان المسايرة من شيم العبيد، ولا يشعر بالغل أو الحقد ابداً، ويغفر الإساءة وينساها، ولا يكثر الحديث.. ولا يبالي بمدح الناس له أو ذمهم لغيره، ولا يتكلم بالسوء عن الاخرين ولو كانوا أعداء له، شجاعته رصينه، وصوته عميق، وكلامه موزون، لا تأخذه العجلة، لان اهتمامه قاصر على أشياء قليلة فقط. ولا تأخذه الحدة أو يستبد به الغضب، ويتحمل نوائب الحياة بكرامة وجلال، باذلاً جهده قدر طاقته وظروفه، كقائد عسكري بارع ينظم صفوفه بكل ما في الحرب من خطط. وهو أفضل صديق لنفسه، ويبتهج في الوحدة، بينما نرى الجاهل العاجز المجرد عن الفضيلة أو المقدرة عدو نفسه ويخشى الوحدة، هذا هو الرجل المثالي في نظر أرسطو”

أشكال المعرفة عند أرسطو:

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

“في حين رأى أفلاطون رابطة بين أشكال المعرفة المختلفة ومسائلها، فلم يميز تمييزاً حاداً بين نظرية المُثُلْ وعقيدة الدولة والأخلاق والإستطيقا.. إلخ، فإن الفيلسوف التحليلي أرسطو ميز بين أنظمة المعرفة المختلفة. فميز بين ما هو نظري وما هو عملي وما هو شعري من الأنظمة (وهذه تطابق، على التوالي، النظرية والتطبيق العملي والشعر التي ترتبط بالمعرفة والحكمة العملية والفن أو المهارة التقنية، وهدف المعارف النظرية تعيين الحقيقة.

“اعتبر أرسطو ثلاثة معارف نظرية هي فلسفة الطبيعة والرياضيات والماورائيات ، وهدف الفلسفة الطبيعية تحديد الأشياء المدركة بالحس والمتغيرة. وهدف الرياضيات تحديد الصفات الكمية الثابتة، أما الميتافيزيقا، فتستهدف تحديد الأشكال الثابتة المستقلة، وهو، بهذا المعنى، كان يتكلم بمصطلحات المستويات المتزايدة في التجريد، بدءاً من الفلسفة الطبيعية مروراً بالرياضيات إلى الميتافيزيقا”

عالم المُثُلْ وعالم المحسوس لدى أفلاطون وأرسطو:

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

بينما يقول أفلاطون إن الُمُثْل هي الموجودات الحقيقية، وهي النظرة الشائعة في التأويلات في الكتب المدرسية، يرى أرسطو أن الموجودات المستقلة هي الأشياء الجزئية، أو “الجواهر” مستخدمين المصطلح الأرسطي، فبرج إيفل وحصان الجار وهذا القلم أمثلة على الأشياء الجزئية؛ عن الجواهر بالمعنى الأرسطي، أي: هي ذات وجود مستقلاً، أما ارتفاع برج إيفل واللون الذهبي لحصان الجار والمقطع السداسي الشكل للقلم فهي صفات لا وجود مستقلاً لها عن البرج والحصان والقلم.

الجواهر لها صفات، والصفات توجد كصفات للجواهر، لكن ما عدا ذلك لا وجود مستقلاً للصفات. ويمكننا النظر إلى أشياء صفراء متعددة، ونتكلم على صفة “الاصفرار”، ونتكلم عما يقابله من أشياء وصفات، غير أن ذلك كله لا يجعل صفة الاصفرار فكرة ذات وجود مستقل، بحسب ما رأى أرسطو.

وهكذا، فإن أرسطو رأى أن الجواهر هي ما له وجود فعلي، أما الصفات والأنواع فوجودها نسبي لأنها توجد في الجواهر (الأشياء الجزئية) أو معها

