عيد الأضحى و تناقض النباتيين!

لايزال السجال قائماً، ويتكرر ويتجدد كلما حلَّ على المسلمين عيد الأضحى المبارك،

بين منكرٌ لهاته الشعيرة الدينية، وبين متهكمٍ عليها..

ففي كل عام وقبل عيد الأضحى المبارك، يخرج علينا البعض ليصفنا بالوحشية لأننا نذبح ونأكل الحيوانات، وعلى هذا يُطالبون الناس بأن يكونوا كلهم “نباتيين vegetarian” مثلهم!
وقد تجلى ذلك في بعض تعليقات منشور البارحة. وهذا المنشور ذو أهمية بمكان لعدة نقاط تهمكم:
1- كيف ترد على نباتي يحاول إقناعك أن تناول اللحوم خاطئ.
2- إذا كان النباتي فعلًا يهتم بالحيوانات فهل سيبقى على مبادئه التي يصف فيها تناول اللحوم بالأمر الخاطئ؟
3- للمسلمين النباتيين: استغلوا طيبتك ليخدعوك.

ملاحظة للتأكيد قبل البدء: هذا المنشور لمن يقول أنَّ تناول اللحوم خاطئ (وحشي، دموي… إلخ). وليس لمن اختار ذلك دون تخطئة من يتناول اللحم.
في البداية، ولتقسيم المنشور نقول: الشخص النباتي الذي يأتي بهذا الكلام هو واحد من اثنين:
1- إما أن يكون لادينيًا أو ملحدًا؛ لا يؤمن بدين.
2- وإما أن يكون من أهل الرسالات، مثل: الإسلام، أو المسيحية، أو اليهودية.

وسوف نتعرض لكلٍ منهما على حدة لنكشف مدى نفاق اللادينيين الذي يخفونه، ونوضح لإخواننا المسلمين النباتيين كيف أنهم خُدِعوا!

أولًا: الملحد، واللاديني..

سنرد عليهم من أكثر من وجه كالتالي:

1) النباتات أيضًا تتألم فلماذا تأكلونها؟!

إذا كانت حجتك أن أكل الحيوان لا يجوز، لأنه كائن حي يشعر ويحس، فنسألك: ما هو معيارك في ذلك؟
فكل الكائنات الحية من ذات الخلية الواحدة: كالبكتريا إلى كائنات قاع المحيط إلى البر، والصحراء، والهواء، كلها تشعر، وتحس، وتستجيب لما حولها!
وتشمل طبعًا النباتات التي تتفاخر بأنك لا تأكل غيرها: هي أيضًا كائنات حية تشعر، وتحس، وترصد، وتتلمس، وتستجيب للحركة!

-فإذا قلت: لا لا.. أقصد الكائنات التي تتألم.
-فنقول لك: وهل أخبرتك هذه الحيوانات أنها تتألم؟
-فإذا قلت: لا طبعًا؛ إذ لا يفهم أحد لغتها، لكن هذا معروف من ذبحنا لها، لا يوجد كائن حي يحب الموت بالتأكيد.
-نقول لك: جميل. وكذلك النباتات أيضاً؛ لا أحد يفهم لغتها، لكن ألمها معروف من تقطيعنا ومضغنا لها، فهي كائن حي لا يحب الموت بالتأكيد!
-فإذا قلت: لا لا.. العلم يقول أن الحيوانات تفرز هرمونات انفعال زائدة مثل “الأدرينالين” في لحظات الذبح، مما يدل على ألمها ومعاناتها.
-فنقولك لك: هذا العلم نفسه أيضاً تقدم وأصبحنا نستطيع فهم النبات أكثر، حيث أثبت العلم أنّ النباتات تفرز موادًا عند أكلها، وعند قضم الحشرات لها، وهي بذلك تحاول أن تدافع عن نفسها ضد الأكل!

