الواجب، حكمه، و أقسامه

الواجب:
لغةً: الساقط واللازم، ويُسمَّى الفرض والواجب والحَتم واللازم.
اصطلاحًا هو: “ما أمَرَ به الشارع على وجه الإلزام”؛ مثل الصلوات الخمس.
حكم الواجب:
يلزم الإتيان به، ويُثاب فاعله، ويُعاقَب تاركه، زاد بعض العلماء امتثالاً.
أقسام الواجب:
يَنقسِم الواجب إلى عدَّة أقسام باعتبار بعض الأشياء؛ مثل:
1 – باعتبار ذاته: يَنقسِم إلى قسمَين:
أ – واجب مُعيَّن، وهو الذي كلَّفه الشارع للعبد دون تخيير؛ كالصلاة والصوم.
ب – واجب مُبهَم، وهو الذي كلَّفه الشارع على التخيير مثل كَفارة اليمين.
2 – باعتبار فاعله: ينقسِم إلى قسمَين:
أ – واجب عَينيٌّ: وهو الذي يجب على كل مكلَّف أن يأتي به؛ كالصلاة والصيام، وهو ما طلَب الشارع فعله من كل المكلَّفين ولا يَسقُط عنه بفعل البعض.
ب – واجب كفائي: وهو ما طلب تخصيصه من مجموع المكلَّفين؛ مثل الجنائز (من تغسيل وتكفين والصلاة على الميت ودفنه)؛ أي: إذا فعله مَن تُسدُّ بهم الحاجة سقط عن الجميع.
3 – باعتبار وقت أدائه ينقسِم إلى قسمين:
أ – واجب مُطلَق أو موسَّع، وهو: “ما أمر الشارع بفعله دون تقييد بزمن محدَّد”، مثل كفارة اليمين والنفقة على الزوجة.
ب – واجب مضيَّق أو مقيد: وهو: “ما حدَّد الشارع وقتًا محددًا لفعله”؛ مثل وقت الصلاة، وصيام رمضان، والوقوف بعرفة.
4 – باعتبار تقديره: يَنقسِم إلى قسمَين:
أ – واجب مقدَّر، وهو: “ما حدَّده الشارع بقدر محدَّد”؛ مثل: عدد ركعات الصلاة، ومثل أيام صيام رمضان.
ب – واجب غير محدَّد، وهو: “ما أمر به الشارع ولم يحدِّد له قدرًا معينًا”؛ مثل: النفقة على الزوجة، والإحسان إلى الناس.
مسائل تتعلق بالواجب:
المسألة الأولى: إذا أخَّر المكلَّف الواجب الموسَّع فمات قبل أدائه، مثل: من مات قبل أن يُصلي الظهر في أول وقته، هل يكون عاصيًا؟
إذا كان في نيته أن يُصليه في الوقت المحدَّد قبل خروج وقت الظهر لا يكون عاصيًا، أما إذا غلَب على ظنه أنه سيموت قبل خروج الوقت وأخَّرها يكون عاصيًا، مثل من حكم عليه بالإعدام في الساعة الثالثة عصرًا مثلاً فأخَّر الظُّهر إلى وقت التنفيذ، يكون عاصيًا.
المسألة الثانية: الواجب الكفائي قد يتعيَّن في بعض الأحيان:
نعم: مثل الجهاد فرض كفاية، ولكن إذا دخَل المعركة تعيَّن عليه أن يُتمَّ القتال، كذلك إذا غزا العدو البلد، وكمَن حضر شخصًا يَغرق ولا يوجد أحد يُنقِذه إلا هو، وجب عليه أن يُنقِذه.
المسألة الثالثة: ذهب جمهور العلماء إلى أن الفرض والواجب بمعنى واحد، بخلاف الأحناف، فهم يُفرِّقون.
المسألة الرابعة: ما لم يتمَّ الواجب إلا به فهو واجب:
مثاله: إحضار الماء من أجل الطهارة حتى لو كان بثمن.
الأشياء التي يتمُّ بها الواجب تَنقسِم إلى:
أ- لا يَدخُل تحت قدرة العبد، مثل غروب الشمس.
ب- ما كان تحت قدرة العبد؛ لكنه غير مطالَب بتحصيله، مثل النصاب للزكاة.
ج- ما كان تحت قدرة العبد وهو مأمور بتحصيله؛ كالطهارة للصلاة، والسعي للجُمعة.
المسألة الخامسة: ما لا يتمُّ ترك الحرام إلا بتركه، فتركُه واجب:
إذا اختلط الحلال بالحرام، ولا يُمكن تمييزه، فتركه واجب، مثاله: سؤال الصحابة عن اصطياد الكِلاب المعلَّمة صيدًا، ووُجد كلبٌ آخَر بجوار الصيد.
المسألة السادسة: الفِعل النبوي إذا كان تفسيرًا لمجمَل، هل يكون الفعل واجبًا؛ مثل: “أقيموا الصلاة…”، فهل كل أفعال النبي – صلى الله عليه وسلم – في الصلاة واجبة؟
لا تَكون كل أفعاله – صلى الله عليه وسلم – دليلاً على الوجوب، ولكن يُعرَف الوجوب وغيره من أدلة أخرى.

المقصد الأعظم للشريعة أن يسعد الناس في دنياهم وأخراهم.. حفظ الأسرة أنموذجا

📍 المقصد الأعظم للشريعة أن يسعد الناس في دنياهم وأخراهم، وإذا كان ذلك لا يتحقق إلا بالاستقرار النفسي، الذي لا يتحقق إلا بالأسرة، فإن مكانة الأسرة إذن مكانة عظيمة والحفاظ عليها من أعظم مقاصد الشريعة، ولذلك لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المخبب، قال عليه الصلاة والسلام “ليس منَّا من خبب امرأة على زوجها” ومعنى خببها عليه أي أفسدها عليه.
📍تدل هذه الأحاديث التي يكون فيها التحذير “بليس منا” على أن ذلك الفعل من كبائر الذنوب، قال ابن القيم – رحمه الله – :
وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك ، وتبرأ منه ، وهو من أكبر الكبائر ، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه وأن يستام على سومه : فكيف بمن يسعى بالتفريق بينه وبين امرأته وأمته حتى يتصل بهما … فإنَّ ظُلْمَ الزوج بإفساد حبيبته والجناية على فراشه أعظمُ مِن ظلمه بأخذ ماله كله ، ولهذا يؤذيه ذلك أعظم مما يؤذيه بأخذ ماله ، ولا يعدل ذلك عنده إلا سفك دمه ، فيا له من ظلم أعظم إثما من فعل الفاحشة ” الجواب الكافي ” ( ص 154 )
📍إلا أن هذا التخبيب قد يكون بسبب أشخاص، وقد يكون بسبب مؤسسات، وقد يكون بسبب قوانين، فكل مؤسسة تشجع المرأة على الطلاق، وكل قانون ييسر لها ذلك، فهو داخل في هذا المعنى.
📍في حال الخلاف مع الزوج، تنشط أنواع من شياطين الإنس والجن، ويكون بينهم تنسيق وإيحاء {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم}، فيتحول كثير من الأقارب والأصدقاء إلى أداة في يد الشيطان يستخدمهم في تعجيل ا لحصول على جائزته المعلومة من إبليس حين يقوم بأهم مهمة من مهامه وهي التفريق بين الزوجين {ويتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه} وكل تلك الأفعال داخلة في التخبيب الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكثير من النساء يفعلن ذلك مع الأسف دون شعور، فاحذري أن تكوني ممن يجرون في الطلاق…
📍إن الزواج ليس حبا فقط، وإن الزواج ليس مرحلة عسل فقط، ولذلك فإن المنظومة الإسلامية بنيت على الحقوق والواجبات والالتزامات أمام الله وأمام المجتمع وأمام الأصهار والأقارب والأبناء، ووجود كل هذه الأرقام في المعادلة يجعل الطلاق بعيدا كل البعد، ويجعل الأسرة مستقرة غاية الاستقرار، وبالتالي تصل الأسرة بعد تجاوز مرحلة العمل إلى مرحلة الأمل التي ترى فيها عجوزا وعجوزة يرفلان في الأمان الأسري وسط الأبناء والأحفاد، وهذا المشهد هو الذي ينبغي أن يضعه الزوجان في حسبانهما، ومن أجله ينبغي أن يتحملا كل مصاعب الحياة الزوجية وخلافاتها وخصوصا في مرحلة العمل التي قد ينزل فيها الحب إلى أدنى مستوياته.
📍بعض البلدان تضع قوانين ومؤسسات تخبب المرأة على زوجها، وتشجعها على الطلاق، وإذا كان الإسلام يجعل المال عنصرا من عناصر تثبيت الحياة الزوجية، من خلال معادلة القوامة {قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} حيث تقوم المعادلة على أساس أن الرجل ينفق على المرأة وبالتالي فهي محتاجة إليه، فتتحمل منه ما يتحمل الموظف من مديره إن أخطأ، ويتم من خلال هذا التخادم التكاملي وهذا الاحتياج البشري تجاوز كثير من الخلافات، إلا أن هذه البلدان وهذه القوانين تفسد هذه المعادلة، إذ تعطي للمرأة الحق في مال الزوج دون زوج، يعني تعطيها حريتها ومال زوجها، أي العنب والسلة، فيكون ذلك محرضا لها على الطلاق، ولذلك تلجأ المرأة لطلب الطلاق عند وجود المشاكل العاطفية الموسمية، ومعلوم أن المشاكل العاطفية الموسمية مؤقتة وتأتي إما في بداية الزواج أو في منتصفه أو في فترات متقطعة منه، وتؤدي إلى حمى الطلاق، ولا يجوز أن يبنى عليها الطلاق، لما في الطلاق من أثر على أطراف آخرين هم ضحايا هذا القرار العاطفي.
📍إن النظر إلى حال المطلقة فقط، ومعاناتها النفسية فقط، هو نظر أعور، فالإسلام ينظر إلى المآلات التي لا يمكن أن تلاحظها المرأة، ينظر إلى مستقبلها هي حين تكبر وتصير من القواعد اللاتي لا يرجون نكاحا، وينظر إلى مصير الأطفال حين يغيب عنهم الأب، وينظر إلى أبواب الفتنة التي ستنفتح عليها وعلى زوجها، وتصبح المعادلة هي احتمال زواج سيء، لعدم الوقوع فيما هو أسوأ منه، وهو ما يسميه الفقهاء احتمال أخف الضررين.
📍لذلك فإن هذه القوانين المخبِّبة من أكثر ما أدى إلى الطلاق اليوم، وعلى المرأة المؤمنة أن لا تستجيب لهذا التخبيب ولا تعتد به، ولا تأخذ شيئا من المال الذي يعطونها دون حق، فإن ما حكم به الإسلام هو الذي يحق للمرأة أن تأخذه حال الطلاق، أما أن تأخذ متعة هي أكبر من مهر زواجها، أو تأخذ بيت زوجها أو نصف أمواله أو غير ذلك، فكل ذلك من السحت ومن الحرام الذي لا يجوز لها أن تأخذه، فالقاضي لا يحل حلالا ولا يحرم حراما، إنما القاضي من يقضي بما أنزل الله.

الطلاق الشفوي.. والخلاف الفقهي في توثيقه..