وتكون النتيجة أن أرسطو أنزل الأفكار (المُثُل) إلى مستوى الأشياء، أي: الصفات والأنواع موجودة، لكن وجودها ليس إلا في الأشياء الجزئية، وفي الخلاصة يمكننا تفسير العلاقة بين أفلاطون وأرسطو بما يلي: يعتقد أفلاطون وأرسطو معاً بأنَّ الكلمات التصوراتية (أسماء الصفات، مثل “أحمر”و”دائري”..إلخ، وأسماء الأنواع مثل “حصان” و”إنسان” …إلخ) تشير إلى أشياء موجودة، غير ان أفلاطون اعتقد أن هذه “الأشياء” هي مُثُلْ موجودة “وراء” الظواهر الحسية، أي: نحن مصيبون عندما نقول هذه كرسي، وذلك أزرق، ولكن لرؤية ذلك، لابد من أن يكون في حوزتنا، بشكل مسبق مثال الكرسي، ومثال الأزرق، فالمُثُلْ هي التي تمكننا من أن نرى الظواهر بما هي عليه، مثلاً ككرسي وكأزرق، بينما عد أرسطو تلك “الأشياء” صوراً توجد في الظواهر الحسية، وفي التجارب والخبره الحسيه.

“غير أنه يجب أن لا يفهم ذلك بشكل حرفي متطرف، فقد رأى أرسطو أننا نستطيع بعون من العقل إدراك الكليات أو الصور إدراكاً حسياً. وبحسب أفلاطون فإن الخبرة الحسية شكل ناقص من المعرفة، أما المعرفة الحقة فهي في رؤية المثل رؤية متبصرة.

لكن، “على الرغم من أن أرسطو لا يرى، في نهاية المطاف، وجوداً إلا للأشياء الجزئية (الجواهر). غير أننا بمساعدة العقل نتمكن من أن نميز الصور الكلية في الأشياء. وبكلام آخر نقول: إن للتجربة الحسية والعقل مرتبتين متكافئتين عند أرسطو أكثر مما لهما عند أفلاطون، فاذا كانت الكائنات الإنسانية هي الأعلى من بين المخلوقات التي لها وجود مادي، ففي أعلى هذا العالم الهرمي، “تصور أرسطو وجود مبدأ أول، الله، وتصوره وجوداً فعلياً محضاً، أي خالياً من الوجود بالقوة، وبالتالي لا يتغير، فالله مستقر في ذاته، وهكذا يتوج أرسطو الميتافيزيقا التي وضعها بثيولوجيا ، أي بتعليم عن الكائن الأعلى، وليس هذا الإله إلهاً شخصياً: فقد اعتبر أرسطو الكائن الأعلى المحرك الذي لا يتحرك المستقر في ذاته”

وهذا المبدأ الأعلى هو وجود فعلي محض، لا وجود قوة فيه للتحقق، وهو، لذلك السبب والغاية النهائية لكل شيء، فالمحرك الذي لا يتحرك هو الذي تتحرك جميع الموجودات متجهة إليه، أما المستوى الأدنى في العالم الهرمي، فهو المادة المحض (القوة)، ويمثل تصور المادة المحض تصوراً فاصلاً، لا نستطيع أن نتخيله، بكلام دقيق، لأنه لا يحوز على فعل (صفات فعلية)”

مميزات نظرية المثل الافلاطونية

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

“إعتقد أرسطو وأفلاطون بأن البشر لا يتمكنون من العيش إلا في مجتمع، وكلاهما عَنَيا بالمجتمع في دولة المدينة اليونانية، ولكن يتوضح التعارض العام بين أفلاطون العقلي المثالي وفيلسوف الفطرة النقدي أرسطو من خلال نظرتهما إلى المجتمع، أي: ينتقد أفلاطون الأحوال الواقعية باللجوء إلى مطالب العقل، ويعتبر السياسة مهمة يجب القيام بها: وهي تقريب الأحوال الواقعية لتصير متسقة مع المثال الأعلى.

أما أرسطو، فهو ينطلق من الأشكال الموجودة للدولة، وليس للعقل من دور سوى أن يكون وسيلة لتصنيف الموجود في الواقع وتقويمه، وهذا يعني أن أفلاطون ينظر إلى ما وراء النظام القائم، إلى شيء جديد، نوعياً، أما أرسطو، فيبحث عما هو الأفضل بين الموجودات، وما يقوله هو أكثر واقعية، لأنه يلائم بشكل أفضل الأحوال السياسية للدول –المدينية في زمانه، غير أن تنبيهنا إلى تلك الفروق يجب أن لا يحجب عنا الحقيقة المفيدة أن للفيلسوفين الكثير من الأمور المشتركة، بحيث يمكننا القول إن أرسطو يمثل نوعاً من الاستمرارية العقلية لأفلاطون، من دون اتخاذ موقف يتعلق بأي منهما كان المفكر الأفضل”