●وهذه دراسة قامت بها “جامعة ميسوري الأمريكية” بعنوان:
“النباتات تتجاوب مع اهتزازات الأوراق الناتجة عن مضغ الحشرات، دراسة جامعة ميسوري”
Plants Respond to Leaf Vibrations Caused by Insects’ Chewing, MU Study Finds
الرابط:
https://munews.missouri.edu/news-releases/2014/0701-plants-respond-to-leaf-vibrations-caused-by-insects%E2%80%99-chewing-mu-study-finds/

●وهذا مقال علمي لمدونة تابعة للجامعة للتعليق على الدراسة بعنوان:
“سماع الخطر: اهتزازات المفترسين تثير دفاعات لنبات الكيميائية”
Hearing danger: predator vibrations trigger plant chemical defenses
الرابط:
https://decodingscience.missouri.edu/2014/07/01/hearing-danger-appel-cocroft/

●فيديو قصير بنفس العنوان يصور التجربة مع التعليق:
Hearing danger: predator vibrations trigger plant chemical defenses
الرابط:
https://www.youtube.com/watch?v=TKQ-CIX9afA

●بل وعند مرضها تفرز النباتات مادة تشبه “الأسبرين” المسكن للألم (وهي مادة ساليسيلات الميثيل methyl salicylate والتي تعد إحدى صور الأسبرين). وننوه أيضًا أن الهدف من إنتاج هذه المادة عند النبات في حال التأذي غير معروف على وجه الدقة. إلا أنها تساعدها على المقاومة.

هذا مقال من موقع “لايف ساينس” الشهير بعنوان:
“النباتات تصنع مقاومات الألم الخاصة بها”.
Plants Make Own Painkillers
الرابط:
https://www.livescience.com/5102-plants-painkillers.html

-فإذا قلت: يوووووه!! أقصد الكائنات الحية، التي لها وعي خاص، وتتواصل مع بعضها البعض. أو كما جاء في قرآنكم أيها المسلمون أنهم “أممٌ أمثالكم”.

-قلنا لك: اترك الدين جانبًا فسوف نرد على نقاطه بعد قليل.
أما النباتات: فقد عَلِمَ البشر والزارعون، وأكدَّ العلم أنها ترصد تغيرات في الحركة، والصوت، والضوء؛ لتتواصل مع بعضها البعض عند الغذاء، أو الافتراس، أو الخطر عن طريق مواد كيميائية متنوعة، سواء تلك التي تفرزها فوق الأرض في أجسامها، أو تنثرها في الهواء، أو تلك التي تفرزها تحت الأرض في الجذور والتربة، خاصةً تلك التي عن طريق الفطريات، التي تمثل لها شبكة تواصل أو إنترنت صغيرة كما يصفها الباحثون!

●وهذا مقال من موقع “الميديكال ديلي” بعنوان:
“العلماء يؤكدون أن: النباتات تتكلم وتستمع إلى بعضها البعض، فالتواصل حاسم للبقاء”.
Scientists Confirm that Plants Talk and Listen To Each Other, Communication Crucial for Survival
الرابط:
https://www.medicaldaily.com/scientists-confirm-plants-talk-and-listen-each-other-communication-crucial-survival-240775

●وهذا مقال في نفس الموضوع من موقع “ذا ساينتيست” بعنوان:
“حديث النبات: النباتات تتواصل وتتفاعل مع بعضها البعض أعلى الأرض وتحتها بإتقان مذهل وطرق مدهشة”.
Plant Talk
Plants communicate and interact with each other, both aboveground and below, in surprisingly subtle and sophisticated ways.
الرابط:
https://www.the-scientist.com/features/plant-talk-38209

بل نزيدك من الشعر بيتًا بخصوص الحركة والوعي، وذلك بضرب مثال نبات “المستحية Mimosa Pudica” وردة فعله الاستشعارية؛ للإغلاق، لحماية نفسه عند لمسه (ولذلك أسماه الناس المستحية)، شاهد الفيديو بعنوان:
“الست المستحية: نبات يخجل عند لمسه”.
الرابط:
https://www.youtube.com/watch?v=Q6Y-6EeiLB0