الطلاق الشفوي (3)
للدكتور احمد كافي حفظه الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الخلاف الفقهي في توثيق الطلاق:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اختلف العلماء في توثيق الطلاق على قولين:
الأول: يصح وإن من غير توثيق. وهذا هو المشهور الذي جرى به العمل، وغالب كتب الفقه تؤصل له وتتكلم فيه
الثاني: لا يصح الطلاق إلا بالتوثيق. وهو الذي نريد الكلام فيه.
بم يكون التوثيق؟
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأول ما ينبغي البداءة به أن نحدد التوثيق عند العلماء، بم يكون، قالوا من غير خلاف: إنه كائن:

  • إما بالكتابة
  • وإما بالإشهاد
  • وإما بالرهن( وهذه الوسيلة لا تتعلق بالزواج ولا بالطلاق، بل يتعلق بموضوعات أخرى).
    آية التوثيق:
    ـــــــــــــــــــ
    وهي عمدة جميع الفقهاء، في قوله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأخرى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾[البقرة:282].
    دلالة الآية القرآنية:
    ـــــــــــــــــــــــــــــــ
    إن الآية واضحة في أن مستويات التوثيق، هي:
    الكتابة:﴿ فَاكْتُبُوهُ﴾، ﴿ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ﴾، ﴿ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ﴾، ﴿ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ﴾، ﴿ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا﴾، ﴿وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ﴾، ﴿ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ ﴾.
    الإشهاد: ﴿ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾، ﴿ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾، ﴿ وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾، ﴿ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ﴾، ﴿ وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾، ﴿ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ﴾.
    وأما التوثيق بالرهن فليس من موضوعنا اليوم.
    الخلاصة:
    ـــــــــــــــ
    وبه قالوا لا بد من الإشهاد على الطلاق لتوثيقه، وتجنب ما سلف بيانه من المفاسد. والإشهاد اليوم هو التصريح به وتسجيله عند المنتصبين لهذه المهمة.
    فإذا كان إشهاد الزواج يكون اليوم عند العدلين، فمثله يكون عند فرق النكاح. ولهذا قررت مدونة الأسرة وجوبه.
    لا نتحدث عن طلاق القاضي:
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    لا زال الطلاق بيد من أمسك بالساق، وإنما دور القضاء اليوم هو إنجاز مسطرة الطلاق التي يتجاوزها الكثيرون، فاحتاجوا لصيانة الحقوق أن يكون القاضي وسيطا محايدا يضمن للطرفين حقهما في هذه الفترة العصيبة.
    فيحفظ القاضي: الأموال المشتركة بينهما، ومؤخر الصداق، والمتعة، والنسب، وحقوق الأبناء…فالقاضي لا يطلق وإنما يشرف على الطلاق. ولا يمكن لمحكمة أن تفرض إرادتها على الناس إذا قرروا الانفصال.
    وهناك من يتكلم بجهل، ويصر على أن هذا الأمر فيه تعسف بتعليق الأزواج العام والعامين. وهذا الجهل عائد إلى عدم معرفة نص المدونة التي يحتكم إليها المغاربة، والتي حددت الأقصى في فرق النكاح أن لا تتجاوز ستة أشهر.
    سبب الخلاف؟
    ـــــــــــــــــــــــــ
    وسبب الخلاف في قبول توثيق الطلاق بالإشهاد عليه للاعتراف به شرعا، أو رفض توثيقه بالإشهاد عند العلماء، يعود إلى آية الطلاق نفسها من سورة الطلاق، حيث قال الله تعالى:﴿ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن ياتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا﴾ [الطلاق:2].
    الآية :
    ــــــــــ
    والآية تتحدث عن الطلاق وأن له مسطرة شرعية منصوصة، وإذا لم تحترم كان ذلك ظلم كما نص على ذلك كثير من الفقهاء أخذا من منطوق قوله عز من قائل:” وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه”.
    ولذلك رفضوا قبول الموافقة على الظلم، أو تيسيره، أو الشهادة له بالمشروعية. وإن نطق به ناطق. وكثير منهم أدرجوه في الطلاق البدعي، وقد علمت أن الراجح عدم نفاذه، لأننا لا ننفذ البدع، وإنما ننفذ السنن.
    اختلفوا:
    ـــــــــــــ
    واختلف علماؤنا في هذا الإشهاد المأمور به في الطلاق:﴿ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾، ﴿ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ﴾، من جهتين اثنين:
    الأولى: هل هو واجب لا يصح الطلاق إلا به، أم أنه مندوب إليه، يكون الطلاق نافذا بدونه، وإن كانت الصيغة من صيغ الأمر:﴿ وَأَشْهِدُوا﴾، ﴿ وَأَقِيمُوا﴾؟
    واختلفوا ثانيا في هذا الإشهاد على أي سنن كان حكمه الشرعي، هل هو راجع إلى الرجعة ﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾، أو راجع إلى الطلاق ﴿ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾؟ أو يعود عليهما معا؟
    القائلون بوجوب الإشهاد:
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    قالوا: لا يقع الطلاق نافذا معتبرا إلا إذا اعتبرنا الأمر بالإشهاد في الآية للوجوب، وأنه راجع إلى الطلاق والرجعة معا.
    وأكدوا قولهم بأدلة ستأتي معنا إن شاء الله تعالى، ومنها من المعقول أنه لا يعقل أن يكون للزواج مراسيم(من خطبة، وولي، ومهر، وصيغة، وإشادة النكاح في الناس…)، ثم لا يكون للطلاق مرسوم يتبع. وآيات الطلاق من سورة الطلاق قد تحدث عن مرسومه المعتبر، وطريقته التي يجب أن تتبع.
    ابن الفرس:
    ــــــــــــــــــ
    قال ابن الفرس الأندلسي المالكي(ت597هـ) عند تفسيره لقوله تعالى:﴿ وأشهدوا ذوي عدل منكم﴾:” اختلف في الإشهاد المأمور به، على أي شيء أمر الله تعالى أن يكون؟
    فقال الجمهور: على الرجعة.
    وقال ابن عباس: على الرجعة وعلى الطلاق”( ).
    وتجدون حكاية هذا الخلاف عند غالب كتب التفسير، وعند جميع كتب أحكام القرآن الكريم.
    جمال الدين القاسمي:
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    وذهب القاسمي عند تفسيره لآية الطلاق:﴿وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله﴾، أن الأمر بالإشهاد الوارد في الآية يقتضي الوجوب، قال:” وهذا الإشهاد على المراجعة والطلاق مندوب، ومنهم من ذهب إلى وجوبه عليهما، ومنهم من فرق بين المراجعة فأوجبه فيها، وبين الطلاق فاستحبه. وظاهر الأمر في الآية الوجوب فيهما، والترجيح يكون بدليل مرجح. ومما يؤيد الوجوب أن الأوامر في الآية كلها، قبل وبعد، للوجوب إجماعا، ولا دليل يصرف الأمر بالإشهاد عن ظاهره، فبقي كسابقه ولاحقه”( ).
    ابن عاشور:
    ـــــــــــــــــــ
    ومع أنه على رأي مذهبه المالكي، لكنه رحمه الله تعالى حكى الخلاف، وأكد أن قول من قال بأن الإشهاد للندب، ورجوع الإشهاد إلى الرجعة فقط دون الطلاق، مدخول، فقال:” أما مقتضى صيغة الأمر في قوله تعالى:﴿ وأشهدوا ذوي عدل﴾ فقيل: هو مستحب …ولعل مستند هذا القول عدم جريان العمل بالتزامه بين المسلمين في عصر الصحابة وعصور أهل العلم، وقياسه على الإشهاد بالبيع. فإنهم اتفقوا على عدم وجوبه وكلا هذين مدخول…وقيل الأمر للوجوب المراجعة دون الفرقة»().
    ولقد بين فقيه المقاصد لماذا منعوا القول بالوجوب:
    السبب الأول: عدم جريان العمل به
    السبب الثاني: قياسه على البيع. يشير هاهنا إلى ﴿ فاكتبوه﴾ وأن الأمر للوجوب لوجود القرينة..(وفي تفسيره رجح الوجوب وأن هذه القرينة تؤكده ولا تصرفه، فانظر غير مأموره في تحقيقه).
    وهذان السببان ـ عنده رحمه الله تعالى ـ ضعيفان، بتعبيره:” وكلا هذين مدخول”.

جهات التعصيب،وأقسام الحجب..

.جهات التعصيب:
جهات التعصيب بعضها أقرب من بعض وهي خمس على الترتيب:
البنوة.. ثم الأبوة.. ثم الإخوة وبنوهم.. ثم الأعمام وبنوهم.. ثم الولاء.
فإذا وُجدت جهة البنوة أخذت المال، فإن لم توجد انتقلت التركة إلى جهة الأبوة، فإن لم توجد جهة الأبوة انتقلت التركة إلى الإخوة، فإن لم توجد انتقلت إلى العمومة، فإن لم توجد انتقلت إلى الولاء.

.أحكام العصبة إذا اجتمعوا:
إذا اجتمع عاصبان فأكثر فلهم حالات:
الحالة الأولى: أن يتحدا في الجهة والدرجة والقوة كابنين، أو أخوين، أو عمَّين.
ففي هذه الحالة يشتركان في المال بالسوية.
الحالة الثانية: أن يتحدا في الجهة والدرجة، ويختلفان في القوة كما لو اجتمع عم شقيق، وعم لأب فيقدم بالقوة، فيرث العم الشقيق دون العم لأب.
الحالة الثالثة: أن يتحدا في الجهة، ويختلفان في الدرجة.
كما لو اجتمع ابن، وابن ابن فيقدم بقرب الدرجة، فيكون المال كله للابن.
الحالة الرابعة: أن يختلفا في الجهة، فيقدم في الميراث الأقرب جهة وإن كان بعيداً في الدرجة على الأبعد جهة وإن كان قريباً في الدرجة، فابن الابن مقدم على الأب، وابن الأخ لأب مقدم على العم الشقيق.

.العصبة الذين يشاركون أخواتهم في الإرث:
الذكور الذين يعصبون أخواتهم، ويمنعونهن من الإرث بالفرض، وللذكر معهن مثل حظ الأنثيين أربعة:
الابن.. وابن الابن وإن نزل.. والأخ الشقيق.. والأخ لأب.
وسائر العصبات ينفرد الذكور بالميراث دون الإناث وهم:
بنو الأخوة.. والأعمام.. وبنوهم.

.2- عصبة بالغير:
وهن أربع: البنت فأكثر بالابن فأكثر.. بنت الابن فأكثر بابن الابن فأكثر.. الأخت الشقيقة فأكثر بالأخ الشقيق فأكثر.. الأخت لأب فأكثر بالأخ لأب فأكثر.
فيرثون معاً للذكر مثل حظ الأنثيين، ولهم ما أبقت الفروض، وإن استغرقت الفروض التركة سقطوا.
1- قال الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء:11].
2- وقال الله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [176]} [النساء:176].

.3- عصبة مع الغير:
وهم صنفان:
1- الأخت الشقيقة فأكثر مع البنت فأكثر، أو مع بنت الابن فأكثر، أو هما معاً.
2- الأخت لأب فأكثر مع البنت فأكثر، أو مع بنت الابن فأكثر، أو هما معاً.
فالأخوات دائماً عصبات مع البنات أو بنات الابن وإن نزلن.
فلهن ما أبقت الفروض، وإن استغرقت الفروض التركة سقطن.
– حيث صارت الأخت الشقيقة عصبة مع الغير، صارت كالأخ الشقيق تحجب الأخوة لأب ذكوراً كانوا أم إناثاً، ومن بعدهم من العصبات.
– حيث صارت الأخت لأب عصبة مع الغير، صارت كالأخ لأب تحجب أبناء الإخوة، ومن بعدهم من العصبات.

.2- العصبة بالسبب:
وهم المعتق ذكراً كان أو أنثى، وعصبته المتعصبون بأنفسهم.
1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ألْحِقُوا الفَرَائِضَ بِأهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لأوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ». متفق عليه.
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلا وَأنَا أوْلَى بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}. فَأيُّمَا مُؤْمِنٍ مَاتَ وَتَرَكَ مَالاً فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا، وَمَنْ تَرَكَ دَيْناً أوْ ضَيَاعاً فَلْيَأْتِنِي، فَأنَا مَوْلاهُ». متفق عليه.
3- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أعْتَقَ». متفق عليه.

.4- الحجب:
– الحجب: هو منع من قام به سبب الإرث من الإرث بالكلية أو من أوفر حظَّيه.
والحجب من أهم أبواب الفرائض وأعظمها، ومن يجهله قد يمنع الحق أهله، أو يعطيه من لا يستحقه، وفي كليهما الظلم والإثم.