لكن، على الرغم مما تقدم، فالتلميذ ارسطو لايختلف جوهرياً عن استاذه افلاطون، فإذا كان افلاطون فيلسوف الفردية الارستقراطية، فإن ارسطو هو الفيلسوف الرسمي لامبراطورية أوتوقراطية، انه القائل ” منذ المولد هناك أُناس مُعَدُّون للعبودية واناس معدون للإماره “، وهذا لا يعني تطابقهما على الرغم من ان كليهما من الناحية الفلسفية التقيا على ارضية المثالية الموضوعية التي تقر بمعرفة العالم الخارجي، وتقول بأن هناك صانعاً أو خالقاً موضوعياً خارج الذات أوجد هذا الكون، فقد انتقد أرسطو نظرية افلاطون منطلقاً من أن:-

1- مُثُل افلاطون صورة أونُسخ عن الاشياء الحسية ( نحن في كهف، ندير ظهورنا للشمس لانرى سوى ظلال الأشياء او صورتها على جدار الكهف… هذه هي مثل افلاطون ).

2- أفلاطون يفصل عالم ” المُثُلْ ” عن عالم ” الأشياء ” فهو يعتبر ان المادة مشتقة من “المُثُلْ” او الأفكار السابقة عليها ( الوجود الحق ) .

3- في حين يعتبر أفلاطون الأشياء الحسية ظلالاً او أشباحاً للوجود الحق “المُثُلْ”، ينظر ارسطو إلى الأشياء او الموجودات على أنها تمثل وحدة للصورة والمادة موجودة وجوداً قطعياً (الرجل هو الصورة الذي كان الطفل مادة لها، والطفل هو الصورة التي كان الجنين مادة لها، والجنين هو الصورة والبويضة هي المادة، ولابد ان يكون هناك محرك أكبر لهذه العملية.. هو الله السبب النهائي للطبيعة، الصورة الأولى.. انه صورة العالم وهو كامل كمالاً مطلقاً لادخل له بالتفاصيل، ملك بالإسم لا بالفعل كما يقول “ول ديورانت” في كتابه قصة الفلسفة).

عند أرسطو .. العالم موجود في الخاص، أي اننا لانصل إلى معرفة الكلي اذا لم نتعرف على الجزئي، الجزئي نتعرف عليه بالحواس، الكلي نعرفه بالعقل، نشير في هذا الصدد ان ارسطو كان يحتقر الفعل الجسدي ويقدس العقل وهو القائل ” كل من كان بمقدوره ان يتنبأ بعقله هو بطبيعته معد ليصبح سيداً “، ومن ناحية ثانية، فإن أفضل أشكال الحكم عنده، النظام الأرستقراطي الذي يعتمد حكم القلة من النخبة المختارة، يرفض ارسطو الديمقراطية لأنها كما يقول تقوم على افتراض كاذب بالمساواة، من آرائه، أن الإنسان ينتمي إلى مجموعة واحدة من الحيوانات الولود ذات الثدي، أما المرأة عنده، فهي ناقصة عقل وهي مرتبه دنيا عن الرجل ( في تراثنا الاسلامي المرأة ناقصة عقل ودين ،الرجال قوامون على النساء ) الإنسان الفاضل عنده هو الذي يختار الوسط بين الافراط والتقتير ( في التراث الإسلامي أيضاً: وخلقناكم أمة وسطا، وخير الامور الوسط )!.

المجتمع الطبقي لدى أرسطو:

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧◇♧◇♧♧◇

ميز أرسطو بين الرجال الأحرار المستقلين – أي الإنسان بأفضل معنى- والرجال ذوي عقلية العبودية، طبيعياً، أي: جرت العادة على استخدام العبيد في الأعمال الجسدية، ورأى أرسطو أن مثل تلك الحياة هي أقل قيمة من حياة الرجال الأحرار اليونانيين. واعتقد أرسطو أيضاً أن هؤلاء العبيد المستعبدين هم عبيد بطبيعتهم.

“بالنسبة إلى أرسطو هناك علاقة تضايف بين عمل العبد وهو في حالة العبودية وصفاته الشخصية، بحيث يبدو العبيد، من المنظورين كليهما، دون الإنسان اليوناني الحر، وبهذه الطريقة وضع أرسطو العبيد والنساء في وضع سفلي نسبة إلى وضع الرجال اليونانيين الأحرار: فكلاهما ينتميان إلى المنزل، وليس إلى الحياة العامة في السوق، فالنساء والعبيد كلاهما، بطبيعتهما ونسبة إلى صفاتهما، يقعان في مستوى أدنى من مستوى الرجال الأحرار الذين يظهرون في الأمكنة العامة لدولة المدينة”.

تجدر الإشارة إلى أن الكائن البشري عند أرسطو هو الذكر بشكل رئيسي، بينما ترتبط النساء، بشكل رئيسي بالأسرة والبيئة الأهلية، وهناك يمكنهن أن يحققن أفضل إمكانياتهن. لذلك، عندما نقول إن الإنسان يحقق طبيعته في دولة المدينة، علينا ان لا ننسى أن هذا القول لا ينطبق، عند أرسطو، على النساء ولا على العبيد.

“يقول أرسطو : ان المرأة من الرجل كالعبد من السيد، وكالعمل اليدوي من العمل العقلي، وكالبربري من اليوناني، والمرأة رجل ناقص، تُرِكَتْ واقفة على درجة دنيا من سلم التطور، والذكر متفوق بالطبيعة؛ والمرأة دونه بالطبيعة، والأول حاكم والثانية محكومة؛ وهذا المبدأ ينطبق بالضرورة على جميع الجنس البشري. ان المرأة ضعيفة الإرادة، وبذلك فهي عاجزة عن الاستقلال في المرتبة والخلق. وافضل مكان لها حياة بيتية هادئة، تكون لها السيادة المنزلية بينما يحكمها الرجل في شؤونها الخارجية، لذلك يجب أن لا تتساوى النساء مع الرجال كما في جمهورية افلاطون، ولا بد من زيادة الفوارق بينهما”

ادعى البعض أن أرسطو لم يكن واضحاً، في مسألة ما إذا كانت الحياة الصالحة هي الحياة المعروفة في النشاط النظري أو هي الحياة في متَّحد اجتماعي سياسي عقلاني، غير أنه عندما تكون المسألة مسألة العلاقة بين المتَّحد السياسي العقلاني والعمل المنتج الضروري، فالواضح أن أرسطو اعتبر الأول هو خير للبشر، وهو هدف في حد ذاته، وأن العمل الجسدي مع ما يرافقه من استجمام لا يمثل الحياة الجيدة، وليس له قيمة في ذاته.

لذلك، فإن الذين يُنَفِّذونَ مثل ذلك العمل، سواء أكانوا عبيداً أم لم يكونوا، لا يحققون الحياة الإنسانية بأفضل أشكالها، لأن الفروق الطبقية في زمن أرسطو شكل تمييز بين من يقومون بعمل يدوي ومن يقومون بنشاط فكري وسياسي، لذلك إعتقد أرسطو أن هذه العملية التشكيلية “الأنسنة” تحدث بشكل رئيسي في النشاط الفكري والسياسي، وليس في العمل الجسدي، وهنا لا يختلف أرسطو عن أستاذه أفلاطون، فقد كان الفكر الافلاطوني ينهض برمته على أساس اتحاد وثيق العرى للغاية بين الحياة العقلية والاخلاقية والسياسية وفق منطلقات ارستقراطية.

بيد أن هذا الكل المترابط –كما يعلق إميل برهييه- “يتفكك ويتناثر لدى أرسطو: فالخير الاخلاقي أو الخير العملي، أي الخير الذي يمكن للإنسان بلوغه بأعماله، لا يمت بصلة إلى مثال الخير الذي كان الجدل وضعه في اعلى الموجودات ؛ وليست الاخلاق علماً من العلوم الدقيقة مثل الرياضيات، وانما تعليم يرمي إلى أن يجعل الناس أفضل مما هم عليه، وليست غايته أن يزودهم بآراء قويمة حول الاشياء التي ينبغي عليهم طلبها أو الهرب منها فحسب، بل أن يحملهم فعلاً على طلبها أو الهرب منها.

إذ “لا يكفي أن تعرف الفضيلة، بل ينبغي أيضاً أن تمتلك وتمارس”. ولا يجوز لمعلم الاخلاق أن يتعلل بالأوهام بصدد نجع تعليمه: فالخطب والمواعظ لا تكفي لتلهم الناس الطيبة؛ صحيح انها ستثمر إذا ما توجهت إلى فتيان من ذوي النفوس الكريمة والشريفة، لكنها تقف عاجزة عن الأخذ بيد السوقي إلى الفضيلة.

الاخلاق تعليم اذن، لكنه تعليم ارستقراطي؛ وما هي بوعظ وإرشاد للجمهور، وانما دعوة اهل المواهب إلى التفكير والتأمل، أما الباقون فحسبهم العادة وخوف القصاص، بل أكثر من ذلك: فالفضيلة لا يكتب لها تمام النماء فيما يظهر إلا بين ظهراني الطبقات الميسورة: “فمن المتعذر أو من العسير للغاية على المعوز ان يأتي كريم الفعال، إذ كثيرة هي الاشياء التي لا يستطيع الإنسان قياماً بها إلا إذا اعتمد، في جملة وسائطه، على أصدقاء وثروة وسلطان سياسي”؛ ولا يسع إنساناً عظيم القبح، خسيس النسب، منفرداً ولا نسل له، أن يبلغ إلى السعادة الكاملة، كما وليس في المستطاع ممارسة بعض الفضائل النفسية، نظير الشجاعة والسخاء والادب والعدل، إلا في مستوى اجتماعي محدد؛ “لا يملك الفقير ان يكون يكون كريماً؛ إذ ليس في حوزته ما يمكنه من الانفاق على سعة؛ ولو حاول ذلك، لكان غبياً أحمق”.

لذا نقول “إن أرسطو كان أقرب إلى الآراء الشائعة في زمانه من أفلاطون، فهو مشارك في النظره التقليدية التي كانت تقول إن الرجال أعلى مرتبة من النساء، حتى أنه يوظف حججاً بيولوجية لدعمها، أما بالنسبة إلى نظرة أرسطو إلى الأخلاق، فإننا نجده يميز نفسه من أفلاطون في عدد من النقاط، لقد رأينا أن أرسطو انتقد نظرية أفلاطون المفيدة أن للمُثُلْ وجوداً مستقلاً عن الأشياء، وهذا النقد ينطبق أيضاً على مثال الخير، فالخير الذي هو هدف الحياة الإنسانية ليس عند أرسطو شيئاً منفصلاً عن الإنسان، فالخير موجود في طريقة حياة الكائنات البشرية”

والخير عند أرسطو، هو “السعادة أو النعيم، أي الحالة التي تتطلب على وجه التحديد أن يحقق الناس أفضل قدراتهم في المجتمع، عبر مراحل التشكل الاجتماعي الثلاث، بحيث يجد كل شخص موقعه، أو موقعها، في المجتمع، أي يصير إنساناً فاضلاً، كما رأى أرسطو أيضاً أن الحياة في في نشاط نظري ملائمة لجلب السعادة، وبخاصة لمن يملكون قدرات نظرية جيدة. غير أن الأشخاص المختلفين لهم قدرات وإمكانيات مختلفة، لذا، ليس ملزماً أن تكون الحياة الجيدة متشابهة عند الجميع”.

في ضوء ما تقدم، فإن القراءه الدقيقة لفكر أرسطو، تبين أنه –كما يرى بحق د. حامد خليل- لم يخرج من حيث الجوهر عن إطار نظرية سلفه، استاذه أفلاطون في الإنسان، وكل ما في الامر هو أن البنية الطبقية للمجتمع اليوناني طرأ عليها بعض التعديل، مما اقتضى من أرسطو القيام بتعديلات طفيفة على نظرية أفلاطون، تتناسب مع حجم التحويل الاجتماعي المذكور. أما جوهر النظرية فقد ظل على ما هو عليه دونما تغيير، لقد كان أرسطو في خدمة فيليب المقدوني، الذي استولى باسم الوحدة على مدن اليونان، التي كان قد استشرى فيها الفساد التجاري، وعمت فيها الفوضى السياسية. فالتجار ورجال المال كانوا يبتلعون الموارد الحيوية، ولا شك أن ذلك الخضم الهائل من الفوضى والصراع والتناحر الطبقي، فرض على فيليب أن يكون حذراً، وقد بدا له أن اللجوء إلى الحسم لصالح احدى الطبقات ليس بالوسيلة الممكنة لتحقيق حلمه الكبير بإقامة امبراطورية يكون هو على رأسها يأمر فيطاع، والأصح أن يمسك بالعصا من الوسط، وأن يبتكر توليفة للدولة تحقق التوازن بين تلك المصالح المتعارضة، وطبعاً سيقتضي الامر التخفيف من غلواء مطالب الطبقة الأولى من جانب، وضبط جموح تلك الجموع الغفيرة من القوى المتوسطة الثروة الصاعدة والمتطلعة إلى تصدر قيادة المجتمع من جانب آخر، والحق أن القارئ لفلسفة أرسطو –كما يستطرد د. حامد خليل- يكتشف أنها كانت انعكاساً دقيقاً لذلك الاسلوب الوسطي في معالجة الامور، الذي يهدف في نهاية الامر إلى ترسيخ قيم ما يمكن تسميته بلغتنا الدارجة بالطبقة الوسطى الفتية، ولذلك ظهرت فكرة الاعتدال كفكرة محورية تتمركز حولها نظرية الإنسان عند أرسطو بالكامل”

وبالطبع “فان الاعتدال المذكور والتوازن الذي يترتب عليه، لم يكونا يستهدفان مصلحة كل الناس في الإمبراطورية، وإنما مصلحة الطبقات العليا منهم، أي ان أرسطو ظل أمينا مخلصا لتراث سلفه أفلاطون في الابقاء على التقسيم الطبقي للإنسان، والفرق الوحيد بينهما في هذا المجال هو أن “أفلاطون” كان منحازاً بالكامل إلى صف الطبقة العليا التي كانت تشكل الاقلية في المجتمع الاثيني، بينما انحاز أرسطو إلى جانب الطبقة المتوسطة التي كانت تشكل الاغلبية من بين المالكين والتجار، مستجيباً في ذلك لمقتضيات مرحلة فيليب الجديدة”.

الإنسان والمجتمع والدولة عند أرسطو :

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧◇♧♧♧♧

أرسطو لا يسلم بأن الفرد يتشكل بثقافة المجتمع التي تنمو باطراد عبر التاريخ، تماماً كما هو الحال لدى أفلاطون، وعلى هذا النحو يكون المجتمع عنده مجرد حزمة من الأفراد، وتكون وظيفته الوحيدة هي توزيع السلع والمنتجات بين الناس على أسس حسابية صرفة، على أنه حين ينتقل إلى الدولة ليحدد علاقة الأفراد بها، تجد أن الامر مختلف تماماً، فالامبراطور بحاجة إلى سند عقلي لتبرير قيام دولة يكون هو على رأسها، وليس بحاجة إلى تكوين نسيج اجتماعي تكون مهمته إعداد آدميين”.

ويبدو أن “أرسطو” كان أفضل من يقوم بهذا الدور –كما يقول د. حامد خليل- “فالدولة بالنسبة له هي غاية في ذاتها، وليست وسيلة من اجل خدمة المواطنين، ولهذا ففي مقدورها التضحية بأي مواطن تشاء، يقول أرسطو تأكيداً لذلك : “لا يوجد مواطن ينتمي إلى نفسه، وإنما الكل ينتمون إلى الدولة”.

اذ يجب ان يكون المواطن الصالح قادراً على اطاعة الأوامر والقيادة معاً، والنظام المدرسي الحكومي وحده هو الذي يستطيع تحقيق الوحدة الاجتماعية بين الاجناس والسلالات المختلفة، فالدولة –كما يقول أرسطو- هي تّجّمُّع لطوائف متعددة مختلفة، لذلك يجب توحيد هذا التعدد عن طريق التعليم.

لذلك “ينبغي على الحاكم الذي يريد أن يتجنب الثورة ان يمنع في بلاده تطرف الفقر وتطرف الثروة، ويشجع الاستعمار في الخارج كمخرج لتكاثف السكان الخطير في بلاده. ويكون متديناً وينمي النزعة الدينية في بلاده، كما ينبغي ان يظهر الحاكم، وخصوصاً الحاكم المطلق أو المستبد اهتمامه في إقامة شعائر الدين وعبادة الالهة، لان الناس اذا اعتقدوا بتدين الحاكم وتوقيره للالهة، يقل خوفهم من نزول الظلم بهم على يديه، ويقل ميلهم وتدبيرهم في التآمر عليه، لاعتقادهم بأن الآلهة ستحارب بجانبه”

أما التبرير الذي ساقه لتدعيم فكرة الدولة على النحو المذكور، فلم يكن خلق اتحاد تعاوني حقيقي بين المواطنين بوصفهم جميعهم كائنات بشرية، وإنما جعل مواطنيها عادلين وصالحين، وقد يبدو هذا التسويغ مقبولاً إذا فهمنا منه أن أرسطو كان يستهدف فعلاً صلاح المواطنين وخيرهم، وتنمية قواهم الروحية، والارتقاء بإنسانيتهم، لكن فهم ما يقصده بالعدالة والصلاح يبدد هذا الوهم، إذ هو يجعل من مصلحة فيليب ومصلحة الطبقة الوسطى المثل الأعلى والوحيد الذي كان يرجو تحقيقه في الواقع. وهذا ما تكشف عنه الصورة التي رسمها للعدالة أولاً، وللدولة الفاضلة أو المثلى ثانياً، فالعدالة هي الاعتدال، أو هي الحد الأوسط بين طرفين مرذولين: الافراط والتفريط”

وحين ترجم أرسطو هذا إلى لغة اجتماعية، “بدت العدالة أنها الحد من افراط استبدادية الاوليجاركية، ومن التفريط في الديمقراطية؛ بحيث يؤدي الامر في نهاية المطاف إلى تحقيق حكم الشعب – الغوغاء على حد تعبيره، أو قل إن العدالة هي تحديد حكم طبقة متوسطة قوية تتألف من أولئك الذين ليسوا بالأغنياء جد الغنى، ولا بالفقراء غاية الفقر، وطبعاً لم يكن يقصد أرسطو مشاركة الطبقة المذكورة لفيليب في ادارة شؤون الحكم تماماً، وإنما أن يضمن الدستور مصالح تلك الطبقة لكي تكون السند القوي له في استمراره على رأس تلك الامبراطورية”

المصادر والمراجع

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

([1]) غنارسكيربك و نلز غيلجي – تاريخ الفكر الغربي .. من اليونان القديمة إلى القرن العشرين – ترجمة: د.حيدر حاج إسماعيل – مركز دراسات الوحدة العربية – الطبعة الأولى ، بيروت، نيسان (ابريل) 2012- ص 155

([2]) بعكس المثالية الذاتية التى تقول بأن ما دام كل فرد مغلق فى افكارة الخاصة، فانة يعرف نفسه فقط دون العالم الخارجي أو حتىدون الآخرين من بنى الأنسان (بيركلى هو فيلسوف المثالية الذاتية…وهي فلسفة رجعية الى أبعد الحدود).

([3]) غنارسكيربك و نلز غيلجي – مرجع سبق ذكره – تاريخ

([7]) ول ديورانت– مرجع سبق ذكره – قصة الفلسفة –

([14]) غنارسكيربك و نلز غيلجي – مرجع سبق ذكره – تاريخ الفكر الغربي – ص 181

([15]) ول ديورانت– مرجع سبق ذكره – قصة الفلسفة – ص97

([16]) اميل برهييه – مرجع سبق ذكره – تاريخ الفلسفة – ص 305-307

([17]) غنارسكيربك و نلز غيلجي – مرجع سبق ذكره – تاريخ الفكر الغربي – ص

([19]) د. حامد خليل – مشكلات فلسفية – الطبعة الثالثة – دار الكتاب – دمشق – 1989/1990 م – ص 46

([20]) المرجع نفسه– ص 48

([21]) ول ديورانت– مرجع سبق ذكره – قصة الفلسفة – ص100-101

([22]) د. حامد خليل – مشكلات فلسفية – الطبعة الثالثة – دار الكتاب – دمشق – 1989/1990 م – ص 49