●وكذلك ضرب المثال بالنباتات آكلة اللحوم والحشرات عند لمسها Carnivorous plants، هذا فيديو يتحدث عن بعض أنواعها بعنوان:
“آكلات اللحوم: النباتات اللاحمة تغري الحشرات إلى قبضتها القاتلة”.
Flesh Eaters: Carnivorous Plants Lure Insects Into Their Deadly Clutches
الرابط:
https://www.youtube.com/watch?v=MnY_cCRELvs

●وكذلك النباتات “المتسلقة Vines” وحركتها الرائعة في تلمّس ما تتمسك به في نموها، مثلما في هذا الفيديو القصير بعنوان:
“الحركة اللولبية للنبات المتسلق”.
Twining motion of vines
الرابط:
https://www.youtube.com/watch?v=dTljaIVseTc

وغيرها الكثير الذي لا يترك لك (أيها النباتي) العلماني أي مساحة للـ (تناقض) في هذا الاتجاه بعد الآن! وإذا فكرت قليلًا؛ ستعلم أنك إما مُخادع، أو مخدوع. أما إن كنت تريد البقاء على مبادئك (هذا شأنك) وتخطئة الآخرين (هذا ليس شأنك) فعليك الالتزام بمبادئك، والتوقف عن تناول النباتات أيضًا. (عندما تتناول أي نبات تذكر الألم الذي تحدثه له). لكن دعوتنا هي أن تفكر: كيف خُدعت بالإعلام؟

2) إذا كنت تطورت من حيوانات فلماذا لا تأكلها؟!

وهو الوجه الثاني للرد على الملحد واللاديني النباتي؛ لأن أغلب هؤلاء (حتى المتسترين منهم وراء الدين) يؤمنون بأنهم كما أخبرهم “داروين” قد تطوروا من حيوانات، ومعلوم أن الحيوانات تفترس وتأكل بعضها البعض في سلم الغذاء، هذا شيء أساسي لبقاء الأصلح، فالأصلح يأكل الأقل في سلم التطور كما قال داروين كذلك.
والسؤال الآن: لماذا تتبرأ من هذه الركيزة الأساسية في حياتك؟ لماذا تعيب على الناس أكل لحوم الحيوانات؟ لماذا هذا (التخبط) من جديد؟

بل والمسلمون وأهل الرسالات أفضل في ذلك من غيرهم؛ لأن الله تعالى لم يبح لهم أكل أي حيوان، فوصف لهم محرّمات من الحيوانات مثل التي لها مخالب كالصقر، والنسر، ونحوه، و التي لها أنياب كالكلب، والأسد، وغيرهما، وكذلك التي فيها نجاسة مثل: الخنزير.

3) لماذا تستخدم الحيوانات، وتستفيد من منتوجاتها؟!

وهو سؤال طبيعي ومنطقي آخر! إذا كنت فعلًا بهذه الأخلاق التي تجعلك تنظر للحيوانات التي نأكلها على أنها ذات شخصيات، وكينونة لها حقوقها الرسمية؟
لماذا إذن تمارس (التناقض) مرة أخرى، وتستخدم منتجات هذه الحيوانات في حياتك؟!
هل سمحت لك الحيوانات أن تركبها في الصحراء، والجبال الوعرة، أو في الزراعة، والحرث الذي يستفيد منه مليارات البشر يوميًا وتستفيد أيضًا منه (النباتات) التي تريد منّا أكلها؟!
هل سمحت لك الحيوانات بأخذ هرموناتها في أدويتك؟!
هل سمحت لك الحيوانات بالغذاء على ألبانها؟
هل سمحت لك الطيور بأكل بيضها؟!
هل سمحت لك حيوانات الفراء بأخذ فرائها؟! وحيوانات الجلود بالاستفادة من جلودها؟ مقعدك الجلدي؟ ساعتك الجلدية؟ حزامك؟ حذاءك؟ سترتك الجلدية؟ وما خفي كان أعظم!