.أحوال الورثة إذا اجتمعوا:
الورثة إذا اجتمعوا فلهم ثلاث حالات:
الأولى: إذا اجتمع كل الذكور ورث منهم ثلاثة فقط، وهم:
الأب، والابن، والزوج.
ومسألتهم من اثني عشر: للأب السدس اثنان، وللزوج الربع ثلاثة، والباقي سبعة للابن تعصيباً.
الثانية: إذا اجتمع كل النساء ورث منهن خمس فقط، وهن:
البنت، وبنت الابن، والأم، والزوجة، والأخت الشقيقة.
ومسألتهن من أربعة وعشرين: للأم السدس أربعة، وللزوجة الثمن ثلاثة، وللبنت النصف اثنا عشر، والباقي واحد للأخت الشقيقة تعصيباً.
الثالثة: إذا اجتمع كل الذكور والإناث ورث منهم خمسة فقط، وهم:
الأم، والأب، والابن، والبنت، وأحد الزوجين.
1- إذا كان معهم الزوجة فالمسالة من أربعة وعشرين: للأب السدس أربعة، وللأم السدس أربعة، وللزوجة الثمن ثلاثة، والباقي للابن والبنت تعصيباً، للذكر مثل حظ الأنثيين.
2- إذا كان معهم الزوج فالمسألة من اثني عشر: للأب السدس اثنان، وللأم السدس اثنان، وللزوج الربع ثلاثة، والباقي للابن والبنت تعصيباً، للذكر مثل حظ الأنثيين.

.أقسام الحجب:
ينقسم الحجب إلى قسمين:
حجب بالوصف.. وحجب بالشخص.

.1- الحجب بالوصف:
هو أن يتصف الوارث بمانع من موانع الإرث، وهو الرق، أو القتل، أو اختلاف الدين.
وهو يدخل على جميع الورثة، فمن اتصف بأحد هذه الأوصاف لم يرث، ووجوده كعدمه.

.2- الحجب بالشخص:
هو أن يكون بعض الورثة محجوباً بشخص آخر وهذا هو المراد هنا.

.أقسام الحجب بالشخص:
ينقسم الحجب بالشخص إلى قسمين:
حجب نقصان.. وحجب حرمان.

.1- حجب النقصان:
وهو منع الشخص الوارث من أوفر حظيه.
بأن ينقص ميراث المحجوب بسبب الحاجب، وهو يأتي على جميع الورثة.
وينقسم حجب النقصان إلى قسمين:
الأول: حجب نقصان سببه الانتقال، وهو أربعة أنواع:
1- أن ينتقل المحجوب من فرض إلى فرض أقل منه، وهم خمسة:
الزوجان، والأم، وبنت الابن، والأخت لأب.
فالزوج ينتقل من النصف إلى الربع بوجود الولد.
والزوجة تنتقل من الربع إلى الثمن بوجود الولد.
والأم تنتقل من الثلث إلى السدس بوجود الولد، أو الأخوة أو الأخوات وبنت الابن تنتقل من النصف إلى السدس بوجود البنت الواحدة.
والأخت لأب تنتقل من النصف إلى السدس بوجود الأخت الشقيقة الواحدة.
2- أن ينتقل من تعصيب إلى فرض أقل منه، وهذا في حق الأب، والجد عند عدم الأب كانتقال الأب من التعصيب إلى السدس مع وجود الابن وابن الابن.
3- أن ينتقل من فرض إلى تعصيب أقل منه.
وهذا يكون في حق ذوات النصف، وهن أربع من الإناث:
البنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب.
وذلك إذا كان مع كل واحدة أخوها، وهن العصبة بالغير.
4- أن ينتقل من تعصيب إلى تعصيب أقل منه.
وهذا يكون في حق العصبة مع الغير، وهن اثنتان:
الأخت الشقيقة أو أكثر مع البنت أو بنت الابن، والأخت لأب أو أكثر مع البنت أو بنت الابن.
فللأخت الشقيقة أو لأب مع البنت أو بنت الابن الباقي وهو النصف، ولو كان معها أخوها كان الباقي بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين.
الثاني: حجب نقصان سببه الازدحام، وهو ثلاثة أنواع:
1- ازدحام في الفرض: وهذا يكون في حق سبعة من الورثة، وهم:
الجد، والزوجة، والبنات، وبنات الابن، والأخوات الشقائق، والأخوات لأب، والإخوة لأم، والأخوات لأم كازدحام بنتين، أو أختين فأكثر في الثلثين.
2- ازدحام في التعصيب: وهذا يكون في حق كل عاصب كالأبناء، والإخوة، والأعمام كازدحام ابنين، أو أخوين، أو عمين فأكثر في الميراث.
3- ازدحام في العول: وهذا يكون في حق أصحاب الفروض إذا تزاحموا كما سيأتي إن شاء الله.

.2- حجب الحرمان:
وهو أن يُسقط الشخص غيره بالكلية، ويأتي على جميع الورثة ما عدا ستة:
الأب، والأم، والابن، والبنت، والزوج، والزوجة.
وحجب الحرمان يقوم على أصلين:
1- كل من ينتمي إلى الميت بشخص لا يرث مع وجود ذلك الشخص كابن الابن لا يرث مع الابن، إلا أولاد الأم فإنهم يرثون معها مع أنهم ينتمون إلى الميت بها.
2- يقدم الأقرب على الأبعد في الميراث، فالابن يحجب ابن أخيه، فإن تساووا في الدرجة يُرجّح بقوة القرابة كالأخ الشقيق يحجب الأخ لأب.

.الفرق بين المحجوب والمحروم:
1- المحروم ليس أهلاً للإرث أصلاً كالقاتل، أما المحجوب فهو أهل للإرث، ولكنه حُجب لوجود شخص أولى منه بالميراث.
2- المحروم من الميراث لا يحجب غيره أصلاً؛ لأنه كالمعدوم، فلا يؤثر، أما المحجوب فقد يحجب غيره ولا يرث كالإخوة مع الأب والأم، لا يرثون لوجود الأب، ويحجبون الأم من الثلث إلى السدس.

.الذين يُحجبون حجب حرمان سبعة:
وهم: الجد بالأب.. والجدات بالأم.. وابن الابن بالابن.. وبنات الابن بالبنتين والابن.. والأخوات لأب بالشقيقتين فأكثر وبالشقيق، والإخوة مطلقاً بالابن وابن الابن وبالأب والجد، والأخوة والأخوات لأم بالفرع الوارث، والأصل الذكر.

.قواعد حجب الحرمان بالشخص:
1- كل وارث من الأصول يحجب من فوقه إذا كان من جنسه، فالأب يحجب الأجداد، والأم تحجب الجدات.. وهكذا.
2- كل ذكر وارث من الفروع يحجب من تحته، سواء كان من جنسه أم لا، فالابن يحجب ابن الابن وبنت الابن.
والأنثى من الفروع لا تحجب إلا من تحتها كالبنات إذا استغرقن الثلثين حَجَبن من تحتهن من الإناث كبنات الابن، إلا أن يُعَصَّبن بذكر، فلهم الباقي تعصيباً.
3- كل وارث من الأصول والفروع فإنه يحجب الحواشي-الذكور منهم والإناث- بلا استثناء.
4- الأصول: هم الأب والأم، والفروع: هم الابن والبنت، والحواشي: هم الإخوة والأخوات الأشقاء أو لأب وأبناؤهم، والإخوة لأم، والأعمام الأشقاء أو لأب وأبناؤهم.
5- الإناث من الأصول أو الفروع لا يحجبن الحواشي، إلا إناث الفروع، وهن البنات وبنات الابن يحجبن الإخوة لأم.
6- الحواشي بعضهم مع بعض، كل من يرث منهم بالتعصيب فإنه يحجب من دونه في الجهة، أو القرب، أو القوة.
فالأخ لأب يسقط بالأخ الشقيق، والأخت الشقيقة العاصبة مع الغير، وابن الأخ الشقيق يسقط بالأخ الشقيق، والأخت الشقيقة العاصبة مع الغير، وبالأخ لأب، وبالأخت لأب العاصبة مع الغير.
وابن الأخ لأب يسقط بالأربعة المتقدمة وابن الأخ الشقيق.
والعم الشقيق يسقط بالخمسة المتقدمة وابن الأخ لأب.
والعم لأب يسقط بالستة المتقدمة وبالعم الشقيق.
وابن العم الشقيق يسقط بالسبعة المتقدمة، وبالعم لأب.
وابن العم لأب يسقط بالثمانية المتقدمة، وبابن العم الشقيق.
وأما الإخوة لأم فيسقطون بالفرع الوارث، والأصل الوارث من الذكور.
7- الأصول لا يحجبهم إلا أصول، والفروع لا يحجبهم إلا فروع، والحواشي يحجبهم أصول، وفروع، وحواشي كما سبق.
8- يسقط المعتق والمعتقة بكل عاصب من القرابة.

.أقسام الورثة بالنسبة لحجب الحرمان:
ينقسم الورثة بالنسبة لحجب الحرمان إلى أربعة أقسام:
1- قسم يَحجبون ولا يُحجبون: وهم الأبوان، والولدان.
2- قسم يُحجبون ولا يَحجبون: وهم الإخوة لأم.
3- قسم لا يَحجبون ولا يُحجبون: وهم الزوجان.
4- قسم يَحجبون ويُحجبون: وهم بقية الورثة.

.5- تأصيل المسائل:
التأصيل: هو تحصيل أقل عدد يخرج منه أصل المسألة بلا كسر.

.فائدة التأصيل:
معرفة أصول المسائل، وتسهيل قسمة التركات.

.تأصيل مسائل الورثة:
أصل كل مسألة يختلف باختلاف الورثة كما يلي:
1- إن كان الورثة كلهم عصبة فقط، فأصل المسألة من عدد رؤوسهم، فإن كان معهم نساء فللذكر مثل حظ الأنثيين.
فمن مات عن ابن، وبنت فالمسألة من عدد رؤسهم ثلاثة: للابن اثنان، وللبنت واحد.
2- إن كان في المسالة صاحب فرض واحد وعصبة، فأصلها من مخرج ذلك الفرض.
كمن مات عن زوجة، وابن المسألة من ثمانية: للزوجة الثمن واحد، والباقي للابن تعصيباً.
3- إن كان في المسألة أصحاب فروض فقط، أو معهم عصبة، فإنه ينظر بين مخرج الفروض بالنسب الأربع المماثلة، والمداخلة، والموافقة، والمباينة والناتج يكون أصلاً للمسألة.
والفروض هي: النصف، والربع، والثمن، والثلث، والثلثان، والسدس.
فالمتماثلان يكتفى بأحدهما مثل (1/ 2، 1/ 2).
والمتداخلان يكتفى بأكبرهما مثل (1/ 6، 1/ 3).
والمتوافقان يضرب وفق أحدهما في كامل الآخر مثل (1/ 8،1/ 6).
والمتباينان يضرب أحدهما في الآخر مثل (1/ 3،1/ 4).. وهكذا.

.أصول مسائل ذوي الفروض سبعة:
وهي:
اثنان، وثلاثة، وأربعة، وستة، وثمانية، واثنا عشر، وأربعة وعشرون.
وإذا بقي بعد أصحاب الفروض شيء ولا عصبة رد على كل فرض بقدره عدا الزوجين. كزوج، وبنت المسألة من أربعة: للزوج الربع واحد، والباقي للبنت فرضاً ورداً وهكذا.

.النسب الأربع:
النسب الأربع هي: المماثلة، والمداخلة، والموافقة، والمباينة.
فالمماثلة: تساوي العددين في المقدار مثل (4- 4).
والمداخلة: أن ينقسم أكبر العددين على أصغرهما بلا كسر مثل (8- 4).
والموافقة: أن يتفق العددان بجزء من الأجزاء، ولا ينقسم أكبرهما على أصغرهما إلا بكسر مثل (6- 4).
والمباينة: كل عددين متواليين غير الواحد والاثنين فهما متباينان مثل (2- 3) وهكذا..

.كيفية استعمال النسب الأربع:
تستعمل النسب الأربع في النظر بين الرؤوس مع بعضها، وبين المسائل مع بعضها، وبين مقامات الفروض.
وتستعمل الموافقة والمباينة خاصة في النظر بين الرؤوس والسهام، وبين السهام والمسائل.
فيؤخذ أحد المتماثلات، وأكبر المتداخلات، ويضرب الوفق في كل الموافق، والمباين في الآخر.

.الانكسار والانقسام:
الانقسام: هو انقسام السهام على جميع الورثة بلا كسر.
الانكسار: هو عدم انقسام السهام على الورثة أو بعضهم.

.أقسام الأصول بالنسبة لتعدد الانكسار:
تنقسم الأصول من حيث تعدد الانكسار فيها إلى أربعة أقسام:
1- ما لا يتصور فيه الانكسار إلا على فريق واحد وهو أصل (2).
2- ما يتصور فيه الانكسار على فريقين فما دونها وهو أصل (3، 4، 8، 18، 36).
3- ما يتصور فيه الانكسار على ثلاث فرق وهو أصل (6).
4- ما يتصور فيه الانكسار على أربع فرق وهو أصل (12، 24).

عيد الأضحى و تناقض النباتيين!

لايزال السجال قائماً، ويتكرر ويتجدد كلما حلَّ على المسلمين عيد الأضحى المبارك،

بين منكرٌ لهاته الشعيرة الدينية، وبين متهكمٍ عليها..

ففي كل عام وقبل عيد الأضحى المبارك، يخرج علينا البعض ليصفنا بالوحشية لأننا نذبح ونأكل الحيوانات، وعلى هذا يُطالبون الناس بأن يكونوا كلهم “نباتيين vegetarian” مثلهم!
وقد تجلى ذلك في بعض تعليقات منشور البارحة. وهذا المنشور ذو أهمية بمكان لعدة نقاط تهمكم:
1- كيف ترد على نباتي يحاول إقناعك أن تناول اللحوم خاطئ.
2- إذا كان النباتي فعلًا يهتم بالحيوانات فهل سيبقى على مبادئه التي يصف فيها تناول اللحوم بالأمر الخاطئ؟
3- للمسلمين النباتيين: استغلوا طيبتك ليخدعوك.

ملاحظة للتأكيد قبل البدء: هذا المنشور لمن يقول أنَّ تناول اللحوم خاطئ (وحشي، دموي… إلخ). وليس لمن اختار ذلك دون تخطئة من يتناول اللحم.
في البداية، ولتقسيم المنشور نقول: الشخص النباتي الذي يأتي بهذا الكلام هو واحد من اثنين:
1- إما أن يكون لادينيًا أو ملحدًا؛ لا يؤمن بدين.
2- وإما أن يكون من أهل الرسالات، مثل: الإسلام، أو المسيحية، أو اليهودية.

وسوف نتعرض لكلٍ منهما على حدة لنكشف مدى نفاق اللادينيين الذي يخفونه، ونوضح لإخواننا المسلمين النباتيين كيف أنهم خُدِعوا!

أولًا: الملحد، واللاديني..

سنرد عليهم من أكثر من وجه كالتالي:

1) النباتات أيضًا تتألم فلماذا تأكلونها؟!

إذا كانت حجتك أن أكل الحيوان لا يجوز، لأنه كائن حي يشعر ويحس، فنسألك: ما هو معيارك في ذلك؟
فكل الكائنات الحية من ذات الخلية الواحدة: كالبكتريا إلى كائنات قاع المحيط إلى البر، والصحراء، والهواء، كلها تشعر، وتحس، وتستجيب لما حولها!
وتشمل طبعًا النباتات التي تتفاخر بأنك لا تأكل غيرها: هي أيضًا كائنات حية تشعر، وتحس، وترصد، وتتلمس، وتستجيب للحركة!

-فإذا قلت: لا لا.. أقصد الكائنات التي تتألم.
-فنقول لك: وهل أخبرتك هذه الحيوانات أنها تتألم؟
-فإذا قلت: لا طبعًا؛ إذ لا يفهم أحد لغتها، لكن هذا معروف من ذبحنا لها، لا يوجد كائن حي يحب الموت بالتأكيد.
-نقول لك: جميل. وكذلك النباتات أيضاً؛ لا أحد يفهم لغتها، لكن ألمها معروف من تقطيعنا ومضغنا لها، فهي كائن حي لا يحب الموت بالتأكيد!
-فإذا قلت: لا لا.. العلم يقول أن الحيوانات تفرز هرمونات انفعال زائدة مثل “الأدرينالين” في لحظات الذبح، مما يدل على ألمها ومعاناتها.
-فنقولك لك: هذا العلم نفسه أيضاً تقدم وأصبحنا نستطيع فهم النبات أكثر، حيث أثبت العلم أنّ النباتات تفرز موادًا عند أكلها، وعند قضم الحشرات لها، وهي بذلك تحاول أن تدافع عن نفسها ضد الأكل!

●وهذه دراسة قامت بها “جامعة ميسوري الأمريكية” بعنوان:
“النباتات تتجاوب مع اهتزازات الأوراق الناتجة عن مضغ الحشرات، دراسة جامعة ميسوري”
Plants Respond to Leaf Vibrations Caused by Insects’ Chewing, MU Study Finds
الرابط:
https://munews.missouri.edu/news-releases/2014/0701-plants-respond-to-leaf-vibrations-caused-by-insects%E2%80%99-chewing-mu-study-finds/

●وهذا مقال علمي لمدونة تابعة للجامعة للتعليق على الدراسة بعنوان:
“سماع الخطر: اهتزازات المفترسين تثير دفاعات لنبات الكيميائية”
Hearing danger: predator vibrations trigger plant chemical defenses
الرابط:
https://decodingscience.missouri.edu/2014/07/01/hearing-danger-appel-cocroft/

●فيديو قصير بنفس العنوان يصور التجربة مع التعليق:
Hearing danger: predator vibrations trigger plant chemical defenses
الرابط:
https://www.youtube.com/watch?v=TKQ-CIX9afA

●بل وعند مرضها تفرز النباتات مادة تشبه “الأسبرين” المسكن للألم (وهي مادة ساليسيلات الميثيل methyl salicylate والتي تعد إحدى صور الأسبرين). وننوه أيضًا أن الهدف من إنتاج هذه المادة عند النبات في حال التأذي غير معروف على وجه الدقة. إلا أنها تساعدها على المقاومة.

هذا مقال من موقع “لايف ساينس” الشهير بعنوان:
“النباتات تصنع مقاومات الألم الخاصة بها”.
Plants Make Own Painkillers
الرابط:
https://www.livescience.com/5102-plants-painkillers.html

-فإذا قلت: يوووووه!! أقصد الكائنات الحية، التي لها وعي خاص، وتتواصل مع بعضها البعض. أو كما جاء في قرآنكم أيها المسلمون أنهم “أممٌ أمثالكم”.

-قلنا لك: اترك الدين جانبًا فسوف نرد على نقاطه بعد قليل.
أما النباتات: فقد عَلِمَ البشر والزارعون، وأكدَّ العلم أنها ترصد تغيرات في الحركة، والصوت، والضوء؛ لتتواصل مع بعضها البعض عند الغذاء، أو الافتراس، أو الخطر عن طريق مواد كيميائية متنوعة، سواء تلك التي تفرزها فوق الأرض في أجسامها، أو تنثرها في الهواء، أو تلك التي تفرزها تحت الأرض في الجذور والتربة، خاصةً تلك التي عن طريق الفطريات، التي تمثل لها شبكة تواصل أو إنترنت صغيرة كما يصفها الباحثون!

●وهذا مقال من موقع “الميديكال ديلي” بعنوان:
“العلماء يؤكدون أن: النباتات تتكلم وتستمع إلى بعضها البعض، فالتواصل حاسم للبقاء”.
Scientists Confirm that Plants Talk and Listen To Each Other, Communication Crucial for Survival
الرابط:
https://www.medicaldaily.com/scientists-confirm-plants-talk-and-listen-each-other-communication-crucial-survival-240775

●وهذا مقال في نفس الموضوع من موقع “ذا ساينتيست” بعنوان:
“حديث النبات: النباتات تتواصل وتتفاعل مع بعضها البعض أعلى الأرض وتحتها بإتقان مذهل وطرق مدهشة”.
Plant Talk
Plants communicate and interact with each other, both aboveground and below, in surprisingly subtle and sophisticated ways.
الرابط:
https://www.the-scientist.com/features/plant-talk-38209

بل نزيدك من الشعر بيتًا بخصوص الحركة والوعي، وذلك بضرب مثال نبات “المستحية Mimosa Pudica” وردة فعله الاستشعارية؛ للإغلاق، لحماية نفسه عند لمسه (ولذلك أسماه الناس المستحية)، شاهد الفيديو بعنوان:
“الست المستحية: نبات يخجل عند لمسه”.
الرابط:
https://www.youtube.com/watch?v=Q6Y-6EeiLB0

●وكذلك ضرب المثال بالنباتات آكلة اللحوم والحشرات عند لمسها Carnivorous plants، هذا فيديو يتحدث عن بعض أنواعها بعنوان:
“آكلات اللحوم: النباتات اللاحمة تغري الحشرات إلى قبضتها القاتلة”.
Flesh Eaters: Carnivorous Plants Lure Insects Into Their Deadly Clutches
الرابط:
https://www.youtube.com/watch?v=MnY_cCRELvs

●وكذلك النباتات “المتسلقة Vines” وحركتها الرائعة في تلمّس ما تتمسك به في نموها، مثلما في هذا الفيديو القصير بعنوان:
“الحركة اللولبية للنبات المتسلق”.
Twining motion of vines
الرابط:
https://www.youtube.com/watch?v=dTljaIVseTc

وغيرها الكثير الذي لا يترك لك (أيها النباتي) العلماني أي مساحة للـ (تناقض) في هذا الاتجاه بعد الآن! وإذا فكرت قليلًا؛ ستعلم أنك إما مُخادع، أو مخدوع. أما إن كنت تريد البقاء على مبادئك (هذا شأنك) وتخطئة الآخرين (هذا ليس شأنك) فعليك الالتزام بمبادئك، والتوقف عن تناول النباتات أيضًا. (عندما تتناول أي نبات تذكر الألم الذي تحدثه له). لكن دعوتنا هي أن تفكر: كيف خُدعت بالإعلام؟

2) إذا كنت تطورت من حيوانات فلماذا لا تأكلها؟!

وهو الوجه الثاني للرد على الملحد واللاديني النباتي؛ لأن أغلب هؤلاء (حتى المتسترين منهم وراء الدين) يؤمنون بأنهم كما أخبرهم “داروين” قد تطوروا من حيوانات، ومعلوم أن الحيوانات تفترس وتأكل بعضها البعض في سلم الغذاء، هذا شيء أساسي لبقاء الأصلح، فالأصلح يأكل الأقل في سلم التطور كما قال داروين كذلك.
والسؤال الآن: لماذا تتبرأ من هذه الركيزة الأساسية في حياتك؟ لماذا تعيب على الناس أكل لحوم الحيوانات؟ لماذا هذا (التخبط) من جديد؟

بل والمسلمون وأهل الرسالات أفضل في ذلك من غيرهم؛ لأن الله تعالى لم يبح لهم أكل أي حيوان، فوصف لهم محرّمات من الحيوانات مثل التي لها مخالب كالصقر، والنسر، ونحوه، و التي لها أنياب كالكلب، والأسد، وغيرهما، وكذلك التي فيها نجاسة مثل: الخنزير.

3) لماذا تستخدم الحيوانات، وتستفيد من منتوجاتها؟!

وهو سؤال طبيعي ومنطقي آخر! إذا كنت فعلًا بهذه الأخلاق التي تجعلك تنظر للحيوانات التي نأكلها على أنها ذات شخصيات، وكينونة لها حقوقها الرسمية؟
لماذا إذن تمارس (التناقض) مرة أخرى، وتستخدم منتجات هذه الحيوانات في حياتك؟!
هل سمحت لك الحيوانات أن تركبها في الصحراء، والجبال الوعرة، أو في الزراعة، والحرث الذي يستفيد منه مليارات البشر يوميًا وتستفيد أيضًا منه (النباتات) التي تريد منّا أكلها؟!
هل سمحت لك الحيوانات بأخذ هرموناتها في أدويتك؟!
هل سمحت لك الحيوانات بالغذاء على ألبانها؟
هل سمحت لك الطيور بأكل بيضها؟!
هل سمحت لك حيوانات الفراء بأخذ فرائها؟! وحيوانات الجلود بالاستفادة من جلودها؟ مقعدك الجلدي؟ ساعتك الجلدية؟ حزامك؟ حذاءك؟ سترتك الجلدية؟ وما خفي كان أعظم!

وهل ستدخل الأسماك أيضًا من ضمن ما تريد تحريمه على البشرية؟! لاسيما وأنه يتم اصطياد مئات الملايين من الأسماك يوميًا في شتى بقاع العالم؟!

4) لماذا لا توقّف تجارب الأدوية على الحيوانات؟

في كل عام يموت عشرات الملايين من حيوانات التجارب في معامل الباحثين والعلماء، بل وحتى طلاب الطب والصيدلة. فمعظم الأدوية اليوم قائمة على موت، ومعاناة، وألم هذه الحيوانات، دون إذن منها ولا موافقة! وبعضها ميتات أبشع بكثير من ذبحها الذي لا يستغرق ثوانٍ معدودة! منها: الحقن، والحرق، والتجويع، والإصابة بمختلف الأمراض المميتة والفتاكة من سرطان وغيره!
والسؤال من جديد:
لماذا هذا (التناقض) والكيل بمكيالين عندما لا نسمع صوتك لإيقاف هذه التجارب التي تعود بالنفع على ملايين البشر؟
هل لأنك تعلم ساعتها مدى (سذاجة) مطالبك وكيف ينظر لك العالم والعلماء وقتها؟! الغريب أن كل الطرق الجديدة التي يتحدث عنها الباحثون للتجارب بعيدًا عن الحيوانات لن تغني عن تجارب الحيوانات أيضًا، حيث أن عددًا كبيرًا من الأدوية يتطلب دراسة تفاعل الجسم كله مع الدواء بما فيه الجهاز المناعي، والعصبي وغيره، وهذا لا يتحقق في مزرعة خلايا محدودة، أو مجموعة معزولة عن بقية الجسم!

5) لا تلعب على وتر العاطفة حتى لا ينقلب عليك مثله!

حيث إذا كنت تلعب على وتر العاطفة بعرضك مشاهد الذبح على الناس مع وصفك لها بالوحشية إلخ، فلم يأمرك أحد ولم يجبرك الدين على أن تذبح بنفسك! ولم يأمرك أحد أيضًا أن تأكل من اللحم إذا اخترت لنفسك ذلك الطريق لكن.. لا تذم مَن يذبح، ومَن يأكل اللحم، ويسد حاجة جسده من مواد اللحوم الهامة لصحته، وحياته.

أيضًا إذا كنت تلعب على وتر العاطفة من عرضك لمشاهد الذبح للتأثير على المشاهدين بكلامك الذي تصف ذلك فيه بالوحشية: فيمكننا بالمثل عرض فيلم عن آلام ومعاناة حيوانات التجارب حتى الموت (وهو موجود بالفعل)! بل ويمكن لشخص آخر أن ينتج فيديو عن معاناة وألم النباتات وقت التقطيع والأكل! فهل ستتجاوب معهم كذلك مثلما تطلب من الناس التجاوب مع فيديوهاتك؟

ثانيًا: المسلم، أو النصراني، أو اليهودي..

وهؤلاء نقول لهم في نقاط سريعة:

1) ماذا تفعلون في نصوص الذبح في كتبكم؟ هل تكفرون بها؟

حيث جاء في كتبكم نصوص كثيرة تتحدث عن نعمة الحيوانات، التي سخرها الله لنا في الملبس، والمشرب، والمأكل. فإذا كنتم لا تقرأون كتبكم، فلا تجعلوا من أنفسكم لعبة يستخدمها هؤلاء (المناقضين لأنفسهم) للزعم بأن الذبح والأكل ليسا من الدين ولا يمكن أن يأمر به الله!(على مَن يضحك هؤلاء؟!).

فبالنسبة لليهود والنصارى:

فهم يؤمنون بما جاء في (العهد القديم) من قتل الله للحيوانات لأخذ جلودها لستر آدم وحواء بعد المعصية (سفر التكوين 21:3)، وأيضًا تقبّل الله لقربان هابيل، والذي كان من أبكار الغنم، وسمانها، وعدم قبوله لقربان قابين (أو قابيل) الذي كان من الفواكه (سفر التكوين 4:4-5).
وكذلك فرح الرب من تضحية نوح من الحيوانات التي كانت معه على السفينة (سفر التكوين 20:8-21).
وأيضًا فداء ابن إبراهيم عليهما السلام بذبح كبش بدلًا منه (سفر التكوين 10:22-13).

وكذلك ما جاء في (سفر اللاويين) من أحكام الذبائح، والمحرقة لتكفير الخطايا، والقربان من الله، مثل:
(ذبيحة المحرقة – تقدمة القربان – ذبيحة السلامة – ذبيحة الخطية – ذبيحة الإثم).
والتي تكون من البقر، والغنم، والماعز، واليمام، والحمام.
والمسيحيون يؤمنون بمشروعية كل ما سبق لأنه موجود في العهد القديم من كتابهم الذين يؤمنون به (وكذلك يؤمنون بجواز ذبح النذر إذا نذره المسيحي لشيء معين)، لكنهم يؤمنون كذلك بعدم ضرورة الذبح كقرابين، أو خلاص للذنوب، بعدما فداهم المسيح على الصليب حسب قولهم. فهو ذبيحهم؛ ولذلك لديهم طقس التناول في كنائسهم، أو “سر الأفخارستيا” الذي يتناولون ويشربون فيه، وهم يؤمنون بأكل، وشرب جسد المسيح نفسه على الحقيقة!

أما في الإسلام:
فقد خدعك مروجو النباتية وإن لم يكونوا نباتيين.
إذ بالفعل، قد يكون بعض مروجي النباتية غير مؤمنين بها، إنما كل همهم أن تتبرأ من دينك باستجرارك بعاطفتك، وهكذا شيئًا فشيئًا. وقد بينا نقاط العاطفة أعلاه في المنشور. ونذكر الآن بكلام الله وشرعنا الحنيف. (فهو الذي خلقنا جميعًا وبين نظام حياتنا)

فنجد العجب العجاب من هؤلاء الذين خُدعوا! ويكونون قد بدأوا معهم – في كثيرٍ من الحالات – بالتدريج. فمنهم من يتبنى أن أكل الحيوانات ليس من الدين، بل لعل بعض هؤلاء يستهل دعوته النباتية باقتباس “أممٌ أمثالكم” من القرآن!
علمًا بأن الله تعالى قال لنبيه عن الذبح، والنحر شكرًا لله:
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ} سورة الكوثر 2.

ويقول عزَّ وجلَّ عندما تحدّث عن موسم الحج في القرآن، والأنعام التي نذبح منها شكرًا له:

{لِّيَشۡهَدُواْ مَنَٰافِعَ لَهُمۡ وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰامِۖ فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡبَآئِسَ ٱلۡفَقِيرَ} سورة الحج 28.

فكيف بعد قوله تعالى (فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير) يحاول من غُرست النباتية في عقولهم إقناع أنفسهم أن أكل اللحوم ليس من الدين أو يتنافى مع رحمة الله في الإسلام؟! للأسف باعتبار الأمر مغروس في العقول فيجب التأمل قليلًا لتعلم أنك خُدعت، فلا تسمح لعقلك ونفسك بالتهرب من هذا.
ويخبرنا الله في نفس سورة الحج أيضًا أن ذبح البُدن (وهي من الإبل والبقر) هو من شعائر وعلامات هذا الدين وشعائر الحج، يقول سبحانه:

{وَٱلۡبُدۡنَ جَعَلۡنَٰهَا لَكُم مِّن شَعَٰآئِرِ ٱللَّهِ لَكُمۡ فِيهَا خَيۡرٞۖ فَٱذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَيۡهَا صَوَآفَّۖ فَإِذَا وَجَبَتۡ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡقَانِعَ وَٱلۡمُعۡتَرَّۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرۡنَٰهَا لَكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ * لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَآؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقۡوَىٰ مِنكُمۡۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمۡ لِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاٰكُمۡۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} سورة الحج 36-37.
إذن:
هؤلاء (المخدوعون) يستخفون ويستهزئون بشرع الله إذا كانوا مسلمين، وقد ذبحَ النبي ﷺ بنفسه عشرات الذبائح في الحج وغيره كما ورد في عشرات الأحاديث الصحيحة!

فالله قد خلق لنا هذه الحيوانات التي نأكلها لننتفع بها.
هكذا بكل بساطة بلا أي تنطع، أو تفلسف، أو سفسطة، أو إنسانية زائفة!
فشرع لنا أكلها في غذائنا اليومي شرط طهارتها..
وشرع لنا الذبح منها كأضاحي في العيد..
وشرع لنا الذبح منها كفِدية عن أخطاء الحج والعمرة..
وشرع لنا ذبحها كهدي إلى بيته المحرم..
وشرع لنا ذبحها كعقيقة عن كل مولود..
وشرع لنا ذبحها كوليمة عند الزواج والعقد..
وشرع لنا ذبحها كنذور..
وهكذا…
وكل ذلك يذهب الجزء الأكبر منه للفقراء فعليًا، ودون أدنى مبالغة، وهو ما لا يحدث في أي مكان في العالم إلا في بلاد المسلمين!

2) رحمة الإسلام الحقيقية..

أما رحمة الإسلام الحقيقية فهي في تعاملنا الراقي كبشر مع بعضنا البعض، ومع الحيوانات، ومع النباتات، وكل مظاهر النعمة والحياة على الأرض.
فقد نهى النبي ﷺ عن وضع الحيوان للتصويب عليه، وما يصيبه من الذعر والخوف في ذلك، ونهى عن وسم الحيوان في وجهه (وهي الختم الحارق ونحوه الذي يضعه أصحاب الحيوانات عليها لتمييزها)، ولما فجعت أنثى طائر صغير بأخذ بيضها الحامل لفراخها منها، أمر النبي بردِّه إليها، وقد حكى لنا النبي ﷺ عن دخول امرأة النار بسبب هِرّة (أي قطة) حبستها، ولم تطعمها حتى ماتت، كما حكى لنا عن رجل آخر دخل الجنة بسبب سقيه لكلب كاد أن يموت من العطش.
وهكذا…
ولذلك أمرنا الله بألا نذبح إلا بنية الأكل فقط، وليس التعذيب أو التسلّي.
لذلك نقول عند الذبح: (بسم الله). أي بسم خالقنا، وخالقك الذي أباحك لنا.
كذلك أرشدنا رسوله إلى الإحسان في الذبح وعدم تعذيب الذبيحة.
وذلك عن طريق ما يعرف بالذبح الإسلامي، أو “التذكية” الذي يتم الذبح فيه في ثوان معدودة، وهو ما يعرف عالميًا ب”الذبح الحلال Halal Slaughter”، والذي يشتهر في الدول الأجنبية بأنه أطيب أنواع اللحوم الناتجة من الحيوانات بعد تذكيتها من الدم.

والآن:
قارنوا ذلك بطرق القتل الوحشية من الضرب، والوخز حتى الموت التي يقوم بها غير المسلمين في بلادهم، التي تدّعي الرقي والإنسانية! حيث أنهم لا يعملون بالشرع الصحيح في الذبح، ولا يأخذونه كدين عندهم يجب العمل به، بل الأمر يقع عندهم كتجارة مثل أي تجارة يمكنهم الغش فيها إذا غابت الرقابة!

بل وحتى طرق القتل المعمول بها عندهم فهي التي تعذّب الحيوان أكثر، وليس الذبح الإسلامي، ففي أوروبا وأمريكا يتم قتل الكثير من الحيوانات عن طريق الصعق بالكهرباء، أو الحقن بالهواء في الدم، وهناك فضائح كثيرة لمسالخ كاملة تقتل الحيوانات بوحشية بلا أية معايير أو أخلاق، مثل هذا الخبر من فرنسا كمثال:
“هذا الفيديو المرعب عن القسوة مع الحيوانات أدى إلى إغلاق مسلخ فرنسي”.
This Horrific Video of Animal Cruelty Led to the Shutdown of a French Slaughterhouse
الرابط:
https://news.vice.com/article/this-horrific-video-of-animal-cruelty-led-to-the-shutdown-of-a-french-slaughterhouse

بل وهناك أبحاث علمية: أثبتت أنه حتى في حالة الصعق قبل الذبح فإن عددًا كبيرًا من الحيوانات يفيق منه قبل الذبح مباشرة، ومن ثم يشعر بالذبح فكأنه يتم قتله مرتين!
مثل هذه الدراسة من موقع “إنجينتا كونيكت” :
“تقديرات عن عودة الوعي بعد الصدمات الصاعقة في الحملان”
Assessment of Return to Consciousness After Electrical Stunning in Lambs
الرابط:
http://www.ingentaconnect.com/content/ufaw/aw/2002/00000011/00000003/art00007

إذن:
طريقة الذبح الإسلامي للحيوانات والطيور (أو التذكية) بقطع الحلقوم، وقطع طريق الدم إلى الدماغ هي الأرحم بالحيوان، طالما مصيره الأكل من الإنسان كنعمة وهبها الله لنا ولمنفعتنا، وأما باقي التشنجات التي يمكن أن نراها بعد الذبح من جسم الحيوان فهي استجابات عصبية لاإرادية وليس لها وعي من حيوان مات بالفعل، وهي ظاهرة معروفة يمكن رؤيتها في ساق ضفدع مفصولة عن جسده تمامًا أو في سمكة بلا رأس!

3) توازن خلق الله عز وجل في الحيوانات:

وهي واقعة حقيقية نختم بها هذا الموضوع للتعرف على بعض أوجه حكمة الله في خلقه، حيث عندما أراد بعض الأمريكان ممارسة هذه الروح الزائفة للإنسانية فمنعوا الذئاب من التواجد في أحد المتنزهات الوطنية الأمريكية للحيوانات (وهو منتزه يالستون) حتى لا تأكل الأيائل!

فقد تكاثرت هذه الأيائل لمدة 70 عامًا بصورة مخيفة حتى صارت ضررًا على التوازن البيئي والنباتي بالمنطقة (يعني حتى النباتات التي يدعو النباتيون للاكتفاء بها تعرضت للاختفاء)، مما اضطرهم في النهاية إلى إعادة الذئاب عام 1995م، ليعود بذلك التوازن في المتنزه مرة أخرى.

والحادثة شهيرة جدًا ومن أقوى الأمثلة العالمية على التوازن الذي يخرّبه الإنسان عندما يتدخل فيه، وهذا مقطع ترجمناه من قبل عن هذه الواقعة بعنوان:
“كيف تغير الذئاب الأنهار”.
الرابط:
https://www.youtube.com/watch?v=uR53ZnI0_eE

فسبحان الله خالق كل شيء ومدبره!
وكل عام وأنتم بخير. وأعانكم الله على التضحية وإطعام الفقير والمحتاج. وتقبل منكم. {{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}}
إعداد: الباحثون المسلمون
تدقيق لغوي: محمود سلامة

فضل يوم عرفة..

ماالمقصود بيوم عرفة؟

يوم عرفة عند جمهور العلماء هو وقوف حجاج بيت الحرام بجبل عرفة، والذي يصادف كل سنة التاسع من ذي الحجة، وصيامه مندوب ومستحب لمن قدر عليه، بالنسبة لغير الحاج، و هو يوم من المواطن التي يستجاب فيها الدعاء،

وجاء في قوله صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة : {يكفر السنة الماضية والمستقبلة } قال الماوردي في الحاوي : فيه تأويلان [ ص: 431 ] أحدهما ) أن الله تعالى يغفر له ذنوب سنتين .

( والثاني ) أن الله تعالى يعصمه في هاتين السنتين فلا يعصي فيهما . وقال السرخسي : أما السنة الأولى فتكفر ما جرى فيها ، قال : اختلف العلماء في معنى تكفير السنة الباقية المستقبلة . فقال : بعضهم : معناه إذا ارتكب فيه معصية جعل الله تعالى صوم يوم عرفةالماضي كفارة لها ، كما جعله مكفرا لما في السنة الماضية . وقال بعضهم : معناه أن الله تعالى يعصمه في السنة المستقبلة عن ارتكاب ما يحتاج فيه إلى كفارة . وقال صاحب العدة في تكفير السنة الأخرى يحتمل معنيين : ( أحدهما ) المراد السنة التي قبل هذه فيكون معناه أنه يكفر سنتين ماضيتين .

( والثاني ) أنه أراد سنة ماضية وسنة مستقبلة . قال وهذا لا يوجد مثله في شيء من العبادات أنه يكفر الزمان المستقبل وإنما ذلك خاص لرسول الله صلى الله عليه وسلم غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر بنص القرآن العزيز . وذكر إمام الحرمين هذين الاحتمالين بحروفهما . قال إمام الحرمين : وكل ما يرد في الأخبار من تكفير الذنوب فهو عندي محمول على الصغائر دون الموبقات . هذا كلامه .

وقد ثبت في الصحيح ما يؤيده ، فمن ذلك حديث عثمان رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها ، إلا كانت له كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة . وذلك الدهر كله } رواه مسلم . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر } رواه مسلم . وعن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : ” { الصلاة الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن من الذنوب إذا اجتنبت الكبائر } رواه مسلم .

( قلت ) وفي معنى هذه الأحاديث تأويلان : ( أحدهما ) يكفر الصغائر بشرط أن لا يكون هناك كبائر ، فإن كانت كبائر لم يكفر شيئا لا الكبائر ولا الصغائر .

[ ص: 432 ] والثاني ) وهو الأصح المختار أنه يكفر كل الذنوب الصغائر ، وتقديره يغفر ذنوبه كلها إلا الكبائر . قال القاضي عياض رحمه الله : هذا المذكور في الأحاديث من غفران الصغائر دون الكبائر هو مذهب أهل السنة ، وأن الكبائر إنما تكفرها التوبة أو رحمة الله . فإن قيل : قد وقع في هذا الحديث هذه الألفاظ ووقع في الصحيح غيرها مما في معناها ، فإذا كفر الوضوء فماذا تكفره الصلاة ؟ وإذا كفر الصلوات فماذا تكفره الجمعات ورمضان ؟ وكذا صوم يوم عرفة كفارة سنتين ، ويوم عاشوراء كفارة سنة ، وإذا وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه . فالجواب ما أجاب به العلماء أن كل واحد من هذه المذكورات صالح للتكفير فإن وجد ما يكفره من الصغائر كفره ، وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة كتبت به حسنات ورفعت له به درجات ، وذلك كصلوات الأنبياء والصالحين والصبيان وصيامهم ووضوئهم وغير ذلك من عباداتهم ، وإن صادف كبيرة أو كبائر ولم يصادف صغائر ، رجونا أن تخفف من الكبائر . وقد قال أبو بكر في الأشراف في آخر كتاب الاعتكاف في باب التماس ليلة القدر في قوله صلى الله عليه وسلم : { من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه } قال : هذا قول عام يرجى لمن قامها إيمانا واحتسابا أن تغفر له جميع ذنوبه صغيرها وكبيرها.
قال صلّى الله عليه وسلّم: “خير الدعاء دعاء يوم عرفة”.
وقال صلّى الله عليه وسلّم: “دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل به، كلما دعا لأخيه قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل.”
قال الإمام الأوزاعي رحمه الله :” أدركتُ أقوامًا كانوا يخبئون الحاجات ليوم عرفة ليسألوا الله بها.”
اللهم لك الحمد كالذي نقول وخيرا مما نقول… اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ووسوسة الصدر وشتات الأمر.
اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا كبيرًا، وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
اللهم اغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني رحمة أسعد بها في الدارين وتب عليّ توبة نصوحًا لا أنكثها أبدأ وألزمني سبيل الاستقامة لا أزيغ عنها أبدًا.
اللهم انقلني من ذل المعصية إلى عز الطاعة، واكفني بحلالك عن حرامك واغنني بفضلك عمن سواك، ونور قلبي وقبري، واغفر لي من الشر كله، واجمع لي الخير.
اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
اللهم يسرني لليسرى وجنبني العسرى، وارزقني طاعتك ما أبقيتني، أستودعك مني ومن أحبابي والمسلمين أدياننا وأماناتنا وخواتيم أعمالنا، وأقوالنا وأبداننا وجميع ما أنعمت به علينا.
اللهم ارفع عنا البلاء والوباء والغلاء ونجنا من سيء الاسقام والاوجاع وابسط لنا من رحماتك وبركاتك..
اللهم احفظ بلادنا من كل سوء واذى..
اللهم انصر المظلومين وكن لهم عونا ونصيرا..
يا رب العالمين..


كيف يذبح المسلم أضحيته بعد ذبح الإمام في ظل منع صلاة العيد في المصليات بسبب “كورونا”؟

كيف يذبح المسلم أضحيته بعد ذبح الإمام في ظل منع صلاة العيد في المصليات بسبب “كورونا”؟

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هديه ورشده.
وبعد؛ فكثير من الناس يسألون هذه الأيام عن وقت ذبح الأضحية، والمسلم مطالب بالذبح بعد ذبح الإمام؛ ولكن هذا العيد لن تقام صلاة العيد في المصليات بسبب “كورونا” فما العمل في هذه النازلة الطارئة؟
الجواب والله الموفق للصواب
من المعلوم أن المطلوب بسبب “كورونا” أن يؤدي كل واحد منا صلاة العيد في بيته مع أهله كما يصليها الإمام في المصلى(1): يكبر في الركعة الأولى سبعا بما فيها تكبيرة الإحرام، ويكبر في الثانية ستا بما فيها تكبيرة القيام، من غير خطبة، ولو خطب -إن استطاع- فلا بأس وهذا هو مذهب المالكية(2).
وحجتهم: ما أورد البخاري في صحيحه معلقا(3) فقال: “أمر أنس بن مالك مولاه ابن أبي عتبة بالزاوية(4) فجمع أهله وبنيه، وصلى كصلاة أهل المصر وتكبيرهم(5)، وقال عكرمة: «أهل السواد(6) يجتمعون في العيد، يصلون ركعتين كما يصنع الإمام»(7)”، وروى البهيقي بسنده: «كان أنس إذا فاتته صلاة العيد مع الإمام جمع أهله فصلى بهِم مثل صلاة الإمام في العيد»(8).
لكن يشترط ألا يصلي صلاة العيد إلا بعد شروق الشمس باتفاق المذاهب الأربعة(9). أما ذبح الأضحية فلا يجوز في المذهب المالكي إلا بعد ذبح الإمام؛ وقد اختلف العلماء في المراد بالإمام هنا إلى قولين مشهورين:
1) قيل: المراد الإمام الأعظم وهو عندنا في المملكة المغربية أمير المؤمنين أعزه الله.
2) قيل: المراد إمام صلاة العيد؛ وليس إمام المسجد ولا إمام الحي والبلد؛ وقد نقل الشيخ خليل في كتابه “التوضيح” عن ابن رشد قال: “المراعَى في ذلك الإمامُ الذي يصلي صلاة العيد بالناس”(10).
واعتبار إمام صلاة العيد هو الذي جرى به العمل عندنا في المغرب؛ وبما أن كل واحد منا في هذه الظروف سيصلي صلاة العيد في بيته؛ فالمعتبر صلاته هو نفسه للعيد بأهله إماما؛ فمتى صلى بأهله في بيته جاز له أن يذبح بعد صلاته مباشرة من غير انتظار صلاة أي إمام مسجد آخر.
ولكن من أراد الخروج من الخلاف والأخذ بالاحتياط فلينتظر ذبح الإمام الأعظم؛ وصلاة أمير المؤمنين أعزه الله وهو الإمام الأعظم تبث مباشرة عبر وسائل الإعلام.
وهذا ليس بالفتوى وإنما هو تسليط الضوء على المسألة بالنقل لما في مذهب المالكية مع تنزيله على هذه النازلة الطارئة؛ لكن إذا أصدر المجلس العلمي الأعلى فتوى في المسألة فيجب الأخذ بها واعتبار ما نقلتُ هنا لغوا مُلْغًى…
هذا فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فسبحان الله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كنت أجبت عن هذه المسألة في عيد الفطر الماضي جوابا مفصلا منشورا في صفحتي على الفيسبوك “نفحات من الفقه المالكي” وهو بعنوان: (هل تصح صلاة العيد في البيوت بسبب كورونا؟) بتاريخ (يوم الخميس 20 رمضان 1441هـ 14 / 5 / 2020م).
(2) شرح التلقين للمازري: (1/1058)، ومواهب الجليل للحطاب: (2/197 و198).
(3) صحيح البخاري: أبواب العيدين: باب إذا فاته العيد يصلي ركعتين.
(4) المراد بالزواية: قرية على فرسخين (تقريبا 12 كيلو مترا) من البصرة كان بها لأنس قصر وأرض وكان يقيم هناك كثيرا. فتح الباري لابن حجر: (2/475).
(5) وصله عبد الرزاق في مصنفه: (3/ 332): (رقم5855)، وابن أبي شيبة في مصنفه: (2/4): (رقم5803).
(6) المراد بالسواد: الريف المكتنف للبلد المحيط به. الموسوعة الفقهية الكويتية: (39/131).
(7) وصله ابن أبي شيبة في مصنفه: (2/10): (رقم5876).
(8) السنن الكبرى للبيهقي: (6/593): (رقم6307).
(9) بداية المجتهد لابن رشد الحفيد: (1/435)، والمجموع للنووي: (8/389)، والقوانين الفقهية لابن جزي: (1/125)، ونيل الأوطار للشوكاني: (5/187).
(10) كتاب التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب للشيخ خليل: (ج3 / ص277)، والشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (2/120).

عبد الله بنطاهر
يوم الأحد 5 ذو الحجة 1441هـ 26 / 7 / 2020م.
مسجد الإمام البخاري بوركان أكادير – المغرب.

حكم قراءة القرآن جماعة عند المالكية..

أما قراءة القرآن فقد صح عن الإمام مالك رحمه الله وهو إمام المذهب إنكار قراءة القرآن جماعة وتابعه على هذا عدد من علماء المالكية منهم :

1 – محمد العتبي المالكي حيث قال في العتبية 1/298 : قال ابن القاسم : قال مالك في القوم يجتمعون جميعا فيقرؤن في السورة الواحدة مثل ما يفعل أهل الإسكندرية ، فكره ذلك و أنكر أن يكون من فعل الناس .

2 – وقال العتبي كذلك في العتبية 1/242: وسئل عن القراءة في المسجد فقال لم يكن بالأمر القديم و إنما هو شيء أحدث ، و لم يأت آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها . والقرآن حسن .

3 – وقال العتبي في العتبية كذلك 2/17 : وسئل عن دراسة القرآن بعد صلاة الصبح في المسجد يجتمع عليه نفر فيقرؤون في سورة واحدة فقال : كرهها مالك و نهى عنها و رأى أنها بدعة .

4 – قال الطرطوشي المالكي في كتابه الحوادث و البدع 117/118 : و قراءة القرآن جماعة ضمن البدع
ويقول كذلك في الصفحة 118 ناقلا عن مختصر ما ليس في المختصر لابن شعبان قول مالك : (( و الذين يجتمعون و يقرؤون سورة واحدة حتى يختموها ، يختمها كل واحد على إثر صاحبه مكروه منكر ، و لو قرأ أحدهم منها آيات ، ثم قرأ الآخر على إثر صاحبه ، و الآخر كذلك ، لم يكن به بأس ، هؤلاء يعرضون بعضهم على بعض.))

5 – إمام المذهب محمد بن سحنون (المتوفى سنة256هـ)
قال رحمه الله في كتاب آداب المعلمين: { و لقد سئلَ مالكٌ عن هذه المجالسِ التي يُجتمعُ فيها للقراءةِ فقالَ: بدعةٌ، و أرى للوالي أن ينهاهم عن ذلك و يحسنَ أدبهمَ، و لْيعلِّمهم الأدبَ، فإنه من الواجبِ للهِ عليهِ النصيحةُ، و حفظُهم و رعايتُهم).
ص:83. طـ:الشركة الوطنية للنشر و التوزيع، الجزائر العاصمة.

6 – وقال العلامة محمد كنوني المذكوري مفتي رابطة علماء المغرب ـــ في كتاب الفتاوى حول سؤال عن قراءة القرآن جماعة ـــ بعد أن ذكر السنة في القراءة : ولكن العمل في المغرب جرى بالاجتماع للقراءة في المساجد و غيرها ، ومن المقرر المعلوم أن الإمام مالكا رحمه الله يقول بكراهة ذلك حيث قال : ليست القراءة في المساجد بالأمر القديم و إنما هو شيء أحدث .

7 – وجاء في المعيار المعرب 11 / 112 : و سئل أبو إسحاق الشاطبي عن قراءة الحزب بالجمع هل يتناوله قوله عليه السلام : [و ما اجتمع قوم في بيت ] الحديث .كما وقع لبعض الناس ، أو هو بدعة ؟
فأجاب : إن مالكا سئل عن ذلك فكرهه ، وقال لم يكن من عمل الناس .
و في العتبية سئل عن القراءة في المسجد ، يعني على وجه مخصوص كالحزب و نحوه فقال : لم يكن بالأمر القديم , وإنما هو شيء أحدث .

8 – و في المعيار أيضا 11/115/116 : و أما قراءته بالادارة ــ أي جماعة ــ في وقت معلوم على ما نص في السؤال وما أشبهه ، فأمر مخترع ، وفعل مبتدع ، ولم يجر مثله قط في زمان رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا في زمن الصحابة رضي الله عنهم ، حتى نشأ أقوام خالفوا عمل الأولين ، وعملوا في المساجد بالقراءة على ذلك الوجه الإجتماعي الذي لم يكن قبلهم ، فقام عليهم العلماء بالإنكار و أفتوا بكراهيته .و إن العمل به كذلك مخالفة لمحمد صلى الله عليه و سلم و أصحابه ، وذلك أن قراءة القرآن عبادة ، إذا قرأه الإنسان على الوجه الذي كان الأولون يقرؤون ، فإذا قرأ على غيره كان قد غيرها على وجهها فلم يكن القارئ متعبدا لله بما شرع له

.قال مالك بن أنس : لا يجتمع القوم يقرؤون في سورة واحدة كما يفعل أهل الإسكندرية ، هذا مكروه ، هذا لا يعجبني .

9 – وقال العلامة ابن الحاج الفاسي المالكي في كتابه المدخل إلى تنمية الأعمال 2/224/225 : وينبغي له أن ينهى من يقرأ الأعشار وغيرها بالجهر و الناس ينتظرون صلاة الجمعة أو غيرها من الفرائض ، لأنه موضع النهي لقول النبي صلى الله عليه و سلم : {لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن } و لا يظن ظان أن هذا إنكار لقراءة القرآن ، بل ذلك مندوب إليه بشرط أن يسلم من التشويش على غيره من المصلين و الذاكرين و التالين و المتفكرين وكل من كان في عبادة

10 – قال ابن رشد ( الفقيه المالكي ) في البيان و التحصيل (1/298): إنما كرهه (يقصد الإمام مالكا)لأنه أمر مبتدع ليس من فعل السلف ، و لأنهم يبتغون به الألحان و تحسين الأصوات بموافقة بعضهم بعضا و زيادة بعضهم في صوت بعض على نحو ما يفعل في الغناء ،فوجه المكروه في ذلك بين ، و الله أعلم .

11 – الملك المغربي العلوي العظيم المولى سليمان بن محمد بن عبد الله بن إسماعيل – قدس الله روحه-

قال رحمه الله في خطبته العصماء المباركة التي كتبها بقلمه لخطباء المساجد يخ**** بها في الجُمَع يحذر فيها من إتباع أهل البدع وينكر عليهم جملة من البدع منها الاجتماع في المواسم بالإنشاد والآلات والرقص و أوعدهم بالعقوبة إن لم ينتهوا، قال : ((والذكر الذي أمر الله به ، وحث عليه ومدح الذاكرين به ، هو على الوجه الذي كان يفعله صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن على طريق الجمع ورفع الأصوات على لسان واحد ، فهذه سنة السلف وطريقة صالحي الخلف ، فمن قال بغير طريقتهم فلا يستمع ، ومن سلك غير سبيلهم فلا يتبع { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصير}، { قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ، وسبحان الله وما أنا من المشركين}، فما لكم يا عباد الله ولهذه البدع ؟! أأمناً من مكر الله ؟! أم تلبيسا على عباد الله !؟ أم منابذة لمن النواصي بيده ؟! أم غروراً لمن الرجوع بعدُ إليه ؟! فتوبوا واعتبروا ، وغيروا المناكر واستغفروا ، فقد أخذ الله بذنب المترفين من دونهم ! وعاقب الجمهور لما أغضوا عن المنكر عيونهم ، وساءت بالغفلة عن الله عقبى الجميع ، ما بين العاصي والمداهن المطيع ! أفيزين لكم الشيطان وكتاب الله بأيديكم ؟ أم كيف يضلكم وسنة نبيكم تناديكم !؟ فتوبوا إلى رب الأرباب ، وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون )).

فهؤلاء من أعلام المذهب المالكي ينصون على بدعية هذا الفعل و إن كان غيرهم يقول بخلاف هذا الكلام .

وهذا الدكتور العلامة تقي الدين الهلالي يقول حول هذه المسألة من كتابه الحسام الماحق حول قراءة القرآن جماعة:

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ، و بعد:
قال العلامة الشيخ محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله في كتابه ” الحسام الماحق ” :

” اعلم أنَّ الاجتماع لقراءة القرآن في المسجد في غير أوقات الصلاة مشروع لقول النبي صلى الله عليه وسلم ” و ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه فيما بينهم إلا نَزَلت عليهم السكينة و غَشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله فيمن عنده ، و من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه” . رواه مسلم من حديث أبي هريرة .

لكن الاجتماع لقراءة القرآن الموافقة لسنة النبي صلى الله عليه و سلم و عمل السلف الصالح أن يقرأ أحد القوم و الباقون يسمعون، و من عرض له شك في معنى الآية استوقف القارئ، و تكلم من يحسن الكلام في تفسيرها حتى ينجلي تفسيرها، و يتضح للحاضرين، ثم يستأنف القارئ القراءة. هكذا كان الأمر في زمان النبي صلى الله عليه و سلم إلى يومنا هذا في جميع البلاد الإسلامية ما عَدَا بلاد المغرب في العصر الأخير، فقد وضع لهم أحد المغاربة و يسمى ( عبد الله الهبطي ) وَقْفاً محدثاً ليتمكنوا به من قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة، فنشأ عن ذلك بدعة القراءة جماعة بأصوات مجتمعة على نغمة واحدة وهي بدعة قبيحة تشتمل على مفاسد كثيرة :

الأولى: أنـها محدثة
و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم: ” و إياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة “.

الثانية: عدم الإنصات فلا ينصت أحد منهم إلى الآخر، بل يجهر بعضهم على بعض بالقرآن، و قد نـهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: ” كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن، و لا يؤذ بعضكم بعضاً “.

الثالثة: أن اضطرار القارئ إلى التنفس و استمرار رفقائه في القراءة يجعله يقطع القرآن و يترك فقرات كثيرة فتفوته كلمات في لحظات تنفسه، و ذلك محرم بلا ريب .

الرابعة : أنه يتنفس في المد المتصل مثل : جاء ، و شاء ، و أنبياء ، و آمنوا ، و ما أشبه ذلك فيقطع الكلمة الواحدة نصفين ، و لا شك في أن ذلك محرم و خارج عن آداب القراءة ، و قد نص أئمة القراءة على تحريم ما هو دون ذلك ، و هو الجمع بين الوقف و الوصل ، كتسكين باء ( لا ريب ) و وصلها بقوله تعالى :”فيه هدى” قال الشيخ التهامي بن الطيب في نصوصه : الجمع بين الوصل و الوقف حرام * نص علـيه غير عـالم هـمام

الخامسة: أن في ذلك تشبهاً بأهل الكتاب في صلواتـهم في كنائسهم.

فواحدة من هذه المفاسد تكفي لتحريم ذلك، و الطامة الكبرى أنه يستحيل التدبر في مثل تلك القراءة و قد زجر الله عن ذلك بقوله في سورة محمد :” أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها” و نحن نشاهد معظم من يقرأ على تلك القراءة لا يتدبر القرآن و لا ينتفع به، و تاالله لقد شاهدت قُراء القرآن على القبر فلم يتعظوا بمشاهدته و لا برؤية القبور و لا بما يقرؤونه من القرآن، فقبح الله قوماً هذا حالهم (و بعداً للقوم الظالمين) .

قال أبو إسحاق الشاطبي في الاعتصام:

و اعلموا أنه حيث قلنا: إن العمل الزائد على المشروع يصير وصفاً له أو كالوصف فإنما يعتبر بأحد أمور ثلاثة: إما بالقصد، وإما بالعبادة، و إما بالزيادة أو بالنقصان .

إما بالعبادة كالجهر و الإجتماع في الذكر المشهور بين متصوفة الزمان، فإن بينه و بين الذكر المشروع بوناً بعيداً إذ هما كالمضادين عادة، وكالذين حكى عنهم ابن وضاح عن الأعمش عن بعض أصحابه قال مَرَّ عبد الله برجل يقص في المسجد على أصحابه وهو يقول: سبحُوا عَشرَا و هللوا عشرَا، فقال عبد الله: إنكم لأهدى من أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم أو أضل؟ بل هذا “يعني أضل” ).
و في رواية عنه : أن رجلاً كان يجمع الناس فيقول: رحم الله من قال كذا و كذا مرة “الحمد لله”، قال فمر بـهم عبد الله بن مسعود فقال لهم:
( هُديتم لما لم يُهدَ نبيكم، وإنكم لتمسكون بذنب ضلالة )

وذكر لهم أن ناساً بالكوفة يسبحون بالحصى في المسجد فأتاهم و قد كوم كل رجل بين يديه كوماً من حصى قال: فلم يزل يحصبهم بالحصى حتى أخرجهم من المسجد و يقول : ” لقد أحدثتم بدعة و ظلماً و كأنكم فقتم أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم علمًا “).انتهى

و قد روي هذا الحديث عن ابن مسعود من طرق كثيرة بعبارات مختلفة لفظاً و متفقة معنى، بعض الروايات مطول و بعضها مختصر و فيه فوائد :

الأولى: هذا الحديث موقوف و لكنه في حكم المرفوع، لأن ابن مسعود صرح بأن ذلك مخالف لسنة النبي صلى الله عليه و سلم ففي بعض الروايات ” : وَيْحَكُم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم، هذه ثيابه لم تبل، و أوانيه لم تكسر، و نساؤه شواب، و قد أحدثتم ما أحدثتم” ، و في رواية أخرى أن عبد الله بن مسعود لما طردهم من مسجد الكوفة و رماهم بالحصباء، خرجوا إلى ظاهر الكوفة و بنوا مسجداً و أخذوا يعملون ذلك العمل، فأمر عبد الله بن مسعود بـهدمه فهدم .

الثانية: أن البدعة و إن كانت إضافية شَرٌ من المعاصي كما حققه أبو إسحاق الشاطبي فهي حرام، إنما كانت شراً من المعاصي لأن المعصية يفعلها صاحبها وهو معترف بذنبه فيرجى له أن يتوب منها .

الثالثة: أن المبتدع يستحق العقاب و الطرد من المسجد إن كان الابتداع فيه .

الرابعة: : أن كل مسجد بني على قبر أو بني لارتكاب البدع فيه يجب هدمه؛ لأنه مثل مسجد الضرار الذي أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بـهدمه و إحراقه، فهدمه أصحابه و جعل كناسة ترمي فيه الجيف، و قد نقل غير واحد عن ابن حجر الهيثمي أنه قال: ( إن هذه المساجد المبنية على القبور هي أحق بالهدم من مسجد الضرار )، وابن حجر هذا كان مبتدعاً ضالاً و لكنه في هذه المسألة قال الحق، والحكمة ضالة المؤمن، يأخذها حيث وجدها.
أما الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني فهو إمام محقق لم يشرح أحد صحيح البخاري مثل شرحه المسمى بـ (فتح الباري) ولذلك قال العلماء: (لا هجرة بعد الفتح). أي لا شرح للبخاري يستحق الاعتبار بعد فتح الباري، ثم قال أبو إسحاق عاطفاً على البدع المنكرة: ( و من أمثلة ذلك أيضاً: قراءة القرآن على صوت واحد، فإن تلك الهيئة زائدة على مشروعية القراءة، و كذلك الجهر الذي اعتاده أرباب الرواية)

قال محمد تقي الدين : قال في مختصره عاطفاً على المكروهات : ( و جهر بـها في مسجد كجماعة ) ، و لا يبالون بخلافه فيما اعتادوه من البدع ، فيحلونه عاماً و يحرمونه عاماً ، و ما أحسن قوله تعالى في سورة القصص يخاطب رسوله صلى الله عليه و سلم : ( فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم . و من أضل ممن اتبع هواه بغير هدىً من الله . إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) “
انتهى ما قال رحمه الله .

آدم و حواء…

اسمع رعاك الله، زوجتك هي هدية الله إليك، عاملها بالإحسان .
من علامات إيمانك أن تحب حليلتك، أن تحب زوجتك
هذه زوجتك، هذه هدية الله إليك
هذه إنسانة جعلها الله تحت طوعك، عاملها بالإحسان

كان النبي عليه الصلاة والسلام رفيقاً بأهله
كان يخصف نعله، ويكنس داره، ويحلب شاته، وكان في مَهنَة أهله ( أي في خدمتهم )
هكذا علّمنا عليه الصلاة والسلام

إذاً الشاهد أن النبي الكريم كان لطيف معها، كان رقيقاً
كان يقول : (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهله)

إخواننا الكرام :
مقياس الأخلاق أخلاقكم في بيوتكم
لأنك خارج البيت تُحسّن وضعك
تُلمّع صورتك
تعتني بثيابك
تبتسم
تعتذر
تتعطر
هذا كله لمصلحتك
لمكانتك
من أجل أن تنتزع إعجاب الناس بك
مصلحتك تقتضي أن تكون لطيفاً، ومعتذراً، ومبتسماً

أما حقيقتك الفعلية تظهر في بيتك
لذلك قال عليه الصلاة والسلام : (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهله )

السيدة عائشة كانت تقول : ويريبني في وجعي (أي مما يؤلمني في وجعي ) أني لا أرى من النبي اللطف الذي كنت أرى منه حين أمرض .
إذاً هذا منهج لكم ( خيركم خيركم لأهله )
كانت تسأله : كيف حبُّك لي ؟
فيقول عليه الصلاة والسلام : كعقدة الحبل، عقدة لا تُفّك .
فأصبحت هذه الكلمة ( العقدة ) مصطلح بينها وبين النبي، تسأله للنبي من حين لآخر : كيف العُقدة ؟
يقول : على حالها .

ماذا يمنع أن تكون مع زوجتك لطيفاً ؟
ماذا يمنع أن تكون معها رفيقاً ؟
ماذا يمنع أن تكون معها رحيماً ؟
ماذا يمنع أن تكون معها ودوداً ؟
ماذا يمنع أن تكون معها مبتسماً ؟
ماذا يمنع أن تقول لها : السلام عليكم ؟

النبي عليه الصلاة والسلام الزوج، اللطيف، المؤنس، كان إذا دخل بيته، دخل بسّاماً ضحّاكاً

كان يقول : ( أكرموا النساء، فوالله ما أكرمهنَّ إلا كريم، ولا أهانهنَّ إلا لئيم، يغلبن كل كريم، ويغلبهنَّ لئيم، وأنا أحب أن أكون كريماً مغلوباً، من أن أكون لئيماً غالباً )

ذات مرة حدثته السيدة عائشة عن قصة طويلة، عن قصة أبي زرع، وأم زرع، أشادت بأبي زرع، بشجاعته، بكرمه، ببطولته، برجولته، لكنها تأسّفت في نهاية القصة، فقالت للنبي : غير أنه طلّقها -أي أن أبي زرع طلّق أم زرع –
فكان تعقيب النبي عليه الصلاة والسلام : ( أنا لكِ كأبي زرعٍ لأم زرع، غير أني لا أطلّقكِ )
يعني أراد النبي أن يطمّنها .

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( الحمد لله الذي رزقني حب عائشة )

كان يعتبر حبّه للسيدة عائشة رزقٌ من الله..

الإستهزاء بالشعائر الدينية.. بين الهمز واللمز

قال تعالى{ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب }

المقصود من الأضحية غُيب عندنا بشكل كبير، فصارت كأنها عادة من العادات، وتقليد من التقاليد، ويتجلى ذلك في:
1) الافتخار والتباهي بين الناس فيها، فتجد البعض منا يتحدث( أنا اشتريت بكذا والآخر بكذا، وأضحيتي أكبر من أضحيتك…) بيد أن القصد بها التعبد المحض لله تعالى، قال عز وجل: ” لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم “
2) ادخار جلها: بيد أن السنة فيها: إهداء ثلثها والتصدق بثلثها، وأكل ثلثها، قال تعالى: ” فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير “
3) إلزاميتها: وربما اقترض الشخص قرضا حراما من أجل شرائها، رغم أنها ليست واجبة، وخاصة على من لم يقدر على شرائها.
4) السخرية والاستهزاء بصورها والتنكت بذلك، رغم أنها شعيرة من شعائر الله وجب تعظيمها واحترامها، قال تعالى:” ذلك ومن يعظم شعائر الله فهو خير له عند ربه”
فهذه بعض المظاهر، يتبين من خلالها تغييب مقصد التعبد لله تعالى في شعيرة الأضحية، ينبغي أن نصحح مسارنا في ذلك، وفقنا الله جميعا.


مما ينبغي ، وعدم الوقوع فيه والتنبيه عليه، ما يقع فيه كثير من الناس من سخرية واستهزاء بشعائر الدين .
ومن ذلك شعيرة :(عيد الاضحى ) هناك صور وفيديوهات ونكت ورسومات ….. تداول عبر المواقع
وقد يحصل من غير قصد ،إرسال ومشاركة هذه الرسائل والصور والنكت التي فيها تشويه وتمييع وتنقيص من هذه السنة، ودعوة للتخلي عن هذه الشعيرة بدعوى عدم القدرة .
وبذلك تكون قد شاركت في تحقيق أهداف إبليس وجنوده، وأسهمت في التقليل من شعائر الله، بدل تعظيمها .
فهذا من عمل الشيطان وتلبيس إبليس، وصنع أعداء الدين .
والقصد هو هدم العقيدة والتقليل من قيمة الدين ، والتشكيك في الثوابت، ونزع هيبة الشعائر من القلوب ، وإبعاد الناس عن التدين ….
وهذا ديدنهم إذا أرادوا كيدا.
يحاولون هدم الرموز ، وإسقاط هيبة الدين من القلوب، لأنهم يعلمون علم اليقين أن هدم الأمم والمجتمعات يبدأ بهدم رموزها ، والتشكيك فيها … والتقليل من عقيدتها وثقافتها وهويتها .
فتراهم ينكتون على الاستاذ والمتدين والمصلح والفقيه ، ويسلبونهم هيبتهم ومكانتهم الاجتماعية ، ودورهم في البناء والتنمية والاصلاح ، ويولولون ويقللون ويهونون ويلمزون كلما حلت شعيرة من شعائر الدين ( الصيام – الحج – الأضحى )..
وجب التنبيه هنا على الإنسان المسلم المضحي
أن لا يذكر سعر الأضحية في المجالس وعند الزملاء ولا يتضجر من الغلاء لأنه يذبحها تقربا لله .. والله يسمع كلامه ، بل عليه أن يقدمها بنفس طيبة لله ، .. فانشروها بارك الله فيكم وذكروا إخوانكم وأحبابكم فهذا وقتها..
تذكير:
بمناسبة قرب وقت الأضاحي ، إياك أخي المسلم أختي المسلمة من نقل أو كتابة أي نكت أو صور أو تعليقات ساخرة عن الأضاحي ، فهي شعيرة من شعائر الله ، قال الله تعالى في مُحكم كتابه:
.{ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب }