مجزوءة الوضع البشري ملخص دروس مفاهيم الشخص,الغير,والتاريخ

1-مادة الفلسفة

2- المستوى الثانية باكالوريا جميع الشعب والمسالك

  • دروس الأسدس الأول

4- مجزوءة الوضع البشري

5- الموضوع تقديم عام لمجزوءة الوضع البشري

6- الأستاذ محمد بضاض

تقديم

عندما نتحدث عن الوضع البشري، فإننا نقصد بذلك كل ما يحدد الذات البشرية ويشكلها في مختلف مستويات وجودها، تلك المستويات التي تتصف بالتداخل والتشابك، الأمر الذي يجعل من هذا الوضع وضعا معقدا يصعب النفاذ الى عمقه وكنهه. ولعل الصعوبات الأساسية التي تعترض سبيل كل من يحاول معرفة هذا الوضع، تتمثل في مكوناته التي يتداخل فيها ماهو مرتبط بالذات كذات، وماهو مرتبط بالذات في علاقتهما بالأخرين، وماهو مرتبط بالذات في علاقتها بالزمن… أي ما هو متعال عن الزمان والمكان، وماهو مرتبط بهما. إن هذا الوضع المتشابك يحيلنا من جهة الى مسألة الشخص وما يتعلق بهويته، باعتباره ذاتا قادرة على إدراك ذاتها، ومعرفة خصوصياتها، بفضل وعيها أو وعيها بذلك الوعي أو شعورها بإحساساتها…إلخ.

ومن هنا تطرح مسألة الهوية الشخصية، أي ما الذي يجعل كل شخص هو بالنظر الى ذاته؟

ما الذي يميز هذا الشخص عن ذاك، ويمنحه كينونته الخاصة؟

وهل تعتبر هذه الهوية الشخصية هي ما يمنح الشخص قيمته، مقارنة مع باقي الكائنات الأخرى، أم أنه يستمد تلك القيمة من بعد آخر غير وعيه الذي – وإن كان قادرا على الارتقاء به الى مستوى أعلى من مستوى الكائنات الأخرى – لا يمنحه غير قيمة مبتذلة ومنحطة؟

الى جانب هوية الشخص وقيمته، تطرح أيضا مسألة الوضع الإشكالي لوجوده، بين خضوعه لحتميات وضرورات لا يستطيع التخلص منها، باعتبارها ما يحدد ذلك الوجود. وبين قدرته على التعالي عن ذلك الوضع، باعتباره ذاتا واعية مفكرة…من هنا نستطيع أن نميز بين الوضع البشري، وبين الطبيعة البشرية، فإذا كان الوضع البشري يحيل الى ماهو كوني، ومشترك، ومتعالي في الإنسان، فإن الطبيعة البشرية تشير الى العناصر الموضوعية التي تحيط بهذا الإنسان أو ذاك، وهي العناصر المرتبطة بالتاريخ، والظروف الاجتماعية، والضرورات المتحكمة في الإنسان…

وعندما ننفتح على علاقة الذات بالآخر، تبرز مسألة الغير باعتباره ذلك المماثل والمخالف للذات. فإذا كان لكل شخص هويته الخاصة به،

فكيف يمكن للهوية الذاتية أن تثبت وجود هوية أخرى تتماثل معها، وتختلف عنها في آن واحد؟ كيف يمكننا إثبات وجود الغير انطلاقا من هذه الثنائية التي تجعل منه ذاتا وموضوعا في نفس الوقت؟ فإذا كانت موضعته قد تختزله الى مجرد موضوع أو شيء فكيف يتأتى لنا فهم طبيعة وجوده؟

و إذا نحن تجاوزنا ذلك و أثبتنا للغير وجوده، فهل تتأتى لنا معرفته انطلاقا من نفس الاعتبار؟

ألا تشكل ثنائية ذات/موضوع عائقا أمام تحقيق تلك المعرفة؟

وإذا تجاوزنا الصعوبات التي يثيرها وجود الغير مثلما تثيرها معرفته، فما هي طبيعة العلاقات الممكنة بين الذات والغير، هل هي علاقة داخلية أم خارجية؟ هل هي علاقة تعاطف، أو تواصل، أو غرابة، أم ماذا؟

أما البعد الثالث-خاص بالشعب الأدبية- المرتبط بالإنسان، فإنه يتمثل في علاقته بالزمن، فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي يعي تاريخه الشخصي اعتمادا على ذاكرته، إلا أن السؤال المطروح هو: كيف يمكن أن نجعل من ذلك الوعي بالتاريخ، سواء تعلق الأمر بالتاريخ الشخصي أو بالتاريخ العام، معرفة تمتلك من الدقة ما يجعلها ترقى الى مستوى المعرفة العلمية؟

كيف يمكننا أن نستعيد أحداث ووقائع من الماضي بشكل يكون أقرب الى كيفية حدوثها، بالرغم من كوننا غير شاهدين على ذلك الحدوث؟

وإذا نحن استطعنا تحقيق تلك المعرفة المتعلقة بالماضي الإنساني، فماذا يمكن أن نستخلصه منها؟ هل هي مجرد أحداث ووقائع لا تخضع لأي نظام، ولا ترمي الى غاية أو هدف (أحداث اعتباطية) أم أن لها دلالة ومعنى معينين؟

ما طبيعة الصيرورة التاريخية، هل هي صيرورة تتقدم في اتجاه ما، أم أنها لا تعدو أن تكون مجرد أحداث متراصة زمنيا بحيث لا نستطيع معرفة مسارها وتوجهاتها؟

وأخيرا هل للإنسان دور في صناعة الأحداث التاريخية، أم ان هناك قوى خارج الإنسان، سواء كفرد أو كجماعة هي التي تحرك تلك الأحداث وتصنعها؟ أي دور للإنسان في التاريخ إذن هل هو كائن فاعل، محرك وصانع للتاريخ أم أنه ناتج ومفعول به من طرف قوى متعالية عليه وعلى تلك الأحداث؟

2-مفهوم الشخص

1-مادة الفلسفة

2- المستوى الثانية باكالوريا جميع الشعب والمسالك

  • دروس الأسدس الأول

4- مجزوءة الوضع البشري

5- الموضوع المحور الأول مفهوم  الشخص

 

6- الأستاذ محمد بضاض

1-الطرح الإشكالي

إن الحديث عن الشخص هو حديث عن الذات أو الأنا، والشخص هو مجموع السمات المميزة للفرد الذي هو في الأصل كيان نفسي واجتماعي متشابه مع الآخرين، ومتميز عنهم في نفس الوقت، لكن هويته ليست معطى جاهزا، بل هي خلاصة تفاعل عدة عناصر فيها ما هو بيولوجي، وما هو نفسي، وما هو اجتماعي …، وهذا ما يجعلنا نطرح إشكال الشخص على شكل أسئلة فلسفية وهي:

  • فيما تتمثل هوية الشخص؟
  • أين تكمن قيمته؟
  • هل الشخص في حر تصرفاته؟ أم يخضع لضرورات حتمية؟

2-المحور الأول: الشخص والهوية

أ-الهوية والشعور

تتمثل هوية الشخص في نظر “جون لوك” في كونه كائنا عاقلا قادرا على التفكير والتأمل بواسطة الشعور الذي يكون لديه عن أفعاله الخاصة، حيث لا يمكن الفصل بين الشعور والفكر، لأن الكائن البشري لا يمكن أن يعرف أنه يفكر إلا إذا شعر أنه يفكر، وكلما امتد هذا الشعور ليصل إلى الأفعال والأفكار الماضية، اتسعت وامتدت هوية الشخص لتشمل الذاكرة، لأن الفعل الماضي صدر عن الذات نفسها التي تدركه في الحاضر، إن هذا الشعور حسب لوك هو الذي يشكل الهوية الشخصية للفرد التي تجعله يشعر أنه هو هو لا يتغير، كما تجعله يشعر باختلافه عن الآخرين.

ب-الهوية والإرادة

يلاحظ آرثر شوبنهاور أن الفرد يكبر ويشيخ، لكنه يحس في أعماقه أنه لازال هو هو كما كان في شبابه وحتى في طفولته، هذا العنصر الثابت هو الذي يشكل هوية الشخص، إلا أن شوبنهاور لا يرجع أصل الهوية إلى الجسم، لأن هذا الأخير يتغير عبر السنين، سواء على مستوى مادته أو صورته، في حين أن الهوية ثابتة الشعور بالذاكرة والماضي، لأن الكثير من الأحداث الماضية للفرد يطويها النسيان، كما أن إصابة في المخ قد تحرمه من الذاكرة بشكل كلي، ومع ذلك فهو لا يفقد هويته العقل والتفكير، لأنه ليس إلا وظيفة بسيطة للمخ، إن هوية الشخص في تصور شوبنهاور تتمثل في الإرادة، أي في أن نريد أو لا نريد.

المحور الثاني: الشخص بوصفه قيمة

أ-قيمة الشخص في ذاته

إن الكائنات العاقلة (الأشخاص) في تصور إيمانويل كانط لها قيمة مطلقة باعتبارها غاية في حد ذاتها، وليست مجرد وسيلة لغايات أخرى، في مقابل الموضوعات غير العاقلة (الأشياء) التي ليست له اإلا قيمة نسبية، قيمة مشروطة بميولات وحاجات الإنسان لها، حيث لو لم تكن هذه الميولات والحاجات موجودة لكانت تلك الموضوعات بدون قيمة، إن لها قيمة الوسائل فقط وهذا ما يحتم على الشخص حسب كانط، الالتزام بمبدأ عقلي أخلاقي عملي إن: هو الطبيعة العاقلة (الشخص) توجد كغاية في ذاتها.

ب-قيمة الشخص والجماعة

إن فكرة استقلال الذات المفكرة والشخص الأخلاقي، وكما تمت صياغتها من طرف الفلاسفة (ديكارت، كانط…) لم تتحقق في الفكر الإنساني إلا في وقت متأخر في نظر جورج غوسدورف، لكن بالرجوع إلى بداية الوجود الإنساني وكما عاشها الناس فعليا، فإننا نجد الفرد كان يعيش ضمن الجماعة من خلال أشكال التضامن البسيطة والأساسية (الأسرة، العشيرة، القبيلة …) التي سمحت لهذه الجماعة بالبقاء، إن قيمة الشخص إذن لا تتحدد في مجال الوجود الفردي حسب غوسدورف، ولكن في مجال التعايش داخل المجموعة البشرية.

المحور الثالث: الشخص بين الضرورة والحرية

أ-الشخص والضرورة

لقد أقر سيغموند فرويد للأنا بوجود مستقل كأحد مكونات الجهاز النفسي للشخصية، وله نشاط شعوري يتمثل في الإدراك الحسي الخارجي والإدراك الحسي الداخلي، والعمليات الفكرية، ويضطر للخضوع لثلاث ضغوطات متناقضة، وهي الهو الذي يتمثل في الدوافع الفطرية والغريزية، والأنا الأعلى الذي يتجلى في الممنوعات الصادرة عن المثل الأخلاقية، والعقاب الذي تمارسه بواسطة تأنيب الضمير، إضافة إلى الحواجز التي يضعها العالم الخارجي والاجتماعي، إن الأنا يخضع حسب فرويد، لضرورات الهو، والأنا الأعلى، والعالم الخارجي.

ب-الشخص والحرية

إن الإنسان حسب سارتر يوجد أولا، أي ينبثق في هذا العالم ثم يتحدد بعد ذلك وفق ما سيصنع بنفسه، وكما يريد أن يكون في المستقبل، إن الإنسان مشروع يعاش بكيفية ذاتية، هذا الكائن المادي يتجاوز دائما الوضعية التي يوجد فيها، ويحددها، وذلك بالتعالي عليها لكي يتموضع بواسطة الشغل أو الفعل أو الحركة في إحدى الإمكانات المتاحة أمامه، وبما أن هذه الوثبة تتخذ أشكالا متنوعة بحسب الأفراد، فإننا نسميها كذلك اختيارا وحرية، إن الشخص في نظر سارتر يتمثل قي قدرته على الحرية في الاختيار.

ج-استنتاجات عامة

إن هوية الشخص ليست معطى بسيطا، بل هي عنصر مركب يتشكل من مجموع السمات التي تميز ذات الإنسان، والتي تتجلى في الخصائص الجوهرية والثابتة فيه كالعقل، والشعور، والإرادة.

إن قيمة الشخص ذات طبيعة مزدوجة، فهي قيمة تمسه كفرد يمتلك كرامة تلزمنا أن نتعامل معه كغاية في ذاته، كما تمسه كعنصر داخل الجماعة ما دامت الجماعة هي التي تمنح الفرد قيمته.

إن الشخص يخضع لمجموعة من الشروط التي تتحكم في أفعاله وتصرفاته، لكنه في نفس الوقت يمتلك هامشا من الحرية، يستطيع من خلاله أن يعدل إن لم نقل يغير تلك الشروط.

3-الغير

1-مادة الفلسفة

2- المستوى الثانية باكالوريا جميع الشعب والمسالك

  • دروس الأسدس الأول

4- مجزوءة الوضع البشري

5- الموضوع المحور الأول مفهوم  الغير

6- الأستاذ محمد بضاض

1-الطرح الإشكالي

إن مفهوم الغير من المفاهيم الفلسفية الحديثة التي لم تحتل مركز الصدارة إلا مع فلسفة هيغل، بعدما كان كل اهتمام التفكير الفلسفي يتمحور حول الذات، وبما أن الذات قد تنتج أفكارا خاطئة حول موضوعات خارجية نتيجة خداع الحواس، فإن هذا الأمر قد يدفع إلى الشك في الغير، ووضع وجوده بين قوسين، مما يترتب عن ذلك أن إنتاج معرفة حول الغير تتميز بالاختلاف، بل احتمال عدم إنتاجها أصلا، إضافة إلى تعدد وتنوع العلاقة التي تربطنا به، وهذا ما يمكن التعبير عنه بواسطة الأسئلة الآتية:

  • هل الغير موجود أم لا؟
  • هل معرفة الغير ممكنة؟ وإن كانت كذلك كيف يمكن أن نبني هذه المعرفة؟
  • ما طبيعة العلاقة التي تربط الذات بالغير؟

2-المحور الأول: وجود الغير

أ-وجود الغير والصراع

يكون وعي الذات وجودا بسيطا لذاته حسب فريدريك هيغل تقوم ماهيته في كونه أنا، غير أن الآخر هو أيضا وعي لذاته، باعتباره لا / أنا، هكذا تنبثق ذات أمام ذات، يكون كل واحد بالنسبة للآخر عبارة عن موضوع، كل منهما متيقن من وجود ذاته، وليس متيقنا من وجود الآخر، لكن مازال لم يقدم بعد أحدهما نفسه للآخر، تتمثل عملية تقديم الذات لنفسها أمام الآخر في إظهار أنها ليست متشبثة بالحياة، وهي نفس العملية التي يقوم بها الآخر حينما يسعى إلى موت الآخر، أي الأنا، إن وجود الغير بالنسبة للأنا في تصور هيغل يتم بواسطة الصراع من أجل الحياة والموت، لأن على كل منهما أن يسمو بيقين وجوده إلى مستوى الحقيقة بالنسبة لذاته، وبالنسبة للآخر.

ب-وجود الغير ووجود الذات

إن الموجود هنا باعتباره وجودا فرديا خاصا لا يكون مطابقا لذاته – في نظر مارتن هايدغر – عندما يوجد على نمط الوجود “مع / الغير”، فهذا الوجود المشترك يذيب كليا الموجود هنا، الذي هو وجودي الخاص في نمط وجود الغير، بحيث يجعل الآخرين يختفون ويفقدون ما يميزهم وما ينفردون به، مما يسمح بسيطرة الضمير المبني للمجهول، هذا المجهول ليس شخصا متعينا، إنه لا أحد، كما أن بإمكان أي كان أن يمثله، إن وجود الغير – في تصور هايدغر – يهدد وجود الذات من خلال إذابتها وسط الآخرين، ووسط المجهول.

المحور الثاني: معرفة الغير

أ-الغير والحميمية

إن حميميتي، أي حياتي الخاصة هي عائق أمام كل تواصل مع الغير، يقول غاستون بيرجي: “حيث تجعلني سجين ذاتي، فالتجربة الذاتية وحدها هي الوجود الحقيقي بالنسبة لي، وهي تجربة غير قابلة للنقل إلى الآخر، فأنا أعيش وحيدا وأشعر بالعزلة، كما أن عالم الغير منغلق أمامي بقدر انغلاق عالمي أمامه، فعندما يتألم الغير يمكنني مساعدته، ومواساته ومحاولة تخفيف الألم الذي يمزقه، غير أن ألمه يبقى رغم ذلك ألما خارجيا بالنسبة لذاتي، فتجربة الألم تظل تجربته الشخصية وليست تجربتي”، وهكذا تتعذر معرفة الغير – في نظر بيرجي – مادام الإنسان كائنا سجينا في آلامه، ومنعزلا في لذّاته، ووحيدا في موته، محكوما عليه بأن لا يشبع أبدا رغبته في التواصل.

ب-الغير بنية

إن الغير ليس فردا مشخصا بعينه – حسب جيل دولوز – بل هو بنية أو نظام العلاقات والتفاعلات بين الذوات والأشخاص، يتجلى هذا النظام في المجال الإدراكي الحسي، مثلا فأنا حين أدرك الأشياء المحيطة بي لا أدركها كلها ومن جميع جهاتها وجوانبها وباستمرار، وهذا يفترض أن يكون ثمة آخرون يدركون مالا أدركه من الأشياء، وفي الوقت الذي لا أدركه، وإلا بدت الأشياء وكأنها تنعدم حين لا أدركها وتعود إلى الوجود حين أدركها مجددا، وإذا كان هذا مستحيلا، فإن الغير إذن يشاركني إدراك الأشياء، ويكمل إدراكي لها، وهكذا يجرد دولوز الغير من معناه الفردي المشخص، ويضمنه معنى بنيويا.

المحور الثالث: العلاقة مع الغير

أ-علاقة الصداقة

إن الصداقة باعتبارها مثالا هي اتحاد شخصين يتبادلان نفس مشاعر الحب والاحترام، في نظر إيمانويل كانط وغاية هذا المثال هو تحقيق الخير للصديقين الذين جمعت بينهما إرادة طيبة، يتولد عن مشاعر الحب تجاذب بين الصديقين، في حين يتولد عن مشاعر الاحترام تباعد بينهما، إذا تناولنا الصداقة من جانبها الأخلاقي فواجب الصديق تنبيه صديقه إلى أخطائه متى ارتكابها، لأن الأول يقوم بهذا التنبيه لأجل خير الثاني، وهذا واجب حب الأول للثان، بينما تشكل أخطاء الثاني تجاه الصديق الأول إخلالا بمبدأ الاحترام بينهما، لا يجب إذن أن تقوم الصداقة – حسب كانط – على منافع مباشرة ومتبادلة، بل يجب أن تقوم على أساس أخلاقي خالص.

ب-علاقة الغرابة

لقد رفضت جوليا كريستيفا المعنى اليوناني القديم لمفهوم الغريب المرتبط بالآخر، الذي نكن له مشاعر الحقد باعتباره ذلك الدخيل المسؤول عن شرور المدينة، أو ذلك العدو الذي يتعين القضاء عليه لإعادة السلم إلى المجتمع، إن الغريب في نظرها يسكننا على نحو غريب، ونحن إذ نتعرف على الغريب فينا نستبعد أن نبغضه في ذاته، إن الغريب يبدأ عندما ينشأ لدي – تقول كريستيفا – الوعي باختلافي، وينتهي عندما نتعرف على أنفسنا جميعا وندرك أننا غرباء متمردون على الروابط والجماعات، كما انتقدت كريستيفا الدلالة الحقوقية المعاصرة للغريب التي تطلق على من لا يتمتع بمواطنة البلد الذي يقطنه، لأنها تسكت عن وضعية المختلف التي يتخذها الإنسان داخل جماعة بشرية تنغلق على نفسها مقصية المخالفين لها.

ج-استنتاجات عامة

هناك فرق بين الآخر والغير، فإذا كان الآخر هو ذلك الكائن المادي الذي يتميز بوجود واقعي إلى جانب أو في مقابل الذات، فإن الغير مفهوم فلسفي نظري يتضمن الخصائص المجردة للآخر.

إن مفهوم الغير مفهوم يتضمن معرفة متناقضة حول الآخر، فتارة يحدده كأنا آخر باعتباره متطابقا مع الذات، وطورا يحدده باعتباره لا – أنا مركزا على مظاهر التناقض مع الذات.

إن العلاقة مع الغير في الحقيقة هي علاقة بصيغة الجمع، تتميز بالتعدد والتنوع. تبدأ بعلاقة الحب والاحترام والصداقة، مرورا بعلاقة الغرابة والقرابة …، وتنتهي مع علاقة الصراع والتنافس والعداوة.

4-التاريخ

1-مادة الفلسفة

2- المستوى الثانية باكالوريا شعب الآداب والعلوم الإنسانية

  • دروس الأسدس الأول

4- مجزوءة الوضع البشري

5- الموضوع المحور الأول مفهوم  التاريخ

6- الأستاذ محمد بضاض

تقدیم

یقول عبد الله العروي: « قد یتساءل المؤرخ عن صناعته فیعني بالتاریخ تحقیق وسرد ما جرى فعلا في الماضي، ویتساءل الفیلسوف عن هدف الأحداث فیعني بالتاریخ مجموع القوانین التي تشیر إلى مقصد خفي یتحقق تدریجیا أو جدلیا، ویتساءل الفیلسوف أیضا عن ماهیة الإنسان، عما یمیزه عن سائر الكائنات، فیقول إنه التاریخ ».

نلاحظ أن التاریخ هو مجال اهتمام كل من المؤرخ والفیلسوف، فالأول یحقق الوثائق التاریخیة من أجل معرفة ما جرى في الماضي، أما الثاني فهو یعود إلى الأحداث التاریخیة من أجل الكشف عن منطقها ومعرفة القوانین المتحكمة فیها، وتحدید الغایة التي تسعى إلیها. یربط الفیلسوف بین التاریخ وماهیة الإنسان ویعتبر أن الإنسان كائن تاریخی، فإذا كانت الحیوانات غیر العاقلة تعیش أنماط عیش ثابتة تتحكم فیها قوانین غریزیة في الحاضر، فإن الإنسان على العكس من ذلك یطور أنماط عیشه ویستفید من خبرات الماضي، لأن له ذاكرة.

إذا كان المؤرخ یرید «سرد ما جرى فعلا في الماضي»، فهل بإمكانه ذلك ؟ هل یمكن للمؤرخ أن یقدم لنا أحداث الماضي بدقة وموضوعیة أم أن دراسة الماضي التاریخي تتم انطلاقا من ذاتیة المؤرخ وهواجسه في الحاضر ؟

إذا كان الفیلسوف یهتم بالكشف عن القوانین التي تحكم الأحداث التاریخیة وكذا الغایات التي تسعى نحوها، فهذا یدفعنا إلى التساؤل: هل هناك منطق تخضع له الأحداث التاریخیة ؟ هل هناك غایة نهائیة للصیرورة التاریخیة ؟ وهل التاریخ یتقدم بشكل حتمي وتراكمي ومتصل أم أن هناك قفزات وطفرات وصدف وأحداث عرضیة في التاریخ ؟

وحینما نقول إن الإنسان كائن تاریخي، یتبادر إلى ذهننا أن الإنسان هو الذي یحدث الأفعال التاریخیة. لكن ما حقیقة أن الإنسان هو محدث الأحداث التاریخیة ؟ هل هو الذي یصنع الأحداث التاریخیة أم أن هناك عوامل موضوعیة هي التي تتحكم في الصیرورة التاریخیة ؟

  1. المحور الأول: المعرفة التاریخیة
  2. طرح الإشكال

یقول ریمون آرون: « سیكون الموضوع في … إن الماضي حاضر على شكل آثار ما زلنا إلى حد الآن نراه ونفهم معناه، لكنها أحداث لا توجد الیوم ولا یمكنها. إن هذه الحالة مركبا من أحداث الوعي التي كانت موجودة آنذاك توجد أبدا. فما نرید معرفته لم یعد له وجود … إن موضوع التاریخ واقع لم یعد له وجود، وهذا الواقع هو واقع إنساني. فتصرفات المحاربین كانت ذات دلالة، والحرب لیست واقعة مادیة ».

إن دراسة التاریخ إذن لا تتعلق فقط بدراسة الأحداث والآثار المادیة، بل بدراسة أحداث الوعي أیضا، أي الدلالات والأفكار التي كان یحملها الفاعلون التاریخیون. وهذا ما یجعل دراسة التاریخ دراسة معقدة وصعبة، لأنها تتعلق بالظاهرة الإنسانیة في بعدها التاریخي. ثم إن موضوع هذه الدراسة هو موضوع لم یعد له وجود في الحاضر، هناك فقط آثار ووثائق تدل علیه، فهل یمكن إذن معرفة الماضي التاریخي انطلاقا من الوثائق والآثار المادیة ؟ وهل یمكن للمؤرخ أن یتناول المعرفة التاریخیة بشكل موضوعي أم أن ذاتیته تحضر أثناء هذه الدراسة ؟ ولماذا نرید معرفة الماضي ؟ هل من أجل معرفته كماضي أم من أجل الاستفادة منه في الحاضر ؟ كیف إذن یمكن معرفة التاریخ ؟ بأیة وسائل ومناهج ؟

أطروحة ابن خلدون: المنهج النقدي في دراسة التاریخ

یمیز ابن خلدون بین ظاهر التاریخ وباطنه، ویعتبر أن التاریخ في ظاهره هو مجرد سرد وحكي وإخبار عن وقائع حدثت أو یعتقد أنها قد حدثت في الماضي. أما باطن التاریخ فهو الكشف عن أسباب حدوث تلك الوقائع بعد أن تخضع للتمحیص والتحقیق والنقد العقلي. ویرى ابن خلدون أن هناك غایة أساسیة من دراسة التاریخ، هي تلك التي تتمثل في أخذ العبرة الأخلاقیة والفائدة السیاسیة من الأحداث والأحوال التي عاشتها الأمم السابقة. ولهذا فالهدف من دراسة التاریخ هو الاستفادة منه في الحاضر، ولتحقیق هذا المراد یدعو ابن خلدون إلى ضرورة أخذ الحیطة والحذر مما یروى عن الماضي من أحداث، إذ الكثیر منها قد یكون وهمیا وخاطئا. ولن یكون هذا الحذر ممكنا إلا بإخضاع الأخبار المنقولة إلى أصول وقواعد مستمدة مما درج على تداوله في مجال السیاسة ومما یمیز طبیعة الاجتماع البشري.

هكذا یوجه ابن خلدون نقده إلى مجموعة من المؤرخین الذین كانوا لا یتحرون الدقة في نقل الأحداث، مما یجعلهم یقعون الأوهام والمنزلقات ویقدمون أخبارا لا تاریخیة ولا واقعیة، هي من قبیل الحكایات الخیالیة المبالغ فیها. من هنا وجب حسب ابن خلدون تأسیس المعرفة التاریخیة على منهج نقدي یعتمد على تحقیق الأخبار وإخضاعها إلى قواعد ومبادئ واقعیة، مستمدة من أصول العادة وقواعد السیاسة وطبیعة العمران البشري، ویعتمد فیها على قیاس الغائب على الشاهد وسبرها بمعیار الحكمة والعقل.

  • ولكن السؤال الذي یطرح نفسه هنا هو: هل یكفي المنهج النقدي من تحقیق معرفة دقیقة وموضوعیة بالماضي التاریخي ؟ ألا تتطلب المعرفة التاریخیة نوعا من الذاتیة والتعاطف لسبر أعماق الوقائع وفهم أحداث الوعي ولیس فقط الأحداث الماضیة ؟
  • أطروحة هنري مارو: أهمیة منهج التعاطف في بناء المعرفة التاریخیة

إذا كان المنهج النقدي یوفر الشروط الموضوعیة للمعرفة التاریخیة، فإن هنري مارو یرى بأنه یلزم أیضا إضافة ما سماه بالشروط الذاتیة لفهم الماضي بشكل أفضل. هكذا یكون على المؤرخ أن یمارس نوعا من التعاطف، ویربط نوعا من الصداقة مع الموضوع التاریخي الذي یدرسه حتى یتمكن من النفوذ إلى أحداث الوعي، أي تلك الأفكار والمشاعر التي صاحبت الفاعلین التاریخیین وهم ینجزون أحداثهم.

هكذا یرى هنري مارو أنه یمكن إحداث نوع من التضافر والتكامل بین المنهج النقدي ومنهج التعاطف في بناء معرفة حقیقیة بالوقائع التاریخیة. غیر أن هذا الجمع بینهما لیس بالأمر السهل، ولذلك یجب تجنب التقصیر والإجحاف الذي قد یطال المعرفة التاریخیة من جراء تطبیق المنهج النقدي الصارم، كما یجب تجنب الغفلة والتواطئ الذي قد یأتي للمعرفة التاریخیة من منهج الذاتیة والتعاطف. ولذلك یبدو أن الرهان هو تحقیق نوع من الذاتیة الموضوعیة التي تناسب طبیعة المعرفة التاریخیة، وهي ذاتیة لا یمكن أن تتحقق إلا بالمزاوجة بین المنهج النقدي ومنهج التعاطف.

  • المحور الثاني: التاریخ وفكرة التقدم
  • طرح الإشكال

إن المتأمل في التاریخ یلاحظ ولا شك التقدم الذي حققه الإنسان في شتى المجالات والمیادین، لكن ما یمكن التساؤل حوله هنا هو: هل یتم التقدم بنفس الدرجة والمستوى في كل المجالات ؟ فهل تقدم الغرب مثلا في العلوم یوازیه تقدم في الأخلاق ؟ ثم ما الذي یتحكم في سیرورة الأحداث التاریخیة ؟ هل تخضع لمنطق ما ؟ هل یمكن تعقل السیرورة التاریخیة ؟ وهل یسیر التاریخ بشكل متصل ومتراكم أم على شكل طفرات وقطائع وقفزات ؟ وهل له غایة نهائیة یسعى إلیها؟

  • التاریخ یتقدم بشكل حتمي ومتصل نحو غایة نهائیة

یعتبر هیجل من الفلاسفة الذین یعبرون في فلسفتهم عن فكرة التقدم كما أفرزتها العقلانیة الأنواریة، التي آمنت بقدرة العقل البشري على تحقیق الأفضل والتحكم في الظواهر الطبیعیة والتاریخیة.

هكذا فالتاریخ الحقیقي وفق الفلسفة الهیجیلیة هو ذلك التاریخ الذي یهیمن على الوقائع ویصوغها ضمن منطقها الداخلي، من خلال تفاعل الشخصیات التاریخیة نفسها مع المقصد الخفي الذي یبلوره المنطق الباطني للتاریخ، حیث یقوم التاریخ وفقا لهذه الفلسفة بتفسیر الوقائع واستخراج القوانین والتنبؤات لما سیحدث. فالعقل كما یراه هیجل هو جوهر التاریخ، ومن ثم فهذا العقل هو الذي یتحكم في أحداث العالم عن طریق التاریخ نفسه، وبالتالي فكل حدث من أحداث التاریخ إنما جرى وفقا لمقتضیات العقل الذي یموضع الأحداث العالمیة لتخدم قصدا معینا أو هدفا محددا، وذلك من تحت مظلة التاریخ.

إن فلسفة التاریخ الهیجیلیة تعتبر العقل نفسه هو من یسیر التاریخ، بحیث یرتب أحداثه على نحو یجعلها سائرة نحو هدف أو غایة بعیدة المدى. على هذا النحو، فالتاریخ لدى هیجل هو عبارة عن منظومة تطور ونمو خاضعة لمنطق باطني كامن في الشخصیات التاریخیة التي لم تكن وفق هذه الفلسفة إلا أدوات لتحقیق هدف التاریخ السائر بشكل حتمي نحو تحقیق غایة نهائیة تتمثل في تجسید حریة العقل المطلقة.

  • لا یتقدم التاریخ بشكل متصل ولیس له غایة نهائیة
  • أطروحة إدوارد كار

ینتقد المؤرخ البریطاني المعاصر إدوارد هالیت كار فكرة التقدم التي عبر عنها فلاسفة أمثال هیجل وماركس، حیث رفض إمكانیة الحدیث عن نهایة أو غایة معینة تسعى نحوها الأحداث التاریخیة، واعتبر أن هذا النوع من التصور هو شبیه بالفكر اللاهوتي الذي یفترض بدایة ونهایة للتاریخ. كما ینتقد هذا المؤرخ فكرة التقدم الذي یسیر بشكل متصل ومتراكم، ویرى على العكس من ذلك أن السیرورة التاریخیة غالبا ما تعرف انقطاعات وانحرافات وتوقفات، كما أن درجة التقدم لیست واحدة في جمیع القطاعات والمجالات بل هناك اختلافات وتفاوتات فیما بینها على هذا المستوى بالذات. ولذلك فبذل الحدیث مع هیجل عن معقولیة كلیة للتاریخ، یمكن الحدیث عن عدة تواریخ ممكنة لكل منها منطق خاص یتناسب مع خصوصیتها الداخلیة من جهة ومع طبیعة المجتمعات التي تحدث داخلها من جهة أخرى.

  1. أطروحة كلود لیفي ستراوس
  2. لا یرفض كلود لیفي ستراوس فكرة التقدم في حد ذاتها بل إنه یثمن ما حققته الإنسانیة من إنجازات باهرة في جمیع المجالات، لكنه ینتقد فكرة أن التقدم یسیر بشكل منظم ومتصل، ویقول على العكس من ذلك إن هذا التقدم یتم على شكل قفزات وطفرات ویتحرك في اتجاهات مختلفة. فلیس هناك إذن انتظام وتساوي من حیث درجات التقدم في كل المجالات، فیمكن لدرجة التقدم أن تكون أعلى في المجال العلمي عنها في المجال الأخلاقي أو السیاسي ، كما أن التقدم الحاصل في الدول الغربیة لیس هو نفسه الموجود في باقي الدول الإفریقیة أو الآسیویة.

بالإضافة إلى هذا فزوایا النظر إلى مفهوم التقدم نفسه تختلف وتتعدد، وهذا یعني أن ما تراه جهة ما أو مجتمع ما على أنه تقدم انطلاقا من مرجعیتها الثقافیة والاجتماعیة قد یكون بالنسبة لجهة أخرى انتكاسا وتخلفا، فمن الصعب وجود معاییر كونیة نقیس من خلالها درجة التقدم لاسیما حینما یتعلق الأمر بالعلوم والمجالات التي تطغى فیها أحكام القیمة وتتغلب فیها المنظورات الذاتیة.

  1. المحور الثالث: دور الإنسان في التاریخ
  2. طرح الإشكال

إذا افترضنا أن الإنسان لم یوجد على وجه الأرض، هل كان من الممكن أن تظهر الأحداث والإنجازات التي عرفها التاریخ الإنساني ؟ بالطبع أن الجواب بالنفي. ویترتب عن ذلك أن الإنسان إذن هو الذي صنع التاریخ. لكن ما حقیقة أن الإنسان هو صانع تاریخه ؟ هل كل الناس یصنعون التاریخ أم فئات منهم فقط ؟ وإذا كان الأمر كذلك، هل یمكن القول إن الفئات الأخرى یصنعها التاریخ أو أنها تخضع لمحددات وعوامل لا دخل لها في صنعها ؟ فما درجة نسبة تدخل الإنسان في تحریك عجلة التاریخ نحو الأمام ؟ وهل وعي الإنسان وإرادته الحرة هي التي تصنع الأحداث التاریخیة أم أن هذه الأخیرة هي نتاج لعوامل موضوعیة تتجاوز الإرادة الإنسانیة نفسها ؟ وهل یمكن الحدیث عن حتمیة تخضع لها الصیرورة التاریخیة أم أن هذه الصیرورة نتاج لحریة الفاعل التاریخي ؟

  1. القول بالحتمیة التاریخیة
  2. أطروحة هیجل: التاریخ یخضع لحتمیة صادرة عن عقل كوني

یرى هیجل أن تاریخ العالم هو مجرد تمظهر لسعي الروح نحو معرفة ذاتها. هكذا یتمظهر العقل أو الروح الكوني عبر التاریخ متجها نحو تحقیق غایات معینة. ولذلك فالصیرورة التاریخیة تخضع لحتمیة صادرة عن هذه الروح التي تسیطر على جمیع مظاهر الحیاة البشریة. وفي هذا الإطار یرى هیجل أن أبطال التاریخ وعظمائه هم مجرد أدوات تحقق الروح من خلالهم أهدافها الخاصة، فلكل حقبة تاریخیة روحها الخاصة یسمیها هیجل بروح العصر، وهي التي تسیطر على الأفراد وتستعملهم لصالحها الخاص، ومن أجل تحقیق إنجازات حتمیة لا بد أن تظهر في زمانها الخاص ولو ضدا على الإرادات الفردیة.

إن العقل الكوني یسكن داخل الشخصیات التاریخیة ویتواجد داخل لا وعیها، وهو من خلال هذا التواجد یستخدمها لتحقیق غایاته. وما إن ینتهي دور تلك الشخصیات وكفاحها من أجل تحقیق الغایات الكونیة للعقل حتى تختفي من مسرح التاریخ دون أن تحقق سعادتها الخاصة.

  1. أطروحة ماركس: التاریخ یخضع لحتمیة مادیة

لقد استبدل ماركس الحتمیة المثالیة الهیجیلیة بحتمیة مادیة تنتقد الأولى وتقلبها. هكذا رفض ماركس أن یكون هناك عقل كوني أو روح مطلق هو الذي یتحكم في الصیرورة التاریخیة ویوجه أحداثها، ورأى على العكس من ذلك أن الممارسة المادیة المتمثلة في نمط الإنتاج السائد هي التي تتحكم في وعي الناس وتوجه الأحداث التاریخیة.

من هذا المنطلق اعتبر ماركس أن كل أشكال الوعي المختلفة، سواء كانت دینیة أو سیاسیة أو فنیة أو غیرها، هي نتاج لأسالیب العیش المادیة والاجتماعیة التي تتجلى في أنماط من علاقات الإنتاج السائدة بین الطبقات الاجتماعیة. فالصراع الطبقي حول المصالح الاقتصادیة یلعب دورا كبیرا في تحریك عجلة التاریخ، كما أن سیر الأحداث التاریخیة لا یتوقف على وعي الأفراد وإراداتهم الحرة بل إن المحرك الأساسي لها هي العوامل المادیة والاقتصادیة التي تتجاوز الإرادات الخاصة للأفراد وتشرط وعیهم. وما دام الوعي مشروطا بعوامل خارجیة، وما دام أن الوعي هو الذي یفترض أنه یجعل الإنسان صانعا لتاریخه، فإن ما یصنع التاریخ في هذه الحالة لیس هو وعي الأفراد بل عوامل مادیة واجتماعیة تتجاوز حریاتهم.

  1. القول بحریة الإنسان في صنع التاریخ

لقد تعرضت الماركسیة لتأویلات وقراأت مختلفة، من بینها القراءة الخاصة التي قدمها الفیلسوف الفرنسي الوجودي جان بول سارتر الذي بین أن الفلسفة الماركسیة هي فلسفة تدعو إلى التحرر والانعتاق، ورغبة الطبقة العاملة في السیطرة على وسائل الإنتاج وتوجیه أحداث التاریخ لصالحها.

وقد اعتبر سارتر أنه إذا كان الناس یتحركون ضمن شروط واقعیة سابقة على وجودهم، فإنهم مع ذلك هم الذین یصنعون تاریخهم ولا یمكن اعتبارهم مجرد أدوات فاقدة للوعي. وإذا كانت فئة من الناس في ظرفیة زمنیة معینة لا تصنع التاریخ، فإن فئة أخرى تصنعه. ومن هنا یظل الإنسان هو الفاعل الحقیقي للأحداث التاریخیة، بالرغم من أنه یقع أحیانا ضحیة الاستغلال الناتج عن الهیمنة الاقتصادیة والاجتماعیة.

إن التاریخ حسب سارتر هو نتاج للفاعلیة البشریة التي تحقق من خلاله مشروعها الخاص، لكن هذا التاریخ مع ذلك سیظل غریبا عن الإنسان ما لم یتحرر من الاستغلال والهیمنة ویستفید من كفاحه ومجهوده الذي سیمكنه من صنع التاریخ وتملكه، وإعطائه معنى یتماشى مع طموحاته وغایاته الخاصة.

5-ملخص التصورات لمجزوءة الوضع البشري

1-مادة الفلسفة

2- المستوى الثانية باكالوريا مسلك العلوم  و الآداب

  • دروس الأسدس الأول

4- مجزوءة الوضع البشري

5- الموضوع ملخص التصورات لمجزوءة الوضع البشري

6- الأستاذ محمد بضاض

الشخص

الشخص والهوية

  • ديكارت: هوية الشخص تقوم على القدرة على التفكير، والقدرة على التفكير في ذلك التفكير نفسه. واختلاف طريقة التفكير من شخص لآخر.
  • جون لوك: هوية الشخص تقوم على إدراك الإحساس عبر الزمان والمكان، الأمر الذي يستدعي عمل الذاكرة.
  • إيمانويل مونيي: هوية الشخص تكمن في الوحدة والكلية والشمولية التي تطبع  كينونته الداخلية، وهي الكينونة التي تختلف من هذا الشخص الى ذاك.

الشخص بين الضرورة والحرية

  • مونيي: العلوم الإنسانية تركز على تفسير السلوكات الصادرة عن الشخصية  وهي السلوكات الخاضعة للحتمية والضرورة.
  • سارتر: الإنسان مشروع قادر على موضعة نفسه في المستقبل، حيث تتعدد الاختيارات وتكون له الحرية في اختيار واحد منها، وتحمل مسؤولية اختياره.
  • الحبابي: حرية الشخص تكن في قدرته على التحرر من الكائن الى الشخص وبالتالي الى الإنسان.

الشخص بوصفه قيمة

  • كانط: يستمد الشخص قيمته من كونه ذاتا لعقل عملي أخلاقي، يقوم على مفهومي الواجب والفضيلة والكرامة الإنسانية.
  • هيجل: يستمد الشخص قيمته من كونه يمتثل لروح شعبه من خلال قيامه بالواجبات و امتثاله لها.
  • راولس: يستمد الشخص قيمته من كونه مواطنا له القدرة على التأثير و احترام الواجبات، وامتلاك حس العدالة والخير.

الغير

وجود الغير

  • هيدجر: وجود الغير يفرض على الذات الانخراط فيه، وبذلك يصبح غير متين أو ضميرا مبنيا للمجهول أو لا أحد.
  • ميرلوبونتي: من الصعب تحديد وجود الغير لأنه يجمع بين الوجود في ذاته (الجسد) والوجود من أجل ذاته (الوعي) وهذا الأخير هو ما يحول دون تحديد وجوده.
  • سارتر: وجود الغير هو وجود شيء أو موضوع نظرا للعدم أو المسافة الفاصلة بيني وبينه، وهو ما يجعله يشيئني بدوره.

معرفة الغير

  • شلر: معرفة الغير ممكنة إذا ما تناولناه باعتباره كلا لا يمكن الفصل بين مظاهره الخارجية وإحساساته الداخلية.
  • جيل دولوز: يمكن معرفة الغير باعتباره بنية للحقل الإدراكي، وتفسير ما يصدر عنه من سلوكات انطلاقا من تلك البنية الممكنة.
  • مالبرانش: من الصعب معرفة الغير انطلاقا من الاستدلال بالمماثلة، لأن الغير يشبهنا في جوانب،و يختلف في جوانب عنا في أخرى.

العلاقة مع الغير

  • أوغست كونت: ينبغي أن تقوم العلاقة مع الغير على التعاطف والعيش من أجله، كرد للدين الذي قدمته لنا الإنسانية (الغيرية).
  • ميرلوبونتي: من الصعب تحديد وجود الغير لأنه يجمع بين الوجود في ذاته (الجسد) والوجود من أجل ذاته (الوعي) وهذا الأخير هو ما يحول دون تحديد وجوده.
  • جوليا كريستيفا: الغير هو الغريب ، لكن الغريب ليس هو ذلك الدخيل أو البعيد، بل إنه يوجد بيننا ويسكننا على نحو غريب.

التاريخ

المعرفة التاريخية

  • بول ريكور: المعرفة التاريخية لا تتحقق إلا من خلال الآثار والوثائق التي يستنطقها المؤرخ بناء على فرضيات تعطي للوثيقة معنى دالا.
  • ريمون أرون: ينتقد ريكور، ويرى أن قراءة الوثائق والآثار تتم بعين الحاضر، وهو ما يفقدها دلالتها، لكون تلك الدلالة تختلف من زمن لآخر ومن مكان لآخر.
  • هنري مارو: التاريخ هو معرفة بالماضي الإنساني وليس مجرد بحث فيه أو دراسة له، لأن الفرق بين المعرفة وبين البحث والدراسة فرق بين الغايات والوسائل.

التاريخ وفكرة التقدم

  • كارل ماركس: التاريخ يتقدم بفعل التناقض، وهو تناقض بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج السائدة في المجتمع ما قبل الإشتراكي.
  • ميرلوبونتي: ينتقد المنطق الماركسي للتاريخ القتئم على الصراع والحتمية، ويرى أنه يقوم على العرضية والانفلات من الحتمية.
  • ابن خلدون: التغيرات التي تعرفها الصيرورة التاريخية راجعة الى مخالفة السلطان لبعض عادات من سبقوه ومحافظته على بعضها، وهو ما يؤدي الى التقدم.

دور الإنسان في التاريخ

  • هيجل: للناس العظماء دور في التاريخ لأنهم يدركون ماهو كوني فيه، ويعملون على تغييره.
  • سارتر: الناس يصنعون تاريخهم ولكن في وضع محدد يشرطهم، الأمرالذي يجعل منهم صانعي تاريخهم وخاضعين له في نفس الوقت.
  • ميكيافيلي: الأحداث التاريخية لا تخضع للقضاء والقدر بشكل كلي لكون الإنسان يتحكم في نصف أفعاله.

6-المواقف الفلسفية لمجزوءة الوضع البشري

1-مادة الفلسفة

2- المستوى الثانية باكالوريا مسلك العلوم  و الآداب

  • دروس الأسدس الأول

4- مجزوءة الوضع البشري

5- الموضوع المواقف الفلسفية لمجزوءة الوضع البشري

6- الأستاذ محمد بضاض

مفهوم الشخص

المحور الأول: الشخص والهوية

كیف یمكن تفسیر ثبات الأنا أي الهویة الشخصیة رغم مختلف التغیرات؟

موقف لاشولیي

المحدد الرئیسي للشخص هو هویته، أي تطابقه مع ذاته وبالتالي تمیزه عن غیره. أما وحدته النفسیة عبر جل مراحل حیاته فهي الضامن لهذه الهویة، لأنهما لیستا نتاجا تلقائیا، بقدر ما أنهما نتاج لآلیات ربط، وهي آلیات نفسیة تقوم بمهمة السهر على وحدة الشخص وتطابقه. أولها وحدة الطبع أو السمة العامة للشخصیة، في مواقفها وردود فعلها تجاه الآخرین. وعلى هذا النحو یرى لاشولیي، أن كل من وحدة الطبع أو السمة العامة للشخصیة، هي ضمان هویتها إلى جانب الذاكرة التي اعتبرها آلیة ضروریة لربط حاضر الشخص بماضیه القریب أو البعید.

موقف دیكارت

یذهب إلى تأكید أهمیة الفكر في بناء الشخصیة وفهم حقیقتها، فالفكر صفة تخص الذات الإنسانیة وهي وحدها لصیقة بها. والتفكیر هو الشرط الضروري للوجود. إذن أساس هویة الشخص هو التفكیر الذي یعتبر مناسبة لحضور الذات أمام نفسها وإدراكها إدراكا مباشرا لكل ما یصدر عنها من أفعال والتي تبقى رغم تعددها واحدة وثابتة.

موقف جون لوك

یعطي تعریفا للشخص باعتباره ذلك الكائن المفكر والعاقل، القادر على التعقل والتأمل حیثما كان وأنى كان ومهما تغیرت الظروف، وذلك عن طریق الشعور الذي یكون لدیه عن أفعاله الخاصة وبشكل مستمر دون حدوث أي تغیر في جوهر الذات، فاقتران الشعور بالفكر على نحو دائم هو ما یكسب الشخص هویته ویجعله یبقى دائما هو هو، باعتباره كائنا عاقلا یتذكر أفعاله وأفكاره التي صدرت عنه في الماضي وهو نفسه الذي یدركها في الحاضر.

المحور الثاني: الشخص بوصفه قيمة

انصب تفكیر الفلاسفة وعلماء الاجتماع على هذا البعد، فمنه من أرجعه لذات الإنسان، ومنهم من أرجعه لعلاقته مع الغیر

موقف كانط

الإنسان كائن عاقل وهو غایة في ذاته، ولیس مجرد وسیلة یستعملها الغیر أو وسیلة یستعملها هو نفسه لتحقیق هدف ما. الإنسان خلافا للأشیاء هو الكائن الوحید الذي له قیمة مطلقة لأنه غایة في ذاته. لهذا السبب یسمى الإنسان شخصا وتسمى الموجودات الأخرى أشیاء. فلا یمكن تقوین الإنسان بسعر كما نفعل بالأشیاء والحیوانات: الإنسان لیس قابلا للبیع. فهو كشخص یعتبر قیمة تتجاوز كل سعر. إنه شخص، غایة في ذاته، له كرامة ویتمتع بالاحترام واحترامه هذا یعني احترام الإنسانیة التي یمثلها.

موقف هیجل

الشخص یكتسب قیمته الأخلاقیة عندما یعي ذاته وحریته وینفتح على الواقع الذي ینتمي إلیه، بالدخول مع الجماعة في علاقة تعاون متبادلة امتثالا للواجب.

موقف غوسدورف

یعرف الشخص انطلاقا من كونه عنصرا مكونا للجماعة وهو ما یعني أن قیمة التضامن بین أفراد الجماعة مكون أساسي لقیمته بحث أن أنانیته ستضر بالغیر وبنفسه أیضا. التضامن والتعایش هو أساس قیمة الشخص وكماله، لأن الانعزالیة والأنانیة والفردانیة تجعل الشخص معادیا لنفسه ولإنسانیته وللغیر. بما أنه شخص ولیس بهیمة فإن وجوده لا یتحقق إلا بمشاركة الآخرین حیاتهم وبالتواجد داخل الجماعة وبقبول الغیر. وخلاصة هذا الموقف أن الشخص لیس هو ما یملك وإنما هو اخذ وعطاء.

المحور الثالث: الشخص بين الضرورة والحرية

اختلف الفلاسفة في تحدید موقف ووضع الإنسان داخل المجتمع، فمنهم من اعترف بعدم حریته لأن خضوعه للضرورة هو الشكل الوحید للحیاة مع الناس وفي الكون، ومنهم من رأى أن الوعي والاختیار یمكنان الإنسان كشخص من العیش حرا.

موقف سارتر

یمیز سارتر بین الوجود والماهیة. والإنسان هو الكائن الوحید الذي یبق وجوده ماهیته، ولهذا فهو یتجاوز وضعه إلى وضع آخر عبر الإرادة والفعل والشغل…

موقف مونیي

الشخص حر لأنه یقبل الظرف والوضع الذي یتواجد فیه لأن الحریة لا تتحقق إلا في مواجهة العوائق والحواجز، وعن طریق الاختیار بین عدة اختیارات والتضحیة، أي بذل جهد للتغلب على المعیقات الداخلیة والخارجیة. الحریة تتحقق داخل شروط تلزم الشخص بتأثیرها. لیست الحریة هي أن نفعل ما نرید وإنما أن نصارع ظروفا معیقة ونتغلب علیها.

موقف اسبینوزا

یذهب إلى اعتبار أن ما یمیز الشخص عن باقي الكائنات الأخرى، هو سعیه للحفاظ على بقائه واستمراره، وهو سعي یتأسس على الإرادة الحرة. ولیست الحریة هنا بمعنى الجواز، بل إنها تقترن بالفضیلة والكمال، ولیس بالعجز أو الضعف، وفق ما تقتضیه قوانین الطبیعة الإنسانیة من قدرة على استخدام العقل للتمییز بین الخیر والشر، وتفضیل الأول على الثاني.

مفهوم الغیر

كیف نستدل على وجود الغیر باعتباره وجودا خارج الذات، بالرغم من أنه وجود مختلف عن باقي الموضوعات الأخرى التي تشكل العالم الخارجي؟

المحور الأول: وجود الغیر

موقف دیكارت

كان أول فیلسوف حاول إقامة مفارقة بین الأنا الفردیة الواعیة وبین الغیر، حیث أراد دیكارت لنفسه أن یعیش عزلة إبستیمیة، رافضا كل استعانة بالغیر في أثناء عملیة الشك. فرفض الموروث من المعارف، واعتمد على إمكاناته الذاتیة، لأنه یرید أن یصل إلى ذلك الیقین العقلي الذي یتصف بالبداهة والوضوح والتمیز… فوجود الغیر في إدراك الحقیقة لیس وجودا ضروریا، ومن ثمة یمكن أن نقول: إن تجربة الشك التي عاشها دیكارت تمت من خلال إقصاء الغیر… والاعتراف بالغیر لا یأتي إلا من خلال قوة الحكم العقلي حیث یكون وجود الغیر وجودا استدلالیا.

موقف هیجل

تجاوز هذا الشعور السلبي بوجود الغیر، لأنه رأى أن الذات حینما تنغمس في الحیاة لا یكون وعیها وعیا للذات، وإنما نظرة إلى الذات باعتبارها عضویة. فوعي الذات لنفسها – في اعتقاد هیجل – یكون من خلال اعتراف الغیر بها. وهذه عملیة مزدوجة یقوم بها الغیر كما تقوم بها الذات. واعتراف أحد الطرفین بالآخر لابد أن ینتزع. هكذا تدخل الأنا في صراع حتى الموت مع الغیر، وتستمر العلاقة بینهما في إطار جدلیة العبد والسید. هكذا یكون وجود الغیر بالنسبة إلى الذات وجودا ضروریا.

موقف سارتر

یرى الغیر ما هو إلا أنا آخر، أي كأنا مماثل لأناي، إلا أنه مستقل عنه، لكن وجود الغیر هو كذلك نفي لأناي، من حیث هو مركز للعالم. ویترتب على وجود الغیر هذا نتائج هامة وحاسمة لا على مستوى أناي فحسب، بل على مستوى علاقتي مع العالم الخارجي.

إن ما سبق یظهر التناقض الحاصل بین التمثلین الدیكارتي والهیجلي، ففي الوقت الذي یقصي فیه دیكارت وجود الغیر، یعتبره هیجل وجودا ضروریا. وهذا یتولد عنه السؤال التالي:  هل معرفة الغیر ممكنة ؟ وكیف تتم معرفته؟

المحور الثاني: معرفة الغیر

إن معرفة الغیر تمثل علاقة “إبستیمیة ” بین طرفین، أحدهما یمثل الأنا العارفة والآخر یمثل موضوع المعرفة. الشيء الذي یدفعنا إلى طرح التساؤل التالي: هل نعرف الغیر بوصفه ذاتا أم موضوعا ؟ بمعنى آخر، هل معرفة الغیر ممكنة أم مستحیلة؟

موقف سارتر

یطرح العلاقة المعرفیة بین الأنا والغیر في إطار فینومینولوجي (ظاهراتي)، فالغیر في اعتقاده هو “ذلك الذي لیس هو أنا، ولست أنا هو”. وفي حالة وجود علاقة عدمیة بین الأنا والغیر، فإنه لا یمكنه “أن یؤثر في كینونتي بكینونته”، وفي هذه الحالة ستكون معرفة الغیر غیر ممكنة. لكن بمجرد الدخول في علاقة معرفیة مع الغیر معناه تحویله إلى موضوع (أي تشییئه):  أي أننا ننظر إلیه كشيء خارج عن دواتنا ونسلب منه جمیع معاني الوعي والحریة والإرادة والمسؤولیة. وهذه العلاقة متبادلة بین الأنا والغیر: فحین أدخل في مجال إدراك الآخر، فإن نظرته إلي تقیدني وتحد من حریتي وتلقائیتي، لأنني أنظر إلى نفسي نظرة الآخر إلي. إن نظرة الغیر إلي تشیئني، كما تشیئه نظرتي إلیه. هكذا تبدو كینونة الغیر متعالیة عن مجال إدراكنا ما دامت معرفتنا للغیر معرفة انطباعیة حسیة.

موقف میرلوبونتي

له موقف آخر إذ یرى أن “نظرة الغیر لا تحولني إلى موضوع، كما لا تحوله نظرتي إلى موضوع ” ؛ إلا في حالة واحدة وهي أن ینغلق كل واحد في ذاته وتأملاته الفردیة. مع العلم أن هذا الحاجز یمكن تكسیره بالتواصل، فبمجرد أن تدخل الذات في التواصل مع الغیر حتى تكف ذات الغیر عن التعالي عن الأنا، ویزول بذلك العائق الذي یعطي للغیر صورة عالم یستعصي بلوغه.

المحور الثالث: العلاقة مع الغیر

هل العلاقة مع الغیر هي علاقة تكامل أم تنافر

موقف كانط

یرى أن علاقة الصداقة هي أسمى وأنبل العلاقات الإنسانیة لأنها قائمة على الاحترام المتبادل. وأساسها الإرادة الأخلاقیة الخیرة. فالصداقة باعتبارها واجبا أخلاقیا، تشترط وجود المساواة وعلاقة التكافؤ، وهي أیضا نقطة تماس بین الحب والاحترام. وهذا ما یمنح الإنسان توازنه وعدم الإفراط سواء في الاحترام أو الحب.

موقف أفلاطـون

یعتبر أن علاقة الصداقة تنبثق من الحالة الوجودیة الوسط التي تطبع وجود الإنسان، وهي حالة وسط بین الكمال المطلق والنقص المطلق تدفع الإنسان إلى البحث الدائم عما یكمله في علاقته مع الآخرین… فالكمال الأقصى یجعل الإنسان في حالة اكتفاء ذاتي لا یحتاج فیها إلى الغیر، وفي حالة النقص المطلق تنعدم لدیه الرغبة في طلب الكمال والخیر. من هنا تقوم الصداقة كعلاقة محبة متبادلة یبحث فیها الأنا عما یكمله في الغیر، یتصف فیها كل طرف بقدر كاف من الخیر أو الكمال یدفعه إلى طلب كمال أسمى، وبقدر من النقص الذي لا یحول دون طلب الكمال.

مفهوم التاریخ

أین یتجلى الاختلاف بین المؤرخ و الفیلسوف في التعاطي مع المعرفة التاریخیة ؟ وكیف تبنى تلك المعرفة ؟ وهل التاریخ ثابت ومستقر أم تحكه دینامیة التقدم ؟ وهل للإنسان دور في التاریخ ؟ هل یمكن أن نعتبره صانعا للتاریخ ؟

المحور الأول: المعرفة التاریخیة

إن التطرق لموضوع المعرفة التاریخیة یثیر إشكالا منهجیا یتعلق بالماضي الذي انقضى وولى والتعامل معه في الوقت ذاته كموضوع للمعرفة، و من ثمة فكیف یمكن الحكم على المعرفة التاریخیة ؟

موقف ریمون أرون

یؤكد على أن المعرفة التاریخیة هي معرفة نسبیة. لأنها لا یمكن أن تدرك الماضي بصفة نهائیة مادام أنه لا وجود لماض خالص، فكل ماضي هو ماض مستحضر ومعرفته لا تتأتى إلا عبر البحث والتنقیب والتحقیق. كما أن المعرفة التلقائیة التي نعرفها بطریقة مباشرة هي سمة أساسیة لواقعنا الذي نعیش فیه، بحكم أننا نفهم جمیع دلالاته. في حین أن المجتمعات التي عاشت قبلنا لا یتسنى لنا أن نعرف دلالاتها دون توسط منهج المؤرخ، وبذلك تنعدم شروط المعرفة التلقائیة بها. بالإضافة إلى كون تجربتنا في الماضي لایمكن أن تكون هي تجربتنا في الحاضر. وانطلاقا من ذلك فالمعرفة هي إعادة بناء لما كان موجودا ولم یعد وهي عملیة تخص زمانا ومكانا محددین.

موقف ماكس فیبر

ینطلق من نقطة أساسیة تعتبر كمدخل من أجل التعاطي مع المعرفة التاریخیة كمؤشر لتصور مستقبل الإنسانیة. فالواقع الإمبریقي (التجریبي) یتمیز باللامحدودیة بحكم كثافته ولا نهائیته، فلذلك لا یمكن لأیة عدة منهجیة أن تشمل ذلك الواقع في كلیته. إن المؤرخ لا یمكن أن یتأتى له معرفة الماضي بصفة نهائیة، ذلك أن الأسباب التي یعتمدها لتفسیر الواقعة التاریخیة ستبقى منتقاة انطلاقا من علاقة المؤرخ بالقیم. كما أن السببیة التاریخیة بالنسبة لماكس فیبر هي سببیة تحلیلیة، متفردة وجزئیة احتمالیة، ویبقى العمل المنهجي للمؤرخ محددا لهذه المعرفة

المحور الثاني: التاریخ وفكرة التقدم

للتاریخ منطق. لكن هل یحكمه التقدم ؟ أم التكرار؟ أم الضرورة ؟ أم الصدفة ؟

موقف ابن خلدون

التاریخ لا یعرف التقدم وإنما هو دوري، تكراري، وفق نفس المراحل، وهذا ما تثبته نظریة العصبیة القائمة على الدم والقبیلة: فالبدایة هب الفتوة أو النشأة ثم القوة واكتساب السیادة وبعد الغنى والترف تحل الشیخوخة ثم الاندثار، لتبدأ في مكان آخر آثار عصبیة جدیدة وهذا ما یشهد علیه تاریخ إفریقیا الشمالیة (ألا یبدو هذا التوصیف مشابها لحیاة كائن طبیعي). هل یتعلق الأمر بإسقاط الطبیعة على المجتمع البشري، أم أن الأمر أعمق من ذلك ؟

موقف هیجل

ما یحكم تطور التاریخ هو الجدل القائم على النفي ونفي النفي، حیث یتجاوز الحدث اللاحق الحدث السابق وذلك في أفق تحقیق غایة قصوى هي وعي الروح المطلق لذاته عبر تحققه في التاریخ موضوعیا: فالتقدم صیرورة عقلیة وخاصیة للعقل المطلق أو الوعي، وهي أیضا خاصیة للتاریخ الكوني كمسرح یتمظهر فیه تجسم الروح المطلق ووعیه بذاته. أما الاختلال الطارئ المتمثل في الحروب والتوقفات الظاهریة للتطور فلیست إلا استثناأت جزئیة ضروریة للصیرورة العامة. وتخفي التقدم الحاصل فعلا

موقف ریمون آرون

فكرة التقدم متحیزة للغرب كمركز لأنها من إنتاجه وخصوصا في ارتباطها بعصر الأنوار الذي بني على التقدم كأساس للتطور في جمیع المجالات، ولا شك أن النموذج الأساسي هو العلوم. لكن هل یمكن تعمیم هذا النموذج على المجتمعات والفنون وجمیع أشكال الحیاة الأخرى؟

موقف كلود ليفي ستروس

فكرة التقدم تقود لنزعة التمركز حول الذات الأوروبیة، أي أن نموذج التقدم هو الغرب ونموذج التخلف هو ما عداه، وهذا یعني أن فكرة التقدم سوف تفرض خطاطة تاریخیة واحدة، وتذیب جمیع الاختلافات بین الشعوب والأمم والحضارات والمجتمعات، ويعاني فكر التقدم من خلل آخر ومن ضعف كبیر ألا وهو أنها تحتاج لغایة تشكل نهایة للتقدم (في الماركسیة هي الشیوعیة، وعند هیجل هي معرفة الروح المطلق لذاته، وعند فوكویاما هي نهایة التاریخ المتمثلة في انهیار الاشتراكیة). إن فكرة التقدم تقتضي فكرة الخلاص والتي هي فكرة دینیة بل میثولوجیة.

المحور الثالث: دور الإنسان في التاریخ

موقف هیجل

القوة المحركة للتاریخ كسیرورات متلاحقة هي الروح المطلق الذي یحقق وعیا بذاته ویجسد ذلك موضوعيا في التاریخ الكوني، متخذا الشعوب والمجتمعات والفنون والدیانات كوسائل… إذن لا أهمیة للأفراد على الإطلاق إلا باعتبارهم منفذین وأدوات یستعملها الوعي المطلق.

موقف سارتر

الإنسان حریة تتجسد في اختیاره بین اختیارات ممكنة وذلك لأن وجوده سابق على ماهیته التي لا تدرك كشيء منته أو ماهوي وإنما كسیرورة وكمشروع دائم، لا یمكن تصور الإنسان الذي هو وجود لذاته ومن أجل ذاته، أي یعي ذاته ویعي الضرورات المحدقة به لا یمكن تصوره إلا متخذا مواقف عبر تحمل مسؤولیة الاختیار حتى وإن كنت النتیجة قاسیة ألا وهي القلق الدائم مادام هو وحده المسئول عن اختیاراته.

14-الطبيعة والنشاط الإنساني

1- مادة الفلسفة

2- المستوى جذع مشترك, جميع الشعب والمسالك

3-دروس الأسدس الثاني

4- مجزوءة الطبيعة والثقافة

5- الموضوع التمييز بين الطبيعة والنشاط الإنساني

6- الأستاذ محمد بضاض

مدخل

لقد شكلت الطبيعة ولازلت بالنسبة للإنسان ذلك المجال الحيوي الذي استطاع من خلال ضمان بقاء وجوده، كما أنها هي ذلك المجال الذي برهن الإنسان من خلاله على ما لديه من أفكار وقدرات ومواهب، وإذا كان الإنسان هو ذلك الكائن الفاعل فإن الطبيعة تشكل مجالا لفعله، وعن طريق هذا الفعل يغير الإنسان الطبيعة ويحول أشياءها إلى منتوجات، وهو في نفس الوقت يغير من ذاته ومن وعيه أيضا، لقد شكلّت الطبيعة بالنسبة للإنسان دائما لغزا محيرا، فكلّما اعتقد أنه تمكّن من فهمها والتوصل إلى قوانينها إلا وباغتته بأسرار جديدة وبظواهر غريبة وكشفت له عن مدى قوتها، الشيء الذي دفع الإنسان إلى أن يكون دائما في حالة استنفار وهو يواجه الطبيعة، إلا أن هذه الأخيرة تمثل بالنسبة للإنسان تلك المعشوقة التي أحبها وأغرم بجمالها ومفاتنها، من هنا هذه العلاقة المركبة بين الطبيعة والإنسان.

  • فأية علاقة بين الإنسان والطبيعة؟
  • هل هي علاقة صراع ومواجهة وعداء أم هي علاقة محبة وتجانس وانسجام؟

2-الكفايات المستهدفة في المحور

بعد قراءتنا لمحور الطبيعة والنشاط الإنساني نكون قادرين على:

  • موضعة علاقة النشاط الإنساني بالطبيعة في إطار نقاش فلسفي.
  • رسم معالم التحولات الفلسفية التي عرفها أشكال علاقة الإنسان بالطبيعة.
  • فتح الإشكال الفلسفي على قضايا بيئة راهنة.

3-إشكالية المحور

  • ما هي العلاقة التي يقيمها الإنسان مع الطبيعة؟
  • ما هي خصائص النشاط الإنساني في الطبيعة؟

4-المواضيع الموجودة داخل المحور

  • الإنسان سيد وملاك الطبيعة.
  • من السيطرة على الطبيعة إلى الانسجام معها.

5-تحليل نص رونيه ديكارت: الإنسان سيد ومالك للطبيعة

6-التعريف بصاحب النص

رونيه ديكارت ) (1596 – 1650) فيلسوف وعالم رياضيات وفيزيائي ومثقف موسوعي فرنسي، يعتبر مؤسس الرياضيات الحديثة، إذ قام بتبسيط الكتابة الرياضية وأسس الهندسة الديكارتية التي تتم بها دراسةُ الأشكال الهندسية ضمن نظام إحداثيات يدمج بين الهندسة المستوية والجبر، وفي الفيزياء استخرج قوانين انتشار الضوء واكتشف مفهوم العمل، وقد وضع بفيزيائه الميكانيكية ونظريته في الحيوانات–الآلات أسس العلم الحديث، يعتبر كذلك من رواد العقلانية في الفلسفة الحديثة، فالكثير من الأفكار والفلسفات الغربية اللاحقة هي ثمرة التفاعل مع كتاباته التي درست وتدرس من أيامه حتى يومنا هذا، لذلك يعد ديكارت أحد المفكرين الغربيين الأساسيين وأحد مفاتيح فهمنا للثورة العلمية والحضارة الحديث، له عدة مؤلفات: “تأملات ميتافيزيقية”، و”رسالة في أهواء النفس”، و”تأملات في الفلسفة الأولى” …

7-البنية المفاهمية

8-الفلسفة التأملية

هي الفلسفة التي كانت تدرس في المدارس في عصره والتي كان يغلب عليها في نظره اللفظية والتلقين واعتبرها من ثم فلسفة عقيمة لأنها كانت تهتم في العلم فقط بمعرفة معاني الأشياء الطبيعية.

9-الفلسفة العملية

إنها فلسفة تهتم بخصائص الأجسام المادية والطبيعية واستعمال أدوات ووسائل لتحقيق ذلك، وليس اعتمادا على الوصف والكلام فقط، وعن طرقها سيتم الوصول في النهاية إلى السيادة على الطبيعة وتملكها.

10-علم الطبيعة

هو العلم الذي يدرس الطبيعة بهدف معرفتها معرفة دقيقة، وأساس الطبيعة المادية عند ديكارت هو “الامتداد”.

11-بنية النص وأفكاره

  • اعتماد ديكارت على تأملاته الخاصة أوصلته إلى إدراك قيمة العلم الطبيعي.
  • ضرورة استبدال الفلسفة النظرية القائمة على اللفظية والتلقين بالفلسفة العملية.
  • جعل الهدف من فهم الطبيعة هو السيطرة على الطبيعة والتحكم بها.

12-إشكالية النص

  • كيف تتم معرفة الطبيعة ؟
  • وما الهدف من معرفتها؟
  • كيف يستطيع الإنسان فرض سيادته وسيطرته على الطبيعة؟

13-البنية الحجاجية

  • حجة الدحض: نقد الفلسفة النظرية.
  • إيراد التجربة الشخصية للفيلسوف.
  • أسلوب المقارنة بين الفلسفة النظرية والفلسفة العملية.
  • حجة المثال: مثال للعلم الطبيعي الذي يمكن من معرفة ما للنار والماء والهواء …

14-أطروحة النص

دعوة ديكارت إلى اعتماد المبادئ العامة في علم الطبيعة ليس من أجل أن نكون سادة ومالكين للطبيعة، ولكن من أجل حفظ الصحة التي هي بلا ريب الخير الأول وأساس جميع الخيرات.

15-إشكالية النص

  • كيف تتم معرفة الطبيعة؟
  • وما الهدف من معرفتها؟
  • كيف يستطيع الإنسان فرض سيادته وسيطرته على الطبيعة؟

16-حجج النص

  • رغم إعجاب ديكارت بتأملاته إلا أنه أقر في المقابل بأن للآخرين تأملات هو كذلك أشد إعجابا بها.
  • إقرار ديكارت بعدم إلهامه ببعض المبادئ العامة في علم الطبيعة.
  • وقوف ديكارت عندما تستطيع أن تحققه المبادئ العامة في علم الطبيعة من منافع عامة في الطبيعة، ومع عدم إقراره كتمان ذلك حتى لا يخل بالقانون.
  • الإحاطة علما ببعض المبادئ العامة في علم الطبيعة لا يساعدنا فقط من أجل أن نكون سادة ومالكين للطبيعة، ولكن من أجل حفظ الصحة التي هي بلا ريب الخير الأول وأساس جميع الخيرات.

17-استنتاج

يرى ديكارت أن معرفة الطبيعة تتم عن طريق إعادة إنتاج الطبيعة وليس فقط معرفة أسبابها وعللها والقوى التي تحتويها، كما ينتقد الفلسفة المدرسة التأملية التي سيطرت على التعليم في أوربا إلى حدود العصر الحديث لكن تبقى الغاية التي جعلها ديكارت لهذه المعرفة الطبيعية (وهي السيطرة على الطبيعة وتملكها) مثار نقاش وجدال، لذلك انتقد العديد من الفلاسفة هذا الهدف ومن بينهم “ميشيل سير” الذي تساءل: “إذا كان الهدف من العلم الطبيعي هو التحكم في الطبيعة فهل يمكن التحكم في تحكمنا؟”، بمعنى هل نستطيع السيطرة على العنف البشري الذي دمر الطبيعة بدعوى السيطرة عليها؟، إنها فكرة خطيرة هيمنت على الحضارة الغربية منذ ديكارت وكانت لها أثار سلبية على الطبيعة وعلى الوجود.

18-أسئلة الفهم (ص 94)

  • موقف ديكارت من الفلسفة التأملية هو أنه يدعو إلى: البحث عن بديل لها، التعليل: “ومن أنه يمكننا أن نجد، بدلا…….التي تعلم في المدارس، فلسفة عملية”.
  • لقد كان لزاما على ديكارت الإفصاح عن مبادئ العلم الطبيعي لأنه يحقق فائدة للإنسان، فالتجارب أبانت عن مدى ما يمكن أن تجلبه مبادئ هذا العلم من منافع عظيمة للإنسان في الحياة.
  • يحدد النص العلم الطبيعي كعلم يقدم قوانين تفسيرية للطبيعة تسمح للإنسان بالسيطرة عليها، هكذا قال ديكارت بأن الفلسفة العملية الناتجة عن العلم الطبيعي تمكننا من معرفة الأجسام التي تحيط بنا كالنار والماء والهواء، كما تجعلنا سادة على الطبيعة ومالكين لها.
  • ما نفهمه من عبارة ديكارت هو أن العلم الطبيعي يمكن الإنسان من معرفة القوانين المتحكمة في الظواهر الطبيعية، وهو ما يمكنه من السيطرة عليها وتسخيرها لخدمة أغراضه ومصالحه في الحياة.

مجزوءة الطبيعة والثقافة : ملخص دروس الأسدس الثاني…

1- مادة الفلسفة

2- المستوى جذع مشترك, جميع الشعب والمسالك

3-دروس الأسدس الثاني

4- مجزوءة الطبيعة والثقافة

5- الموضوع تقديم عام لجزوءة الطبيعة والثقافة

6- الأستاذ محمد بضاض

1-تقديم إشكالي

إن الإنسان يخضع مثله مثل باقي الكائنات الحية الأخرى لنفس القوانين البيولوجية، متمثلة في: النمو، التغذية والتوالد، لكنه يتميز عنها في نفس الوقت بامتلاكه لنظام رمزي، يشتمل على الثقافة بكل تجلياتها: اللغة، الفن، الأسطورة …، فإذا كان كل مؤثر تقابله استجابة فورية ومباشرة لدى الحيوان، فإنها تتأجل عند الإنسان، فيدخل النظام الرمزي (الثقافة)، حسب كاسيرر، لكي يملأ هذه المسافة الفاصلة بين المؤثر والاستجابة، وهكذا فالإنسان ذو طبيعة مزدوجة، فيها بعد طبيعي، يكمن في خضوعه للقوانين الفيزيائية التي تتحكم في المادة، والقوانين التي تتحكم في الكائنات الحية متمثلة في الغرائز وعلى رأسها غريزة البقاء، وبعد ثقافي، يتمثل في العالم الروحي والمعنوي الذي أبدعه لنفسه لتجاوز البعد الأول.

  • فما هي مظاهر الثقافة عند الإنسان؟
  • وما العلاقة التي تربط الطبيعة بالثقافة؟
  • وكيف يتفاعل الإنسان مع الطبيعة؟
  • وما هي مظاهر تعدد الثقافات واختلافها؟

2-الإنسان كائن ثقافي

تمهيد

لقد كان الإنسان يعيش في حالة الطبيعة شأنه شأن باقي الحيوانات الأخرى، يعيش حالة عزلة وتوحش بين الأدغال، لكنه اهتدى بعد ذلك إلى خلق عالم خاص هو به، عالم الثقافة من خلال إنتاج مجموعة من الأدوات والوسائل، وخلق أشكال للتعبير والتواصل.

  • فما هي مظاهر الثقافة لدى الإنسان؟
  • وهل يمكن اعتبار اللغة مظهرا أساسيا من مظاهر الثقافة؟
  • وكيف ساهمت المؤسسات في انتقاله إلى عالم الثقافة؟
  • وما هي أشكال التواصل وأنماط العيش لدى الإنسان؟

3-اللغة كعلامة ثقافية

إن العلامة التي تميز الثقافة عند الجنس البشري هي اللغة، في نظر ك.ل.ستروس، وليست الأدوات المصنوعة، إننا إذا ذهبنا إلى كوكب مجهول، يقول ستروس، ووجدنا كائنات غريبة عنا تصنع الأدوات، فإننا لا نكون على يقين أنها كائنات تنتمي إلى المستوى الإنساني، أما إذا وجدنا لديها لغة مختلفة عن لغتنا لكنها قابلة أن إلى تترجم إلى لغتنا، فإننا سنكون متأكدين أن هذه الكائنات تمتلك ثقافة.

4-المؤسسات كمظهر ثقافي

إن ظهور القضاء كمؤسسة ثقافية، هي التي نقلت الإنسانية من مرحلة الهمجية والتوحش، إلى مرحلة الحضارة والثقافة، في نظر ديورانت، حيث أحلت النظام محل الفوضى، والقضاء العادل مكان الوحشية، والقانون بدلا من العنف والإكراه.

5-أنماط العيش والتبادل

إن أشكال التواصل داخل المجتمع تتم على ثلاث مستويات حسب ستروس، وهي تواصل النساء، تواصل الأموال والخدمات، تواصل الآثار الأدبية والفنية، حيث يندرج الأول ضمن نظام القرابة، في حين أن الثاني يندرج في النظام الاقتصادي، أما الثالث فيندرج في إطار النظام اللغوي، وهكذا فإن تواصل النساء ذو إيقاع بطيء في حين أن تواصل الآثار الأدبية والفنية إيقاعه سريع جدا، أما إيقاع الأموال والخدمات فيبقى إيقاعا متوسطا، لأن النساء أشخاصا وقيما، في أن حين اللغة هي رموز وعلامات، أما الأموال والخدمات فهي قيم لكنها تحتاج إلى بعض الرموز والعلامات، عندما يبلغ الرواج الاقتصادي درجة معينة من التعقيد.

6-استنتاج

إن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يتجاوز عالمه الطبيعي، ليخلق لذاته عالما خاصا به، هو عالم الثقافة، وهو عالم له مظاهر عدة تتمثل في: اللغة، المؤسسات، أنماط العيش، والتواصل…

7-التمييز بين الطبيعة والثقافة

تمهيد

إن اعتبار الإنسان كائنا ثقافيا يعني انه منتج للثقافة بكل مظاهرها سواء كأفكار وقيم ومعتقدات، أو عندما تتحول إلى طقوس وممارسات وسلوكات، وأنماط عيش، مما يجعلها عالما متميزا عن عالم الطبيعة الذي يتمثل في القوانين البيولوجية والغرائز التي تتحكم في الإنسان مثله مثل باقي الحيوانات الأخرى، مما يدخل هذين العالمين في حالة صراع.

  • فما هي الطبيعة؟ وما المقصود بالثقافة؟
  • وما العلاقة التي تربط الإنسان بالطبيعة؟
  • وكيف يتفاعل هو ما طبيعي، هو بما ثقافي في الإنسان؟

8-مفهوم الطبيعة

لقد قدم لنا جان فال تعريفا اشتقاقيا لكلمة الطبيعة، حيث نجد مفردة (physis) الإغريقية، و(natura) اللاتينية تعني: القدرة على النمو الكامنة في الأشياء، كالسماء، الأرض، الكواكب، الحيوانات والإنسان، كما قدم أرسطو مفهوما فلسفيا للطبيعة عندما اعتبر طبيعة شيء ما هو فكرته أو شكله، وأن الطبيعة الأولى هي الماهية.

9-مفهوم الثقافة

إن مفهوم الثقافة في نظر هيرسكوفيتش يتميز بالتنوع، حيث نجدها تتميز بطابع الاكتساب، كما تساعد الإنسان على التأقلم مع وسطه الطبيعي، وتتمثل في عدة مظاهر كالمؤسسات، وطرق التفكير، والأشياء العادية… ، أما الثقافة في نظر تايلر، فهي كل مركب يتشكل من المعارف، المعتقدات، الفن، الأخلاق، القوانين، التقاليد، وكل الأعراف الأخرى، والعادات المكتسبة من طرف الإنسان باعتباره عضوا في المجتمع.

10-الإنسان كمنتج للثقافة

إن الإنسان حسب جورج بطاي، هو الكائن الوحيد الذي لا يقبل بالمعطى الطبيعي، بل يغيره ويحوله من خلال استخراج وصنع الأدوات والأشياء، وهذه العناصر هي التي تشكل عالم الثقافة، لكنه في نفس الوقت هو نتيجة للثقافة من خلال عملية التنشئة الاجتماعية (التربية)، وهكذا فإن الإنسان يتضافر في تشكله عنصران، عنصر طبيعي، وآخر ثقافي، ولا يمكن أن نعطي الأولوية لعنصر على آخر.

11-جدلية الطبيعي والثقافي لدى الإنسان

لتحديد الطبيعة الإنسانية في نظر إدغار موران، هناك مدخلان وهما:

  • مدخل ثقافي: يتمثل في كون الإنسان له مفهوم ثقافي يختلف باختلاف التحولات الثقافية الكبرى.
  • مدخل طبيعي: يتمثل في كونه كائنا حيا يتميز بسمتين أساسيتين وهما: كونه يمشي على قدمين، ويمتلك دماغا كبيرا.

وهكذا تتداخل في طبيعة الإنسان العناصر الطبيعية بالعناصر الثقافية، فتكون كل أفعاله وسلوكاته أفعال طبيعية وثقافية في نفس الآن، كأفعال الأكل والشرب والنوم …

12-استنتاج

إن هناك علاقة تفاعلية بين الطبيعة والثقافة، حيث تؤثر الطبيعة في الثقافة، والعكس صحيح، وهكذا نجد الإنسان يتفاعل هو الآخر مع الثقافة، فهو كائن منتج للثقافة وفي نفس الوقت نِتاج لها، وهذا ما يجعله مزدوج الطبيعة فيه ما هو ثقافي، وما هو طبيعي في نفس الوقت.

13-الطبيعة موضوع للنشاط الإنساني

تمهيد

منذ البدايات الأولى للإنسان دخل في علاقة مع الطبيعة تمثلت أولا في الصيد والتقاط الثمار، ثم تطورت بعد ذلك مع ظهور الزراعة، إلى أن بلغت ذروتها مع الإنتاجات الصناعية التي ستطبع تدخل الإنسان في الطبيعة، باعتبارها موضوعا لنشاطه، وهكذا أصبح الإنسان متفاعلا مع الطبيعة، ولم يبق مجرد منفعل بها.

  • فما العلاقة التي تربط الإنسان بالطبيعة؟ هل هي علاقة توافق أم صراع؟
  • وما هي أشكال السيطرة على الطبيعة؟
  • وهل ينبغي أن نحد من تدخلنا في الطبيعة؟ ولماذا؟

14-الانسجام مع الطبيعة

يتميز الإنسان عن باقي الكائنات الأخرى بما فيها الثدييات (في نظر رالف لينتون) بقابليته للتعلم إلى ما لا نهاية، وباعتبار الإنسان مزدوج الطبيعة، أي كائن عاشب من جهة، ولاحم من جهة ثانية، أهله هذا لتطوير الزراعة، وتدجين الحيوانات كذلك، وبهذا فقد استغل كل الإمكانات التي تتيحها له الطبيعة، وبما أنه كائن يمشي على قدمين، فقد كان استعمال الدرج بالنسبة له أنسب من المنحدرات، إن امتلاك الإنسان لجسد عار من الشعر دفعه إلى صنع الملابس وبناء المساكن، بل ظهرت لديه كذلك بعض السلوكات والعادات المرتبطة بالاحتشام والاستحمام. وهكذا نجد الإنسان يعيش في انسجام مع وسطه الطبيعي.

15-المواجهة مع الطبيعة

تتميز العلاقة بين الطبيعة والإنسان في بعض الأحيان بالمواجهة والصراع، حسب سيغموند فرويد، وتتمثل بالخصوص في الكوارث الطبيعية، كالزلازل، الفيضانات، الأعاصير…، هذه الكوارث تترتب عنها عدة نتائج على مستوى الإنسان، وهي:

  • شعور الإنسان بالضعف والعوز، اللذين نسيهما نتيجة سيطرته وامتلاكه للطبيعة.
  • ظهور مشاعر التآزر والتضامن في مواجهة هذه الكوارث، ما دامت الغاية هي الحفاظ على بقاء الإنسانية.

16-تحويل الطبيعة والسيطرة عليها

يتميز الإنسان عن باقي الكائنات الأخرى في نظر فرنسيس بيكون، بالطموح وهو على ثلاثة مستويات:

  • الطموح الأول: طموح الإنسان للسيطرة على وطن بكامله، وهو طموح عامي ووضيع.
  • الطموح الثاني: ويتمثل في السيطرة على كل الجنس البشري، وهذا الطموح يتميز بخاصية الاحترام لكنه يتميز بخاصية الطمع كذلك.
  • الطموح الثالث: وهو طموح الإنسان للسيطرة على الطبيعة والكون، وهو طموح يتميز بالعظمة والنبل.

إن الوسيلة الكفيلة بتحقيق هذه الأنواع من الطموح لدى الإنسان هي العلم وسائر الفنون (الحرف، والصناعات…).

17-استنتاج

هل ينبغي أن نحد من تدخلنا في الطبيعة؟ ولماذا؟

منذ السبعينات اكتشفنا المزابل، والإشعاعات الطبيعية، والتبخرات الناتجة عن التقدم التقنو/صناعي الحضري، فقد غزانا فيروس السيدا الذي يعتبر أول فيروس يدخل التاريخ من بين جملة الفيروسات الأخرى، والتي هي الآن قيد الظهور، إضافة إلى ظهور بكتيريا جديدة تصمد أمام المضادات الحيوية، كما اتسعت دائرة الموت متمثلة في تهديد شبح السلاح النووي/الحراري، والكيماوي، والبيولوجي الذي يتربص بنا، إن الهيمنة الجامحة للتقنية على الطبيعة تقود الإنسانية نحو الانتحار، لذا وجب أن نحد من تدخلنا في الطبيعة لننقد هذا الكوكب الأزرق من انهيار توازنه البيئي الهش أصلا.

18-تعدد الثقافات واختلافها

تمهيد

إن ما يميز النوع البشري هو التعدد، سواء تعلق الأمر بعرقه، أو بثقافته (لغته، دينه، نمط عيشه…)، وهذا التعدد ليس سمة مميزة للحضارات والشعوب والأمم فحسب، بل هي سمة يتميز بها المجتمع الواحد، والثقافة الواحدة أيضا، غير أن الإقرار بالتعدد قد يلغي القول بالأصل أو الهوية الواحدة، قد كما يلغي التفاضل بين الثقافات والاعتقاد في سمو ثقافة على أخرى، وهذا ما يدفعنا إلى طرح الأسئلة التالية:

  • هل هناك ثقافة كونية واحدة؟ أم هناك ثقافات متعددة؟
  • وإن كانت متعددة، فهل العلاقة بينها، علاقة صراع؟ أم تعايش؟

19-كونية الثقافة وتعدد الثقافات

إن ازدواجية وحدة تنوع الثقافات في نظر إدغار موران ازدواجية أساسية: تحافظ الثقافة على الهوية الإنسانية، وبشكل أدق على الأشياء الأكثر خصوصية فيها، وتحافظ الثقافات على الهويات الاجتماعية في أدق خصوصيتها، قد تعطي الثقافة الانطباع بأنها تنغلق على ذاتها حفاظا على هويتها الخاصة، لكنها في الواقع تظل مفتوحة، إذ تدمج داخلها ليس فقط المعارف والتقنيات، ولكن أيضا الأفكار والتقاليد والمأكولات والأفراد الآتين من آفاق أخرى، وكل ربط بين ثقافتين فيه إغناء للثقافات ذاتها، إنه يفضي إلى إنجازات خلاقة، بفضل التهجينات الثقافية كتلك التي أعطت الفلامينكو، وموسيقى أمريكا اللاتينية، والراي…، وعلى العكس من ذلك يشكل تدمير ثقافة ما بفعل الهيمنة التقنية الحضارية، خسارة للبشرية جمعاء، والتي يشكل تنوع ثقافتها أحد أغلى كنوزها.

20-صراع الثقافات وتعايشها

21-صدام الحضارات

تجتهد الشعوب والأمم حسب صموئيل هنتينجتون للجواب عن السؤال الأساسي بالنسبة لجميع الناس ألا وهو: من نحن؟ وتتم العودة إلى أقدم الأجوبة التقليدية بحثا عن الجواب، إنهم يعودون إلى ما يعتبرونه مهما بالنسبة لهم. يعثرون على ذواتهم في الجماعات الثقافية: القبائل، الأعراق، الجماعات الدينية، الأمم والحضارات بشكل عام، فهم يستغلون السياسة، ليس من أجل تقديم مصالحهم الخاصة، بل من أجل تحديد هويتهم، إننا نعرف من نحن عندما نعرف ما لسنا إياه، وفي الغالب عندما ندرك ضد من نحن، إن الدول–الأمم تظل هي العوامل الرئيسية الفاعلة على الساحة الدولية، وكما كان الأمر في الماضي، فإن سلوكها يبقى مقيدا بالبحث عن القوة والثروة، إلا أن هذا البحث يخضع أيضا، وبامتياز، للروابط الجماعية والاختلافات الثقافية…، وفي هذا العالم الجديد لن تحدث الصراعات الشاملة والمهمة والخطيرة بين الطبقات الاجتماعية، بين الأغنياء والفقراء، بين الجماعات المحددة وفق معايير اقتصادية، بل ستحدث بين شعوب منتمية لهويات ثقافية مختلفة، إن الحروب القبلية والصراعات العرقية، سوف تتأجج أكثر فأكثر داخل الحضارات نفسها.

22-كيفية مواجهة صراع الثقافات

تؤدي كل من نزعة التمركز حول العرق، ونزعة التمركز حول المجتمع، إلى أنواع مختلفة من كره الأجانب ومن النزعات العنصرية، حسب إدغار موران، والتي يمكن أن تصل إلى حدود نزع صفة الإنسان عن الأجنبي، وهكذا فالصراع الحقيقي ضد النزعات العنصرية من الأفضل أن يتم ضد جذورها المتمركزة حول الذات وحول المجتمع، عوض أن يتم ضد أعراضها، إن مسببات ونتائج أسوء عدم الفهم لهي الأفكار المسبقة، وأنواع التبرير العقلاني المعتمدة على آليات اعتباطية، وتبرير الذات بشكل جنوني، والعجز عن النقد الذاتي، واعتماد طريقة مرضية في البرهنة، والكبرياء، والجحود، والاحتقار، وخلق متهمين وهميين والعمل على محاكمتهم.

23-استنتاج

إن الثقافة وإن كانت معطى كونيا نظرا لوجودها في كل الحضارات والمجتمعات، فهي تتعدد بتعدد هذه المجتمعات نفسها كل حسب تاريخه ومحيطه، إلا أن كثيرا من الأشكال الثقافية تؤدي إلى صراعات ونزاعات بين الجماعات والشعوب، لكن عندما يتم تجاوز هذا الصراع يحصل الارتقاء إلى مستوى التعايش السلمي ويسود الاحترام المتبادل والتسامح.

10-الإنسان كائن ثقافي

1- مادة الفلسفة

2- المستوى جذع مشترك, جميع الشعب والمسالك

3-دروس الأسدس الثاني

4- مجزوءة الطبيعة والثقافة

5- الموضوع الإنسان كائن ثقافي

6- الأستاذ محمد بضاض

1-الكفايات المستهدفة في المحور

بعد قراءتنا لمحور الإنسان كائن ثقافي نكون قادرين على:

  • تعريف الإنسان ككائن ثقافي
  • تحديد بعض مظاهر الثقافة وتجلياتها عند الإنسان
  • تحليل الظاهرة اللغوية وعمل المؤسسة من خلال أنماط العيش والتبادل

2-إشكالية المحور

  • لماذا يعتبر الإنسان ككائن ثقافي ؟
  • ماهي مظاهر الثقافة وتجلياتها لدى الإنسان ؟

3-المواضيع الموجودة داخل المحور

  • الإنسان كائن لغوي
  • المؤسسة تحكم في الحاجة وتحويل لها
  • الطبيعة والنشاط الإنساني

4-خلاصة

إن الإنسان كائن ثقافي منتج للثقافة ونتاج لها في نفس الوقت، وتتجلى ثقافته في مظاهر من أهمها: اللغة، المؤسسات، هكذا يعتبر الإنسان كائنا لغويا يبتكر منظوءرمزية تتميز بالتمفصل، وبارتباطها بالوعي والعقل لدى الإنسان، وهو ما يجعل إبداعية ومتطورة، على عكس اللغة الحيوانية التي تظل مجرد وظائف بيولوجية، كما تتجلى وظائف الإنسان في ابتكاره للمؤسسات التي ينظم من خلالها حاجاته عبر قوانين.

5-تحليل نص كلود ليفي ستراوس: الإنسان كائن لغوي

مدخل

يتميز الإنسان عن باقي الكائنات بالعقل، وهو ما جعله كائنا ثقافيا بامتياز، وتتجلى ثقافته في العديد من المظاهر والتجليات، ومن أبرزها: اللغة، والمؤسسات، وأنماط العيش، والتبادل.

  • فبأي معنى يمكن اعتبار الإنسان كائنا لغويا ؟
  • وما الذي يميز اللغة الإنسانية عن اللغو الحيوانية ؟
  • ما هي المؤسسة ؟
  • وكيف ظهرت ؟
  • وبأي معنى يمكن اعتبار المؤسسة مظهرا من مظاهر الثقافة لدى الإنسان ؟

6-التعريف بصاحب النص

كلود ليفي ستراوس: هو مفكر أنثروبولوجي فرنسي معاصر، مولود في فبراير من سنة 1908 زعيم البنيوية في فرنسا، اهتم بالأنثروبولوجيا خصوصا وبالعلوم الإنسانية عموما، حيث اهتم بالخصوص بدراسة المجتمعات التي يطلق عليها المجتمعات البدائية/قام بتحليل الثقافات القديمة غير الغربية، درس الأساطير والنظم الثقافية وقارن فيما بينها، من أهم مؤلفاته: “الأنثروبولوجيا البنيوية” و “الفكر المتوحش” و “من النيئ الى المطبوخ” و “عرق وتاريخ” و “البنى الأولية للقرابة”….

7-إشكالية النص

  • ما الذي يجعل من الإنسان كائنا ثقافيا ؟
  • وكيف السبيل الى وضع خط فاصل بين الثقافة والطبيعة ؟

8-أطروحة النص

حسب كلود ليفي ستراوس الإنسان كائن لغوي بامتياز، وما يجعله فريدا ومميزا هو امتلاكه للغة، إذن فالصناعة حسبه ليست علامة مميزة للثقافة بل اللغة المنطوقة.

9-بنية النص

رفض صاحب النص معيار صنع الأدوات باعتباره علامة مميزة للثقافة، لأننا نجد الحيوانات أيضا تقوم بمحاولات لصنع الأدوات، أي رفض فكرة تعريف الإنسان بأنه صانع كعلامة مميزة للثقافة، كما اعتبر ستراوس بأن اللغة هي الظاهرة الثقافية بامتياز، وهي العلامة المميزة للثقافة عن الطبيعة، ذلك لأننا نتعلم ثقافة المجتمع وعاداته من خلال تعلم اللغة، كما أنها (اللغة) هي الوسيلة الأساسية للتواصل وتبادل الأفكار ونقلها من جيل لآخر، ويمكن النظر الى المظاهر الثقافية كسنن، ذلك أن الثقافة ظاهرة رمزية لها قوانينها الخاصة يمكن فهمها من خلالها، ما يجعل الإنسان منتميا الى عالم الثقافة هي قدرته على التواصل اللغوي مع أفراد جماعته البشرية.

10-البنية المفاهيمية

  • الثقافة: هي مجموع الأنشطة الفكرية التي ينتجها الإنسان في مجتمع معين (فن، تقنية، لغة، مؤسسات، تقاليد، عادات…).
  • الإنسان الصانع: هو الكائن الذي يصنع الأدوات عن طريق تحويله للمواد الطبيعية الى منتوجات صناعية وثقافية قابلة للاستعمال.
  • اللغة: سلسلة من الاصوات الدالة المتوافق عليها عند جماعة لغوية معينة تستعملها كأداة للتبليغ والتواصل.
  • التمفصل: ويعني في اللغة: قابلية الجمل والمنظومات اللغوية للتقطيع والتجزئة الى عدد لا نهائي من المقاطع أو الوحدات (الحروف والكلمات).
  • السنن: هو المخزون الذي يتخير منه الفاعل المتكلم مجموع الوحدات التي تؤلف الملفوظ أو الرسالة.

11-البنية الحجاجية

12-أسلوب الدحض

انتقد كلود ليفي ستراوس الأطروحات الأنثروبولوجية والفلسفية التي تعتبر أن صنع الأدوات هو ما يميز الثقافة عند الإنسان، وذلك من خلال المؤشرات اللغوية التالية:

  • إنني لست متفقا مع هذا الرأي…
  • لا في صنع الأدوات…
  • فنحن لا نعتقد…
14-أسلوب المثال الافتراضي

“لنفترض أننا التقينا” والهدف من هذا المثال هو بيان أن صنع الأدوات لا يشكل ميزة للإنسان عكس اللغة.

15-أسلوب الترتيب والإحصاء

وتدل عليه المؤشرات التالية:

  • أولا لأن اللغة…
  • وثانيا لأن…
  • وأخيرا…
16-أسلوب العرض

وتدل عليه المؤشرات اللغوية التالية:

  • وإنما في اللغة المنطوقة…
  • يبدو لي أن اللغة هي الظاهرة الثقافية بامتياز…
  • إن اللغة هي الأداة الأساسية…

17-استنتاج

كلود ليفي ستراوس يتناول من خلال هذا النص إشكالية الحد الفاصل بين الطبيعة والثقافة إذ يدحض التصور السائد وسط الأنثروبولوجيين لمدة زمنية طويلة والقائل بأن صنع الأدوات هو الحد الفاصل بين الطبيعة والثقافة وفي المقابل لا يقدم ستراوس الإنسان باعتباره صانعا، فالصناعة ليست علامة مميزة للثقافة، بل ما يجعل الإنسان إنسانا وينتمي الى عالم الثقافة هو قدرته على التواصل اللغوي اللساني مع أفراد مجموعته البشرية، وبهذا فاللغة هذه الأداة الأساسية والوسيلة التي تميز الإنسان عن باقي الموجودات باعتباره كائن ثقافي، ويرجع السبب في اعتراضه على معيار صنع الأدوات كحد فاصل بين الطبيعة والثقافة هو قدرة بعض الحيوانات على محاولة صنع الأدوات ورغم ذلك لن تتمكن من تخطي حالة الطبيعة لولوج حالة الثقافة بينما تعتبر اللغة خاصية إنسانية محضة لذا يكنى الإنسان بالكائن اللغوي.

11-الإنسان كائن لغوي

1- مادة الفلسفة

2- المستوى جذع مشترك, جميع الشعب والمسالك

3-دروس الأسدس الثاني

4- مجزوءة الطبيعة والثقافة

5- الموضوع الإنسان كائن لغوي

6- الأستاذ محمد بضاض

1-مدخل

يتميز الإنسان عن باقي الكائنات بالعقل، وهو ما جعله كائنا ثقافيا بامتياز، وتتجلى ثقافته في العديد من المظاهر والتجليات، ومن أبرزها: اللغة، والمؤسسات ، وأنماط العيش، والتبادل.

  • فبأي معنى يمكن اعتبار الإنسان كائنا لغويا؟
  • وما الذي يميز اللغة الإنسانية عن اللغة الحيوانية؟
  • ما هي المؤسسة؟
  • وكيف ظهرت؟
  • وبأي معنى يمكن اعتبار المؤسسة مظهرا من مظاهر الثقافة لدى الإنسان؟

2-مؤلف النص

كلود ليفي ستراوس: هو مفكر أنثروبولوجي فرنسي معاصر، ولد في بروكسيل سنة 1908،زعيم البنيوية في فرنسا، اهتم بالانترويولوجيا خصوصا وبالعلوم الإنسانية عموما، حيث اهتم بالخصوص بدراسة المجتمعات التي يطلق عليها المجتمعات البدائية، قام بتحليل الثقافات القديمة غير الغربية، درس الأساطير والنظم الثقافية، وقارن فيما بينها، من أهم مؤلفاته “الأنثروبولوجيا البنيوية“، و“البنى الأولية للقرابة“ ، و“الفكر المتوحش”“، و“من النيئ إلى المطبوخ“، و“عرق وتاريخ“.

3-إشكالية النص

  • ما الذي یجعل من الإنسان كائنا ثقافیا؟
  • وكیف السبیل إلى وضع خط فاصل بین الثقافة والطبیعة؟

4-أطروحة النص

حسب كلود ليفي ستراوس الإنسان كائن لغوي بامتياز، وما يجعله فريدا ومميـزا هو امتلاكه للغة، إذن فالصناعة حسبه لیست علامة ممیـزة للثقافة بل اللغة المنطوقة.

5-بنية النص

رفض صاحب النص معيار صنع الأدوات باعتباره علامة مميـزة للثقافة، لأننا نجد الحيوانات أيضا تقوم بمحاولات لصنع الأدوات، أي رفض فكرة تعريف الإنسان بأنه صانع كعلامة مميـزة للثقافة، كم اعتبـر ستراوس بأن اللغة هي الظاهرة الثقافية بامتياز، وهي العلامة المميـزة للثقافة عن الطبيعة، ذلك لأننا نتعلم ثقافة المجتمع وعاداته من خلال تعلم اللغة، كما أنها (اللغة) هي الوسيلة الأساسية للتواصل وتبادل الأفكار ونقلها من جيل إلى آخر، ويمكن النظر إلى المظاهر الثقافية كسنن، ذلك أن الثقافة ظاهرة رمزية لها قوانينها الخاصة يمكن فهمها من خلالها، ما يجعل الإنسان منتميا إلى عالم الثقافة هي قدرته على التواصل اللغوي مع أفراد جماعته البشرية.

6-البنية المفاهمية

  • الثقافة: هي مجموع الأنشطة الفكرية التـي ينتجها الإنسان في مجتمع معين (فن،تقنية، لغة، مؤسسات، تقاليد،عادات…).
  • الإنسان الصانع: هو الكائن الذي يصنع الأدوات عن طريق تحويله للمواد الطبيعية إلى منتوجات صناعية وثقافية قابلة للاستعمال.
  • اللغة: سلسلة من الأصوات الدالة المتوافق عليها عند جماعة لغوية معينة تستعملها كأداة للتبليغ والتواصل.
  • التمفصل: ويعنـي في اللغة قابلية الجمل والمنظومات اللغوية للتقطيع والتجزئة إلى عدد لانهائي من المقاطع أو الوحدات (الحروف والكلمات).
  • السنن: المخزون الذي يتخيـر منه الفاعل المتكلم مجموع الوحدات التـي تؤلف الملفوظ أو الرسالة.

7-البنية الحجاجية

ا-أسلوب الدحض

انتقد كلود ليفي ستراوس الأطروحات الانثروبولوجية والفلسفية التي تعتبـر أن صنع الأدوات هو ما يميز الثقافة عند الإنسان، وذلك من خلال المؤشرات اللغوية التالية:

  • إنني لست متفقا مع هذا الرأي…
  • لا في صنع الأدوات…
  • فنحن لا نعتقد…

ب-أسلوب المثال الافتراضي

“لنفترض أننا التقينا ” والهدف من هذا المثال هو بيان أن صنع الأدوات لا يشكل ميزة للإنسان عكس اللغة.

ج-أسلوب الترتيب والإحصاء

وتدل عليه المؤشرات التالية:

  • أولا لأن اللغة…
  • وثانيا لأن…
  • وأخيرا…

د-أسلوب العرض

وتدل عليه المؤشرات اللغوية التالية:

  • وإنما في اللغة المنطوقة…
  • يبدو لي أن اللغة هي الظاهرة الثقافية بامتياز…
  • إن اللغة هي الأداة الأساسية…

8-استنتاج

كلود ليفي ستراوس يتناول من خلال هذا النص إشكالية الحد الفاصل بين الطبيعة والثقافة إذ يدحض التصور السائد وسط الأنتروبولوجيين لمدة زمنية طويلة والقائل بأن صنع الأدوات هو الحد الفاصل بين الطبيعة والثقافة، وفي المقابل لا يقدم ستراوس الإنسان باعتباره صانعا، فالصناعة ليست علامة مميزة للثقافة، بل ما يجعل الإنسان إنسانا وينتمي إلى عالم الثقافة هو قدرته على التواصل اللغوي اللساني مع أفراد مجموعته البشرية، وبهذا فاللغة هذه الأداة الأساسية والوسيلة التي تميـز الإنسان عن باقي الموجودات باعتباره كائن ثقافي، ويرجع السبب في اعتراضه على معيار صنع الأدوات كحد فاصل بين الطبيعة والثقافة هو قدرة بعض الحيوانات على محاولة صنع الأدوات ورغم ذلك لن تتمكن من تخطي حالة الطبيعة لولوج حالة الثقافة، بينما تعتبـر اللغة خاصية إنسانية محضة لذا يكنى الإنسان بالكائن اللغوي.

12-المؤسسة كمظهر من مظاهر الثقافة

1- مادة الفلسفة

2- المستوى جذع مشترك, جميع الشعب والمسالك

3-دروس الأسدس الثاني

4- مجزوءة الطبيعة والثقافة

5- الموضوع المؤسسة كمظهر من مظاهر الثقافة

6- الأستاذ محمد بضاض

1-تحليل نص ماليونفسكي: المؤسسة تحكٌم في الحاجة وتحويل لها، أي المؤسسة كمظهر من مظاهر الثقافة

2-التعريف بصاحب النص

مالينوفسكي (1884 – 1942) انثروبولوجي بريطاني، ويعتبر أحد مؤسسي المدرسة الوظيفية في الانثروبولوجية الاجتماعية، أهم كتاباته: “الجريمة والعرف في المجتمع المتوحش”، “الحياة الجنسية عند المتوحشين في شمال غربي ملانيزيا”، “ديناميات التغير الثقافي”.

3-إشكالية النص

  • كيف تتحكم المؤسسة في التكوين الثقافي للأفراد؟
  • بأي معنى تعتبر المؤسسة هي ما یجعل من الإنسان كائنا ثقافیا؟

4-أطروحة النص

الإنسان كائن ثقافي يعيش داخل المؤسسات، ومن خلالها يلبي حاجاته بأشكال ونماذج مختلفة، كما يستعمل جهازا ماديا في أنشطته المؤسساتية لتحقيق أهداف الجماعة.

5-بنية النص

أ-ما الذي يميز عمل المؤسسة؟

تقوم كل مؤسسة يبتكرها الإنسان على تلبية حاجات إنسانية إما بيولوجية أو ثقافية، ويتم عملها من خلال ميثاق أو مذهب ترتكز عليه المؤسسة، وتصوغ من خلاله قوانينا تنظم العمل داخلها.

ب-لماذا النص بين المؤسسة والحاجات؟

يربط النص بين المؤسسة والحاجات، لأن المؤسسة تلبي بشكل غير مباشر رغبات الأفراد وتتحكم فيها، وذلك من خلال إخضاعها إلى ميثاق وقوانين منظمة تسمح بتلبية الحاجات البيولوجية بشكل ثقافي ومؤسساتي.

ج-ماذا يقصد صاحب النص باستعمال الجهاز المادي داخل المؤسسة؟

كل مؤسسة تخضع لميثاق وقوانين ولكنها أيضا تتوفر على جهاز مادي تشتغل من خلاله وتمارس وظائفهاـ والمقصود بالجهاز المادي للمؤسسة هو البنية التحتية والأجهزة المادية، والوسائل والرأسمال المادي وغير ذلك، على سبيل المثال يتمثل الجهاز المادي للأسرة في البيت والحقل والأرض، أما بالنسبة لمؤسسة الدولة نذكر الوحدة الترابية والقوة العسكرية والرأسمال المالي.

6-البنية المفاهيمية

أ-التعاريف

  • المؤسسة: تكمن وظیفة المؤسسة في تلبیة حاجیات الإنسان بشكل منظم وبناء على تعاقدات وقوانین، هكذا تكون المؤسسة هي مجموعة القواعد الموضوعة لفائدة الجماعة.
  • الميثاق: هو مجموع المبادئ والقواعد والقوانين المتعاقد علیها، تتحكم وتوجه سلوك الأفراد داخل مؤسسة من المؤسسات.
  • الحاجة: هي الضرورة البيولوجية أي الحاجات الأولية اللازمة لحفظ وجود الإنسان مثل الغذاء والملبس والمسكن.
  • الأسرة: هي الخلية الأساسية في المجتمع وأهم جماعاته الأولية، وهي مؤسسة اجتماعية تتشكل من خلال ميثاق يجمع بين الزوج والزوجة، وتهدف إلى تربية الأطفال وتعليمهم مجموعة من المبادئ والعادات والتقاليد التربوية.

ب-ما هي نوعية العلاقة بين الميثاق والحاجة؟

العلاقة التي تجمع بين الميثاق والحاجة، هو أن الميثاق يضع المعايير والقوانين والمبادئ التي تنظم سلوك الأفراد وتؤطر حاجياتهم.

ج-ما يقصد النص بلفظ الشخصي؟

لكل مؤسسة نظام تراتبي، هكذا فلفظ “الشخصي” يدل على الطريقة التي يتموضع من خلالها كل فرد من أفراد الجماعة، كما يدل على الطريقة التي تتوزع بها السلطة والأدوار والمهام بين الأفراد.

د-لماذا لا يتضمن الميثاق المشكلات النفسية الناتجة عن الصناعة؟

كل مؤسسة تخضع لميثاق ينظم العمل داخلها، كما يحدد قوانين الشغل والعلاقات بين العمال ورب العمل، لكن هذا الميثاق لا يتكفل بحل المشكلات النفسية الناتجة عن العمل لأنها تخرج عن اختصاصه، كما أنها مشكلات يصعب ضبطها والتحكم فيها، فضلا عن أنها تختلف من فرد لآخر.

ه-المستوى الحجاجي

اعتمد صاحب النص على مجموعة من الآليات والأساليب الحجاجية للدفاع عن أطروحته وتوضيح معنـى المؤسسة وعملها، وتمثلت هذه الأساليب أساسا في التفسير والشرح وإعطاء الأمثلة كالأسرة والمصنع.

  • كل مؤسسة تتحكم في التكوين الثقافي للأفراد عن طريق مذهب أو عقيدة (ميثاق).
  • تحديد الأسرة كأعظم مؤسسة من المؤسسات الأخرى (كالمصنع).
  • المؤسسة تعمل على تلبية حاجات الأفراد التي من أجلها خلق وذلك من خلال الميثاق.

7-استنتاج

إن معظم السوسيولوجيين يؤكدون على الدور الفعال للمؤسسة في التكوين الثقافي للفرد، فبالإضافة إلى اللغة يعتبر مالينوفسكي المؤسسة مظهرا من المظاهر الثقافية، والغرض من تأسيس المؤسسة هو التحكم في الحاجة وتحويل لها من بعد طبيعي إلى بعد ثقافي، كما تخضع المؤسسة إلى ميثاق وهو مجموع القواعد والقوانين والعادات التي تنظم السلوكات والتصرفات داخل المؤسسة، وقد قدم مالينوفسكي أمثلة للمؤسسة هي: الأسرة والمصنع والدولة، فبالرغم من الاختلاف والتباين الحاصل بينها على مستوى القيمة والأهمية فإنها تشترك في نفس الخصائص والمميزات السالفة الذكر:

  • قيامها على حاجة بيولوجية غريزية.
  • تحكمها في هذه الحاجة الغريزية البيولوجية بهدف تحويلها وإشباعها.
  • خضوعها للميثاق وقانون منظم.
  • اعتمادها على جهاز مادي.

وبالتالي اعتبر الإنسان كائن ثقافي يعيش داخل المؤسسات، ومن خلالها يلبي جميع حاجياته بطرق مختلفة، بحيث يستعمل جهازا ماديا في أنشطته المرتبطة بالمؤسسة لتحقيق أهداف الجماعة.

8-خلاصة

إن الإنسان كائن ثقافي منتج للثقافة ونتاج في لها نفس الوقت، وتتجلى ثقافته في عدة مظاهر من أهمها اللغة والمؤسسات، هكذا يعتبر الإنسان كائنا لغويا يبتكر منظومة لغوية رمزية تتميز بالتمفصل، وبارتباطها بالوعي والعقل لدى الإنسان، وهو ما يجعلها لغة إبداعية ومتطورة عكس اللغة الحيوانية التي تظل مجرد وظائف بيولوجية وغريزية، كما تتجلى ثقافة الإنسان في ابتكاره للمؤسسات التي ينظم من خلالها حاجاته عبر ميثاق وقوانين.

13-التمييز بين الطبيعة والثقافة

1- مادة الفلسفة

2- المستوى جذع مشترك, جميع الشعب والمسالك

3-دروس الأسدس الثاني

4- مجزوءة الطبيعة والثقافة

5- الموضوع التمييز بين الطبيعة والثقافة

6- الأستاذ محمد بضاض

1-التعريف بصاحب النص

كلود ليفي ستراوس: هو مفكر أنثروبولوجي فرنسي معاصر، مولود في فبراير من سنة 1908 ولازال حيا يرزق إلى حدود اليوم، وهو من أكبر مفكري هذا العصر، تميز بتأسيسه للبنيوية كمنهج علمي ينتهجه الباحثون في شتى المجالات المعرفية (في الأنثربولوجيا، والدراسات اللسانية، والتحليل النفسي، والنقد الأدبي والفني…)، وقد وظف كلود ليفي ستراوس التحليل البنيوي في دراسة الثقافات والإثنولوجيا، له عدة كتب أهمها: “الأنثربولوجيا البنيوية”، “الفكر المتوحش”، “من النيئ إلى المطبوخ”، “عرق وتاريخ”، “البنى الأولية للقرابة“ …

2-فهم النص

تتمحور الفكرة الرئيسية للنص حول صعوبة التمييز بين الطبيعة والثقافة، ذلك أن الانتقال من الطبيعة إلى الثقافة ظل لغزا صعب الحل، وكل الطرق قد خيبت الآمال بشكل كبير في الحسم فيه، ولقد جعل كلود ليفي ستراوس معيار القاعدة وما هو عام أساسين اعتمد عليهما للتمييز بين الطبيعة والثقافة، حيث اعتبر أنه حين تظهر القاعدة فنحن على يقين بأننا على صعيد نظام الثقافة، كما أنه من السهل معرفة أن الكوني أو العام هو معيار الطبيعة.

يمكن القول بأن القاعدة تتميز في النص بثلاث خصائص:

  • الانفلات مما هو غريزي إذ تعتبر ذات صبغة أخلاقية.
  • النسبية: ذلك أنها قد توجد في هذا المجتمع وتغيب في مجتمعات أخرى.
  • الخصوصية: إنها ترتبط بالعادات والتقاليد، والقوانين والمؤسسات الخاصة بمجتمع معين.

ما يمكن فهمه من هذه الجملة هو صعوبة الحسم في تفسير خوف الطفل إما طبيعيا أو ثقافيا، ذلك أن هناك تدخل بينهما في تفسير مثل هذه الأفعال.

3-خلاصة فهم النص

يطرح مشكل التميز بين الطبيعة والثقافة عدة صعوبات نظرا للتداخل الموجود بينهما على مستوى السلوك البشري، لكن ستراوس اقترح معيار القاعدة وما هو عام وكوني من أجل التميز بينهما.

4-إشكال النص

  • ما الطبيعة؟
  • وما الثقافة؟
  • وكيف يمكننا أن نميز بينهما لنقول هذا فعل طبيعي في الإنساني وذاك فعل ثقافي فيه؟

5-موقف صاحب النص

يرى كلود ليقي ستراوس أن مسألة التمييز بين ما هو طبيعي وما هو ثقافي في الإنسان مسألة صعبة وشائكة وذلك نظرا للتعقيد والتداخل الذي يميز الظواهر الإنسانية، وإن صاحب النص يقترح من أجل حل مشكلة التمييز بين الطبيعة والثقافة حلا يمثل في الاستناد إلى معيارين للتمييز هما القاعدة والكونية، فكلما عثرنا على القواعد فهذا يعني أننا في إطار ما هو ثقافي، و بالعكس، كلما وجدنا أنفسنا أمام ما هو كوني فالأمر يتعلق بما هو طبيعي، وإذا كان الثقافي يتميز بالنسبة والخصوصية فإن الطبيعي يتميز بالكونية والعمومية والثبات.

6-المستوى المفاهيمي

  • الكلي: ما يشمل العالم كله بلا استثناء أو ثغرة، بحيث لا يعدو أن يكون ثمة شيء خارجها، وقد يعني كذلك المشترك بين العقول.
  • النسبي: ما لا يمكن إقراره دون حصر أو تقييد، ما لا يكون مطلقا، ما لا يمكن وصفه (بأنه صحيح، دقيق، أكيد..) إلا بالمقارنة مع متوسط الأشياء أو الكائنات من الجنس عينه.
  • قاعدة: صيغة إشارة أو توصيف لما يتعين القيام به في حالة محددة، أمر أخلاقي، تعليم منطقي، معادلة تعطي طريقة حسابية، شروط مسلم بها كأنها واجبة في هذا النوع الفني أو ذاك.

7-المستوى التحليلي

8-أطروحة النص

إن السلوك الطبيعي والسلوك الثقافي في الإنسان منفصلان إلى الدرجة التي يصعب فيها التمييز بينهما، لكن يمكن أن نميزهما وإن بشكل محدود انطلاقا من معيار القاعدة والكونية.

9-أفكار النص

إن الأفعال الإنسانية يتداخل فيها ما هو نابع من طبيعة الإنسان الداخلية وما هو انعكاس لما يكتسبه من المجتمع.

على الرغم من صعوبة التمييز بين الطبيعي والثقافي في السلوك الإنساني، فإنه لا يمنع من وجود معيار لتحديد كل منهما وهو معيار القاعدة والكونية، فما هو ثابت وجوهري ويشمل النوع البشري ككل فهو ينتمي إلى الطبيعة الإنسانية، في حين أن ما يشكل قاعدة للسلوك داخل المجتمع من عادات وتقاليد … فهو ينتمي إلى مجال الثقافة.

يمكن عزل عناصر الطبيعة عن عناصر الثقافة انطلاقا من معياري الكونية والقاعدة، فما يتسم بالعمومية والعفوية في السلوك الإنساني فهو طبيعي، وما هو نسبي ومتغير من جماعة بشرية إلى أخرى فهو ثقافي.

10-المستوى الحجاجي

لقد وظف صاحب النص مجموعة من الأساليب الحجاجية للدفاع عن أطروحته، ونذكر من بينها:

أ-أسلوب المقارنة

يقارن بين الأفعال الطبيعية في الإنسان والأفعال المكتسبة من المجتمع ويبرز أوجه التداخل بينهما.
وظيفته: أراد من خلاله أن يبرز لنا صعوبة عزل الأفعال الطبيعية عن الأفعال الثقافية لدى الإنسان.

ب-أسلوب الاستشهاد

“ويمكن أنذاك أن نتساءل – كما فعل لوك….”
وظيفته: يستشهد من خلاله على صعوبة التمييز في الأفعال الإنسانية بين ما هو طبيعي وما هو ثقافي.

ج-أسلوب الاستفهام

“فأين تنتهي الطبيعة؟ وأين تبدأ الثقافة؟”
وظيفته: يستفسر من خلاله على الأساس المعيار الذي يمكن أن نتخذه كحل لإشكالية التمييز بين الطبيعة والثقافة.

11-خلاصة تركيبية للنصين

إذا كان بيلز يقيم تمييزا بين الطبيعة والثقافة انطلاقا من تمييزه بين السلوكات التي يقوم بها الحيوان والتي تتسم بالتكرار وبين السلوك الإنساني الذي يتميز بالتنوع تبعا لتعدد الجماعات البشرية، فإن ليفي استراوس يبرز أن السلوكات الإنسانية ذاتها يتداخل فيها الطبيعي والثقافي، مما يؤدي إلى صعوبة الفصل بينهما، لكنه يقترح كحل لهذه الإشكالية أن يتم التمييز بين وقائع الطبيعة ووقائع الثقافة انطلاقا من معيار القاعدة والكونية.

12-خلاصة عامة للمحور الأول: التمييز بين الطبيعة والثقافة

يثير هذا المحور إشكالية رئيسية تتعلق بمعيار التمييز هو ما بين طبيعي هو وما ثقافي. فكيف يمكن التمييز بينهما؟

إن مفهوم الطبيعة يشير أساسا إلى ما هو غريزي وبيولوجي ومشترك بين الإنسان والحيوان، في حين يدل مفهوم الثقافة على ما هو مكتسب من معارف ومعتقدات وأنماط عيش مختلفة، غير أن السلوك الإنساني يتدخل فيه ما هو طبيعي وفطري مع ما هو ثقافي ومكتسب، وهو الأمر الذي يستلزم ضرورة وضع معيار للتمييز بينهما، وفي هذا الإطار اقترح كلود ليفي ستراوس معيار القاعدة وما هو عام من أجل التميز بين ما هو طبيعي وما هو ثقافي، هكذا فحضور القاعدة يجعلنا نكون أمام ما هو ثقافي، أما ما هو عام فيشير إلى الضروري والكوني.

1-مادة الفلسفة

2-المستوى:جذع مشترك آداب

3-دروس الأسدس الثاني

4-مجزوءة الطبيعة والثقافة

5-الموضوع المحور الأول التمييز بين الطبيعة والثقافة

6-الأستاذ محمد بضاض

مفهوم الطبيعة

الفهم العامي

ان كلمة طبيعة في مفهومها العامي هي كل ما هو مشاهد ومرئي من مناظر طبيعية كما تعني كلمة طبيعي العادي, كأن يقال هذا أمر طبيعي, او هذا أمر عادي, غير ان الفهم العامي ضيق وسطحي وذاتي .وهو مخالف للمعرفة العلمية أساسا فهو ضيق لأنه يحصر الطبيعة في البيئة الجغرافية وسطحي لأنه لا ينفذ إلى حقيقة الطبيعة خاصة حينما يقع الخلط بين ماهو طبيعي وبين ماهو عادة, ثم هو ذاتي لأنه ما أفهمه أنا من الطبيعي العادي قد لا يفهمه غيري.

الفهم اللغوي

الطبيعة في اللغة مشتقة من الفعل طبع, ومصدرها الطبع بمعنى الأصل والفطرة والجبلة, أما في اللغة الفرنسية فالكلمة ذات الأصل اللاتيني مشتقة من الفعل بمعنى ولد ومن ثمة فالطبيعة تعني ما يولد الإنسان وهو مزود به.

مفهوم الثقافة

الفهم العامي

قد ينظر الانسان العادي الى الثقافة على أنها سعة إطلاع وكثرة معلومات من غير تخصص ولا تعمق, غير أن فهما كهذا لا يكشف المعنى الحقيقي للثقافة فهو سطحي لا يأخذ الا بالمظاهر ثم هو ضيق يجعل الثقافة حكرا على البعض من الناس في حين ان الثقافة ظاهرة اجتماعية بمعنى المعنى العامي يعكس نظرة عنصرية ويترجم مفهوما أفرزته العقلية الأوربية المتعالية عن غيرها من الثقافات.

الفهم اللغوي

كلمة ثقافة مشتقة من الفعل ثقف فيقال ثقف الرجل أي صار حاذقا والرجل الثقف الحاذق الفهم ذو الفطنة والذكاء, أما في الأصل اللاتيني فكلمة تعني إصلاح الشيء وتهذيبه وإعداده للاستعمال. رغم أهمية التحديد اللغوي للثقافة الا انه لا يكشف عن مكونات الثقافة. ويقول تايلور في تعريفه للثقافة:

الثقافة هي ذلك الكل المركب الذي يشتمل المعرفة, والمعتقدات والفنون والأخلاق والقانون والعرف, وغير ذلك من المقدرات والعادات التي يكتسبها الانسان بوصفه عضوا في مجتمع.

2-اتعرف على الانسان كمنتج للثقافة وكنتاج لها

1-استثمار نص جورج بطاي الصفحة 75 من الكتاب المدرسي

2-تعريف صاحب النص

جورج بطاي ولد سنة 1897م, توفي 1962م, فيلسوف فرنسي تأثر في كتاباته بالفيلسوف الألماني فردريك نيتشه, وبالنزعة السوريالية. من بين مؤلفاته الشبقية*و*التجربة الباطنية.

3-إشكال النص

كيف يصبح الانسان منتج للثقافة ونتاج لها في نفس الوقت؟

4-الفكرة العامة للنص

يعتبر الانسان منتجا للثقافة من خلال الادوات التي صنعها و السلوكات والنشاطات التي يقوم بها, فلكل مجتمع خصائصه الثقافية وحاجاته التي ينفرد بها عن غيره, أما فيما يتعلق بكون الانسان نتاج للثقافة فمعناه ان هذا الكائن العاقل يتم ترويضه على ثقافة المجتمع الذي ينتمي إليه, مثلا كاللغة التي نتحدث بها, فنحن لم نكن أحرارا في تقبلها حينما ولدنا إنما ارتبطت بنا من خلال التنشئة الاجتماعية أي للتربية, وهناك الكثير من الامثلة المتوافرة في هذا الصدد, وبهذا يكون الانسان منتج للثقافة ونتاج لها في الوقت عينه.

5-الاساليب الحجاجية

-أ-اسلوب التأكيد : ان الانسان هو حيوان…

ب- أسلوب النفي: ان الانسان لا يعترف بنفسه…

6-استناج

نستنتج من خلال ما تم ذكره ان الإنسان أبدع ثقافات متنوعة تتمثل في التقاليد واللغات والأنشطة…لكن في الوقت نفسه يربي الأجيال التي تليه على نفس الثقافة التي ابتدعها وبذلك يكون منتج ونتاج للثقافة.

أتعرف الطبيعي والثقافي في الإنسان :هل هناك طبيعة إنسانية؟

الاشياء الثقافية عند الانسانالاشياء الطبيعية عند الانسان
-اللباس  -الوشم  -اللغة   -طريقة الأكل -الزواج  -الأعراس –التقاليد…-النوم         -الأكل     -التوالد    -الجوع    -الألم     -البكاء…  

استثمار نص إدغار موران الصفحة 76

1-تعريف صاحب النص

هو فيلسوف فرنسي معاصر  منحدر من أسرة يهودية يونانية, ولد سنة 1921م,اهتم بعلم الاجتماع والبيولوجيا والأبستمولوجيا, كما كان مناضلا في الحزب الشيوعي, كما أخضع إدغار موران العلم الحديث الى مساءلة منهجية جامعة, كما أنتج عدة كتب مهمة في ميادين متنوعة من بينها:

-السينما او الانسان المتخيل   -معرفة المعرفة   -النقد الذاتي   -الأفكار   -المنهج   -التجوال    -طريقتي   -يوميات   -الثقافة والبربرية الأوربية  -أين يسير العالم   -فيدال وعائلته.

2-أطروحة صاحب النص

لتحديد الطبيعة الانسانية في نظر إدغار موران هناك مدخلان وهما:

-مدخل ثقافي: يتمثل في كون الإنسان له مفهوم ثقافي يختلف باختلاف التحولات الثقافية الكبرى

-مدخل طبيعي: يتمثل في كونه كائنا حيا يتميز بسمتين أساسيتين وهما : كونه يمشي على قدمين ويمتلك دماغا كبيرا.

وهكذا تتداخل في طبيعة الانسان العناصر الطبيعية بالعناصر الثقافية, فتكون كل أفعاله وسلوكياته, أفعال طبيعية وثقافية في نفس الآن, كأفعال : الاكل والشرب والنوم…

3-استنتاج

ان هناك علاقة تفاعلية بين الطبيعة والثقافة, حيث تؤثر الطبيعة في الثقافة, والعكس صحيح, وهكذا نجد الانسان يتفاعل هو الآخر مع الثقافة, فهو كائن منتج للثقافة وفي نفس الوقت نتاج لها, وهذا ما يجعله مزدوج الطبيعة فيه ما هو ثقافي, وما هو طبيعي في نفس الوقت…

4-خلاصة تركيبية

يثير هذا المحور اشكالية رئيسية تتعلق بمعيار التمييز بين ماهو طبيعي وماهو ثقافي, فمفهوم الطبيعة يشير أساسا الى ماهو غريزي وبيولوجي يشتركه الانسان والحيوان, في حين يدل مفهوم الثقافة كل ماهو مكتسب من معارف ومعتقدات وأنماط عيش مختلفة, غير أن السلوك الانساني يتدخل فيه ما هو طبيعي وفطري مع ماهو ثقافي ومكتسب, وهو الأمر الذي يستلزم ضرورة وضع معيار للتمييز بينهما.

1-مادة الفلسفة

2-المستوى :جذع مشترك آداب

3-دروس الأسدس الثاني

4-مجزوءة الطبيعة والثقافة

5-الموضوع المحور الثاني الاسان كائن ثقافي

6-الأستاذ محمد بضاض

1-تقديم اشكالي

يتميز الانسان عن باقي الكائنات بالعقل, وهو ما جعله كائنا ثقافيا بامتياز. وتتجلى ثقافته في العديد من المظاهر والتجليات, ومن أبرزها اللغة والمؤسسات وأنماط العيش والتبادل.

فبأي معنى يمكن اعتبار الانسان كائنا لغويا؟ وما الذي يميز اللغة الانسانية عن اللغة الحيوانية؟ وماهي المؤسسة؟ وكيف ظهرت ؟وبأي معنى يمكن اعتبار المؤسسة مظهرا م مظاهر الثقافة لدى الإنسان؟

1.أتعرف اللغة كمظهر ثقافي:

استثمار نص كلود لوفي ستراوس  ص67:

1-تعريف صاحب النص:

كلود لوفي ستراوس ولد يوم 28 نونبر من سنة 1908م ببلجيكا,وتوفي 30اكتوبر2009م بباريس-فرنسا. عالم اجتماع انثروبولوجي, فرنسي معاصر, من اهم البنيويين المعاصرين,لدراسة الاساطير والثقافات القديمة, من مؤلفاته:

-البنى الاولية للقرابة   -الأنثروبولوجيا البنيوية  -الفكر البري

-العرق والتاريخ   -الاسطورة والمعنى   -طريق الاقنعة  -الخرافة الغيورة..

اسئلة حول النص:

1- ماهي مظاهر الثقافة عند الانسان؟

2-كيف تصبح اللغة مظهرا ثقافيا حسب لوفي ستراوس؟

3-ما هو المثال الذي ضربه لوفي ستراوس لعملية التواصل باللغة؟

الأجوبة

1-من المظاهر الثقافية التي امتاز بها الانسان عن غيره من الكائنات الحية هو كونه مخلوقا يتميز بالإبداع والصناعة, فهو صنع أدوات ساعدته على التطور ولبت حاجياته: المحراث,الآلات,والسيارات…

2-تعتبر اللغة مظهرا ثقافيا عند الانسان لكونه ابتكرها لتساعده على التعبير عن احتياجاته وتخول التواص مع الآخرين.

3-ضرب لوفي ستراوس مثال كوكب مجهول التقينا فيه مع كائنات حية تمتلك لغة مختلفة, لكن هذا الاختلاف سرعان ما سينجلي حينما تكون لغتهم قابلة للترجمة ويصبح من السهل علينا فهمها, وبالتالي فاللغة هنا تصبح وسيلة للتواصل بيننا وبين الغرباء.

استنتاج

كلود ليفي ستراوس يفند فكرة أساسية قال بها كثير من علماء الأنثروبولوجيا مفادها ان صنع الادوات هو ما يميز الثقافة عند الانسان, وهي الخط الفاصل بين الطبيعة والثقافة, لذلك تم تعريف الانسان بأنه حيوان صانع, وأضاف ستراوس اللغة كمظهر ثقافي انتجه الإنسان للتواصل فهي تعبر عن تطوره وانفراده بالإبداع عن باقي الكائنات الاخرى.

2-أتعرف المؤسسات كمظهر ثقافي:

*استثمار نص ول ديورانت ص68:

تعريف صاحب النص

ول ديورانت ولد سنة 1885, توفي سنة 1981م, فيلسوف ومؤرخ فرنسي, من بين مؤلفاته المشهورة –قصة الفلسفة   و-قصة الحضارة و –مباهج الفلسفة.

أسئلة حول النص

1-استخرج الفكرة العامة للنص؟

2-كيف يمكن للمؤسسة أن تحل المشاكل المتعلقة بالأفراد؟

3-متى يؤدي وجود المؤسسة الى تحقيق الامن والتسامح والتعايش في العالم؟

الاجوبة

1-ان حالة الطبيعة التي كان يعيشها الانسان جعلت منه يبتعد عن القوانين, بحيث أصبح الصراع والفوضى هي السمة المميزة له, لكن بتحول الانسان من حالة الطبيعة الى المجتمع جعلته يؤسس مؤسسات تحميه لتحل السلام والامن محل الفوضى والنزاع.

2-تحل المؤسسة المشاكل المتعلقة بالأفراد مثل مؤسسة الامن, القضاء

والمحكمة, عن طريق القوانين والتشريعات التي تجعلها تفك النزاعات بين الناس قصد حل العدل والمساواة وإعطاء الحق لكل ذي حق.

3-يؤدي وجود المؤسسة الى تحقيق الامن والتسامح والتعايش في العالم في حالة ما اذا كانت هذه المؤسسة تقوم على ميثاق مبادئ متينة تراعي متطلبات المجتمع كما انه في حالة ما اذا كانت نحل المشاكل المتعلقة بالمجتمع وتقوم بوظيفتها فهي تحقق الاهداف المسطرة لها كالاستقرار والتعايش السلمي.

استنتاج

نستنتج مما سبق ان المؤسسة انتاج بشري بامتياز وتعبر عن مدى تطوره , فهي تمثل ثقافة الانسان وابداعه الذي ينفرد عن باقي الكائنات, فالإنسان كائن ثقافي بامتياز.

3-أتعرف أنماط العيش والتبادل كمظهر ثقافي

       أنماط  العيش تتمثل في مجموعة من المبادئ والاساليب والاسس المنظمة للسلوك اليومي للإنسان على مستوى مأكله ومشربه وملبسه وعلاقاته الاجتماعية…وكل هذا يمثل ثقافة خاصة بكل مجتمع على حدة, فالمجتمع المغربي يتميز بثقافة الاكل والشرب والكلام والمعاملات…عن ثقافة المجتمع الاوربي مثلا.

     طريقة عيش الرحل بجنوب المغرب ليست هي طريقة عيش الافراد بالمدينة, ففي طريقة التفكير او الحديث نجد اختلافا كبيرا بين هذين المكانين الجغرافيين, وفي هذا الصدد يقول المفكر العربي عبد الرحمن ابن خلدون*1332-1406م**732-808ه*ان المناخ يؤثر في تفكير الناس.

   الانسان يعتبر كائن ثقافي بامتياز وما يدل على ابداعه  وثقافته كونه يمتاز عن غيره بطريقة كلامه وتعامله, كما أنتج منظومة من العلاقات الانسانية كالزواج وتبادل الأموال والخدمات, وهذا جعل الانسان يبدع ويطور نفسه ليتماشى و طموحاته التي لا تنتهي.

خلاصة عامة

   ان الانسان كائن ثقافي منتج للثقافة ونتاج لها في نفس الوقت, وتتجلى ثقافته في عدة مظاهر من أهمها اللغة والمؤسسات, هكذا يعتبر الانسان كائنا لغويا يبتكر منظومة لغوية رمزية تتميز بالتمفصل, وبارتباطها بالوعي والعقل لدى الإنسان, وهو ما يجعلها لغة ابداعية ومتطورة عكس اللغة الحيوانية التي تظل مجرد وظائف بيولوجية وغريزية. كما تتجلى ثقافة الانسان في ابتكاره للمؤسسات التي ينظم من خلالها حاجاته  عبر ميثاق وقوانين يسير بها شؤونه الاجتماعية والدينية…كما ساهم في تطوير عيشه وارتباطه بالأفراد  الآخرين عن طريق علاقات تبادل متنوعة.

مفاهيم مهمة

-الحاجة: هي الضرورة البيولوجية التي تتوقف عليها حياة الانسان والحيوان.

-المؤسسة: هي نظام اجتماعي يخضع لميثاق وقوانين منظمة, الهدف منها هو تلبية حاجيات انسانية انطلاقا من وسائل واجهزة مادية.

-الميثاق: هو مجموعة من القوانين التي تتحكم في سلوك الأفراد داخل مؤسسة من المؤسسات.

14-الطبيعة والنشاط الإنساني

1- مادة الفلسفة

2- المستوى جذع مشترك, جميع الشعب والمسالك

3-دروس الأسدس الثاني

4- مجزوءة الطبيعة والثقافة

5- الموضوع التمييز بين الطبيعة والنشاط الإنساني

6- الأستاذ محمد بضاض

مدخل

لقد شكلت الطبيعة ولازلت بالنسبة للإنسان ذلك المجال الحيوي الذي استطاع من خلال ضمان بقاء وجوده، كما أنها هي ذلك المجال الذي برهن الإنسان من خلاله على ما لديه من أفكار وقدرات ومواهب، وإذا كان الإنسان هو ذلك الكائن الفاعل فإن الطبيعة تشكل مجالا لفعله، وعن طريق هذا الفعل يغير الإنسان الطبيعة ويحول أشياءها إلى منتوجات، وهو في نفس الوقت يغير من ذاته ومن وعيه أيضا، لقد شكلّت الطبيعة بالنسبة للإنسان دائما لغزا محيرا، فكلّما اعتقد أنه تمكّن من فهمها والتوصل إلى قوانينها إلا وباغتته بأسرار جديدة وبظواهر غريبة وكشفت له عن مدى قوتها، الشيء الذي دفع الإنسان إلى أن يكون دائما في حالة استنفار وهو يواجه الطبيعة، إلا أن هذه الأخيرة تمثل بالنسبة للإنسان تلك المعشوقة التي أحبها وأغرم بجمالها ومفاتنها، من هنا هذه العلاقة المركبة بين الطبيعة والإنسان.

  • فأية علاقة بين الإنسان والطبيعة؟
  • هل هي علاقة صراع ومواجهة وعداء أم هي علاقة محبة وتجانس وانسجام؟

2-الكفايات المستهدفة في المحور

بعد قراءتنا لمحور الطبيعة والنشاط الإنساني نكون قادرين على:

  • موضعة علاقة النشاط الإنساني بالطبيعة في إطار نقاش فلسفي.
  • رسم معالم التحولات الفلسفية التي عرفها أشكال علاقة الإنسان بالطبيعة.
  • فتح الإشكال الفلسفي على قضايا بيئة راهنة.

3-إشكالية المحور

  • ما هي العلاقة التي يقيمها الإنسان مع الطبيعة؟
  • ما هي خصائص النشاط الإنساني في الطبيعة؟

4-المواضيع الموجودة داخل المحور

  • الإنسان سيد وملاك الطبيعة.
  • من السيطرة على الطبيعة إلى الانسجام معها.

5-تحليل نص رونيه ديكارت: الإنسان سيد ومالك للطبيعة

6-التعريف بصاحب النص

رونيه ديكارت ) (1596 – 1650) فيلسوف وعالم رياضيات وفيزيائي ومثقف موسوعي فرنسي، يعتبر مؤسس الرياضيات الحديثة، إذ قام بتبسيط الكتابة الرياضية وأسس الهندسة الديكارتية التي تتم بها دراسةُ الأشكال الهندسية ضمن نظام إحداثيات يدمج بين الهندسة المستوية والجبر، وفي الفيزياء استخرج قوانين انتشار الضوء واكتشف مفهوم العمل، وقد وضع بفيزيائه الميكانيكية ونظريته في الحيوانات–الآلات أسس العلم الحديث، يعتبر كذلك من رواد العقلانية في الفلسفة الحديثة، فالكثير من الأفكار والفلسفات الغربية اللاحقة هي ثمرة التفاعل مع كتاباته التي درست وتدرس من أيامه حتى يومنا هذا، لذلك يعد ديكارت أحد المفكرين الغربيين الأساسيين وأحد مفاتيح فهمنا للثورة العلمية والحضارة الحديث، له عدة مؤلفات: “تأملات ميتافيزيقية”، و”رسالة في أهواء النفس”، و”تأملات في الفلسفة الأولى” …

7-البنية المفاهمية

8-الفلسفة التأملية

هي الفلسفة التي كانت تدرس في المدارس في عصره والتي كان يغلب عليها في نظره اللفظية والتلقين واعتبرها من ثم فلسفة عقيمة لأنها كانت تهتم في العلم فقط بمعرفة معاني الأشياء الطبيعية.

9-الفلسفة العملية

إنها فلسفة تهتم بخصائص الأجسام المادية والطبيعية واستعمال أدوات ووسائل لتحقيق ذلك، وليس اعتمادا على الوصف والكلام فقط، وعن طرقها سيتم الوصول في النهاية إلى السيادة على الطبيعة وتملكها.

10-علم الطبيعة

هو العلم الذي يدرس الطبيعة بهدف معرفتها معرفة دقيقة، وأساس الطبيعة المادية عند ديكارت هو “الامتداد”.

11-بنية النص وأفكاره

  • اعتماد ديكارت على تأملاته الخاصة أوصلته إلى إدراك قيمة العلم الطبيعي.
  • ضرورة استبدال الفلسفة النظرية القائمة على اللفظية والتلقين بالفلسفة العملية.
  • جعل الهدف من فهم الطبيعة هو السيطرة على الطبيعة والتحكم بها.

12-إشكالية النص

  • كيف تتم معرفة الطبيعة ؟
  • وما الهدف من معرفتها؟
  • كيف يستطيع الإنسان فرض سيادته وسيطرته على الطبيعة؟

13-البنية الحجاجية

  • حجة الدحض: نقد الفلسفة النظرية.
  • إيراد التجربة الشخصية للفيلسوف.
  • أسلوب المقارنة بين الفلسفة النظرية والفلسفة العملية.
  • حجة المثال: مثال للعلم الطبيعي الذي يمكن من معرفة ما للنار والماء والهواء …

14-أطروحة النص

دعوة ديكارت إلى اعتماد المبادئ العامة في علم الطبيعة ليس من أجل أن نكون سادة ومالكين للطبيعة، ولكن من أجل حفظ الصحة التي هي بلا ريب الخير الأول وأساس جميع الخيرات.

15-إشكالية النص

  • كيف تتم معرفة الطبيعة؟
  • وما الهدف من معرفتها؟
  • كيف يستطيع الإنسان فرض سيادته وسيطرته على الطبيعة؟

16-حجج النص

  • رغم إعجاب ديكارت بتأملاته إلا أنه أقر في المقابل بأن للآخرين تأملات هو كذلك أشد إعجابا بها.
  • إقرار ديكارت بعدم إلهامه ببعض المبادئ العامة في علم الطبيعة.
  • وقوف ديكارت عندما تستطيع أن تحققه المبادئ العامة في علم الطبيعة من منافع عامة في الطبيعة، ومع عدم إقراره كتمان ذلك حتى لا يخل بالقانون.
  • الإحاطة علما ببعض المبادئ العامة في علم الطبيعة لا يساعدنا فقط من أجل أن نكون سادة ومالكين للطبيعة، ولكن من أجل حفظ الصحة التي هي بلا ريب الخير الأول وأساس جميع الخيرات.

17-استنتاج

يرى ديكارت أن معرفة الطبيعة تتم عن طريق إعادة إنتاج الطبيعة وليس فقط معرفة أسبابها وعللها والقوى التي تحتويها، كما ينتقد الفلسفة المدرسة التأملية التي سيطرت على التعليم في أوربا إلى حدود العصر الحديث لكن تبقى الغاية التي جعلها ديكارت لهذه المعرفة الطبيعية (وهي السيطرة على الطبيعة وتملكها) مثار نقاش وجدال، لذلك انتقد العديد من الفلاسفة هذا الهدف ومن بينهم “ميشيل سير” الذي تساءل: “إذا كان الهدف من العلم الطبيعي هو التحكم في الطبيعة فهل يمكن التحكم في تحكمنا؟”، بمعنى هل نستطيع السيطرة على العنف البشري الذي دمر الطبيعة بدعوى السيطرة عليها؟، إنها فكرة خطيرة هيمنت على الحضارة الغربية منذ ديكارت وكانت لها أثار سلبية على الطبيعة وعلى الوجود.

18-أسئلة الفهم (ص 94)

  • موقف ديكارت من الفلسفة التأملية هو أنه يدعو إلى: البحث عن بديل لها، التعليل: “ومن أنه يمكننا أن نجد، بدلا…….التي تعلم في المدارس، فلسفة عملية”.
  • لقد كان لزاما على ديكارت الإفصاح عن مبادئ العلم الطبيعي لأنه يحقق فائدة للإنسان، فالتجارب أبانت عن مدى ما يمكن أن تجلبه مبادئ هذا العلم من منافع عظيمة للإنسان في الحياة.
  • يحدد النص العلم الطبيعي كعلم يقدم قوانين تفسيرية للطبيعة تسمح للإنسان بالسيطرة عليها، هكذا قال ديكارت بأن الفلسفة العملية الناتجة عن العلم الطبيعي تمكننا من معرفة الأجسام التي تحيط بنا كالنار والماء والهواء، كما تجعلنا سادة على الطبيعة ومالكين لها.
  • ما نفهمه من عبارة ديكارت هو أن العلم الطبيعي يمكن الإنسان من معرفة القوانين المتحكمة في الظواهر الطبيعية، وهو ما يمكنه من السيطرة عليها وتسخيرها لخدمة أغراضه ومصالحه في الحياة.

15- من السيطرة على الطبيعة إلى الانسجام معها

1- مادة الفلسفة

2- المستوى جذع مشترك, جميع الشعب والمسالك

3-دروس الأسدس الثاني

4- مجزوءة الطبيعة والثقافة

5- الموضوع من السيطرة على الطبيعة إلى الانسجام معها

6- الأستاذ محمد بضاض

1-تحليل نص برتراند راسل: من السيطرة على الطبيعة إلى الانسجام معها

2-التعريف بصاحب النص

برتراند راسل (1872 – 1970): عالم رياضيات وفيلسوف بريطاني، ومن أشهر المفكرين والشخصيات العامة في بريطانيا حتى وفاته في عام 1970 عن ثمانية وتسعين عاماً. بالإضافة إلى إنجازاته في الفلسفة والرياضيات والمنطق، اشتهر على نطاق واسع بفضل كتاباته المتعددة والمتنوعة في السياسة والشؤون العامة، اتسم أسلوبه في الكتابة بالأناقة في استخدام اللغة وبروح الفكاهة، وبالاستخراج الحاذق للمثل النافي والاستثناء، بهدف إضعاف موقف الخصم وإيجاد ثغرات منطقية فيه، وهو من أفضل كتاب “المقالة” كنوع من أنواع الكتابة، عمل طيلة حياته من أجل السلم ومناهضة الأسلحة النووية وكان نصيرا للعدالة الاجتماعية في معظم كتاباته، وقد ساهم راسل مساهمة كبيرة في تطور المنطق الرياضي الحديث، فقد طور منطق “الإضافة” وحسن لغة الرموز المنطقية.

حاول راسل مع “هوايتهد” في بداية القرن العشرين، وهما يتبعان “فريغه” أن يستكملا الأساس المنطقي للرياضيات، وقد كتب عدداً كبيراً من الأعمال الفلسفية عن مشكلات العلم الطبيعي، وقد ذهب راسل إلى أن الفلسفة تستمد مشكلاتها من العالم الطبيعي وأن مهمتها هي تقديم تحليل وتفسير مادي لمفاهيم العالم الطبيعي، وأن ماهية الفلسفة هي المنطق والتحليل المنطقي للغة، ويعد راسل بحق أكبر ممثل بارز للوضعية الجديدة المحدثة، وقد طرأ على نظرة راسل في حل المشكلة الرئيسية للفلسفة، تطور من المثالية الموضوعية إلى المثالية الذاتية، فالإنسان في رأيه عليه أن يشتغل بالمعطيات الحسية، إن ما يدركه الإنسان هو “واقعه” ومركبا من الوقائع، والوقائع لا تعد فيزيقية أو حسية، إنها محايدة، وعند راسل أن ما يتجسد بشكل تجريبي لا يجب أن يعزى إلى مجال الفيزياء المحضة، بل إلى الفيزياء مضافا إليها القطاع المقابل من علم النفس، فعلم النفس جزء جوهري لكل علم تربوي وراسل في نظرية المعرفة لا أدري (agnostic): فهو بإنكاره للنظرية المادية للمعرفة أورد فلسفة الشك محلها، وكان راسل في السنوات الأخيرة من حياته مساهماً فعالاً في حركة نزع السلاح العام، وقد خدمت مقالاته وخطبه ضد الحرب والدعوة إلى السلام، قضية التقدم الإنساني.

3-إشكالية النص

يثير النص إشكالية علاقة الإنسان بالطبيعة، ويمكن صياغتها كالتالي:

  • كيف كانت علاقة الطبيعة بالأيونيين؟
  • وكيف أصبحت مع الإنسان في كنف العالم الحديث؟
  • كيف تحول الإنسان من عاشق للطبيعة إلى طاغية مسيطر عليها؟

4-أطروحة النص

يقدم راسل في نصه أطروحة يجيب فيها عن الإشكال المطروح، فعلاقة الأيونيين بالطبيعة كانت علاقة حب وعشق إن لم نقل قداسة لكونها شكلت معبودتهم الساحرة، إلا أن هذه العلاقة وبعد ظهور العلم الحديث تحولت إلى علاقة سيطرة وهيمنة.

5-مفاهيم النص

اعتمد راسل في النص على بنية مفاهيمة غنية ومتنوعة يطغى عليها طابع التقابل وأبرزها: العلم، الطبيعة، باعث الحب، باعث السيطرة، ويمكن صياغة العلاقة بينها كالتالي: وضع راسل علاقة الإنسان بالطبيعة في مرحلتين، الأولى مع الأيونيين وتمثل علاقة حب وعشق، والثانية مع الإنسان بعد ظهور العلم الحديث تمثل علاقة هيمنة وسيطرة.

6-حجج النص

  • يعتبر الفلاسفة الأوائل أول محبين وعاشقين للطبيعة لأنهم كانوا فقط يتأملون في الطبيعة ويسترخون فيها بأبصارهم.
  • شعور الفلاسفة اليونانيين بالجمال العظيم مع عشقهم لجمال الطبيعة وسخرهم.
  • من قوة وعاطفة وعقل الفلاسفة اليونانيين الكبار ستظهر حركة العلم الحديث كلها.
  • هذه الحركة حولت الإنسان من عاشق للطبيعة ومحب لها إلى طاغية جبار مسيطر عليها.
  • نمو حركة العلم الحديث نتج عنها انتصار السيطرة.
  • بعد انتصار الإنسان على الطبيعة أصبحت هيكلا من الحطام وبالتالي لم تعد ملك للمحبوب بل أصبحت ملكا للمحب.
  • تساؤل الرجل العملي عن أهمية الألم الذي قد يشكله مسبقا.
  • دعوة راسل إلى تحقيق البهجة والمتعة والسرور من الطبيعة عوض السيطرة عليها.

7-استنتاج

يعرض راسل في هذا النص نظرة الفلاسفة اليونانيين للطبيعة، معتبرا أن نظرة الفيلسوف اليوناني للطبيعة كانت نظرة عاشق لها ومحترم لقوانينها، وكانت بمثابة معبودتهم الساحرة وانجذبوا إليها بعقل عاطفي جبار، ومن قوة هذا العقل برزت حركة العلم الحديث كلها التي شكلت منعطفا حاسما من خلاله تحول رجل العلم من عاشق ومحب للطبيعة إلى طاغية جبار مسيطر عليها، ليبقى في الأخير مكمن السعادة مع راسل في تحقيق الإنسان مع الطبيعة.

8-أسئلة الفهم

  • يميز راسل بين مرحلتين أساسيتين في تصور الإنسان للطبيعة هي: مرحلة اليونان القديمة والمرحلة الحديثة، والتعليل: “لقد كانوا رجالا ذوي عقل عاطفي جبار”، “ومن قوة عاطفتهم العقلية نتجت حركة العلم الحديث كلها”.
  • علاقتهما: وجود تطور إيجابي، التعليل: “قد أخذ يغتصب منه مكان القيادة على أساس نجاحه الغير منتظر”.
  • بدا راسل في حديثه عن المرحلتين مطالبا بالتوفيق بين المرحلتين، لأن غايات الحياة ينبغي أن تمنح البهجة والسرور والمتعة.
  • فهمت من عبارة “بأن غايات الحياة ينبغي أن تمنح البهجة والسرور والمتعة” لأن: الإنسان عندما يصبح منسجما مع الطبيعة لا مسيطرا عليها فإنها تمنحه البهجة والسرور والمتعة.

9-الإطار المفاهيمي

الطبيعة عند اليونانالطبيعة في العلم الحديث
تأمل الطبيعة.
معرفة الطبيعة.
الإنصات إلى الطبيعة.
احترام ومحبة الطبيعة.
تسخير الطبيعة.
الانسجام مع الطبيعة.
السيطرة على الطبيعة.
استخراج خيرات الطبيعة
  • تصور الأيونيون الطبيعة وجودا يتمتع بقيم وحقوق على الإنسان احترامها، التعليل: “وكان الإنسان من أثر حبه لها أن علقت بها أفكارهم.
  • خصائص نشاط الإنسان في الطبيعة تتمثل في: استغلال ثروات الطبيعة، التعليل: “أصبحت الطبيعة عبارة عن هيكل من العظام المقعقعة”.
  • يكمن البحث عن سعادة الإنسان حسب راسل: في البحث عن الانسجام مع الطبيعة، التعليل: إن غايات الحياة تنبغي أن تمنح البهجة والسرور والمتعة.

12-المؤسسة كمظهر من مظاهر الثقافة

1- مادة الفلسفة

2- المستوى جذع مشترك, جميع الشعب والمسالك

3-دروس الأسدس الثاني

4- مجزوءة الطبيعة والثقافة

5- الموضوع المؤسسة كمظهر من مظاهر الثقافة

6- الأستاذ محمد بضاض

1-تحليل نص ماليونفسكي: المؤسسة تحكٌم في الحاجة وتحويل لها، أي المؤسسة كمظهر من مظاهر الثقافة

2-التعريف بصاحب النص

مالينوفسكي (1884 – 1942) انثروبولوجي بريطاني، ويعتبر أحد مؤسسي المدرسة الوظيفية في الانثروبولوجية الاجتماعية، أهم كتاباته: “الجريمة والعرف في المجتمع المتوحش”، “الحياة الجنسية عند المتوحشين في شمال غربي ملانيزيا”، “ديناميات التغير الثقافي”.

3-إشكالية النص

  • كيف تتحكم المؤسسة في التكوين الثقافي للأفراد؟
  • بأي معنى تعتبر المؤسسة هي ما یجعل من الإنسان كائنا ثقافیا؟

4-أطروحة النص

الإنسان كائن ثقافي يعيش داخل المؤسسات، ومن خلالها يلبي حاجاته بأشكال ونماذج مختلفة، كما يستعمل جهازا ماديا في أنشطته المؤسساتية لتحقيق أهداف الجماعة.

5-بنية النص

أ-ما الذي يميز عمل المؤسسة؟

تقوم كل مؤسسة يبتكرها الإنسان على تلبية حاجات إنسانية إما بيولوجية أو ثقافية، ويتم عملها من خلال ميثاق أو مذهب ترتكز عليه المؤسسة، وتصوغ من خلاله قوانينا تنظم العمل داخلها.

ب-لماذا النص بين المؤسسة والحاجات؟

يربط النص بين المؤسسة والحاجات، لأن المؤسسة تلبي بشكل غير مباشر رغبات الأفراد وتتحكم فيها، وذلك من خلال إخضاعها إلى ميثاق وقوانين منظمة تسمح بتلبية الحاجات البيولوجية بشكل ثقافي ومؤسساتي.

ج-ماذا يقصد صاحب النص باستعمال الجهاز المادي داخل المؤسسة؟

كل مؤسسة تخضع لميثاق وقوانين ولكنها أيضا تتوفر على جهاز مادي تشتغل من خلاله وتمارس وظائفهاـ والمقصود بالجهاز المادي للمؤسسة هو البنية التحتية والأجهزة المادية، والوسائل والرأسمال المادي وغير ذلك، على سبيل المثال يتمثل الجهاز المادي للأسرة في البيت والحقل والأرض، أما بالنسبة لمؤسسة الدولة نذكر الوحدة الترابية والقوة العسكرية والرأسمال المالي.

6-البنية المفاهيمية

أ-التعاريف

  • المؤسسة: تكمن وظیفة المؤسسة في تلبیة حاجیات الإنسان بشكل منظم وبناء على تعاقدات وقوانین، هكذا تكون المؤسسة هي مجموعة القواعد الموضوعة لفائدة الجماعة.
  • الميثاق: هو مجموع المبادئ والقواعد والقوانين المتعاقد علیها، تتحكم وتوجه سلوك الأفراد داخل مؤسسة من المؤسسات.
  • الحاجة: هي الضرورة البيولوجية أي الحاجات الأولية اللازمة لحفظ وجود الإنسان مثل الغذاء والملبس والمسكن.
  • الأسرة: هي الخلية الأساسية في المجتمع وأهم جماعاته الأولية، وهي مؤسسة اجتماعية تتشكل من خلال ميثاق يجمع بين الزوج والزوجة، وتهدف إلى تربية الأطفال وتعليمهم مجموعة من المبادئ والعادات والتقاليد التربوية.

ب-ما هي نوعية العلاقة بين الميثاق والحاجة؟

العلاقة التي تجمع بين الميثاق والحاجة، هو أن الميثاق يضع المعايير والقوانين والمبادئ التي تنظم سلوك الأفراد وتؤطر حاجياتهم.

ج-ما يقصد النص بلفظ الشخصي؟

لكل مؤسسة نظام تراتبي، هكذا فلفظ “الشخصي” يدل على الطريقة التي يتموضع من خلالها كل فرد من أفراد الجماعة، كما يدل على الطريقة التي تتوزع بها السلطة والأدوار والمهام بين الأفراد.

د-لماذا لا يتضمن الميثاق المشكلات النفسية الناتجة عن الصناعة؟

كل مؤسسة تخضع لميثاق ينظم العمل داخلها، كما يحدد قوانين الشغل والعلاقات بين العمال ورب العمل، لكن هذا الميثاق لا يتكفل بحل المشكلات النفسية الناتجة عن العمل لأنها تخرج عن اختصاصه، كما أنها مشكلات يصعب ضبطها والتحكم فيها، فضلا عن أنها تختلف من فرد لآخر.

ه-المستوى الحجاجي

اعتمد صاحب النص على مجموعة من الآليات والأساليب الحجاجية للدفاع عن أطروحته وتوضيح معنـى المؤسسة وعملها، وتمثلت هذه الأساليب أساسا في التفسير والشرح وإعطاء الأمثلة كالأسرة والمصنع.

  • كل مؤسسة تتحكم في التكوين الثقافي للأفراد عن طريق مذهب أو عقيدة (ميثاق).
  • تحديد الأسرة كأعظم مؤسسة من المؤسسات الأخرى (كالمصنع).
  • المؤسسة تعمل على تلبية حاجات الأفراد التي من أجلها خلق وذلك من خلال الميثاق.

7-استنتاج

إن معظم السوسيولوجيين يؤكدون على الدور الفعال للمؤسسة في التكوين الثقافي للفرد، فبالإضافة إلى اللغة يعتبر مالينوفسكي المؤسسة مظهرا من المظاهر الثقافية، والغرض من تأسيس المؤسسة هو التحكم في الحاجة وتحويل لها من بعد طبيعي إلى بعد ثقافي، كما تخضع المؤسسة إلى ميثاق وهو مجموع القواعد والقوانين والعادات التي تنظم السلوكات والتصرفات داخل المؤسسة، وقد قدم مالينوفسكي أمثلة للمؤسسة هي: الأسرة والمصنع والدولة، فبالرغم من الاختلاف والتباين الحاصل بينها على مستوى القيمة والأهمية فإنها تشترك في نفس الخصائص والمميزات السالفة الذكر:

  • قيامها على حاجة بيولوجية غريزية.
  • تحكمها في هذه الحاجة الغريزية البيولوجية بهدف تحويلها وإشباعها.
  • خضوعها للميثاق وقانون منظم.
  • اعتمادها على جهاز مادي.

وبالتالي اعتبر الإنسان كائن ثقافي يعيش داخل المؤسسات، ومن خلالها يلبي جميع حاجياته بطرق مختلفة، بحيث يستعمل جهازا ماديا في أنشطته المرتبطة بالمؤسسة لتحقيق أهداف الجماعة.

8-خلاصة

إن الإنسان كائن ثقافي منتج للثقافة ونتاج في لها نفس الوقت، وتتجلى ثقافته في عدة مظاهر من أهمها اللغة والمؤسسات، هكذا يعتبر الإنسان كائنا لغويا يبتكر منظومة لغوية رمزية تتميز بالتمفصل، وبارتباطها بالوعي والعقل لدى الإنسان، وهو ما يجعلها لغة إبداعية ومتطورة عكس اللغة الحيوانية التي تظل مجرد وظائف بيولوجية وغريزية، كما تتجلى ثقافة الإنسان في ابتكاره للمؤسسات التي ينظم من خلالها حاجاته عبر ميثاق وقوانين.

11-الإنسان كائن لغوي

1- مادة الفلسفة

2- المستوى جذع مشترك, جميع الشعب والمسالك

3-دروس الأسدس الثاني

4- مجزوءة الطبيعة والثقافة

5- الموضوع الإنسان كائن لغوي

6- الأستاذ محمد بضاض

1-مدخل

يتميز الإنسان عن باقي الكائنات بالعقل، وهو ما جعله كائنا ثقافيا بامتياز، وتتجلى ثقافته في العديد من المظاهر والتجليات، ومن أبرزها: اللغة، والمؤسسات ، وأنماط العيش، والتبادل.

  • فبأي معنى يمكن اعتبار الإنسان كائنا لغويا؟
  • وما الذي يميز اللغة الإنسانية عن اللغة الحيوانية؟
  • ما هي المؤسسة؟
  • وكيف ظهرت؟
  • وبأي معنى يمكن اعتبار المؤسسة مظهرا من مظاهر الثقافة لدى الإنسان؟

2-مؤلف النص

كلود ليفي ستراوس: هو مفكر أنثروبولوجي فرنسي معاصر، ولد في بروكسيل سنة 1908،زعيم البنيوية في فرنسا، اهتم بالانترويولوجيا خصوصا وبالعلوم الإنسانية عموما، حيث اهتم بالخصوص بدراسة المجتمعات التي يطلق عليها المجتمعات البدائية، قام بتحليل الثقافات القديمة غير الغربية، درس الأساطير والنظم الثقافية، وقارن فيما بينها، من أهم مؤلفاته “الأنثروبولوجيا البنيوية“، و“البنى الأولية للقرابة“ ، و“الفكر المتوحش”“، و“من النيئ إلى المطبوخ“، و“عرق وتاريخ“.

3-إشكالية النص

  • ما الذي یجعل من الإنسان كائنا ثقافیا؟
  • وكیف السبیل إلى وضع خط فاصل بین الثقافة والطبیعة؟

4-أطروحة النص

حسب كلود ليفي ستراوس الإنسان كائن لغوي بامتياز، وما يجعله فريدا ومميـزا هو امتلاكه للغة، إذن فالصناعة حسبه لیست علامة ممیـزة للثقافة بل اللغة المنطوقة.

5-بنية النص

رفض صاحب النص معيار صنع الأدوات باعتباره علامة مميـزة للثقافة، لأننا نجد الحيوانات أيضا تقوم بمحاولات لصنع الأدوات، أي رفض فكرة تعريف الإنسان بأنه صانع كعلامة مميـزة للثقافة، كم اعتبـر ستراوس بأن اللغة هي الظاهرة الثقافية بامتياز، وهي العلامة المميـزة للثقافة عن الطبيعة، ذلك لأننا نتعلم ثقافة المجتمع وعاداته من خلال تعلم اللغة، كما أنها (اللغة) هي الوسيلة الأساسية للتواصل وتبادل الأفكار ونقلها من جيل إلى آخر، ويمكن النظر إلى المظاهر الثقافية كسنن، ذلك أن الثقافة ظاهرة رمزية لها قوانينها الخاصة يمكن فهمها من خلالها، ما يجعل الإنسان منتميا إلى عالم الثقافة هي قدرته على التواصل اللغوي مع أفراد جماعته البشرية.

6-البنية المفاهمية

  • الثقافة: هي مجموع الأنشطة الفكرية التـي ينتجها الإنسان في مجتمع معين (فن،تقنية، لغة، مؤسسات، تقاليد،عادات…).
  • الإنسان الصانع: هو الكائن الذي يصنع الأدوات عن طريق تحويله للمواد الطبيعية إلى منتوجات صناعية وثقافية قابلة للاستعمال.
  • اللغة: سلسلة من الأصوات الدالة المتوافق عليها عند جماعة لغوية معينة تستعملها كأداة للتبليغ والتواصل.
  • التمفصل: ويعنـي في اللغة قابلية الجمل والمنظومات اللغوية للتقطيع والتجزئة إلى عدد لانهائي من المقاطع أو الوحدات (الحروف والكلمات).
  • السنن: المخزون الذي يتخيـر منه الفاعل المتكلم مجموع الوحدات التـي تؤلف الملفوظ أو الرسالة.

7-البنية الحجاجية

ا-أسلوب الدحض

انتقد كلود ليفي ستراوس الأطروحات الانثروبولوجية والفلسفية التي تعتبـر أن صنع الأدوات هو ما يميز الثقافة عند الإنسان، وذلك من خلال المؤشرات اللغوية التالية:

  • إنني لست متفقا مع هذا الرأي…
  • لا في صنع الأدوات…
  • فنحن لا نعتقد…

ب-أسلوب المثال الافتراضي

“لنفترض أننا التقينا ” والهدف من هذا المثال هو بيان أن صنع الأدوات لا يشكل ميزة للإنسان عكس اللغة.

ج-أسلوب الترتيب والإحصاء

وتدل عليه المؤشرات التالية:

  • أولا لأن اللغة…
  • وثانيا لأن…
  • وأخيرا…

د-أسلوب العرض

وتدل عليه المؤشرات اللغوية التالية:

  • وإنما في اللغة المنطوقة…
  • يبدو لي أن اللغة هي الظاهرة الثقافية بامتياز…
  • إن اللغة هي الأداة الأساسية…

8-استنتاج

كلود ليفي ستراوس يتناول من خلال هذا النص إشكالية الحد الفاصل بين الطبيعة والثقافة إذ يدحض التصور السائد وسط الأنتروبولوجيين لمدة زمنية طويلة والقائل بأن صنع الأدوات هو الحد الفاصل بين الطبيعة والثقافة، وفي المقابل لا يقدم ستراوس الإنسان باعتباره صانعا، فالصناعة ليست علامة مميزة للثقافة، بل ما يجعل الإنسان إنسانا وينتمي إلى عالم الثقافة هو قدرته على التواصل اللغوي اللساني مع أفراد مجموعته البشرية، وبهذا فاللغة هذه الأداة الأساسية والوسيلة التي تميـز الإنسان عن باقي الموجودات باعتباره كائن ثقافي، ويرجع السبب في اعتراضه على معيار صنع الأدوات كحد فاصل بين الطبيعة والثقافة هو قدرة بعض الحيوانات على محاولة صنع الأدوات ورغم ذلك لن تتمكن من تخطي حالة الطبيعة لولوج حالة الثقافة، بينما تعتبـر اللغة خاصية إنسانية محضة لذا يكنى الإنسان بالكائن اللغوي.

10-الإنسان كائن ثقافي

1- مادة الفلسفة

2- المستوى جذع مشترك, جميع الشعب والمسالك

3-دروس الأسدس الثاني

4- مجزوءة الطبيعة والثقافة

5- الموضوع الإنسان كائن ثقافي

6- الأستاذ محمد بضاض

1-الكفايات المستهدفة في المحور

بعد قراءتنا لمحور الإنسان كائن ثقافي نكون قادرين على:

  • تعريف الإنسان ككائن ثقافي
  • تحديد بعض مظاهر الثقافة وتجلياتها عند الإنسان
  • تحليل الظاهرة اللغوية وعمل المؤسسة من خلال أنماط العيش والتبادل

2-إشكالية المحور

  • لماذا يعتبر الإنسان ككائن ثقافي ؟
  • ماهي مظاهر الثقافة وتجلياتها لدى الإنسان ؟

3-المواضيع الموجودة داخل المحور

  • الإنسان كائن لغوي
  • المؤسسة تحكم في الحاجة وتحويل لها
  • الطبيعة والنشاط الإنساني

4-خلاصة

إن الإنسان كائن ثقافي منتج للثقافة ونتاج لها في نفس الوقت، وتتجلى ثقافته في مظاهر من أهمها: اللغة، المؤسسات، هكذا يعتبر الإنسان كائنا لغويا يبتكر منظوءرمزية تتميز بالتمفصل، وبارتباطها بالوعي والعقل لدى الإنسان، وهو ما يجعل إبداعية ومتطورة، على عكس اللغة الحيوانية التي تظل مجرد وظائف بيولوجية، كما تتجلى وظائف الإنسان في ابتكاره للمؤسسات التي ينظم من خلالها حاجاته عبر قوانين.

5-تحليل نص كلود ليفي ستراوس: الإنسان كائن لغوي

مدخل

يتميز الإنسان عن باقي الكائنات بالعقل، وهو ما جعله كائنا ثقافيا بامتياز، وتتجلى ثقافته في العديد من المظاهر والتجليات، ومن أبرزها: اللغة، والمؤسسات، وأنماط العيش، والتبادل.

  • فبأي معنى يمكن اعتبار الإنسان كائنا لغويا ؟
  • وما الذي يميز اللغة الإنسانية عن اللغو الحيوانية ؟
  • ما هي المؤسسة ؟
  • وكيف ظهرت ؟
  • وبأي معنى يمكن اعتبار المؤسسة مظهرا من مظاهر الثقافة لدى الإنسان ؟

6-التعريف بصاحب النص

كلود ليفي ستراوس: هو مفكر أنثروبولوجي فرنسي معاصر، مولود في فبراير من سنة 1908 زعيم البنيوية في فرنسا، اهتم بالأنثروبولوجيا خصوصا وبالعلوم الإنسانية عموما، حيث اهتم بالخصوص بدراسة المجتمعات التي يطلق عليها المجتمعات البدائية/قام بتحليل الثقافات القديمة غير الغربية، درس الأساطير والنظم الثقافية وقارن فيما بينها، من أهم مؤلفاته: “الأنثروبولوجيا البنيوية” و “الفكر المتوحش” و “من النيئ الى المطبوخ” و “عرق وتاريخ” و “البنى الأولية للقرابة”….

7-إشكالية النص

  • ما الذي يجعل من الإنسان كائنا ثقافيا ؟
  • وكيف السبيل الى وضع خط فاصل بين الثقافة والطبيعة ؟

8-أطروحة النص

حسب كلود ليفي ستراوس الإنسان كائن لغوي بامتياز، وما يجعله فريدا ومميزا هو امتلاكه للغة، إذن فالصناعة حسبه ليست علامة مميزة للثقافة بل اللغة المنطوقة.

9-بنية النص

رفض صاحب النص معيار صنع الأدوات باعتباره علامة مميزة للثقافة، لأننا نجد الحيوانات أيضا تقوم بمحاولات لصنع الأدوات، أي رفض فكرة تعريف الإنسان بأنه صانع كعلامة مميزة للثقافة، كما اعتبر ستراوس بأن اللغة هي الظاهرة الثقافية بامتياز، وهي العلامة المميزة للثقافة عن الطبيعة، ذلك لأننا نتعلم ثقافة المجتمع وعاداته من خلال تعلم اللغة، كما أنها (اللغة) هي الوسيلة الأساسية للتواصل وتبادل الأفكار ونقلها من جيل لآخر، ويمكن النظر الى المظاهر الثقافية كسنن، ذلك أن الثقافة ظاهرة رمزية لها قوانينها الخاصة يمكن فهمها من خلالها، ما يجعل الإنسان منتميا الى عالم الثقافة هي قدرته على التواصل اللغوي مع أفراد جماعته البشرية.

10-البنية المفاهيمية

  • الثقافة: هي مجموع الأنشطة الفكرية التي ينتجها الإنسان في مجتمع معين (فن، تقنية، لغة، مؤسسات، تقاليد، عادات…).
  • الإنسان الصانع: هو الكائن الذي يصنع الأدوات عن طريق تحويله للمواد الطبيعية الى منتوجات صناعية وثقافية قابلة للاستعمال.
  • اللغة: سلسلة من الاصوات الدالة المتوافق عليها عند جماعة لغوية معينة تستعملها كأداة للتبليغ والتواصل.
  • التمفصل: ويعني في اللغة: قابلية الجمل والمنظومات اللغوية للتقطيع والتجزئة الى عدد لا نهائي من المقاطع أو الوحدات (الحروف والكلمات).
  • السنن: هو المخزون الذي يتخير منه الفاعل المتكلم مجموع الوحدات التي تؤلف الملفوظ أو الرسالة.

11-البنية الحجاجية

12-أسلوب الدحض

انتقد كلود ليفي ستراوس الأطروحات الأنثروبولوجية والفلسفية التي تعتبر أن صنع الأدوات هو ما يميز الثقافة عند الإنسان، وذلك من خلال المؤشرات اللغوية التالية:

  • إنني لست متفقا مع هذا الرأي…
  • لا في صنع الأدوات…
  • فنحن لا نعتقد…
14-أسلوب المثال الافتراضي

“لنفترض أننا التقينا” والهدف من هذا المثال هو بيان أن صنع الأدوات لا يشكل ميزة للإنسان عكس اللغة.

15-أسلوب الترتيب والإحصاء

وتدل عليه المؤشرات التالية:

  • أولا لأن اللغة…
  • وثانيا لأن…
  • وأخيرا…
16-أسلوب العرض

وتدل عليه المؤشرات اللغوية التالية:

  • وإنما في اللغة المنطوقة…
  • يبدو لي أن اللغة هي الظاهرة الثقافية بامتياز…
  • إن اللغة هي الأداة الأساسية…

17-استنتاج

كلود ليفي ستراوس يتناول من خلال هذا النص إشكالية الحد الفاصل بين الطبيعة والثقافة إذ يدحض التصور السائد وسط الأنثروبولوجيين لمدة زمنية طويلة والقائل بأن صنع الأدوات هو الحد الفاصل بين الطبيعة والثقافة وفي المقابل لا يقدم ستراوس الإنسان باعتباره صانعا، فالصناعة ليست علامة مميزة للثقافة، بل ما يجعل الإنسان إنسانا وينتمي الى عالم الثقافة هو قدرته على التواصل اللغوي اللساني مع أفراد مجموعته البشرية، وبهذا فاللغة هذه الأداة الأساسية والوسيلة التي تميز الإنسان عن باقي الموجودات باعتباره كائن ثقافي، ويرجع السبب في اعتراضه على معيار صنع الأدوات كحد فاصل بين الطبيعة والثقافة هو قدرة بعض الحيوانات على محاولة صنع الأدوات ورغم ذلك لن تتمكن من تخطي حالة الطبيعة لولوج حالة الثقافة بينما تعتبر اللغة خاصية إنسانية محضة لذا يكنى الإنسان بالكائن اللغوي.

9- تقديم عام لمجزوءة الطبيعة والثقافة

1-مادة الفلسفة

2- المستوى جذع مشترك, جميع الشعب والمسالك

3-دروس الأسدس الثاني

4- مجزوءة الطبيعة والثقافة

5- الموضوع تقديم عام لجزوءة الطبيعة والثقافة

6- الأستاذ محمد بضاض

1-تقديم إشكالي

إن الإنسان يخضع مثله مثل باقي الكائنات الحية الأخرى لنفس القوانين البيولوجية، متمثلة في: النمو، التغذية والتوالد، لكنه يتميز عنها في نفس الوقت بامتلاكه لنظام رمزي، يشتمل على الثقافة بكل تجلياتها: اللغة، الفن، الأسطورة …، فإذا كان كل مؤثر تقابله استجابة فورية ومباشرة لدى الحيوان، فإنها تتأجل عند الإنسان، فيدخل النظام الرمزي (الثقافة)، حسب كاسيرر، لكي يملأ هذه المسافة الفاصلة بين المؤثر والاستجابة، وهكذا فالإنسان ذو طبيعة مزدوجة، فيها بعد طبيعي، يكمن في خضوعه للقوانين الفيزيائية التي تتحكم في المادة، والقوانين التي تتحكم في الكائنات الحية متمثلة في الغرائز وعلى رأسها غريزة البقاء، وبعد ثقافي، يتمثل في العالم الروحي والمعنوي الذي أبدعه لنفسه لتجاوز البعد الأول.

  • فما هي مظاهر الثقافة عند الإنسان؟
  • وما العلاقة التي تربط الطبيعة بالثقافة؟
  • وكيف يتفاعل الإنسان مع الطبيعة؟
  • وما هي مظاهر تعدد الثقافات واختلافها؟

2-الإنسان كائن ثقافي

تمهيد

لقد كان الإنسان يعيش في حالة الطبيعة شأنه شأن باقي الحيوانات الأخرى، يعيش حالة عزلة وتوحش بين الأدغال، لكنه اهتدى بعد ذلك إلى خلق عالم خاص هو به، عالم الثقافة من خلال إنتاج مجموعة من الأدوات والوسائل، وخلق أشكال للتعبير والتواصل.

  • فما هي مظاهر الثقافة لدى الإنسان؟
  • وهل يمكن اعتبار اللغة مظهرا أساسيا من مظاهر الثقافة؟
  • وكيف ساهمت المؤسسات في انتقاله إلى عالم الثقافة؟
  • وما هي أشكال التواصل وأنماط العيش لدى الإنسان؟

3-اللغة كعلامة ثقافية

إن العلامة التي تميز الثقافة عند الجنس البشري هي اللغة، في نظر ك.ل.ستروس، وليست الأدوات المصنوعة، إننا إذا ذهبنا إلى كوكب مجهول، يقول ستروس، ووجدنا كائنات غريبة عنا تصنع الأدوات، فإننا لا نكون على يقين أنها كائنات تنتمي إلى المستوى الإنساني، أما إذا وجدنا لديها لغة مختلفة عن لغتنا لكنها قابلة أن إلى تترجم إلى لغتنا، فإننا سنكون متأكدين أن هذه الكائنات تمتلك ثقافة.

4-المؤسسات كمظهر ثقافي

إن ظهور القضاء كمؤسسة ثقافية، هي التي نقلت الإنسانية من مرحلة الهمجية والتوحش، إلى مرحلة الحضارة والثقافة، في نظر ديورانت، حيث أحلت النظام محل الفوضى، والقضاء العادل مكان الوحشية، والقانون بدلا من العنف والإكراه.

5-أنماط العيش والتبادل

إن أشكال التواصل داخل المجتمع تتم على ثلاث مستويات حسب ستروس، وهي تواصل النساء، تواصل الأموال والخدمات، تواصل الآثار الأدبية والفنية، حيث يندرج الأول ضمن نظام القرابة، في حين أن الثاني يندرج في النظام الاقتصادي، أما الثالث فيندرج في إطار النظام اللغوي، وهكذا فإن تواصل النساء ذو إيقاع بطيء في حين أن تواصل الآثار الأدبية والفنية إيقاعه سريع جدا، أما إيقاع الأموال والخدمات فيبقى إيقاعا متوسطا، لأن النساء أشخاصا وقيما، في أن حين اللغة هي رموز وعلامات، أما الأموال والخدمات فهي قيم لكنها تحتاج إلى بعض الرموز والعلامات، عندما يبلغ الرواج الاقتصادي درجة معينة من التعقيد.

6-استنتاج

إن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يتجاوز عالمه الطبيعي، ليخلق لذاته عالما خاصا به، هو عالم الثقافة، وهو عالم له مظاهر عدة تتمثل في: اللغة، المؤسسات، أنماط العيش، والتواصل…

7-التمييز بين الطبيعة والثقافة

تمهيد

إن اعتبار الإنسان كائنا ثقافيا يعني انه منتج للثقافة بكل مظاهرها سواء كأفكار وقيم ومعتقدات، أو عندما تتحول إلى طقوس وممارسات وسلوكات، وأنماط عيش، مما يجعلها عالما متميزا عن عالم الطبيعة الذي يتمثل في القوانين البيولوجية والغرائز التي تتحكم في الإنسان مثله مثل باقي الحيوانات الأخرى، مما يدخل هذين العالمين في حالة صراع.

  • فما هي الطبيعة؟ وما المقصود بالثقافة؟
  • وما العلاقة التي تربط الإنسان بالطبيعة؟
  • وكيف يتفاعل هو ما طبيعي، هو بما ثقافي في الإنسان؟

8-مفهوم الطبيعة

لقد قدم لنا جان فال تعريفا اشتقاقيا لكلمة الطبيعة، حيث نجد مفردة (physis) الإغريقية، و(natura) اللاتينية تعني: القدرة على النمو الكامنة في الأشياء، كالسماء، الأرض، الكواكب، الحيوانات والإنسان، كما قدم أرسطو مفهوما فلسفيا للطبيعة عندما اعتبر طبيعة شيء ما هو فكرته أو شكله، وأن الطبيعة الأولى هي الماهية.

9-مفهوم الثقافة

إن مفهوم الثقافة في نظر هيرسكوفيتش يتميز بالتنوع، حيث نجدها تتميز بطابع الاكتساب، كما تساعد الإنسان على التأقلم مع وسطه الطبيعي، وتتمثل في عدة مظاهر كالمؤسسات، وطرق التفكير، والأشياء العادية… ، أما الثقافة في نظر تايلر، فهي كل مركب يتشكل من المعارف، المعتقدات، الفن، الأخلاق، القوانين، التقاليد، وكل الأعراف الأخرى، والعادات المكتسبة من طرف الإنسان باعتباره عضوا في المجتمع.

10-الإنسان كمنتج للثقافة

إن الإنسان حسب جورج بطاي، هو الكائن الوحيد الذي لا يقبل بالمعطى الطبيعي، بل يغيره ويحوله من خلال استخراج وصنع الأدوات والأشياء، وهذه العناصر هي التي تشكل عالم الثقافة، لكنه في نفس الوقت هو نتيجة للثقافة من خلال عملية التنشئة الاجتماعية (التربية)، وهكذا فإن الإنسان يتضافر في تشكله عنصران، عنصر طبيعي، وآخر ثقافي، ولا يمكن أن نعطي الأولوية لعنصر على آخر.

11-جدلية الطبيعي والثقافي لدى الإنسان

لتحديد الطبيعة الإنسانية في نظر إدغار موران، هناك مدخلان وهما:

  • مدخل ثقافي: يتمثل في كون الإنسان له مفهوم ثقافي يختلف باختلاف التحولات الثقافية الكبرى.
  • مدخل طبيعي: يتمثل في كونه كائنا حيا يتميز بسمتين أساسيتين وهما: كونه يمشي على قدمين، ويمتلك دماغا كبيرا.

وهكذا تتداخل في طبيعة الإنسان العناصر الطبيعية بالعناصر الثقافية، فتكون كل أفعاله وسلوكاته أفعال طبيعية وثقافية في نفس الآن، كأفعال الأكل والشرب والنوم …

12-استنتاج

إن هناك علاقة تفاعلية بين الطبيعة والثقافة، حيث تؤثر الطبيعة في الثقافة، والعكس صحيح، وهكذا نجد الإنسان يتفاعل هو الآخر مع الثقافة، فهو كائن منتج للثقافة وفي نفس الوقت نِتاج لها، وهذا ما يجعله مزدوج الطبيعة فيه ما هو ثقافي، وما هو طبيعي في نفس الوقت.

13-الطبيعة موضوع للنشاط الإنساني

تمهيد

منذ البدايات الأولى للإنسان دخل في علاقة مع الطبيعة تمثلت أولا في الصيد والتقاط الثمار، ثم تطورت بعد ذلك مع ظهور الزراعة، إلى أن بلغت ذروتها مع الإنتاجات الصناعية التي ستطبع تدخل الإنسان في الطبيعة، باعتبارها موضوعا لنشاطه، وهكذا أصبح الإنسان متفاعلا مع الطبيعة، ولم يبق مجرد منفعل بها.

  • فما العلاقة التي تربط الإنسان بالطبيعة؟ هل هي علاقة توافق أم صراع؟
  • وما هي أشكال السيطرة على الطبيعة؟
  • وهل ينبغي أن نحد من تدخلنا في الطبيعة؟ ولماذا؟

14-الانسجام مع الطبيعة

يتميز الإنسان عن باقي الكائنات الأخرى بما فيها الثدييات (في نظر رالف لينتون) بقابليته للتعلم إلى ما لا نهاية، وباعتبار الإنسان مزدوج الطبيعة، أي كائن عاشب من جهة، ولاحم من جهة ثانية، أهله هذا لتطوير الزراعة، وتدجين الحيوانات كذلك، وبهذا فقد استغل كل الإمكانات التي تتيحها له الطبيعة، وبما أنه كائن يمشي على قدمين، فقد كان استعمال الدرج بالنسبة له أنسب من المنحدرات، إن امتلاك الإنسان لجسد عار من الشعر دفعه إلى صنع الملابس وبناء المساكن، بل ظهرت لديه كذلك بعض السلوكات والعادات المرتبطة بالاحتشام والاستحمام. وهكذا نجد الإنسان يعيش في انسجام مع وسطه الطبيعي.

15-المواجهة مع الطبيعة

تتميز العلاقة بين الطبيعة والإنسان في بعض الأحيان بالمواجهة والصراع، حسب سيغموند فرويد، وتتمثل بالخصوص في الكوارث الطبيعية، كالزلازل، الفيضانات، الأعاصير…، هذه الكوارث تترتب عنها عدة نتائج على مستوى الإنسان، وهي:

  • شعور الإنسان بالضعف والعوز، اللذين نسيهما نتيجة سيطرته وامتلاكه للطبيعة.
  • ظهور مشاعر التآزر والتضامن في مواجهة هذه الكوارث، ما دامت الغاية هي الحفاظ على بقاء الإنسانية.

16-تحويل الطبيعة والسيطرة عليها

يتميز الإنسان عن باقي الكائنات الأخرى في نظر فرنسيس بيكون، بالطموح وهو على ثلاثة مستويات:

  • الطموح الأول: طموح الإنسان للسيطرة على وطن بكامله، وهو طموح عامي ووضيع.
  • الطموح الثاني: ويتمثل في السيطرة على كل الجنس البشري، وهذا الطموح يتميز بخاصية الاحترام لكنه يتميز بخاصية الطمع كذلك.
  • الطموح الثالث: وهو طموح الإنسان للسيطرة على الطبيعة والكون، وهو طموح يتميز بالعظمة والنبل.

إن الوسيلة الكفيلة بتحقيق هذه الأنواع من الطموح لدى الإنسان هي العلم وسائر الفنون (الحرف، والصناعات…).

17-استنتاج

هل ينبغي أن نحد من تدخلنا في الطبيعة؟ ولماذا؟

منذ السبعينات اكتشفنا المزابل، والإشعاعات الطبيعية، والتبخرات الناتجة عن التقدم التقنو/صناعي الحضري، فقد غزانا فيروس السيدا الذي يعتبر أول فيروس يدخل التاريخ من بين جملة الفيروسات الأخرى، والتي هي الآن قيد الظهور، إضافة إلى ظهور بكتيريا جديدة تصمد أمام المضادات الحيوية، كما اتسعت دائرة الموت متمثلة في تهديد شبح السلاح النووي/الحراري، والكيماوي، والبيولوجي الذي يتربص بنا، إن الهيمنة الجامحة للتقنية على الطبيعة تقود الإنسانية نحو الانتحار، لذا وجب أن نحد من تدخلنا في الطبيعة لننقد هذا الكوكب الأزرق من انهيار توازنه البيئي الهش أصلا.

18-تعدد الثقافات واختلافها

تمهيد

إن ما يميز النوع البشري هو التعدد، سواء تعلق الأمر بعرقه، أو بثقافته (لغته، دينه، نمط عيشه…)، وهذا التعدد ليس سمة مميزة للحضارات والشعوب والأمم فحسب، بل هي سمة يتميز بها المجتمع الواحد، والثقافة الواحدة أيضا، غير أن الإقرار بالتعدد قد يلغي القول بالأصل أو الهوية الواحدة، قد كما يلغي التفاضل بين الثقافات والاعتقاد في سمو ثقافة على أخرى، وهذا ما يدفعنا إلى طرح الأسئلة التالية:

  • هل هناك ثقافة كونية واحدة؟ أم هناك ثقافات متعددة؟
  • وإن كانت متعددة، فهل العلاقة بينها، علاقة صراع؟ أم تعايش؟

19-كونية الثقافة وتعدد الثقافات

إن ازدواجية وحدة تنوع الثقافات في نظر إدغار موران ازدواجية أساسية: تحافظ الثقافة على الهوية الإنسانية، وبشكل أدق على الأشياء الأكثر خصوصية فيها، وتحافظ الثقافات على الهويات الاجتماعية في أدق خصوصيتها، قد تعطي الثقافة الانطباع بأنها تنغلق على ذاتها حفاظا على هويتها الخاصة، لكنها في الواقع تظل مفتوحة، إذ تدمج داخلها ليس فقط المعارف والتقنيات، ولكن أيضا الأفكار والتقاليد والمأكولات والأفراد الآتين من آفاق أخرى، وكل ربط بين ثقافتين فيه إغناء للثقافات ذاتها، إنه يفضي إلى إنجازات خلاقة، بفضل التهجينات الثقافية كتلك التي أعطت الفلامينكو، وموسيقى أمريكا اللاتينية، والراي…، وعلى العكس من ذلك يشكل تدمير ثقافة ما بفعل الهيمنة التقنية الحضارية، خسارة للبشرية جمعاء، والتي يشكل تنوع ثقافتها أحد أغلى كنوزها.

20-صراع الثقافات وتعايشها

21-صدام الحضارات

تجتهد الشعوب والأمم حسب صموئيل هنتينجتون للجواب عن السؤال الأساسي بالنسبة لجميع الناس ألا وهو: من نحن؟ وتتم العودة إلى أقدم الأجوبة التقليدية بحثا عن الجواب، إنهم يعودون إلى ما يعتبرونه مهما بالنسبة لهم. يعثرون على ذواتهم في الجماعات الثقافية: القبائل، الأعراق، الجماعات الدينية، الأمم والحضارات بشكل عام، فهم يستغلون السياسة، ليس من أجل تقديم مصالحهم الخاصة، بل من أجل تحديد هويتهم، إننا نعرف من نحن عندما نعرف ما لسنا إياه، وفي الغالب عندما ندرك ضد من نحن، إن الدول–الأمم تظل هي العوامل الرئيسية الفاعلة على الساحة الدولية، وكما كان الأمر في الماضي، فإن سلوكها يبقى مقيدا بالبحث عن القوة والثروة، إلا أن هذا البحث يخضع أيضا، وبامتياز، للروابط الجماعية والاختلافات الثقافية…، وفي هذا العالم الجديد لن تحدث الصراعات الشاملة والمهمة والخطيرة بين الطبقات الاجتماعية، بين الأغنياء والفقراء، بين الجماعات المحددة وفق معايير اقتصادية، بل ستحدث بين شعوب منتمية لهويات ثقافية مختلفة، إن الحروب القبلية والصراعات العرقية، سوف تتأجج أكثر فأكثر داخل الحضارات نفسها.

22-كيفية مواجهة صراع الثقافات

تؤدي كل من نزعة التمركز حول العرق، ونزعة التمركز حول المجتمع، إلى أنواع مختلفة من كره الأجانب ومن النزعات العنصرية، حسب إدغار موران، والتي يمكن أن تصل إلى حدود نزع صفة الإنسان عن الأجنبي، وهكذا فالصراع الحقيقي ضد النزعات العنصرية من الأفضل أن يتم ضد جذورها المتمركزة حول الذات وحول المجتمع، عوض أن يتم ضد أعراضها، إن مسببات ونتائج أسوء عدم الفهم لهي الأفكار المسبقة، وأنواع التبرير العقلاني المعتمدة على آليات اعتباطية، وتبرير الذات بشكل جنوني، والعجز عن النقد الذاتي، واعتماد طريقة مرضية في البرهنة، والكبرياء، والجحود، والاحتقار، وخلق متهمين وهميين والعمل على محاكمتهم.

23-استنتاج

إن الثقافة وإن كانت معطى كونيا نظرا لوجودها في كل الحضارات والمجتمعات، فهي تتعدد بتعدد هذه المجتمعات نفسها كل حسب تاريخه ومحيطه، إلا أن كثيرا من الأشكال الثقافية تؤدي إلى صراعات ونزاعات بين الجماعات والشعوب، لكن عندما يتم تجاوز هذا الصراع يحصل الارتقاء إلى مستوى التعايش السلمي ويسود الاحترام المتبادل والتسامح.

– 8-الفلسفة والقيم

1-مادة الفلسفة

– المستوى جذع مشترك, جميع الشعب والمسالك

3-دروس الأسدس الأول

4- مجزوءة ما الفلسفة

5- الموضوع  الفلسفة والقيم

6- الأستاذ محمد بضاض

مدخل

كثيرا ما يعتقد الناظر إلى الفلسفة على أنها تفكير مجرد من قضايا مجردة، أن إلا الفلسفة ليست كذلك، فهي تلامس موضوعات أخلاقية، وسياسية، واجتماعية، ودينية، ولكن بطريقة تقوم على التأمل العقلي، في هذا الإطار نجد الفلسفة قد اهتمت ومنذ سقراط إلى يومنا هذا بالقيم الإنسانية الكبرى مثل الخير، الفضيلة، الحرية، العدالة، السلام، الحق.

  • فما هو موقف الفلسفة والفلاسفة من هذه القيم؟
  • هل الفلسفة تدعو إلى قيم الشر والعنف، والظلم والحرب؟، أم أنها تدعو إلى قيم الخير والعقل، والعدالة والسلام؟

تحليل نص من أجل سلام دائم لكانط

المفاهيم

السلام

حالة الأمة أو الشعب أو الدولة التي ليست في الحرب، ويعني أيضا العلاقات غير الصراعية وغير العدوانية بين الناس، بحيث ينعدم العنف، كما يعني الوفاق والوئام بين مجموعة بشرية تكون متقاربة أو بينها روابط معينة، وفي الاصطلاح القانوني: السلام مصطلح يستخدم في العلاقات الدولية ليشير على انعدام العدوان الدولي، مع وجود روابط للعلاقات القوية بين مجموعة من الدول.

الحرب

حالة العداء والصراع المسلح بين مجموعتين مسلحتين ومنظمتين على الأقل والتي تسفر عن معارك مسلحة والتي تؤدي إلى التخريب والدمار، وهكذا يشمل هذا المصطلح مختلف الصراعات التي تتميز بصفات محددة يمكن إجمالها في: استعمال القوة المادية والأسلحة والتكتيكات والاستراتيجيات، والتي تسفر عن موت مجندين أو مقاومين …، والتي تنتقل على المدنيين.

سؤال النص

إن هذا النص يجيب على سؤال محدد هو: هل ينبغي العمل على إذكاء نار الحروب، أم أنه ينبغي تجنبها ومنعها والدعوة إلى إقامة السلام؟

إن هذا النص يتطرق إلى إذا المساءلة عن قيمتين إنسانيتين متعارضتين هما الحرب والسلم.

بنية النص

المقارنة بين الحرب والسلام

الحربالسلم
يمكن أن تتحول على حرب إبادة
وسيلة بائسة
مرتبطة بحالة الطبيعة وغياب القانون
شريعة الغاب: حق القوة
صفة حضارية
مرتبط بحالة التمدن
داعم للقانون محمي به
قوة الحق والقانون

حجج كانط

يدعم كانط موقفه من خلال استعمال حجاج بالقيم يعلي من قيمة السلام ويرفع من شأنه ويحط من قدر نقيضه الذي هو الحرب، بل ويستعين بأساليب تدفع القارئ والمتلقي للتبخيس من سلوك طرق الحرب والعنف. يقول كانط: “الحرب ليست إلا الوسيلة البائسة …”، والحرب ترتبط بحالة الطبيعة وبحالة المدنية المتحضرة: “الحرب … يضطر الناس لللجوء إليها في حالة الطبيعة”، كما استعمل في نصه حججا منطقية من بينها على سبيل المثال: “حرب الإبادة … يمكن أن تؤدي على تدمير الطرفين”، ويمكن أن نورد هنا حججا أخرى أوردها كانط في موضع أخر من كتابه “نحو سلام دائم” تتمثل في أن التاريخ يسير نحو الأفضل وأن الغلبة ستكون في النهاية لقوى الخير وذوي القيم الإنسانية على قوى الشر والعنف، كما لم يلجأ كانط على استخدام لغة عاطفية تركز على مآسي الحروب وويلاتها بل استخدم لغة عقلية منطقية تتوافق واتجاهه العقلي النقدي، كما استعمل أسلوب المثال إبراز عدم مشروعية اللجوء إلى أساليب الخداع والمكر في حتى ظروف الحرب.

أطروحة النص

يدافع كانط عن قيمة السلام ودوره في الإعلاء من قيمة الإنسان وينبذ الحرب ويبرز مضارها وأخطارها.

إشكالية النص

أي قيم تدافع عنها الفلسفة؟

رأي صاحب النص

يرى كانط على أنه ينبغي العمل على تجنب الحروب بكل أنواعها ومنع أسبابها وأسباب تكرارها (انعدام الثقة)، إن كانط ندد أيضا بما سماه حروب الإبادة، وفي الأخير دعا كانط إلى العمل من أجل السلام الدائم.

تعليق حول النص

نستنتج من هذا النص أن كانط بدفاعه عن السلم والسلام وبنبذه للحرب، فهو يجسد لنا موقف الفيلسوف من القيم الإنسانية، إن الفلسفة تظهر كمدافع وكمناصر للسلام والعدل والحق، إنها في نفس الوقت تدين كل استعمال للقوة والعنف.

استنتاج

يعد مشروع كانط عن السلام الدائم أبرز ما كتبه في المجال السياسي، وقد تضمن ست مواد تمهيدية تصوغ الشروط السلبية للسلام، وأبرز ما ركز عليه كانط هو أن الحرب ليست ضرورة حتمية لا يمكن تجنبها، لذلك دعا أولا إلى انتظام الأمم في هيئة دولية تتولى المحافظة على السلام العالمي وهو ما تحقق فعلا في القرن العشرين حيث تم إنشاء عصبة الأمم المتحدة سنة 1919م، والمعروف أن الرئيس ولسون أحد صانعي عصبة الأمم تأثر كثيرا بكتابات كانط، والأكيد أننا لا يمكن أن نفصل بين دعوة كانط إلى سلام دائم عن فلسفته الأخلاقية والنقدية بصفة عامة.

7-منطق الفلسفة

1-مادة الفلسفة

2- المستوى جذع مشترك, جميع الشعب والمسالك

3-دروس الأسدس الأول

4- مجزوءة ما الفلسفة

5- الموضوع منطق الفلسفة

6- الأستاذ محمد بضاض

مدخل

يقول الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط  ”لا يمكن تعلم الفلسفة بل يمكننا فقط تعلم التفلسف“، وإذا تأملنا في عبارة كانط تبين لنا أنه يميز بين الفلسفة والتفلسف، فالفلسفة لا يمكن تعلمها لأنها صرح لم يكتمل بعد، ما دام أنه دائما يظهر فلاسفة يضيفون لبنات جديدة إلى هذا الصرح، أما التفلسف فيمكن تعلمه، لأنه يشير إلى الطريقة وإلى الأدوات العقلية التي يستخدمها هذا الفيلسوف أو ذاك في ممارسته الفكرية الفلسفية، إن للفلسفة إذا منطق للتفكير خاص بها، أي أن لها أدوات عقلية يستخدمها الفلاسفة في التفكير، وغرضنا في هذا المحور هو اكتشاف بعض تلك الأدوات من أجل أن نستخدمها نحن بدورنا في التعامل مع وضعيات جديدة.

إن فعل التفلسف من حيث أنه نشاط عقلي، فهو فعل ناتج عن أصل أو مصدر، هذا الأصل أو المصدر هو الدافع نحو فعل التفلسف.

أدوات فعل التفلسف: تحليل نص كارل ياسبرز ص 42 – 43

سؤال النص

يمكن القول إن هذا النص يطرح سؤالا ضمنيا هو: ما هو الأصل الدافع لفعل التفلسف؟، إن هذا السؤال لا يتعلق بالأصل التاريخي للفلسفة، ولكن بأصلها النظري.

فهم النص

يبدأ النص بشرح الأصل الذي انبثق منه الدافع إلى التفلسف، والمقصود بالأصل هنا هو بداية التفلسف في أي زمان وفي أي مكان، وهكذا يتحدث النص عن بداية نظرية للفلسفة لا تنحصر في زمان أو مكان معين، بل ترتبط بممارسة التفكير النظري في أي زمان ومكان.

  • يعني الأصل في تجل من تجلياته، الدهشة، وهي أولى عمليات الفكر التي تربط الفيلسوف بالعالم الخارجي، إنها علاقة الغرابة أو التعجب بين الإنسان وأشياء العالم.
  • يعني الأصل في تجل من تجلياته، الشك، وهو الخطوة الأولى لفحص الأفكار والمعتقدات ونقدها من أجل الوصول إلى الحقيقة.
  • يعني الأصل في تجل ثالث من تجلياته، التساؤل حول الذات وحول العالم، من أجل استكناه أسرارهما والبحث عن خفاياهما.

تعتبر هذه التجليات أدوات للتفلسف، لأنها أدوات تمكن الفيلسوف من إنتاج معرفة خاصة غير مرتبط بالمعرفة العملية النفعية، كما أنها تمكنه أيضا من بناء معرفة حول نفسه، فالدهشة والشك والسؤال أدوات عقلية هي مثلث الأصل الذي انبثق عنه التفكير الفلسفي.

إن الأصل الذي تحدث عنه النص، والذي يتجلى أساسا في الدهشة، تصبح معه الفلسفة أمرا جوهريا، لأن الدافع إلى التفلسف كأصل موجود دائما في الحاضر وفي الماضي، والعلاقة الموجودة بين الدهشة والشعور بالجهل، هي علاقة تكشف من خلالها الدهشة عن جهل الإنسان بحقيقة الظواهر وتدفعه إلى البحث عن المعرفة، إن الدهشة الفلسفية ليست انفعالا نفسيا مرتبطا بالعواطف والمشاكل، بل هي موقف عقلي تنبثق عنه أسئلة عقلية حول ظواهر الوجود، كما أن الدهشة الفلسفية هي خطوة من أجل البحث عن الحقيقة، ولذلك فهي لا تجعل الفيلسوف في موقف الحيرة الدائمة.

إن الشك المنهجي هو أداة من أدوات التفلسف، وهو خطوة أساسية للوصول إلى الحقيقـة، فعبر الشك يعمل الفيلسوف على نقد المعارف وفحصها من أجل التأكد من مدى صحتها، وقد ارتبط الشك المنهجي باسم الفيلسوف الفرنسي ديكارت الذي شك في كل شيء ما عدا أنه يشك، ومادام الشك نوع من التفكير فقد توصل ديكارت إلى أنه يفكر، هكذا صاغ عبارته المشهورة “أنا أفكر إذن أنا موجود”.

إن نتيجة التفكير في الذات من خلال النص تؤدي إلى اكتشاف القدرة على تجاوز الوضعيات الأساسية المحددة للذات، ويحدثنا صاحب النص عن الأصل الذي ينبثق منه فعل التفلسف سواء في الماضي أو في الحاضر، ويتجلى هذا الأصل أساسا في الدهشة والشك والتساؤل، هكذا فالدهشة عند أرسطو هي الدافع الأساسي للتفلسف، كما أن ديكارت اعتمد على الشك المنهجي الذي هو مجرد خطوة أو طريقة يسلكها الفيلسوف من أجل البلوغ إلى الحقيقة، أما التساؤل حول الذات فهو تجاوز الوضعيات الأساسية المحددة لها.

موقف صاحب النص

يرى كارل ياسبرز أن الأصل الدافع والمنتج للفلسفة يتمثل في مجموعة من العناصر وهي: الدهشة، التساؤل، المعرفة، الشك، الفحص النقدي، والوعي بالذات، إن هذه العناصر شكلت ولازالت تشكل المصدر الأساسي لفعل التفلسف وبالتالي فهي بمثابة أدوات أو آليات لهذا الفعل.

السؤال في الفلسفة: تحليل نص طه عبد الرحمان  ص 44 – 45

سؤال النص

يحاول طه عبد الرحمان في هذا النص الإجابة على سؤال محدد يتعلق بإحدى أدوات فعل التفلسف وهو السؤال، على اعتبار أن لحظة السؤال في هذا الفعل هي لحظة أساسية لأنها هي التي تفجر المعرفة الفلسفية، ويمكن تحديد سؤال النص ما في يلي: ما هي طبيعة السؤال الفلسفي؟

اشتهرت الفلسفة بممارسة السؤال ويحدثنا طه عبد الرحمان عن شكلين من أشكال السؤال الفلسفي:

  • السؤال الفلسفي اليوناني القديم: الذي كان يعتمد على الفحص، والذي جسده سقراط الذي كان يعتمد في ذلك على الحوار وطرح الأسئلة على المحاور من أجل تفنيد أفكاره واعتقاداته.
  • السؤال الفلسفي الأوربي الحديث: الذي كان يعتمد على النقد، والذي جسده كانط بحيث أن النقد كان ينصب حول الشروط التي تجعل المعرفة ممكنة.

اعتبر صاحب النص القرن 18م قرن النقد، لأن الفلسفة جعلت العقل نفسه موضع تساؤل، فلم تتساءل عن إنتاجات العقل المعرفية وإنما تساءلت عن الشروط التي تجعل المعرفة ممكنة، كما تساءلت عن حدود العقل.

الإطار المفاهيمي

اشتهر التفكير الفلسفي بممارسته لأشكال متنوعة من السؤال، وقد كان ذلك من أجل بناء معرفة جديدة حول الإنسان والعالم، ولأن كل جواب في الفلسفة يتحول بدوره إلى سؤال جديد تنبثق عنه أجوبة جديدة، وهكذا دواليك، ويرتبط السؤال الفلسفي اليوناني، باعتباره سؤالا عاما حول مفاهيم أخلاقية مثل (ما هي الفضيلة؟)، بالأسئلة الجزئية التي تعمل على تفكيك وتحليل السؤال العام من أجل توسيع مجال المشكلة المطروحة، ويتميز سؤال النقد عن سؤال الفحص بأنه يذهب بالمتسائل إلى البحث في شروط قيام المعرفة، ومعنى ذلك التساؤل عن العقل، وعن حدوده، وعن إمكانيته الذاتية في بلوغ المعرفة.

سمي القرن 18م بأنه قرن النقد لأنه أضحى ممارسة شاملة تتوجه إلى المعارف وإلى أدوات ومفاهيم بنائها، والمقصود بالنقد هنا هو ممارسة عقلية تعترف بإمكانات العقل مع وضع حدود لتلك الإمكانات، فالعقل يمكنه أن يدرك الأول، بينما يتعذر عليه إدراك الثاني، فالعقل إذا لا يمكنه أن يعرف الأمور الميتافيزيقية، ويعتبر السؤال خاصية أساسية من خصائص التفكير الفلسفي، ويمكن التمييز بين شكلين من أشكال السؤال في تاريخ الفلسفة:

  • السؤال اليوناني القديم: الذي مثله سقراط والذي كان يعتمد على الحوار مع الآخر من أجل فحص أفكاره وتفنيدها.
  • السؤال الأوربي الحديث: الذي مثله كانط والذي يعتمد على نقد العقل وتبيان إمكانياته وحدوده في المعرفة.

الإطار الحجاجي

لقد أكد صاحب النص على اشتهار الفلسفة بالسؤال، ولإثبات هذه الفكرة اعتمد على آلية حجاجية وهي تقسيم السؤال من أجل إبراز أنواعه ومميزاته، ويتميز التفكير الفلسفي بمجموعة من الخصائص يمكن الكشف عنها من خلال الرجوع إلى مفهوم الأصل، أي إلى الدوافع التي أدت إلى التفلسف، وفي هذا الإطار اعتبر أرسطو أن الدهشة هي التي دفعت الناس للتفلسف، كما يعتمد التفكير الفلسفي على الشك كخطوة رئيسية لبلوغ المعرفة، وهو ما يسمى بالشك المنهجي، وللشك علاقة بالسؤال الذي اتخذ عدة أشكال في تاريخ الفلسفة من أهمها شكلين رئيسين هما:

  • السؤال السقراطي: الذي يقوم على الفحص.
  • السؤال الكانطي: الذي يعتمد على النقد.

موقف صاحب النص

يرى صاحب النص على أن السؤال الفلسفي لم يأخذ شكلا أو نمطا واحدا، بل كانت له أنماطا مختلفة، إلا أنه حصر هذه الأنماط في اثنين أساسين، نمط السؤال الفلسفي اليوناني القديم ونمط السؤال الأوروبي الحديث، ولقد حاول صاحب النص تحديد خصائص ومميزات كل سؤال على حدة، فالسؤال اليوناني القديم كان سؤال فحص واختبار أساسه الحوار، أما السؤال الأوروبي الحديث فقد كان سؤال نقد، والنقد كان موجها لأداة المعرفة والتي هي العقل.

6-لماذا التفلسف ؟

1-مادة الفلسفة

2- المستوى جذع مشترك, جميع الشعب والمسالك

3-دروس الأسدس الأول

4- مجزوءة ما الفلسفة

5- الموضوع لماذا التفلسف ؟

6- الأستاذ محمد بضاض

تمهيد

بعد أن تم التوقف عند نشأة الفلسفة، ومحطات من تاريخها المجيد، لا بد إذن من الوقوف عند عوامل فعل التفلسف،

  • فما الدافع إلى التفلسف؟
  • هل ينبع فعل التفلسف من التساؤل أم الدهشة أم الشك أم هي مغامرة استكشافية هدفها البحث عن الحقيقة وامتلاكها؟

آليات التفلسف

يعتمد فعل التفلسف على مجموعة من الآليات هي الدافع الأول والأصل لذلك، وهي التي مكنت الفيلسوف من إنتاج معرفة فلسفية، وتتضمن هذه الآليات ثلاثة مستويات هي:

الدهشة

حسب شوبنهاور تفترض في الفرد درجة أعلى من العقل، أما أرسطو فيذكر أن “الدهشة هي التي دفعت الناس إلى التفلسف”، إنها ناتجة عن عدم اقتناع الإنسان بالأجوبة المألوفة والمتداولة، أو حين الشعور بالجهل والتعجب والاستغراب الذي يغري نفوس البشر بحب الاستطلاع والتساؤل الدائم.

السؤال

اشتهرت الفلسفة أول ما اشتهرت بممارسة السؤال، وأشهر من مارس السؤال في الفلسفة هو أبو الفلسفة “سقراط”، غير أن السؤال الفلسفي لم يتخذ له شكلا واحدا فقط، وإنما نميز فيه بين شكلين إثنين.

يميز طه عبد الرحمن بين نوعين من السؤال الفلسفي، فهناك السؤال الفلسفي اليوناني القديم، والسؤال الأوربي الحديث.

فأما الأول، فقد كان عبارة عن عملية فحص وتمحيص، تبدأ بسؤال عام عن مفهوم ما يليه جواب ينبع عنه سؤال آخر وهكذا… وخير شاهد على هذا النوع من السؤال الفيلسوف اليوناني سقراط، التي كانت تنتهي به أسئلته التي تطول وتتشعب إلى إبراز التناقض بين أجوبة المحَاور. إن السؤال  بهذا المعنى يولد الأفكار كما كان يقول سقراط، إنه خطاب المستقبل الذي يسعى نحو الامتلاء والاكتمال.

أما السؤال الثاني وهو السؤال الفلسفي الأوربي الحديث، يؤكد طه عبد الرحمن أنه سؤال النقد لا الفحص، لكونه يميل نحو تقليب القضايا والتحقق من تمام صدقها اعتمادا على العقل، إنه سؤال يوجب النظر في المعرفة ويقصد الوقوف على حدود العقل، وخير مثال على هذا النقد فلسفة كانط حيث سمي قرنه بقرن النقد.

السؤال الفلسفي عموما يفترض مسبقا شكا في الجواب باعتباره معرفة، وهو لا يمكن أن يطرح إلا على الشخص الذي يمتلك المعرفة.

الشك

إن امتلاك الإنسان للمعرفة لم يكن امتلاكا يقينيا، بل سرعان ما نهض الإنسان إلى فحص هذه المعارف فحصا نقديا خاصة وان هناك أحكام كثيرة تمنعنه من الوصول إلى الحقيقة، ومن المحال التخلص منها ما لم يشرع هذا الإنسان في الشك في جميع الأشياء التي قد يجد فيها أدنى شبهة من قلة اليقين. وممارسة الشك هو مضي نحو اليقين لأنه في أساسه فحص نقدي صادق لكل معرفة، فليست ثمة فلسفة حقيقية دون أن يكون هنالك شك في الأصل. ونجد ديكارت من أكبر الفلاسفة وأشهرهم اعتمادا على الشك المنهجي الذي يستتبع فحصا نقديا لكل المعارف.

أدوات منهج الخطاب الفلسفي

إن الخطاب الفلسفي بوجه عام يتشكل من آليات فكرية محددة هي الأصل في فعل التفلسف، غير أن هذا الفعل وإن كان أساسه دهشة، سؤال، شك، فإن الخطاب الفلسفي في بنائه يعتمد على مجموعة من أدوات الاشتغال يمكن أن نطلق عليها إسم أدوات منهج الخطاب الفلسفي وهي: المفهوم والإشكال والحجاج، والتحليل والتركيب ثم النسقية.

المفهوم

يعتبر المفهوم نشاطا أساسيا في التفكير الفلسفي وهو مدخل أساسي لتأسيس خطاب معرفي، يهدف إلى استنطاق الكلمة وتحديدها بما يكفي من الدقة حتى تصبح مجالا للتفكير الفلسفي وأداة للتفلسف، ومن أبرز الفلاسفة الذين تأسست فلسفتهم على المفاهيم، نذكر سقراط الذي كان يسأل محاوريه عن مفاهيم لم يكن يرم من تحديدها جزئيتها وإنما الإحاطة والشمول. وليس غريبا أن نجد الدرس الفلسفي يعتمد على مفاهيم يتطلب تحديد دلالتها والإحاطة بها في كليتها وليس في جزئيتها كمفاهيم اللغة، العقل، الحقيقة، الحق، الشغل…

الإشكال

يعتبر ركن أساس في التفكير الفلسفي، وهو يتكون من طرفين من السؤال أو أكثر، يمتازان بعلاقة التقابل والتضاد ويشترط فيهما الانسجام، أي أن يكونا من نفس الطبيعة والجنس أو الموضوع. الإشكال إذن قضية تساؤلية تنطلق مما هو جوهري في الموضوع، هدفه إحداث التقابل والإحراج بين الطرفين “الموقفين” والهدف من هذا التقابل والتناقض هو معالجة مختلف الإجابات الممكنة. مثلا في مفهوم السعادة يمكن أن نحدث التقابل في طرح إشكالي كما هو واضح من خلال هذا الإشكال: هل السعادة إرضاء للبدن أم للعقل أم للقلب؟ الإشكال هنا ينصب داخل نفس الطبيعة، وهو البحث عن مصدر السعادة، ويمتاز بالتقابل بين أطراف أسئلته المكونة له، والتي تتفرع إلى ثلاثة أسئلة نفصل بينها ب “أَم”، وتروم إحداث التقابل والتناقض بين الأطراف التي يتشكل منها هذا الإشكال، وذلك بغية معالجة مختلف الإجابات الممكنة، وبهذا نخلص أن الإشكال يهدف هو الآخر الإحاطة بالكل وليس بالجزء.

الحجاج

كثيرا ما يقال أن حقل الفلسفة هو حقل توليد المشكلات وإثارة الأسئلة، وهو أيضا حقل تتواجد فيه الأجوبة بنفس قدر تواجد الأسئلة والإشكالات، غير أن طبيعة الجواب في الفلسفة مبرهن عليه، يقوم على الحجاج والمحاجة. وهو يتميز عن البرهان، لأن هذا الأخير يشكل خاصية للعلم، في حين يشترط الحجاج استهداف إقناع المتحاور أو المتلقي وإحداث أثر لديه، وبالرغم من هذا التمييز فإمكانية حضورهما معا في الخطاب الفلسفي واردة مع غلبة الجانب الحجاجي.

إن الحجاج تقنية يستعملها الفيلسوف من أجل حمل/ دفع أكبر عدد من ممكن من المتلقين على قبول خطابه والاقتناع بآرائه، إنه عملية إقناعية تأثيرية بطريقة عقلية من جهة، ومن جهة أخرى، الحجاج عملية تستعمل لدحض وتفنيد أطروحة الخصوم وذلك بإظهار ضعفها أو عدم صلاحيتها …ومن آليات الحجاج الأشكال التالية:

  • حجاج برهانية: حجة البرهان المنطقي، حجة البرهان الاستدلالي، حجة البرهان بالخلف.
  • حجاج بلاغية: توظيف التشبيه، المجاز، الاستعارة، المماثلة…
  • حجة توظيف المثال والأساطير والقصص…، والحجاج باللجوء إلى السلطة الموثوقة إلخ…

التحليل والتركيب

عملية التحليل في الفلسفة غايتها، تفكيك الكل إلى عناصره المكونة الواحد تلو الآخر وفق نظام وتسلسل محكم، كما يؤكد ذلك الأستاذ “مصطفى بلحمر”، وتسعى عملية التحليل إلى شرح وتوضيح وإبراز محتوى كل عنصر من تلك العناصر.أما التركيب فهو إعادة تشكيل الكل انطلاقا من العناصر التي تم تحليلها بأسلوب خاص يسمح بتبيين أفضل للعناصر ومركزا على ما هو جوهري في الكل. أي تجميع جديد للعناصر التي تم تفكيكها وتحليلها. وقد ألح ديكارت على عمليتي التحليل والتركيب ضمن منهج التفلسف الذي اقترحه وبالتالي فهما خطوتان ضروريتان لأنهما أساس الشرح والتوضيح والفهم والبرهنة.

النسقية

يتألف النسق من عدد من النظريات الفلسفية، تحتوي كل نظرية منها على موقف معين من مشكلة معينة، بحيث تكون كل نظريات النسق مترابطة ومتماسكة البناء. النسق هو الإطار الفكري الكامل الذي يربط أفكار الفيلسوف بعضها ببعض في وحدة عضوية دون أن يحتويها تناقض أو تقاطع، بل شرط النسق الفلسفي تحقيق الوحدة والانسجام بين عناصره التي يتكون منها هذا النسق…