وهل ستدخل الأسماك أيضًا من ضمن ما تريد تحريمه على البشرية؟! لاسيما وأنه يتم اصطياد مئات الملايين من الأسماك يوميًا في شتى بقاع العالم؟!

4) لماذا لا توقّف تجارب الأدوية على الحيوانات؟

في كل عام يموت عشرات الملايين من حيوانات التجارب في معامل الباحثين والعلماء، بل وحتى طلاب الطب والصيدلة. فمعظم الأدوية اليوم قائمة على موت، ومعاناة، وألم هذه الحيوانات، دون إذن منها ولا موافقة! وبعضها ميتات أبشع بكثير من ذبحها الذي لا يستغرق ثوانٍ معدودة! منها: الحقن، والحرق، والتجويع، والإصابة بمختلف الأمراض المميتة والفتاكة من سرطان وغيره!
والسؤال من جديد:
لماذا هذا (التناقض) والكيل بمكيالين عندما لا نسمع صوتك لإيقاف هذه التجارب التي تعود بالنفع على ملايين البشر؟
هل لأنك تعلم ساعتها مدى (سذاجة) مطالبك وكيف ينظر لك العالم والعلماء وقتها؟! الغريب أن كل الطرق الجديدة التي يتحدث عنها الباحثون للتجارب بعيدًا عن الحيوانات لن تغني عن تجارب الحيوانات أيضًا، حيث أن عددًا كبيرًا من الأدوية يتطلب دراسة تفاعل الجسم كله مع الدواء بما فيه الجهاز المناعي، والعصبي وغيره، وهذا لا يتحقق في مزرعة خلايا محدودة، أو مجموعة معزولة عن بقية الجسم!

5) لا تلعب على وتر العاطفة حتى لا ينقلب عليك مثله!

حيث إذا كنت تلعب على وتر العاطفة بعرضك مشاهد الذبح على الناس مع وصفك لها بالوحشية إلخ، فلم يأمرك أحد ولم يجبرك الدين على أن تذبح بنفسك! ولم يأمرك أحد أيضًا أن تأكل من اللحم إذا اخترت لنفسك ذلك الطريق لكن.. لا تذم مَن يذبح، ومَن يأكل اللحم، ويسد حاجة جسده من مواد اللحوم الهامة لصحته، وحياته.

أيضًا إذا كنت تلعب على وتر العاطفة من عرضك لمشاهد الذبح للتأثير على المشاهدين بكلامك الذي تصف ذلك فيه بالوحشية: فيمكننا بالمثل عرض فيلم عن آلام ومعاناة حيوانات التجارب حتى الموت (وهو موجود بالفعل)! بل ويمكن لشخص آخر أن ينتج فيديو عن معاناة وألم النباتات وقت التقطيع والأكل! فهل ستتجاوب معهم كذلك مثلما تطلب من الناس التجاوب مع فيديوهاتك؟

ثانيًا: المسلم، أو النصراني، أو اليهودي..

وهؤلاء نقول لهم في نقاط سريعة:

1) ماذا تفعلون في نصوص الذبح في كتبكم؟ هل تكفرون بها؟

حيث جاء في كتبكم نصوص كثيرة تتحدث عن نعمة الحيوانات، التي سخرها الله لنا في الملبس، والمشرب، والمأكل. فإذا كنتم لا تقرأون كتبكم، فلا تجعلوا من أنفسكم لعبة يستخدمها هؤلاء (المناقضين لأنفسهم) للزعم بأن الذبح والأكل ليسا من الدين ولا يمكن أن يأمر به الله!(على مَن يضحك هؤلاء؟!).

فبالنسبة لليهود والنصارى:

فهم يؤمنون بما جاء في (العهد القديم) من قتل الله للحيوانات لأخذ جلودها لستر آدم وحواء بعد المعصية (سفر التكوين 21:3)، وأيضًا تقبّل الله لقربان هابيل، والذي كان من أبكار الغنم، وسمانها، وعدم قبوله لقربان قابين (أو قابيل) الذي كان من الفواكه (سفر التكوين 4:4-5).
وكذلك فرح الرب من تضحية نوح من الحيوانات التي كانت معه على السفينة (سفر التكوين 20:8-21).
وأيضًا فداء ابن إبراهيم عليهما السلام بذبح كبش بدلًا منه (سفر التكوين 10:22-13).

وكذلك ما جاء في (سفر اللاويين) من أحكام الذبائح، والمحرقة لتكفير الخطايا، والقربان من الله، مثل:
(ذبيحة المحرقة – تقدمة القربان – ذبيحة السلامة – ذبيحة الخطية – ذبيحة الإثم).
والتي تكون من البقر، والغنم، والماعز، واليمام، والحمام.
والمسيحيون يؤمنون بمشروعية كل ما سبق لأنه موجود في العهد القديم من كتابهم الذين يؤمنون به (وكذلك يؤمنون بجواز ذبح النذر إذا نذره المسيحي لشيء معين)، لكنهم يؤمنون كذلك بعدم ضرورة الذبح كقرابين، أو خلاص للذنوب، بعدما فداهم المسيح على الصليب حسب قولهم. فهو ذبيحهم؛ ولذلك لديهم طقس التناول في كنائسهم، أو “سر الأفخارستيا” الذي يتناولون ويشربون فيه، وهم يؤمنون بأكل، وشرب جسد المسيح نفسه على الحقيقة!

أما في الإسلام:
فقد خدعك مروجو النباتية وإن لم يكونوا نباتيين.
إذ بالفعل، قد يكون بعض مروجي النباتية غير مؤمنين بها، إنما كل همهم أن تتبرأ من دينك باستجرارك بعاطفتك، وهكذا شيئًا فشيئًا. وقد بينا نقاط العاطفة أعلاه في المنشور. ونذكر الآن بكلام الله وشرعنا الحنيف. (فهو الذي خلقنا جميعًا وبين نظام حياتنا)

فنجد العجب العجاب من هؤلاء الذين خُدعوا! ويكونون قد بدأوا معهم – في كثيرٍ من الحالات – بالتدريج. فمنهم من يتبنى أن أكل الحيوانات ليس من الدين، بل لعل بعض هؤلاء يستهل دعوته النباتية باقتباس “أممٌ أمثالكم” من القرآن!
علمًا بأن الله تعالى قال لنبيه عن الذبح، والنحر شكرًا لله:
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ} سورة الكوثر 2.

ويقول عزَّ وجلَّ عندما تحدّث عن موسم الحج في القرآن، والأنعام التي نذبح منها شكرًا له:

{لِّيَشۡهَدُواْ مَنَٰافِعَ لَهُمۡ وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰامِۖ فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡبَآئِسَ ٱلۡفَقِيرَ} سورة الحج 28.

فكيف بعد قوله تعالى (فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير) يحاول من غُرست النباتية في عقولهم إقناع أنفسهم أن أكل اللحوم ليس من الدين أو يتنافى مع رحمة الله في الإسلام؟! للأسف باعتبار الأمر مغروس في العقول فيجب التأمل قليلًا لتعلم أنك خُدعت، فلا تسمح لعقلك ونفسك بالتهرب من هذا.
ويخبرنا الله في نفس سورة الحج أيضًا أن ذبح البُدن (وهي من الإبل والبقر) هو من شعائر وعلامات هذا الدين وشعائر الحج، يقول سبحانه:

{وَٱلۡبُدۡنَ جَعَلۡنَٰهَا لَكُم مِّن شَعَٰآئِرِ ٱللَّهِ لَكُمۡ فِيهَا خَيۡرٞۖ فَٱذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَيۡهَا صَوَآفَّۖ فَإِذَا وَجَبَتۡ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡقَانِعَ وَٱلۡمُعۡتَرَّۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرۡنَٰهَا لَكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ * لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَآؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقۡوَىٰ مِنكُمۡۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمۡ لِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاٰكُمۡۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} سورة الحج 36-37.
إذن:
هؤلاء (المخدوعون) يستخفون ويستهزئون بشرع الله إذا كانوا مسلمين، وقد ذبحَ النبي ﷺ بنفسه عشرات الذبائح في الحج وغيره كما ورد في عشرات الأحاديث الصحيحة!

فالله قد خلق لنا هذه الحيوانات التي نأكلها لننتفع بها.
هكذا بكل بساطة بلا أي تنطع، أو تفلسف، أو سفسطة، أو إنسانية زائفة!
فشرع لنا أكلها في غذائنا اليومي شرط طهارتها..
وشرع لنا الذبح منها كأضاحي في العيد..
وشرع لنا الذبح منها كفِدية عن أخطاء الحج والعمرة..
وشرع لنا ذبحها كهدي إلى بيته المحرم..
وشرع لنا ذبحها كعقيقة عن كل مولود..
وشرع لنا ذبحها كوليمة عند الزواج والعقد..
وشرع لنا ذبحها كنذور..
وهكذا…
وكل ذلك يذهب الجزء الأكبر منه للفقراء فعليًا، ودون أدنى مبالغة، وهو ما لا يحدث في أي مكان في العالم إلا في بلاد المسلمين!

2) رحمة الإسلام الحقيقية..

أما رحمة الإسلام الحقيقية فهي في تعاملنا الراقي كبشر مع بعضنا البعض، ومع الحيوانات، ومع النباتات، وكل مظاهر النعمة والحياة على الأرض.
فقد نهى النبي ﷺ عن وضع الحيوان للتصويب عليه، وما يصيبه من الذعر والخوف في ذلك، ونهى عن وسم الحيوان في وجهه (وهي الختم الحارق ونحوه الذي يضعه أصحاب الحيوانات عليها لتمييزها)، ولما فجعت أنثى طائر صغير بأخذ بيضها الحامل لفراخها منها، أمر النبي بردِّه إليها، وقد حكى لنا النبي ﷺ عن دخول امرأة النار بسبب هِرّة (أي قطة) حبستها، ولم تطعمها حتى ماتت، كما حكى لنا عن رجل آخر دخل الجنة بسبب سقيه لكلب كاد أن يموت من العطش.
وهكذا…
ولذلك أمرنا الله بألا نذبح إلا بنية الأكل فقط، وليس التعذيب أو التسلّي.
لذلك نقول عند الذبح: (بسم الله). أي بسم خالقنا، وخالقك الذي أباحك لنا.
كذلك أرشدنا رسوله إلى الإحسان في الذبح وعدم تعذيب الذبيحة.
وذلك عن طريق ما يعرف بالذبح الإسلامي، أو “التذكية” الذي يتم الذبح فيه في ثوان معدودة، وهو ما يعرف عالميًا ب”الذبح الحلال Halal Slaughter”، والذي يشتهر في الدول الأجنبية بأنه أطيب أنواع اللحوم الناتجة من الحيوانات بعد تذكيتها من الدم.

والآن:
قارنوا ذلك بطرق القتل الوحشية من الضرب، والوخز حتى الموت التي يقوم بها غير المسلمين في بلادهم، التي تدّعي الرقي والإنسانية! حيث أنهم لا يعملون بالشرع الصحيح في الذبح، ولا يأخذونه كدين عندهم يجب العمل به، بل الأمر يقع عندهم كتجارة مثل أي تجارة يمكنهم الغش فيها إذا غابت الرقابة!

بل وحتى طرق القتل المعمول بها عندهم فهي التي تعذّب الحيوان أكثر، وليس الذبح الإسلامي، ففي أوروبا وأمريكا يتم قتل الكثير من الحيوانات عن طريق الصعق بالكهرباء، أو الحقن بالهواء في الدم، وهناك فضائح كثيرة لمسالخ كاملة تقتل الحيوانات بوحشية بلا أية معايير أو أخلاق، مثل هذا الخبر من فرنسا كمثال:
“هذا الفيديو المرعب عن القسوة مع الحيوانات أدى إلى إغلاق مسلخ فرنسي”.
This Horrific Video of Animal Cruelty Led to the Shutdown of a French Slaughterhouse
الرابط:
https://news.vice.com/article/this-horrific-video-of-animal-cruelty-led-to-the-shutdown-of-a-french-slaughterhouse

بل وهناك أبحاث علمية: أثبتت أنه حتى في حالة الصعق قبل الذبح فإن عددًا كبيرًا من الحيوانات يفيق منه قبل الذبح مباشرة، ومن ثم يشعر بالذبح فكأنه يتم قتله مرتين!
مثل هذه الدراسة من موقع “إنجينتا كونيكت” :
“تقديرات عن عودة الوعي بعد الصدمات الصاعقة في الحملان”
Assessment of Return to Consciousness After Electrical Stunning in Lambs
الرابط:
http://www.ingentaconnect.com/content/ufaw/aw/2002/00000011/00000003/art00007

إذن:
طريقة الذبح الإسلامي للحيوانات والطيور (أو التذكية) بقطع الحلقوم، وقطع طريق الدم إلى الدماغ هي الأرحم بالحيوان، طالما مصيره الأكل من الإنسان كنعمة وهبها الله لنا ولمنفعتنا، وأما باقي التشنجات التي يمكن أن نراها بعد الذبح من جسم الحيوان فهي استجابات عصبية لاإرادية وليس لها وعي من حيوان مات بالفعل، وهي ظاهرة معروفة يمكن رؤيتها في ساق ضفدع مفصولة عن جسده تمامًا أو في سمكة بلا رأس!

3) توازن خلق الله عز وجل في الحيوانات:

وهي واقعة حقيقية نختم بها هذا الموضوع للتعرف على بعض أوجه حكمة الله في خلقه، حيث عندما أراد بعض الأمريكان ممارسة هذه الروح الزائفة للإنسانية فمنعوا الذئاب من التواجد في أحد المتنزهات الوطنية الأمريكية للحيوانات (وهو منتزه يالستون) حتى لا تأكل الأيائل!

فقد تكاثرت هذه الأيائل لمدة 70 عامًا بصورة مخيفة حتى صارت ضررًا على التوازن البيئي والنباتي بالمنطقة (يعني حتى النباتات التي يدعو النباتيون للاكتفاء بها تعرضت للاختفاء)، مما اضطرهم في النهاية إلى إعادة الذئاب عام 1995م، ليعود بذلك التوازن في المتنزه مرة أخرى.

والحادثة شهيرة جدًا ومن أقوى الأمثلة العالمية على التوازن الذي يخرّبه الإنسان عندما يتدخل فيه، وهذا مقطع ترجمناه من قبل عن هذه الواقعة بعنوان:
“كيف تغير الذئاب الأنهار”.
الرابط:
https://www.youtube.com/watch?v=uR53ZnI0_eE

فسبحان الله خالق كل شيء ومدبره!
وكل عام وأنتم بخير. وأعانكم الله على التضحية وإطعام الفقير والمحتاج. وتقبل منكم. {{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}}
إعداد: الباحثون المسلمون
تدقيق لغوي: محمود سلامة

الكاتب: admin

ذ. بضاض محمد Pr. BADADE Med باحث في:علم النفس،علوم التربية،والعلوم الشرعية. خريج جامعة سيدي محمد بن عبد الله-كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز-فاس خريج جامعة مولاي اسماعيل-كلية الآداب والعلوم الإنسانية-مكناس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *