من يكون الدكتور جواد أكدال؟

يعتبر أحد المهتمين بمجال علم الإجتماع، السوسيولوجيا،حيث كرس كل جهوده من أجلها، منذ حصوله على شهادة الباكالوريا من الثانوية التأهيلية مولاي رشيد،بأجلموس سنة 2007,مرورا بالدراسة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، تخصص علم الإجتماع ،إجازة وماجستير، بجامعة مولاي إسماعيل، مكناس،

عنوان الأطروحة الجامعية :العيش في أحياء الصفيح بين محنة الوقت وأمل الإسناد: حالة سكان أحياء الصفيح نزالا رداية بمكناس ودوار لعمور ببنسليمان.

و إنتقاله إلى جامعة الحسن الثاني، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، وتهييئه لاطروحته الجامعية..

صورة تذكارية، يُعيد إنتهاء مناقشة الأطروحة

تأتى له ذلك، وحصل على درجة الدوكتوراه تخصص السوسيولوجيا في موضوع *العيش في أحياء الصفيح بين محنة الوقت وأمل الإسناد: حالة سكان أحياء الصفيح نزالا رداية بمكناس ودوار لعمور ببنسليمان. يوم… 11 دجنبر 2020 م، بميزة مشرف جدا، مع تنويه شفهوي بالعمل على إخراج أطروحته للوجود..

لحظة تقديم الأطروحة

عين يوم السبت 23 يناير 2021م،أستاذا مساعدا، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، تخصص السوسيولوجيا – علم الإجتماع – بجامعة الحسن الأول بسطات..

كلمة جواد أكدال عقب مناقشته لأطروحته

Aujourd’hui, j’ai soutenu ma thèse de doctorat en sociologie à la FLSH de Mohammadia. Elle a porté sur l’expérience d’habiter le bidonville entre ‘épreuve de la temporalité et l’espoir de l’attribution. Je saisie cette occasion pour remercier chaleureusement les membres du jury, les professeur-e-s : SAA Abdelkrim (qui est aussi mon encadrant), AZIZI Souad, KARIBI Khadija et BELFAKIH Abdelbaki pour leurs lectures, commentaires, remarques et critiques. Je dédie ce travail à la mémoire de mon cher professeur le feu HARRAMI Noureddine. Je tiens également à remercier tous mes professeur-e-s de la sociologie à la FLSH de Meknès : MOUNA Khalid, BOUZIDI Zhour, JAHAH Mohamed, KOSTANI Ben Mohamed, MERIZAK Mustapha et OUARD Abdelmalek, etc. J’exprime mes sincères remerciements à mon épouse LAKHIOUR Halima de m’avoir partagé chaque moment de la thèse. Mes remerciements les plus sincères vont aussi à mes amis SADDIK Darai, HAMDOUNI Omar et CHAKI Simohamed pour leurs aides, lectures et commentaires.

ختاما أقول، هنيئا للصديق والزميل ورفيق الدراسة في الثانوية التأهيلية ، والدراسة الجامعية، بالعاصمة الإسماعيلية، الأخ جواد أكدال، حصوله على درجة الدكتوراه، تخصص علم الإجتماع ، وإلتحاقه بجامعة الحسن الأول كاستاذ مساعد تخصص سوسيولوجيا..

من هو محمد بن حمو؟

يعتبر الأستاذ والفقيه، محمد بن حمو أحد أعلام العاصمة الإسماعيلية، مكناس.

شهادة حفظ القرآن الكريم


حاصل على شهادة حفظ القرءان الكريم من المجلس العلمي بمكناس ، بميزة حسن جدا ….
_ شهادة الباكالوريا مسلك العلوم الشرعية .
_ شهادة الإجازة مسلك الفقه والأصول .كلية الآداب مكناس .
:شهادة الماستر في المذهب المالكي وتدبير الخلاف كلية الآداب جامعة مولاي إسماعيل مكناس . (على 60 سنة) … زكيات في مهمة الإمامة والخطابة والوعظ والإرشاد وتأطير الحجاج .
— والحمد لله شهادة تقديرية تثبت حسن السيرة من مندوبية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بمكناس لما أقوم به من أعمال جليلة في تأطير المواطنين على حب الوطنية والدين دون مقابل أو دعم مادي …..

شهادة تقديرية


وإفادة في حضور تأطير الحلقات العلمية بالمسجد الأعظم بمكناس من طرف الشيخ الدكتور فريد الأنصاري رحمه الله . المهام : واعظ تابع للمجلس العلمي بمكناس . _أستاذ بمؤسسة الفتح الخاصة للتعليم العتيق بمكناس بالطورين الإعدادي والثانوي منذ 2006م
_ أستاذ سابق بمؤسسة الإمام ورش بنات للتعليم العتيق بمكناس لمواد الفقه والأصول والتفسير بالطور الثانوي .
_ أستاذ سابق بمؤسسة الإمام مالك للتعليم العتيق بمكناس لمادتي النحو والصرف .والفقه المالكي بمسجد بدر …
(محمد بحمو في سطور المحمول : 0663661846

محمد بن حمو مع الراحل د. فريد الأنصاري

اللهم أصلح أمورنا وأمور المسلمين أجمعين) .


إبن رشد(595ه) والسعادة الفلسفية

نادرا ما يصاب الروح بنشوة اللقاء بالوجود المدهش والمبتهج، لكن حين يكون الخطر الأكبر هو قدر الأقدار يستيقظ سؤال الوجود والعدم في الفكر ليحرك الروح نحو الابتهاج بعيدا عن الأسئلة،

هكذا يتم استحضار كل الفلاسفة الذين ينامون على حضن الزمن الحلو، ويكبر الشوق إلى مناداتهم من خلال نداء الحقيقة،

فإلى أي مدى يمكن للفلسفة أن تتحول إلى حياة؟

وهل تستطيع الحياة أن تلبس لباس الفلاسفة؟

وهل تدرك الفلسفة أنها بقدر ما أدخلت البهجة والفرح إلى قلوب الفلاسفة بقدر ما كانت السبب في مأساتهم؟،

وماذا يمكن لكتاب الفلاسفة أن يقدمه عن امتزاج الفرح بالمأساة؟

وكيف يستطيع أن يختار إقامته بين التراجيديا والكوميديا؟

وهل بإمكاننا أن نقدم فلسفة لا ماضي لها؟.

لا أريد سوى الاقتراب من فيلسوف المستقبل الذي يتوفر على ملكة النسيان، لأن روحه تنعم بنشوة الحلم والثمالة ولذلك يستطيع أن يشعل نار الاسئلة التي ستتمكن من حرق المحصول الرديء للعقل الأسطوري الذي اعتقل الروح في لحظة جامدة في الزمان، مما حرمها من الاستماع لأنشودة الوجود، هكذا سيهاجمها العدم إلى ان تخترقها العدمية.

جحيم العدمية

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

وما من أمة سقطت في جحيم العدمية، إلا وكان العقل الأسطوري مرشدها، ذلك أن هذا العقل لا يتحرك بحرية إلا في العدمية،

ومن ثم أصبح العدم هو غايته

ونشر العدمية هدفه، لكن غالبا ما يصاب بصدمة حين تواجهه أسئلة الفلسفة، إذ تجده يتلعثم كالأطفال، لأن كلماته خرساء تفتقد لجدلية العقل والتاريخ:

«فنحن لا نخدع إلا أنفسنا طالما تركنا العقل الأسطوري يسيطر علينا اذ سنقوم بصناعة أعظم الأشياء فراغا من المعنى».
فثمة لقب يطلق على الإنسان الذي حقق ذاته في الوعي التاريخي، ولعل هذا اللقب هو العقلاني،

لأنه بواسطة العقل يحصل على الفكر الذي سيمكنه من تمزيق الحجاب على وجه الحقيقة المشرق،

وسيصاب بالدهشة حين يجد أن الحقيقة ليست شيئا آخر غير حضور الوجود في الزمان.
فحضور الحاضر هو المعنى الذي منحته الفلسفة اليونانية للوجود،

وقد تأثر الفلاسفة العرب بهذه الحقيقة،

ولذلك نجد ابن رشد يتناول وجودية الوجود انطلاقا من الميتافيزيقا كما تركها أرسطو، وقد استطاع أن يواجه غموضها بوضوحه، وعنف أسئلتها بنعومة تفسيره،

بيد أن شراسة الزمان دمرته وبدأ يشكو من اليأس والشيخوخة اذ يقول:

«وقد اللغة» ثم يغير لغته في مقالة اللام قائلا:

«وقد كنت في شبابي أؤمل أن يتم لي هذا الفحص وأما في شيخوختي هذه، فقد يئست من ذلك، إذ أعاقتني العوائق عن ذلك، ولكن لعل هذا يكون منبها لفحص من يفحص بعد هذه الأشياء».
فبأي معنى يمكن أن نفهم هذا الانتقال من التعب الطويل إلى اليأس المطلق؟

، ألا تكون الميتافيزيقا قد أرغمت الفيلسوف على الرحيل باكرا قبل أن توجه إليه تهمة الزندقة؟ .

ألم يكن ابن رشد في شبابه متحمسا وفي شيخوخته يائسا؟

وما قيمة هذه الحياة التي بدأت وانتهت في الميتافيزيقا؟

لم يكن الفيلسوف يبحث عن سعادته خارج دائرة الميتافيزيقا،

بل لأنها شغف بالحياة الفاضلة، ولذلك فإن هذا العشق المأساوي يحمل في ماهيته نشوة الوجود التي تسمح للفيلسوف بالانتقال من مرتبة المعرفة إلى مقام الكشوفات الروحية،

هكذا يتعاظم الشوق، وتكبر معه مشاكل الفيلسوف، وبخاصة وأنه يواجه آراء أهل المدينة الجاهلة بآراء أهل المدينة الفاضلة،

اذ يعلن بصوت مرتفع: «وبلوغ السعادة إنما يكون بزوال الشرور عن المدن وعن الأمم»

وعوض أن يصبح الجهل شرا أصبحت الحكمة هي الشر انطلاقا من معيار تهافت الفلاسفة، هكذا تم الإعلان عن الحرب ضد الفلاسفة، وبخاصة المشائين أتباع أرسطو
.

العقل الإنساني من الظلام إلى الأنوار

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

ليس هناك فيلسوف واحد لم يكن ضحية عشقه لكتاب الميتافيزيقا لأرسطو،

إلى درجة أن هيغل يعلن بصوت مرتفع

انه لو كانت الفلسفة تسعى لأن تصبح جادة لاختصرت تاريخها في أرسطو،

لأنه وحده استطاع أن يوجه العقل الإنساني من الظلام إلى الأنوار،

ولذلك كان مرعبا لتلك الأمم التي تعودت على الإقامة الأبدية في الليل الروحاني،

وهذه الأمة التي اضطهدت الحكمة ووقفت عند كتاب تهافت الفلاسفة وقدسته، ولعل تفسير الحكمة بوصفها زندقة ممكنة عند العقل الاسطوري الذي أبدع أمة منحطة تعيش على ايقاع نسيان الوجود والفكر، لكون ضجيج العواطف أضحى شرسا، وتحولت عين الروح نحو الابتهالات والأبخرة المقدسة.

مما حكم عليها بتكرار نفسها في ثقافة بدائية تصارع العلم والموضة باسم التطرف الديني، ولم يعد الفكر شيئا آخر سوى تكرار ذاته في الحقيقة الموروثة، بل إن السؤال المتعلق بإشكالية الفكر والوجود تم اختصاره في اشكالية التوفيق بين الحكمة والشريعة، ولذلك تم اعتقال العقل في سجن التأويل الشرعي للحلال والحرام، هكذا والشاهد على ذلك أن الدفاع عن وجوب الحكمة بالشرع، قد جعلت ابن رشد ينتحل صفة المحامي، من أجل دحض تهمة الزندقة والتكفير، كما روج لهما الغزالي، الذي كان سفسطائيا مضللا للعامة بآرائه السفسطائية، التي كانت تهدف إلى نسف الفلاسفة، من اجل هدم بيت الحكمة، يقول ابن رشد: «فقد يجب علينا أن ألقينا لمن تقدمنا من الأمم السالفة نظرا في الموجودات واعتبارا لها حسب ما اقتضته شرائط البرهان، أن ننظر في الذي قالوه من ذلك وما أثبتوه في كتبهم، فما كان منها موافقا للحق قبلناه منهم، وسررنا به، وشكرناهم عليه، وما كان منها غير موافق للحق نبهنا عليه وحذرنا منه وعذرناهم».
وبما أن الغزالي قد عجز عن الخروج من المنظور العدمي للفلسفة العربية فإن نقده لم يفض إلى شيء آخر سوى نشر الكراهية للفلسفة والعلم، وبخاصة عند العامة والخطباء، هكذا تحطمت إرادة المعرفة وتحولت إلى بخس لقيمة الحياة والوجود، ومنحها أبعادا عدمية». ولذلك لم يستطع الفكر العربي بعده أن يميط اللثام عن هذه النزعة العدمية، بل تحول هو نفسه إلى فكر عدمي لا يرى ذاته سوى في اجترار التراث، وتقديسه لميثولوجيا الخلافة مع غياب مطلق للوعي التاريخي.

العودة إلى التراث

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

ولعل هذا العود الأبدي للتراث قد حطم كل الجسور المؤدية إلى فلسفة المستقبل، بمعنى الهدم المطلق لكل أمل يقود إلى بناء النهضة العقلانية والثورات العلمية، ما دام أن التراكم التاريخي ظل ثابتا في لحظة مقدسة للزمان، تحاكمه بمعيار اخلاقي وثيولوجي، مما ارغم الصيرورة على التوقف نهائيا عن الحركة، لأنها لا تؤمن الا بالاختلاف والتعدد كما يحددهما الوجود، فالصيرورة والوجود هما الشيء ذاته. ولعل هذه الوحدة بين الوجود والصيرورة، بين العقل والتاريخ قد ازعجت الغزالي، وحركته إلى الدفاع عن النزعة العدمية التي تسعى إلى الهدم من أجل الهدم . فبأي مفهوم يمكن ان نواجه هذه النزعة العدمية؟ هل بمفهوم الصيرورة؟ ام بمفهوم الوجود؟ ام لا بد من استنبات فيلسوف المستقبل إلى أن يصير له ظل على هذه الأرض؟
مهما يكن من أمر هذا الزمان العبثي، فإن وعي الأمة لا يحقق ذاته إلا في الحرية والفكر، ونظرا لكونهما لا يتحققان سوى في فلسفة الصيرورة، فينبغي لفيلسوف
المستقبل، باعتباره طبيبا للحضارة أن يصالح روح هذه الأمة مع التاريخ في أسمى صوره أي حين يصبح جدلا بين الصيرورة والوجود. والحال أن الصيرورة قد تتساقط في التاريخ كقطرات المطر على الأرض، بيد أنها لا تريد أن تصبح هي التاريخ، لأنها لا تملك في ذاتها بداية ونهاية، ومن طبيعة التغيير أن يؤثر في الزمن، دون أن يتأثر به، والفلسفة بدون رغبة في التغيير لا جدوى منها، ذلك أن الفلاسفة الذين يفسرون العالم قد ماتوا من اجل ولادة الفلاسفة الذين سيغيرون العالم ويحررون الإنسانية من العبودية، هكذا ستعانق الفلسفة السياسية مأساة الإنسان كما أراد لها ماركس، وكل الفلاسفة الذين نسجوا على منواله.
ولعل هذا ما يسميه آلان باديوب ”الفلسفة في الحاضر»، ومعنى ذلك أن السياسة لا تحقق كمالها إلا حين تنصهر في فلسفة الحاضر، او بالأحرى التدبير الحكيم والفضيل لهذا الحاضر، ولذلك ينبغي على السياسي المحترف ان يكون فيلسوفا محترفا أو هاويا حتى لا يسعى إلى جعل من المثقفين مجرد هواة في العمل السياسي.
ومن الحكمة أن تساهم الفلسفة في تدبير الدولة المدنية: «ثمة التزامات سياسة تنيرها الفلسفة، أو حتى قد تكون الفلسفة سببا في ضرورتها، ولكن الفلسفة والسياسة متمايزتان، فالسياسة تهدف إلى تحويل الاوضاع الجمعية، فيما تسعى الفلسفة إلى طرح مشكلات جديدة للجميع .. تتعلق بالنضال السياسي المباشر. وبإمكان خصوم العقل أن يتهموا الفلسفة بالغموض والتجريد، بيد أن مهمة الفكر تتجاوز جدود الواقع الملتبس، من أجل خلق المسافات بين المشاكل والحلول. أما ان يقال للفيلسوف: «لن توجد جمهوريتك في اي مكان» فسيجيب قائلا على لسان سقراط: «ففي كل الأحوال لعلها ستوجد في مكان ما غير بلادنا

“يا لها من سنة سيئة للغاية!

جلست الزوجة على مكتب زوجها وأمسكت بقلمه، وكتبت:
في السنة الماضية، أجريت لزوجي عملية إزالة المرارة، ولازم الفراش عدة شهور، وبلغ الستين من عمره؛ فترك وظيفته المهمة في دار النشر التي ظل يعمل بها ثلاثين عاماً،
وتوفي والده في تلك السنة، ورسب إبننا في بكالوريوس كلية الطب لتعطله عن الدراسة عدة شهور بسبب إصابته في حادث سيارة.
وفي نهاية الصفحة كتبت:
“يا لها من سنة سيئة للغاية!!”

ودخل عليها زوجها يريد أن يجلس على مكتبه، ولاحظ شرود زوجته، فإقترب منها، ومن فوق كتفها قرأ ما كتبت!
فترك الغرفة بهدوء، من دون أن يقول شيئاً.. لكنه بعد عدة دقائق عاد وقد أمسك بيده ورقة أخرى، وضعها بهدوء بجوار الورقة التي سبق أن كتبتها زوجته..
فتناولت الزوجة ورقة الزوج، وقرأت فيها:
في السنة الماضية.. شفيتَ من آلام المرارة التي عذّبتني سنوات طويلة…
وبلغت الستين وأنا في تمام الصحة…
وسأتفرغ للكتابة والتأليف بعد أن تم التعاقد معي على نشر أكثر من كتاب مهم..
وعاش والدي حتى بلغ الخامسة والتسعين من غير أن يسبب لأحد أي متاعب، وتوفي في هدوء من غير أن يتألم..
ونجا إبننا من الموت في حادث السيارة، وشفي بغير أية عاهات أو مضاعفات.
وختم الزوج عبارته قائلاً:
“يا لها من سنة أكرمنا الله بها، وقد إنتهت بكل خير”.

لاحظوا.. نفس الأحداث لكن بنظرة مختلفة..
دائماً ننظر إلى ما ينقصنا؛ لذلك لا نحمد الله على نعمه…
وننظر إلى ما سُلِبَ منا ونُركّز عليه…
لذلك نُقصِّر في حمده على ما أعطانا.

قال تعالى:
“وإنّ ربَّكَ لذو فضلٍ على الناسِ ولكنَّ أكثرَهم لا يشكرون”. النمل / ٧٣

اللهم إجعلنا من الشاكرين الذاكرين، وعند البلاء من الصابرين.
أشكروا الله لتدوم النعم.
الحمد لله حمداً كثيراً كما أمَر
ونشكره وهو الكفيل بالزيادة لمن شكر

أربعون منفعة لمن يُصلي على النبي ﷺ


🏵️قال ابن القيّم رحمه الله:
🌳أربعون فائدة للصلاة على النبي ﷺ:
🔹(1) امتثال أمر الله.
🔹(2) موافقة الله سبحانه وتعالى في الصلاة على النبي ﷺ وإن اختلفت الصلاتان.
🔹(3) موافقة الملائكة فيها.
🔹(4) الحصول على عشر صلوات من الله تعالى على المصلي مرة واحدة.
🔹(5) يرفع العبد بها عشر درجات.
🔹(6) يكتب له بها عشر حسنات.
🔹(7) يمحى عنه بها عشر سيئات.
🔹(8) أنها سبب في إجابة الدعاء.
🔹(9) سبب حصول شفاعة المصطفى ﷺ.
🔹(10) سبب لغفران الذنوب.
🔹(11) سبب لكفاية الله سبحانه وتعالى العبد ما أهمّه.
🔹(12) قُرب العبد من النبي ﷺ يوم القيامة.
🔹(13) قيام الصلاة مقام الصدقة لذي العسرة.
🔹(14) سبب لقضاء الحوائج.
🔹(15) سبب لصلاة الله وملائكته عليه.
🔹(16) سبب تزكية للمصلي وطهارة له.
🔹(17) سبب تبشير العبد بالجنة قبل موته.
🔹(18) سبب النجاة من أهوال يوم القيامة.
🔹(19) أنها سبب لتذكير العبد منسيه.
🔹(20) سبب رد سلام النبي ﷺ على المصلي والمسلم عليه.
🔹(21) سبب طيب المجلس فلا يعود حسرة على أهله يوم القيامة.
🔹(22) سبب نفي الفقر.
🔹(23) سبب نفي البخل عن العبد.
🔹(24) سبب نجاته من الدعاء عليه برغم الأنف.
🔹(25) سبب طريق الجنة، لأنها ترمي بصاحبها على طريق الجنة، وتخطئ بتاركها عن طريقها.
🔹(26) النجاة من نتن المجلس الذي لا يذكر فيه الله تعالى ورسوله ﷺ.
🔹(27) سبب تمام الكلام في الخطب وغيرها.
🔹(28) سبب وفور (كثرة) نور العبد على الصراط.
🔹(29) سبب خروج العبد من الجفاء.
🔹(30) سبب لإبقاء الله سبحانه وتعالى الثناء الحسن للمصلي عليه بين أهل السماء والأرض.
🔹(31) سبب البركة على المصلي وعمله وعمره.
🔹(32) سبب نيل رحمة الله تعالى.
🔹(33) سبب دوام محبة المصلي للرسول ﷺ.
🔹(34) سبب دوام محبة الرسول ﷺ للمصلي عليه.
🔹(35) سبب هداية العبد وحياة قلبه.
🔹(36) سبب عرض اسم المصلي على النبي ﷺ.
🔹(37) سبب تثبيت القدم على الصراط.
🔹(38) سبب أداء بعض حق المصطفى ﷺ.
🔹(39) أنها متضمنة لذكر الله وشكره تعالى.
🔹(40) أنها دعاء لأنها سؤال الله عز وجل أن يثني على خليله وحبيبه ﷺ أو سؤال العبد لحوائجه ومهماته..
☘️🌸☘️🌸☘️🌸☘️🌸🌸☘️📚(أربعون منفعة لمن يُصلي على النبي ﷺ)*

د. عبلة الكحلاوى في ذمة الله، عن عمر يناهز 72 عاما

وفاة الدكتورة عبلة الكحلاوى عن عمر يناهز 72 عاما
توفت مساء اليوم الأحد، الدكتورة عبلة الكحلاوى الداعية الإسلامي عن عمر يناهز 72 عاما.

والدكتورة عبلة الكحلاوى من مواليد (15 ديسمبر 1948)، وهى داعية إسلامية مصرية، وأستاذة للفقه فى كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات بجامعة الأزهر، وهى ابنة الفنان محمد الكحلاوى.

التحقت الدكتورة عبلة الكحلاوى، بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر تنفيذا لرغبة والدها، وتخصصت فى الشريعة الإسلامية، حيث حصلت على الماجستير عام 1974 فى الفقه المقارن، ثم على الدكتوراه عام 1978 في التخصص ذاته انتقلت إلى أكثر من موقع في مجال التدريس الجامعى، منها كلية التربية للبنات في الرياض وكلية البنات في جامعة الأزهرفي عام 1979 تولت رئاسة قسم الشريعة فى كلية التربية فى مكة المكرمة.

اتجهت الدكتورة عبلة الكحلاوى إلى الكعبة المشرفة لتلقى دروسا يومية بعد صلاة المغرب للسيدات، وقد استمرت هذه الدروس منذ عام 1987 إلى 1989 كانت تستقبل خلاله مسلمات من سائر أنحاء العالم، وبعد عودتها إلى القاهرة بدأت فى إلقاء دروس يومية للسيدات فى مسجد والدها محمد الكحلاوى فى البساتين وركزت فى محاضراتها على إبراز الجوانب الحضارية للإسلام بجانب شرح النصوص الدينية والإجابة عن التساؤلات الفقهية.

وأسست الدكتورة عبلة الكحلاوى، جمعية خيرية فى المقطم لرعاية الأطفال الايتام ومرضى السرطان وكبار السن من مرضى الزهايمر تحت اسم جمعية الباقيات الصالحات، بالإضافة ل مجمع الباقيات الصالحات فى المقطم

ما هي سوسيولوجيا الاديان،ما حقلها وما هي مواضيعها؟


المحاور
1)- مدخل منهجي ابستيمولوجي حول الدين و علم الاجتماع
2)- علم الاجتماع و الظاهرة الدينية
3)- من علم الاجتماع الديني الى علم الاجتماع الاديان
4)- الظاهرة الدينية المعاصرة و بروز الحركات الدينية

ما سوسيولوجيا الأديان؟
تعد سوسيولوجيا الأديان فرعا من فروع علم الاجتماع العام و يهتم هذا التخصص بدراسة المعتقدات و الطقوس و الممارسات و الاحتفالات الدينية في ضوء المقاربة السوسيولوجية باستخدام المنهجية الكمية من جهة أو المنهجية الكيفية من جهة اخرى و يعني هذا أن الدين جزء من المجتمع أو هو بمثابة مؤسسة مجتمعية كباقي المؤسسات الاخرى التي لها دور هام داخل النسق الاجتماعي الوظيفي فالدين له تأثير كبير في المجتمع كما للمجتمع تأثيره الخاص في الدين

مفهوم الدين:
يعتبر مفهوم الدين من بين المفاهيم البالغة التعقيد سواء في الحقل السوسيولوجي أو غيره وذلك أن هذا المفهوم لا يرتبط بشكل واضح بالمعنى الشائع الذي يلصق بالدين فالسلوك الديني لا يتحدد بحدود واضحة أو يرتبط بمعنى من المعاني و لا يجد تفسيره انطلاقا من فرد بعينه و لا يجتمع ما إلا بقدر ما يمتلك الباحث الاجتماعي لحس مرهف اتجاه الظاهرة الدينية و التي تتميز بانسيابية عالمية تشمل عدة عوالم

التحديد السوسيولوجي لمفهوم الدين:
يمثل البراديغم السوسيولوجي رؤية معرفة تنظر للدين من زوايا مختلفة بحسب المقتربات التفسيرية التي اعتمدتها كل مدرسة على حدة فبينما نجد المدرسة الوظيفية أو الوظيفية البنائية ممثلة بروادها المؤسسين كدوركايم كونت بارسونز
ينظرون للدين على أساس أن له وظيفة اجتماعية يقوم بها في الحفاظ على توازن المجتمع و ضمان استمراريته فبينما يخص الاتجاه الوظيفي و الذي يتجه مباشرة الى البحث عن الوظائف أو الأدوار التي يقوم بها الدين داخل المجتمع و أثره في بعض النظم و المؤسسات الاجتماعية القائمة أو في عمليات التغيير الاجتماعي سلبا و ايجابا
و يستنتج دوركايم وظيفتين أساسيتين للدين أولا تجميع الناس و كأنه يشبه الصمغ الذي يخلق التضامن الاجتماعي و ثانيا اعطاء الناس و سيلة الادراك العالم و رؤيته
أما بارسونز ينظر للدين في العالم الحديث من خلال طريقتين الاول من خلال الفاعلية التي نسبها للدين و الثاني من خلال الخير الذي ينسبه اليه و الى نتائجه كما يتدعم ذلك في الطبيعة المطردة الاعتدال للعالم الذي يشجع عليه الدين
بعدما تعرفنا على أهم التعاريف ذات الصبغة الوظيفية للدين فإننا نعتقد أن الاتجاه الوظيفي لدراسة الدين يبقى قاصرا في ادراك كافة الأبعاد الشاملة و العميقة للمظاهر الدينية في حياة الفرد و المجتمع
مفهوم التدين:
من خلال الاشتغال على دلالة مفهوم التدين أمكننا أن نستخلص أن التدين هو الكيفية التي يعيش بها الأفراد أو الجماعات تجربتهم الدينية و قد سبق للعالم السوسيولوجي جورج سيمل أن يميز بين الدين و التدين حيث يمثل الدين الدافع الحيوي و التدين الشكل الاجتماعي الذي يسعى الى الاستحواذ و السيطرة على الأول و بالتالي فالتدين هو تجربة ذاتية عن علاقة بشرية غربية للحياة نفسها
المنظرين و المؤسسين

دوركايم:
كما رأينا شعر دوركايم بالحاجة للتركيز على التجليات المادية للحقائق الاجتماعية غير المادية. مثلا ً القانون في( تقسيم العمل) ومعدلات الانتحار في (الانتحار ) لكن في كتابه (الأشكال الأولية للحياة الدينية) شعر دوركايم بالراحة الكافية لمناقشة الحقائق الاجتماعية غير المادية، خاصة الدين، بصورة أكثر مباشرة. في الحقيقة الدين هو الحقيقة الاجتماعية غير المادية المطلقة ودراسته اتاحت له إلقاء المزيد من الضوء على كل نسقه النظرى.
بالرغم من أن البحث الوارد في ( الأشكال الأولية…) ليس لدوركايم، لكنه شعر أنه من الضروري وضع تفكيره عن الدين في معلومات منشورة. المصدر الأساسي لتلك المعلومات دراسات عن قبيلة الارونتا الأسترالية البدائية. شعر دوركايم أنه من الأهمية دراسة الدين داخل ذلك الإطار البدائي لعدة أسباب. أولا ً، كان يرى أنه من السهل التعمق في الطبيعة الأساسية للدين في إطار بدائي وليس في مجتمع حديث. الأشكال الدينية في المجتمع البدائي يمكن ” توضيحها في كل صفائها وتحتاج فقط إلى مجهود بسيط لعرضها “. ثانياً، الأنساق الأيدلوجية للأديان البدائية أقل نمواً من الأديان الحديثة ويصاحب ذلك وجود تشويش أقل. وقد ذكر دوركايم ” أن ما هو ثانوي وليس أساسى لم يغط بعد المكونات الأساسية. كل شئ مختزل إلا ما لا يمكن الاستغناء عنه، إلى الذى بدونه لا يمكن أن يكون هنالك دين ” ثالثاً، في حين أن الدين في المجتمع الحديث يأخذ أشكالاً مختلفة ففي المجتمع البدائي نجد ” انسجاماً فكرياً وأخلاقياً” . لذلك يمكن دراسة الدين في المجتمع البدائي في أكثر صوره نقاء ً. أخيراً بالرغم من أن دوركايم درس الدين البدائي لكن ذلك ليس بسبب اهتمامه بالدين البدائي في نفسه، بل درسه من أجل أن “يصل إلى فهم للطبيعة الدينية للأديان وليوضح بذلك جزءًا مهماً وأساسياً من الإنسانية” أكثر تحديداً، درس دوركايم الدين البدائي ليلقى الضوء على الدين في المجتمع الحديث.
بما أن الدين في المجتمع البدائي منسجم وشامل، يمكننا أن نقول أن ذ لك الدين يعادل الضمير الجمعي. أي أن الدين في المجتمع البدائي هو أخلاق جمعية شاملة لكن كلما تطور المجتمع وأصبح أكثر تخصصاً كلما احتل الدين نطاقاً أضيق. وبدل أن يكون ضميراً جمعياً في المجتمع الحديث أصبح الدين أحد التمثلات الجمعية. وفى حين أنه يعبر عن بعض المشاعر الجمعية فإن مؤسسات أخرى مثل (القانون والعلم) أخذت تعبر عن جوانب أخرى من الأخلاقية الجمعية. بالرغم من أن دوركايم يرى أن الدين أصبح يحتل نطاقاً ضيقاً ، لكنه أقر أن معظم إن لم يكن كل التمثلات الجمعية في المجتمع الحديث يرجع أصلها إلى الدين الشامل في المجتمع البدائي.
المقدس والمدنس:
السؤال الأساسي بالنسبة لدوركايم كان عن مصدر الدين الحديث. وبما أن التخصص والغطاء الايدولوجى يجعل من الصعب دراسة جذور الدين في المجتمع الحديث مباشرة، تناول دوركايم الموضوع في إطار المجتمع البدائي. السؤال هو من أين أتى الدين البدائي والحديث ؟.
منطلقاً من موقفه المنهجي الأساسي أن الحقيقة الاجتماعية تسببها حقيقة اجتماعية أخرى، خلص دوركايم إلى أن المجتمع هو مصدر الدين. المجتمع من خلال أفراده يخلق الدين من خلال تعريفه لظواهر معينة بأنها مقدسة وأخرى بأنها مدنسة. تلك الجوانب من الواقع الاجتماعي التى تعرّف على أنها مقدسة، تلك التى تعزل وتعتبر من المحرمات تكَّون أساس الدين. ما تبقى يعتبر مدنساً، تلك هى جوانب الحياة اليومية، العامة، النفعية والدنيوية. المقدس يؤدى إلى سلوك يحتوى على التقديس، الاحترام، الغموض، الرهبة والشرف. الاحترام الذى ينسب لظواهر معينة ينقلها من المدنس إلى المقدس .
التمييز بين المقدس والمدنس وارتفاع بعض ظواهر الحياة الاجتماعية إلى المستوى المقدس ضروري ولكن ليس كافيا ً لتطور الدين. ولابد من توفر ثلاثة ظروف أخرى. أولا ً ، يجب أن يتطور نسق من المعتقدات الدينية. والمعتقدات ” هى التمثلات التى تعبر عن طبيعة الأشياء المقدسة وعلاقاتها مع بعضها البعض أو مع الأشياء المدنسة ” . ثانيا ،ً من الضروري أيضا وجود نسق من الطقوس ” هذه هى قوانين السلوك التى تصف كيف يلائم الإنسان نفسه في وجود الأشياء المقدسة ” أخيراً يحتاج الدين إلى كنيسة، أو مجتمع أخلاقي. التداخل بين المقدس، المعتقدات، الطقوس والكنيسة قاد دور كايم إلى تعريف الدين كما يلي ” الدين نسق موحد من المعتقدات والممارسات تجاه الأشياء المقدسة، أي الأشياء التى تعتبر محرمة – المعتقدات والممارسات التى تتوحد في مجتمع أخلاقي واحد يعرف بالكنيسة وكل الذين يلتزمون بذلك

الطوطمية:

رؤية دوركايم أن المجتمع هو مصدر الدين شكلت دراسته للطوطمية وسط الأرونتا في أستراليا. الطوطمية هي نسق ديني تعتبر فيه بعض الأشياء خاصة الحيوانات والنباتات مقدسة، وترمز للعشيرة. واعتبر دوركايم أن الطوطمية هى الشكل الأكثر بدائية وبساطة للدين ويوازيها شكل بدائي من التنظيم الاجتماعي ذلكم هو العشيرة . إذا تمكن دوركايم من توضيح كيف أن العشيرة هى مصدر الطوطمية، يكون بإمكانه إثبات حجته أن المجتمع هو منبع الدين . فيما يلي عرض لحجة دوركايم ” الدين الذى يرتبط مباشرة بالنسق الاجتماعي ويتفوق على كل ما سواه في بساطته يمكن اعتباره أكثر الأديان التي نعرفها أولية. وإذا نجحنا في اكتشاف أصل المعتقدات التى حللناها سابقاً، سيكون بإمكاننا في نفس الوقت اكتشاف الأسباب التي تؤدى إلى نشوء المشاعر الدينية لدى الإنسان “.
بالرغم من أنه يمكن أن يكون للعشيرة أكثر من طوطم واحد، فإن دوركايم لا يعتبر ذلك سلسلة من المعتقدات المنفصلة وغير المترابطة حول حيوانات أو نباتات محددة، وإنما أعتبرها نسقاً مترابطاً من الأفكار تعطى العشيرة تمثيلاً كاملاً عن العالم. ليس النبات أو الحيوان هو مصدر الطوطمية، إنه فقط يمثل ذلك المصدر. الطواطم هى التمثيل المادي للقوى غير المادية فيها. وتلك القوى غير المادية ليست أكثر من الضمير الجمعي للمجتمع ” الطوطمية دين، ليس بتلك الحيوانات أو بتصورات الناس، وإنما بتلك القوى المجهولة وغير الشخصية، موجودة في كل تلك الكيانات لكنها ليست ممتزجة بأي منهما. الأفراد يموتون والأجيال تذهب ويأتي غيرها لكن هذه القوى تبقى دائماً حية كما هى. إنها تنفخ الحياة في أجيال اليوم مثلما فعلت بأجيال الأمس وكما ستفعل بأجيال الغد “.
الطوطمية خاصة والدين بشكل عام مشتقان من الأخلاق الجمعية، وهى في نفسها قوى غير شخصية. إنها ليست سلسلة من النباتات، الحيوانات والأرواح فقط .

الانفعال الجمعي:

الضمير الجمعي هو مصدر الدين كما يرى دوركايم، لكن من أين يأتي الضمير الجمعي نفسه ؟ في نظر دوركايم إنه يأتي من مصدر واحد هو المجتمع. في الحالة البدائية التى درسها دوركايم يعنى هذا أن العشيرة هى المصدر المطلق للدين. لقد كان دوركايم صريحاً حول هذه النقطة عندما ذكر ” إن القوى الدينية ليست أكثر من القوى الجمعية والمجهولة للعشيرة ” ففي حين أننا ربما نوافق على أن العشيرة هى مصدر الطوطمية يبقى السؤال كيف تخلق العشيرة الطوطمية. تقع الإجابة في مكون أساسي من مستودع مفاهيم دوركايم وإن كان لم يناقش بشكل كاف، ذلك هو الانفعال الجمعي .
مفهوم الانفعال الجمعي لم يوضح جيداً في أي من أعمال دوركايم بما في ذلك (الأشكال الأولية للحياة الدينية ) ويبدو أنه كان في ذهنه وبشكل عام اللحظات الكبرى في التاريخ التى أمكن فيها للجماعة تحقيق مستويات عليا من الرقى والتي تقود بدورها إلى تغيرات كبرى في بنية المجتمع. الإصلاح الديني وعصر النهضة في أوروبا نماذج لفترات تاريخية كان فيها للانفعال الجمعي أثر مشهود على بنية المجتمع. ذكر دوركايم أن الدين ينشأ من الانفعال الجمعي ” إنه وسط هذه البيئات الاجتماعية المنفعلة ومن هذا الانفعال نفسه يبدو أن الدين يولد ” وخلال فترات الانفعال الجمعي يخلق أفراد العشيرة الطوطمية .
باختصار، الطوطمية هى التمثيل الرمزي للضمير الجمعي والضمير الجمعي بدوره يأتي من المجتمع لذلك فإن المجتمع هو مصدر الضمير الجمعي والطوطمية
ماكس فيبر:
قاد ماكس فيبر مجموعة من الدراسات يمكن أن تدخل تحت علم الاجتماع الديني، لعل من أهمها تلك الدراسة التي حاول فيها أن يناهض الفكر الماركسي في أساسه وجوهره، والتي سبقت الإشارة إليه تحت عنوان ” الأخلاق البروتستانتية والروح الرأسمالية”.

ثم قام فيبر بعد ذلك بدراسة مقارنة تناولت الأديان الكبرى والعلاقة بين الظروف الاجتماعية والاقتصادية، من جهة والاتجاهات الدينية من جهة أخرى. وعن الدور الذي يلعبه من خلال دراسات فيبر، فإن ريمون آرون يقول: ” إن نقطة الانطلاق في دراسات فيبر علم الاجتماع الديني هما في اعتقاده بأن فهم أي اتجاه يحتاج من الباحث إلى إدراك تصور الفاعل الموجود بأكمله”. إذ في ضوء هذا الاعتقاد حدد فيبر التساؤل التالي لكي يجيب عنه في دراسته: إلى أي مدى تؤثر التصورات الدينية عن العالم والوجود في السلوك الاقتصادي لكافة المجتمعات؟ ويقول1970 (Arno) إن ماكس فيبر في دراسته لتأثير الأخلاق البروتستانتية على الرأسمالية ، كان يريد أن يؤكد قضيتين هما:

 * أن سلوك الأفراد في مختلف المجتمعات يفهم في إطار تصورهم العام للوجود ، وتعتبر المعتقدات الدينية وتفسيرها إحدى هذه التصورات للعالم، والتي تؤثر في سلوك الأفراد والجماعات بما في ذلك السلوك الاقتصادي.

* إن التصورات الدينية هي بالفعل إحدى محددات السلوك الاقتصادي ومن ثم فهي تعد من أسباب تغير هذا السلوك.

ففيبر إذن، لم يعالج الجوانب المختلفة للدين بوصفه ظاهرة اجتماعية، بل اكتفى بالدراسة الأخلاقية الاقتصادية للدين، ويقصد منها ما يؤكد عليه الدين من قيم اقتصادية.

مؤلـف “الأخلاق البروتستانتيـة والروح الرأسماليـة” من أهم الأعمال عند فيبر:

كما هو معروف أن رائد علم الاجتماع ماكس فيبر، ألف أعمالا كثيرة، نذكر منها: العلم كمهنة، السياسة كمهنة، الاقتصاد العام… وفي مجالات عدة، الاقتصاد، السياسة، القانون… ولكن أبرز هذه الأعمال وأكثرها تأثيرا في الفكر الاجتماعي، كان كتاب ” الأخلاق البروتستانتية الذي سبقت الإشارة إليه. وبحسب المؤرخين، فإن هذا المؤلف كان قراءة لدور القيم الدينية في ظهور قيم وأخلاق العمل في المجتمعات الصناعية الجديدة، والتي كانت أساس ظهور النظام الرأسمالي.

وتأتي أهمية دراسات وأطروحات فيبر، من اهتمام منقطع النظير بفلسفة العلوم الاجتماعية ومناهجها. وفي هذا الخصوص استطاع العالم تطوير المفاهيم والجوانب التي أصبحت بعد وفاته ركائز علم الاجتماع الحديث، ومن أهم المصطلحات التي أثرى بها علم الاجتماع، وتعتبر جزءا منها ومرجعا كبيرا للمهتمين بهذا العلم الإنساني، هي ” العقلانية” و” الكاريزما” و” الفهم” و” أخلاق العمل”.

من بين المؤلفين الذين اهتموا في مؤلفاتهم بتحليل مؤلف ماكس فيبر:

يعد مؤلف الأخلاق البروتستانتية، من أشهر مؤلفات السوسيولوجيا الدينية عند ماكس فيبر. لذا نجد عدد لا يستهان به من المؤلفين، أثاروا حوله مجموعة من المناقشات والاعتراضات والمجادلات.

ويعد جوليان فروند في كتابه “سوسيولوجيا ماكس فيبر” من بين هؤلاء المؤلفين الذين اهتموا بتحليل أفكار ومواقف “الأخلاق البروتستانتية” الذي يوضح فيه فيبر أنه لا ينبغي إعطاء العلاقة السببية بين الرأسمالية والبروتستانتية معنى علاقة آلية. فالذهنية البروتستانتية كانت أحد مصادر عقلنة الحياة التي أسهمت في تكوين ما يسميه” الروح الرأسمالية”، إذ لم تكن السبب الوحيد أو حتى الكافي للرأسمالية نفسها.

ونخلص من هذا، إلى أن موقف فيبر يتمثل في أن البروتستانتية ليست سبب الرأسمالية، إنما أحد أسبابها، أو هي بالأحرى أحد أسباب بعض مظاهر الرأسمالية. وشرح لهذا ريمون آرون في كتابه”السوسيولوجيا الألمانية المعاصرة”.

وننتقل إلى خلفية الأفكار التي أسهمت في تكوين الروح الرأسمالية، إذ يجد فيبر هذه الخلفية عند بعض الطبقات البروتستانتية الكالفينية (الهولندية خاصة) والتقوية والميثودية والمعمدانية، التي يتميز نهجها الحياتي بتقشف يمكن التدليل عليه بكلمة ” التطهرية الغامضة”.

وما يهم فيبر هي الحوافز النفسية النابعة من المعتقدات والممارسات الدينية التي أثرت على الواقع لتكوين ” الروح الرأسمالية”. وعليه فعندما يتكلم فيبر عن الكالفينية فهو يفكر فقط في الأخلاق الخاصة ببعض الأوساط الكالفينية لنهاية القرن 17م، لا بمذهب كالفن لذاته.

وما يمكن أن نخلص إليه من هذا النتاج الفيبري، وهو أن فيبر لم يحصر السوسيولوجيا الدينية في تفسير ضيق للظاهرة الدينية من أجلها بالذات، وإنما حاول أن يوضح كيف يوجه السلوك الديني بقية النشاطات الإنسانية. اقتصادية، سياسية، قانونية… وكيف يحدد مواقف ذو أصول دينية سلوكا أخلاقيا يطبق بدوره في الشؤون الدنيوية.

وسننتقل بعون الله إلى المؤلف الثاني، الذي اهتم بدوره بـ ” الأخلاق البروتستانتية”، الذي ذهب فيه فيبر إلى أن العقيدة البروتستانتية – وبخاصة الكالفينية – هيأت الظروف الاجتماعية والنفسية، التي أدت إلى ازدهار الرأسمالية، والذي أثار التحليل الذي قدمه فيبر فيه اهتمام الباحثين بدراسة العلاقة بين الدين والاقتصاد على نطاق واسع.

ويعد الكتاب “ميادين علم الاجتماع” من جملة الكتب التي تناولت الدور الذي يلعبه كل من الدين والقيم في عملية التنمية الاقتصادية.

لقد كان ماكس فيبر أظهر من ناقش العلاقة بين القيم الدينية والنشاط الاقتصادي، فأكد الأهمية البالغة للدين باعتباره عاملا مدعما للنشاط الاقتصادي الرشيد ومشجعا. فقد أدت البروتستانتية بالإنسان إلى ممارسة سيطرة عقلية على جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وذلك على العكس من الديانات الشرقية الكبرى، وبخاصة الصينية القديمة والهندية، فهي لم تهيئ للإنسان بيئة صالحة لتدعيم النشاط الاقتصادي، في حين لم يحاول فيبر أن ينظر إلى العلاقة بين الدين والاقتصاد باعتبارها علاقة متميزة، إلا أن تحليله يقابل تحليل كارل ماكس الذي نظر إلى المعتقدات الدينية على أنها عنصر في البناء الفوقي، وبالتالي تعتمد إلى حد بعيد على القوى الاقتصادية في المجتمع.

ومن المؤلفين الذين اهتموا أيضا بعمل ماكس فيبر الشهير “الأخلاق البروتستانتية”، نجد دانيال هيرفيه في مؤلفه”سوسيولوجيا الدين” الذي ذهب فيه إلى أن دراسة فيبر عن “الأخلاق البروتستانتية والروح الرأسمالية”، قد غدت جدلا ثريا ونشيطا بدأ في حياة فيبر نفسه، إذ سعى بعض النقاد إلى إظهار أن وقائع مختلفة لا تتفق مع نظرية فيبر، وأنها لا تفسر بشكل تام، إذ أن المنطق الاقتصادي من حيث الأساس منطق معارض للأديان الأخلاقية، لأن عالم الاقتصاد الحديث عالم عقلاني ورأسمالي، بمنطقه الموضوعي الفردي والغريب عن الأخلاق الدينية المتعلقة بالإخاء لا يترك ” العالم الوظيفي للرأسمالية” مكانا لدواعي أو متطلبات تصدقية إحسانية تجاه الأشخاص المحددين.

وفي المقابل ثمة نقاد آخرون لم يعترضوا على وجود بعض الصلات البروتستانتية وتطور الرأسمالية وذلك بافتراضهم لتفسيرات مختلفة لهذا التطور. واستدلوا على وجهة نظرهم بوجود العديد من الأمثلة المعاصرة التي تظهر الزهد والتقشف الدنيوي ذا الأصل الديني يمكن بالفعل أن يكون على صلة مع الروح العامة للمقاول صاحب المشروع الرأسمالي.

إلا أننا نجد كاترين كوليوثيلين قد أظهرت بشكل مقنع أن التعارض الكبير بين عالم الماضي الذي كانت فيه التمثيلات، وكذلك المؤسسات بواسطة الدين، وبين اليوم الذي تحرر من مثل هذا الاعتقاد. لا ينصف التحليلات الفيبرية التي تقاوم التفسيرات التي تستخدم المصطلحات الدنيوية، إذ أن الأديان الأخلاقية، حتى ولو كانت قد ساهمت في هذه العملية، لم يعد لها تأثير على الرأسمالية، كما أنها قد فقدت فعاليتها الاجتماعية.

فمن خلال هذا التحليل، يتضح على أن ماكس فيبر يؤكد على أن تطور وخصوصية التقشف البروتستانتي، قد تأثرا من ناحيتهم بكل الظروف الثقافية الاجتماعية، وخصوصا الظروف الاقتصادية.

خــاتمــــة:

في الختام نخلص إلى استنتاج مفاده، أن ماكس فيبر يعتبر أحد العمالقة العظام، والذي اكتشف ذلك النظام بين (الأخلاق) و(العمل)، وهو في ثلاثيته المعروفة في الكتاب، يضع يده على أحد أهم الأسرار في نهضة الغرب، فحيث انتشرت البروتستانتية انفجرت الرأسمالية. ويقول إن مثلث أو شرارة الانبعاث تكمن في: روح المبادرة، وتقديس العمل، واعتماد مبدأ الربح، وهي ثلاث قيم أنهكت الغرب مع تسلط الكثلكة، ولم يكن الغرب حسب وجهة نظره لينهض لو أن البابا والكنيسة الكاثوليكية بقيمتها المعاكسة، بقيت تمسك بتلابيب أوربا، من تقديس الزهد والفقر، والتواكل في عقيدة فاسدة لفهم العمل الإلهي والبشري، والنظر إلى الربح على أنه عمل غير صالح.

وما يمكن أن نخلص إليه من خلال دراستنا السطحية والمتواضعة جدا لهذا الكتاب، يمكن أن نجمله في ما يلي:

أن ماكس فيبر من خلال مؤلفه هذا، حاول أن يوضح كيف يوجه السلوك الديني بقية النشاطات الإنسانية، الاجتماعية، الاقتصادية، ثم السياسية… وأن يبين أن دائرة انعكاسات المجال الديني متسعة جدا ولا تنحصر في إطار محدود، بل تكتسح كل الميادين، وقد خصص في كتابه هذا مجال الاقتصاد بالدراسة، القابل بدوره إلى التغير والتأثر بالمتغيرات والمؤثرات الدينية والثقافية في المجتمع.

كارل ماركس
ان ماركس على الرغم من الأثر الكبير الذي تركه في هذا الميدان لم يدرس الدين بحد ذاته بصورة تفصيلية بل استقى أكثر أفكاره حول هذا الموضوع من كتابات عدة من الفلاسفة و المفكرين في القرن 19 و يتكون الدين في نظر فيورباخ من أفكار و قيم أنتجها البشر خلال تطورهم الثقافي و لكنهم أشبعوها على قوى سماوية أو الهية و يتفق ماركس مع الفكرة قائلا ان الدين يمثل حالة الاغتراب الانساني ويشبع الاعتقاد في أغلب الأحيان أن ماركس كان يطالب بنبذ الدين و استئصاله غير أن مثل هذا الاعتقاد بجانب الصواب فالدين في نظره هو بمثابة القلب في عالم لا قلب له و يرى ماركس أن الدين بشكله التقليدي سوف يختفي بل لا بد من أن يختفي نظرا الى أن القيم الايجابية التي يمثلها الدين قد تكون نموذجا في نظر ماركس أن لا تخشى الآلهة التي صنعنها بأنفسنا و أن لا نضفي عليها مثل القيم العليا التي يمكن للبشر أنفسهم أن يحققوها
سوسيولوجيا الاديان و الجيل الثاني من المنظرين

بارسونز:
كان بارسونز كما يحكي ذلك براين نورتر متأثر بنظرية كانط الأخلاقية و بوظيفية دوركايم و بالسوسيولوجية التفهمية عند فيبر حتى أنه عمل على ترجمة كتاب الخلاق البروتستانتية و الروح الرأسمالية و قدم له بمقدمة يشرح فيها علاقة الدين بالاقتصاد في ايجاد حياة اجتماعية مطابقة و أكثر من ذلك لم يذهب بارسونز في تأكيد فرضيات الجيل الأول من السوسيولوجيين الذين اعتبروا تراجع الدين في المجتمعات المعاصرة بل انه عمل على التأكيد على أهميته في الأنساق الاجتماعية و الفعل الاجتماعي فالدين موجه لكلا المجالين

بيير بورديو:
لا يمكن فهم البراديغم الجديد الذي أبدعه بورديو في مقاربة الحقل الديني دونما الرجوع للخلفيات الابستيمولوجية التي تفاعلت في أعقاب الحرب العالمية الأولى و قبيل الحرب العالمية الثانية ذلك أن أزمة التفسير التي واجهت العلوم الاجتماعية جعلت البعض يشكك في علمية هذه العلوم و كان اسهام بورديو أساسيا اذ أنه عمل على ازالة التعارض بين الفينومينولوجيا الاجتماعية و الفيزياء و كان يعتبر أنه للكشف عن حقيقة الظواهر الاجتماعية لا بد من تجاوز النزعة الموضوعية و أيضا النزعة الذاتية كنظريات الفعل و علم الاجتماع التأويلي و التحليل اللغوي
اذا ما بلغنا في تقدير أهمية هذا المقترب التفسيري الذي سماه بورديو الهابيتوس الفرد و لعلنا من خلال دراسة السلوك الديني ثم في المستوى الأول يقع هابيتوس الفرد و لعلنا من خلال دراسة السلوك الديني ثم في المستوى الثاني هابيتوس الجماعة المحلية المحيطة بالفرد بداية من الأسرة الجماعة و جماعة الأقارب و الجيران الأصدقاء و المستوى الثالث هو هابتوس المجال حيث يرى بورديو أن لكل مجال من المجالات القائمة (السياسي و الاقتصادي و الثقافي) في المجتمع الهابيتوس الخاص هو عبارة عن مجموعة المهارات و الأساليب الفنية و المرجعيات ونظم المعتقدات الواجب توافرها في عضو هذا المجال دون غيره من المجالات

خاتمة:
لا يمكننا أن ندعي أننا قدمنا رؤية متكاملة ناجزه عن سوسيولوجيا الأديان بقدر ما حولنا أن نتلمس بعض المعالم الكبرى لهذا التخصص المعرفي و قد علمنا قدر المستطاع أن نلقي الضوء على أهم الأطروحات و النظريات التي ناقشت الظاهرة الدينية من وجهة نظر سوسيولوجية

تلخيص جمهورية افلاطون

نبذة عن المؤلف
ولد أفلاطون في أثينا عام 428 قبل الميلاد، لعائلة أرستقراطية، وتزعم المصادر القديمة أن والده، أريستون، كان من نسل كودروس، آخر ملوك أثينا، ووالدته ، بريونسيون ، من سولون وهى مشرعة أثينية تكاد تكون أسطورية ومؤلفة أول دستور للمدينة.

يظهر شقيقا أفلاطون، وهما: (قولاكن Glaucon) و(أدمينتوس Adeimantus)، كإثنين من الشخصيات الرئيسية في كتاب الجمهورية
توفي أريستون أثناء طفولة أفلاطون، وتزوجت والدته من بيريميلامس، صديق رجل الدولة الأثيني بريكليس، ومع ولادته النبيلة ومواهبه الفكرية، كان لدى أفلاطون في فترة شبابه آفاق جيدة في السياسة الأثينية.

بعد وفاة سقراط، كرس أفلاطون نفسه لمواصلة عمل معلمه، وقضى سنوات في السفر حول البحر الأبيض المتوسط، والتعليم والتعلم، حتي توفي في 347

عن المؤلف

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

أفلاطون: أحدُ أشهر وأعظم الفلاسفة الغربيين، موسوعيُّ المعرفة، عميقُ الفكر، له طريقة فريدة في عرض أفكاره بأسلوبٍ بسيط ومنطقي يَفتِن القراء.

وُلد أرسطوقليس بن أرستون في أثينا عام ٤٢٧ق.م تقريبًا، واشتُهر باسم «أفلاطون» الذي يُعبِّر عن ضخامة الجسد. تَربَّى في عائلةٍ أرستقراطية مثقفة اهتمَّت بتربيته بدنيًّا وفكريًّا، بدأ حياته بالتعلُّم من السفسطائيين ومن أحد تلامذة هرقليطس، وبعدها قابل مُعلمه سقراط ولازمه حتى صدور حكم الإعدام الجائر للمعلم؛ الأمر الذي جعله يرى الفسادَ في نظام الحكم وضرورة أن تكون الفلسفة أساسًا لهذا النظام، وهو ما دفعه للقيام برحلته الكبرى من أجل البحث عن الحكمة؛ فسافر إلى مصر وزار إقليدس وتعلم من كهنة عين شمس، ثم إلى قورينا والتقى بالعالِم الرياضي المشهور تيودورس وتعلم الشعر والموسيقى والرياضيات والفلك … واستمرت رحلاتُه اثني عشر عامًا، عاد بعدها إلى أثينا مسقط رأسه إنسانًا ناضجًا تمامًا، وأسَّس فيها مدرستَه الفلسفية، وانقطع بعدها للكتابة والتعليم.

له العديدُ من المؤلفات التي اتَّبع فيها أسلوبَ المحاورة لشيوعه في عصره، متمثلًا شخصيةَ مُعلمه سقراط، وناقش العديد من القضايا الفلسفية، كالوجود والفضيلة والروح والمعرفة والحب … وتميَّزتْ فلسفته المثالية بالسعي الدائم لتحصيل المعرفة الكلية الشاملة من أجل الوصول إلى الحقيقة كهدفٍ أسمى. ومن أهم مؤلفاته كتاب «الجمهورية» الذي يتكلم فيه عن الفلسفة السياسية في عشرة كُتيِّبات، وكتاب «المأدبة» في فلسفة الحب.

تتلمذ على يديه العديدُ من أعلام الفلاسفة، أشهرُهم تلميذه أرسطوطاليس الذي اهتمَّ بحضور مناقشات أفلاطون، والذي نقل عنه شفهيًّا ما يصح أن يُطلَق عليه «تعاليم أفلاطون غير المكتوبة» من خلال مدرسته المشائية.

تُوفِّي أفلاطون عام ٣٤٧ق.م بعدما وضع أُسُس الفلسفة المثالية وترك أثرًا في الإنسانية لا يُمحى.

نبذة عن الكتاب

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

كتاب الجمهورية أحد أكثر أعمال أفلاطون شهرة، ويُعزى إلى الدروس التي تعلمها من سقراط، ويعتبر أول كتاب عن العلوم السياسية أو الحكومة ويستخدم والأسلوب الأفلاطوني لتأمل الأفكار حول العدالة.

في الكتاب، تقرر مجموعة إنشاء مدينة وهمية لتحديد شكل العدالة، وتنقسم المدينة إلى فصول: الحكام الذين يفهمون الصواب والخطأ، الأوصياء الذين يحمون المدينة ويعتنون بشعبها، والمنتجون الذين يقدمون السلع والخدمات للناس.

واحدٌ من أثمن الكتب المؤسِّسة للفكر السياسي؛

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

«الجمهورية» التي تتحقَّق فيها العدالة كما ارتآها «أفلاطون» قبل الميلاد بنحو أربعة عقود.

الكتاب الذي ترجَمَه «حنَّا خبَّاز» إلى اللغة العربية هو عبارة عن حوار فلسفي سياسي، يَعرض من خلاله أفلاطون رؤيتَه للدولة المثالية أو المدينة الفاضلة السقراطية؛ فسقراط هو المُحاوِر الرئيس، وحوله شخصيات عدة يُجادلها وتُجادله، وتتحدَّد مع تصاعُد الجدال ملامحُ جمهورية أفلاطون المتخَيَّلة. في جمهورية أفلاطون ينتمي كلُّ فردٍ من أفراد المجتمع إلى طبقةٍ محددة، ويعمل في مجالِ تخصُّصٍ محدد، ويتحقَّق التوازن بين القوى الثلاث التي يتكوَّن منها المجتمع: القوة العاقلة، والقوة الغضبية، والقوة الشهوانية. وبينما يحاول تقديمَ تعريفٍ للحاكم العادل ويقابله بالحاكم المُستبِد، يُقسِّم الحكومات إلى أربعة أنواع: الأرستقراطية، والأوليغاركية، والديمقراطية، والاستبدادية. وهو من جهةٍ يعلن ميْلَه إلى الملكية الدستورية، ومن جهةٍ أخرى يُقِرُّ بأن العدالة المُطلَقة تظلُّ عَصِيةً على التحقُّق.

جمهورية أفلاطون
أفلاطون
ترجمة حنا خباز

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

واحدٌ من أثمن الكتب المؤسِّسة للفكر السياسي؛ «الجمهورية» التي تتحقَّق فيها العدالة كما ارتآها «أفلاطون» قبل الميلاد بنحو أربعة عقود.

الكتاب الذي ترجَمَه «حنَّا خبَّاز» إلى اللغة العربية هو عبارة عن حوار فلسفي سياسي، يَعرض من خلاله أفلاطون رؤيتَه للدولة المثالية أو المدينة الفاضلة السقراطية؛ فسقراط هو المُحاوِر الرئيس، وحوله شخصيات عدة يُجادلها وتُجادله، وتتحدَّد مع تصاعُد الجدال ملامحُ جمهورية أفلاطون المتخَيَّلة. في جمهورية أفلاطون ينتمي كلُّ فردٍ من أفراد المجتمع إلى طبقةٍ محددة، ويعمل في مجالِ تخصُّصٍ محدد، ويتحقَّق التوازن بين القوى الثلاث التي يتكوَّن منها المجتمع: القوة العاقلة، والقوة الغضبية، والقوة الشهوانية. وبينما يحاول تقديمَ تعريفٍ للحاكم العادل ويقابله بالحاكم المُستبِد، يُقسِّم الحكومات إلى أربعة أنواع: الأرستقراطية، والأوليغاركية، والديمقراطية، والاستبدادية. وهو من جهةٍ يعلن ميْلَه إلى الملكية الدستورية، ومن جهةٍ أخرى يُقِرُّ بأن العدالة المُطلَقة تظلُّ عَصِيةً على التحقُّق.

تاريخ إصدارات هذا الكتاب‎‎

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

صدر الكتاب الأصلي عام ١٧٩٣
صدرت هذه الترجمة عام ١٩٢٩
صدرت هذه النسخة عن مؤسسة هنداوي عام ٢٠١٧

محتوى الكتاب

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

مقدمة المترجم
الكتاب الأول: العدالة
الكتاب الثاني: المدينة السعيدة
الكتاب الثالث: دستور المدينة
الكتاب الرابع: الفضائل الأربع
الكتاب الخامس: المسألة الجنسيَّة
الكتاب السادس: الفلاسفة
الكتاب السابع: المُثُل
الكتاب الثامن: الحكومات الدُّنيا
الكتاب التاسع: المستبد
الكتاب العاشر: التقليد وجزاء الفضيلة

تتمة ملخص كتاب جمهورية افلاطون

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

يتم عرض الكتاب في شكل حوار بين سقراط وثلاثة محاورين مختلفين، وهو عبارة عن استقصاء لمفهوم المجتمع المثالي والفرد المثالي بداخله، وأثناء المحادثة، يتم طرح أسئلة أخرى: ما هو الخير؟ ما هي الحقيقة؟ وما هي المعرفة؟ يتناول الكتاب أيضا غرض التعليم ودور كل من النساء والرجال كأوصياء على الشعب.

تتمثل استراتيجية أفلاطون في الكتاب في توضيح المفهوم الأساسي للعدالة الاجتماعية أو السياسية، ومن ثم استنباط مفهوم مماثل للعدالة الفردية، وفي الكتب الثاني والثالث والرابع، يحدد العدالة السياسية على أنها وئام في هيئة سياسية منظمة، ويمكن تلخيص أهم محاور الكتاب فيما يلي:

يتكون المجتمع المثالي من ثلاثة فئات رئيسية من الناس: المنتجون (الحرفيون، المزارعون، غيرهم)، المساعدين (المحاربين)، والأوصياء (الحكام)، المجتمع ينشأ فقط عندما تكون العلاقات بين هذه الطبقات الثلاث صحيحة.
يجب أن تؤدي كل مجموعة وظيفتها المناسبة فقط، ويجب أن تكون كل مجموعة في وضع القوة المناسب بالنسبة إلى المجموعات الأخرى، ويجب أن يحكم الحكام، وأن يدعم المساعدون قناعات الحكام، ويقتصر المنتجون على ممارسة أي مهارات تمنحها لهم الطبيعة (الزراعة، الحدادة، الرسم، وغيره.)
العدالة مبدأ من مبادئ التخصص: مبدأ يتطلب من كل شخص أن يحقق دوره في المجتمع الذي هيئته له الطبيعة وألا يتدخل في أي عمل آخر.
في نهاية الكتاب الرابع، يحاول أفلاطون إظهار أن العدالة الفردية تعكس العدالة السياسية.
يدعي أفلاطون في الكتاب أن روح كل فرد لها هيكل من ثلاثة أجزاء يشبه الطبقات الثلاثة في المجتمع، هناك جزء عقلاني، يسعى وراء الحقيقة وهو مسؤول عن ميولنا الفلسفية، وجزء مفعم بالحيوية، وهو مسؤول عن مشاعر الغضب والسخط، جزء شهواني (لتلبية الاحتياجات الجسدية)، ولكن المال أهم من ذلك كله (حيث يجب استخدام المال لتحقيق أي رغبة أساسية أخرى)
في الفرد العادل، تهدف الروح بأكملها إلى تحقيق رغبات الجزء العقلاني، كما هو الحال في المجتمع العادل حيث يهدف المجتمع بأكمله إلى تحقيق ما يريده الحكام.
يوضح أفلاطون أن العالم منقسم إلى عالمين، المرئي (الذي نفهمه مع حواسنا) والواضح (الذي نفهمه فقط بعقلنا)
العالم المرئي هو الكون الذي نراه من حولنا، ويتكون العالم الواضح من الأشكال وهي نماذج مجردة غير قابلة للتغيير، مثل الخير، والجمال.
في الكتاب التاسع، يقدم ثلاث حجج لاستنتاج أنه من المستحسن أن يكون عادلا، من خلال رسم صورة نفسية للطاغية، يحاول أن يثبت أن الظلم يعذب نفسية الرجل، في حين أن الروح العادلة هي روح صحية وسعيدة وهادئة.
ينهي أفلاطون كتابه بعد أن حدد العدالة وأثبت أنها أعظم خير، فإنه ينفي الشعراء من مدينته، لأن الشعراء، كما يزعم، يشجعونا على الانغماس في العواطف الباطلة في التعاطف مع الشخصيات التي نسمع عنها.
في الختام روى أفلاطون أسطورة (إر Er) الإغريقية، التي تصف مسار الروح بعد الموت، وتكافأ النفوس العادلة لألف عام، بينما تتم معاقبة أولئك الظالمين على نفس القدر من الوقت، وبعدها كل روح يجب أن تختار حياتها القادمة.

ملخص كتاب جمهورية أفلاطون

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

جمهورية افلاطون, لمعرفة جذور الفلسفة الغربية في الحكم ,
هذا الكتاب كتبه أفلاطون على لسان أستاذه سقراط, حوالي 400 قبل الميلاد, وهو عبقري بلا شك, حيث تناول مناقشة قضايا تخص الدول والمجتمعات الشرقية والغربية منذ فجر التاريخ الإنساني , وحتى يومنا هذا
يناقش أفلاطون في بداية الكتاب فكرة العدالة, وكيف نبني دولة عادلة أو أفراد يحبون العدالة

يقدم سقراط في المحاورات داخل الكتاب تعريفا للعادل وهو الحكيم والصالح ,
وإن المتعدي هو الشرير والجاهل
وهو يظن ان الانسان يميل بطبعه الى التعدي أكثر من العدالة, والدولة ينبغي أن تعلم الافراد حب العدالة
ويشبه أجزاء الدولة بأجزاء الإنسان …
الدولة تنقسم الى :
طبقة الحكام , طبقة الجيش , طبقة الصناع والعمال

ويقسم الانسان الى :
الرأس وفيه العقل, وفضيلته هي الحكمة
القلب , وفيه العاطفة, وفضيلته هي الشجاعة
البطن, وفيه الشهوات, وفضيلته هي الاعتدال

والدولة العادلة هي التي يقوم كل فرد فيها بالعمل الخاص بطبيعته :
الحاكم يحكم, الجندي يحمي , العامل يشتغل

وهكذا تكون فكرة العدالة في النفس البشرية :
العقل يضبط الشهوات, العواطف تساعد العقل في عمله, كالغضب ضد الاعمال المنحطة والخجل من الكذب

والعدالة الاجتماعية هي جزء من هذه العدالة الداخلية / عدالة

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

ثم يتساءل : هل نطلب القوة أم نطلب الحق؟
وهل خير لنا ان نكون صالحين أو أن نكون أقوياء؟
ويقول سقراط في المحاورات ان الطمع وحب المزيد من الترف هي العوامل التي تدفع بعض الناس للتعدي على الجيران وأخذ ممتلكاتهم, أوالتزاحم على الأرض وثرواتها, وكل ذلك سيؤدي الى الحروب

ويقول ان التجارة تنمو وتزدهر في الدولة, وتؤدي الى تقسيم الناس بين فقراء وأغنياء,
وعندما تزيد ثروة التجار تظهر منهم طبقة يحاول أفرادها الوصول الى المراتب الاجتماعية السامية عن طريق المال, فتنقلب احوال الدولة, ويحكمها التجار وأصحاب المال والبنوك, فتهبط السياسة, وتنحط الحكومات وتندثر
ثم يأتي زمن الديمقراطية, فيفوز الفقراء على خصومهم ويذبحون بعضهم وينفون البعض الاخر ويمنحون الناس أقساطا متساوية من الحرية والسلطان..
لكن الديمقراطية قد تتصدع وتندثر من كثرة ديمقراطيتها, فإن مبدأها الاساسي تساوي كل الناس في حق المنصب وتعيين الخطة السياسية العامة للدولة..
وهذا النظام يستهوي العقول, لكن الواقع أن الناس ليسوا أكفاء بالمعرفة والتهذيب ليتساووا في اختيار الحكام وتعيين الافضل, وهنا منشأ الخطر..
ينشأ من الديمقراطية الاستبداد, إذا جاء زعيم يطري الشعب داعيا نفسه حامي حمى الوطن, ولاه الشعب السلطة العليا , فيستبد بها…
ثم يتعجب سقراط من هذا ويقول : إذا كنا في المسائل الصغيرة كصنع الاحذية مثلا لا نعهد بها الا الى اسكافي ماهر, أو حين نمرض لا نذهب الا الى طبيب بارع , ولن نبحث عن اجمل واحد ولا أفصح واحد
وإذا كانت الدولة تعاني من علة , ألا ينبغي ان نبحث عن أصلح الناس للحكم ؟

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

ثم يقول ان الدولة تشبه ابناءها, فلا نطمع بترقية الدولة الا بترقية ابنائها..
وتصرفات الانسان مصدرها ثلاثة:
الشهوة : وهؤلاء يحبون طلب المال والظهور والنزاع, وهم رجال الصناعة والتجارة والمال
العاطفة: وهؤلاء يحبون الشجاعة والنصر وساحات الحرب والقتال, وهم من رجال الجيش
العقل : وهؤلاء أقلية صغيرة تهتم بالتأمل والفهم , بعيدون عن الدنيا واطماعها, هؤلاء هم الرجال المؤهلين للحكم, والذين لم تفسدهم الدنيا

ويقول أن افضل دولة هي التي فيها العقل يكبح جماح الشهوات والعواطف
يعني , رجال الصناعة والمال ينتجون ولا يحكمون, ورجال الحرب يحمون الدولة ولا يتسلمون مقاليد الحكم, ورجال الحكمة والمعرفة والعلم , يطعمون ويلبسون ويحمون من قبل الدولة , ليحكموا…
لأن الناس إذا لم يهدهم العلم كانوا جمهورا من الرعاع من غير نظام , كالشهوات اذا اطلق العنان لها
الناس في حاجة الى هدى الفلسفة والحكمة…
وإن الدمار يحل بالدولة حين يحاول التاجر الذي نشأت نفسه على حب الثروة أن يصبح حاكما , أو حين يستعمل القائد جيشه لغرض ديكتاتورية حربية…

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

ثم يقترح سقراط طريقة صناعة هؤلاء القادة الحكماء, وان تربيهم الدولة منذ الصغر على الفضيلة والعلم, وان يجتازوا امتحانات كثيرة حتى يبلغوا سن الخامسة والثلاثين , فيخرجوا لمخالطة الناس في المجتمع وكل الطبقات , ويرون كل الحيل والدهاء الذي عند بعض الناس , حيث هكذا يصبح كتاب الحياة مفتوحا أمامهم…..
ثم من غير( خدع ولا انتخابات ) يعين هؤلاء الناس حكاما للدولة, ويصرف هؤلاء نظرهم عن كل شيء آخر سوى شؤون الحكم, فيكون منهم مشرعين وقضاة وتنفيذيين
وخوفا من وقوعهم في تيار حب المال والسلطان, فإن الدولة توفر لهم المسكن والملبس والحماية, وممنوع ان يكون في بيوتهم ذهب او فضة…
وطبعا ستكون اعمارهم لا تقل عن خمسين سنة, وهي سن النضوج والحكمة كما يقول سقراط
وإذا كنا في ظروف لم نحصل على مثل هؤلاء, فعلى الاقل نفحص ماضي هذا المرشح للحكم , كم عنده مباديء كم عنده نزاهة؟ كيف أمضى حياته قبل استلام الحكم ؟
هذه هي أبسط طريقة….
وفي النهاية يقول ان العدالة اذن هي ليست القوة المجردة, وهي ليست حق القوي, انما هي تعاون كل اجزاء المجتمع تعاونا متوازنا فيه الخير للكل

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

الكتاب مذهل, لانه كتب قبل حوالي 2400 سنة
وتكلم عن مشاكل مازالت المجتمعات تعاني منها…
قد يبدو مثاليا , لكنه لا يخلو من واقعية ومنطقية…

مثالية أفلاطون في مواجهة عقلانية ارسطو

الميتافيزيقيا وطبيعة الله :

♧♧♧♧♧♧♧

لقد “نشأت ميتافيزيقا أرسطو من علم احيائه. كل شيء في العالم يحركه باعث داخلي ليصبح شيئاً اكبر مما كان عليه. وكل شيء هو كلتا الصورة أو الحقيقة التي نشأت عن شيء كان مادة لها. والذي قد يكون بدوره مادة لصور أكبر تنشأ عنه. وهكذا فإن الرجل هو الصورة الذي كان الطفل مادة لها. والطفل هو الصورة التي كان الجنين مادة لها. والجنين هو الصورة والبويضة هي المادة. وهكذا نعود إلى الخلف إلى ان نصل بطريقة غامضة إلى تصور المادة بغير صورة اطلاقاً، ولكن هذه المادة بغير صورة سوف لا تكون شيئاً، لأن كل شيء صورة. ان المادة بمعناها الأوسع، هي إمكانية الصورة، والصورة هي الحقيقة، الحقيقة التامة للمادة. المادة تسد والصورة تبني، ان الصورة ليست الشكل فقط ولكنها القوة المشكلة، وهي ضرورة داخلية وباعث يعجن المادة المجردة إلى شكل وغرض خاص، انها تحقيق مقدرة المادة القوية، انها كمية القوى الكامنة في أي شيء ليعمل ويكون ويصبح، وبالتالي فإن الطبيعة غزو الصورة للمادة والتدرج والتقدم الدائم وانتصار الحياة”

ان هذا النظام والتصميم بالنسبة إلى ارسطو أمر داخلي وينشأ من نوع الشيء وعمله، فهو يعتقد بان العناية الإلهية تنسجم تماماً مع عملية الأسباب الطبيعية.

يقول أرسطو: “انه لا بد أن يكون للحركة مصدر اذا اردنا أن لا نغطس في رجوع لا نهائي. واضعين خلفنا مشاكلنا خطوة فخطوة إلى ما لا نهاية. ويجب أن نقوي الايمان بالله المحرك الأكبر ولكنه هو نفسه لا يتحرك، وهو كائن، معنوي لا مادي غير مرئي، ولا مكان له لا مذكر ولا مؤنث، ولا يتغير أو يتأثر، تام وأبدي، ان الله لا يخلق العالم، بل يحركه، ولا يحرك العالم كقوة ميكانيكية ولكن كمحرك كلي لجميع عمليات العالم. ان الله يحرك العالم كما يحرك المحبوب المحب. انه السبب النهائي للطبيعة. والقوة الدافعة للاشياء وهدفها، انه صورة العالم، ومبدأ حياته ومجموع تفاعله الحيوي وقوته، وهدف نموه الغريزي”.

ومع ذلك “فإن ارسطو بتناقضه المعتاد يصور الله روحاً مدركة لنفسها، أو بالأحرى يصوره روحاً غامضة مبهمة، لان الله لا يفعل شيئاً أبداً في نظر ارسطو وليست له رغبات ولا إرادة ولا هدف، انه حيوية خالصة لدرجة انه لا يعمل ابداً، وهو كامل كمالا مطلقاً، لذلك ليس بمقدوره أن يغرب بأي شيء لذلك فهو لا يفعل شيئاً، وعمله الوحيد هو التفكير في جوهر الأشياء. وبما انه نفسه جوهر جميع الأشياء وصورة جميع الصور، فان وظيفته الوحيدة هي التفكير في ذاته، يا له من اله فقير هذا الاله الذي يعتقد به ارسطو، انه ملك لا يفعل شيئاً ملك بالاسم لا بالفعل. ولا غرابة في ان يحب البريطانيون ارسطو لأن إلهه صورة طبق الأصل من ملكهم، أو صورة عن ارسطو نفسه. لقد احب فيلسوفنا التأمل والفكر إلى درجة أن ضحى من اجل هذا التأمل بمفهومه عن الله. ان الهه –كما يقول ديورانت- من نوع لا خيال فيه، وهو منعزل في برجه العاجي بعيداً عن صراع الأشياء”.

الأخلاق وطبيعة السعادة عند أرسطو :

ذ♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

يعترف أرسطو “بأن هدف الحياة ليس الخير في حد ذاته، بل السعادة، لاننا نختار السعادة لذاتها، لا لشيء آخر، ونحن نختار الشرف، والسرور والادراك..لاننا نعتقد اننا نصل عن طريقها إلى السعادة، ونكون سعداء بفضلها، ولكن ارسطو يعرف ان تسمية السعادة بالخير الاسمى مجرد حقيقة اولية، وما نريده هو تفسير أوضح عن طبيعة السعادة، وطريق الوصول إليها، عن طريق التفكير والعقل، لذلك يمكننا ان نفترض أن تطور هذه المقدرة الفكرية سيحقق له السعادة. عندئذ تكون حياة العقل شرطاً للسعادة باستثناء قضاء بعض اللوازم الجسدية”

أما “الطريق لبلوغ السعادة، الذي يوفر على الإنسان الكثير من التأخير والعناء، فهو –عند أرسطو- الطريق الوسط، أو الوسط الذهبي، حيث تنظم الاخلاق في شكل ثلاثي يكون الطرفان الأول والاخير فيه تطرفاً ورذيلة، والوسط فضيلة أو فضل، وهكذا يكون بين التهور والجبن فضيلة الشجاعة، وبين البخل والاسراف فضيلة الكرم، وبين التهور والجبن فضيلة الطموح، وبين الخضوع والعتو فضيلة الاعتدال، وبين الكتمان والثرثرة فضيلة الامانة، وبين الكآبة والمزاح فضيلة البشاشة وبين محبة الخصام والتملق فضيلة الصداقة، عندئذ لا يختلف الصواب في الاخلاق والسلوك عن الصواب في الرياضيات والهندسة، حيث يعني الصحيح والمناسب وافضل عمل لأفضل نتيجة” .

في هذا الجانب يقول أرسطو: “ان الفضيلة فن يمكن كسبه بالمران والعادة، اننا لا نعمل الصواب لان لدينا فضيلة أو فضل. ولكن الفضيلة موجودة فينا لأننا عملنا الصواب. هذه الفضائل تتشكل في الإنسان بعمله لها. اننا عبارة عما نفعل دائماً، لكن أرسطو يعتقد بأن الوسط الذهبي ليس كل السعادة، بحيث يجب أن يتوفر لدينا جانب من متاع الدنيا وحاجاتها، فالفقر يجعل من الإنسان بخيلاً شحيحاً، بينما المال يحرر الإنسان من الحرص والشَّرَه، كما أن أنبل الأمور التي تساعد في الوصول إلى السعادة هي الصداقة، لإنها ضرورية للإنسان السعيد أكثر من الإنسان التعيس، لان السعادة تزيد وتتضاعف بمشاركة الاخرين فيها، وهي اكثر أهمية من العدالة، اذ لا حاجة للعدالة عندما يكون الناس أصدقاء، فعندما يكون الناس عادلين مقسطين، تبقى الصداقة نعمة وفضل، فالصديق روح واحد في جسدين، ومع ذلك فإن الصداقة تعني قلة الأصدقاء، لا كثرتهم، وذلك الذي له أصدقاء كثيرون لا صديق له. ومن المتعذر ان تكون صديقاً لكثير من الأصدقاء اذا اردت الصداقة المخلصة”

إن الإنسان المثالي في رأي أرسطو “هو الذي لا يُعَرِّض نفسه بغير ضرورة للمخاطر، ولكنه على استعداد لان يضحي حتى بنفسه في الازمات الكبيرة، مدركاً أن الحياة لا قيمة لها في ظروف معينة، وهو يعمل على مساعدة الناس، ولكنه يرى العار في مساعدة الناس له، لان مساعدة الناس ونفعهم دليل التفوق والعلو، ولكن تلقى المساعدات منهم دليل التبعية وانحطاط المنزلة، كما أن الإنسان المثالي –كما يراه أرسطو- لا يشترك في المظاهر العامة، وينأى بنفسه عن التفاخر والتظاهر، وهو صريح في كراهيته وميوله، وقوله وفعله، بسبب استخفافه بالناس وقلة اكتراثه بالأشياء، ولا يهزه الاعجاب بالناس أو اكبارهم، اذا لا شيء يدعو إلى الاعجاب والاكبار في نظره، ولا يساير الاخرين، الا اذا كان صديقاً لان المسايرة من شيم العبيد، ولا يشعر بالغل أو الحقد ابداً، ويغفر الإساءة وينساها، ولا يكثر الحديث.. ولا يبالي بمدح الناس له أو ذمهم لغيره، ولا يتكلم بالسوء عن الاخرين ولو كانوا أعداء له، شجاعته رصينه، وصوته عميق، وكلامه موزون، لا تأخذه العجلة، لان اهتمامه قاصر على أشياء قليلة فقط. ولا تأخذه الحدة أو يستبد به الغضب، ويتحمل نوائب الحياة بكرامة وجلال، باذلاً جهده قدر طاقته وظروفه، كقائد عسكري بارع ينظم صفوفه بكل ما في الحرب من خطط. وهو أفضل صديق لنفسه، ويبتهج في الوحدة، بينما نرى الجاهل العاجز المجرد عن الفضيلة أو المقدرة عدو نفسه ويخشى الوحدة، هذا هو الرجل المثالي في نظر أرسطو”

أشكال المعرفة عند أرسطو:

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

“في حين رأى أفلاطون رابطة بين أشكال المعرفة المختلفة ومسائلها، فلم يميز تمييزاً حاداً بين نظرية المُثُلْ وعقيدة الدولة والأخلاق والإستطيقا.. إلخ، فإن الفيلسوف التحليلي أرسطو ميز بين أنظمة المعرفة المختلفة. فميز بين ما هو نظري وما هو عملي وما هو شعري من الأنظمة (وهذه تطابق، على التوالي، النظرية والتطبيق العملي والشعر التي ترتبط بالمعرفة والحكمة العملية والفن أو المهارة التقنية، وهدف المعارف النظرية تعيين الحقيقة.

“اعتبر أرسطو ثلاثة معارف نظرية هي فلسفة الطبيعة والرياضيات والماورائيات ، وهدف الفلسفة الطبيعية تحديد الأشياء المدركة بالحس والمتغيرة. وهدف الرياضيات تحديد الصفات الكمية الثابتة، أما الميتافيزيقا، فتستهدف تحديد الأشكال الثابتة المستقلة، وهو، بهذا المعنى، كان يتكلم بمصطلحات المستويات المتزايدة في التجريد، بدءاً من الفلسفة الطبيعية مروراً بالرياضيات إلى الميتافيزيقا”

عالم المُثُلْ وعالم المحسوس لدى أفلاطون وأرسطو:

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

بينما يقول أفلاطون إن الُمُثْل هي الموجودات الحقيقية، وهي النظرة الشائعة في التأويلات في الكتب المدرسية، يرى أرسطو أن الموجودات المستقلة هي الأشياء الجزئية، أو “الجواهر” مستخدمين المصطلح الأرسطي، فبرج إيفل وحصان الجار وهذا القلم أمثلة على الأشياء الجزئية؛ عن الجواهر بالمعنى الأرسطي، أي: هي ذات وجود مستقلاً، أما ارتفاع برج إيفل واللون الذهبي لحصان الجار والمقطع السداسي الشكل للقلم فهي صفات لا وجود مستقلاً لها عن البرج والحصان والقلم.

الجواهر لها صفات، والصفات توجد كصفات للجواهر، لكن ما عدا ذلك لا وجود مستقلاً للصفات. ويمكننا النظر إلى أشياء صفراء متعددة، ونتكلم على صفة “الاصفرار”، ونتكلم عما يقابله من أشياء وصفات، غير أن ذلك كله لا يجعل صفة الاصفرار فكرة ذات وجود مستقل، بحسب ما رأى أرسطو.

وهكذا، فإن أرسطو رأى أن الجواهر هي ما له وجود فعلي، أما الصفات والأنواع فوجودها نسبي لأنها توجد في الجواهر (الأشياء الجزئية) أو معها

وتكون النتيجة أن أرسطو أنزل الأفكار (المُثُل) إلى مستوى الأشياء، أي: الصفات والأنواع موجودة، لكن وجودها ليس إلا في الأشياء الجزئية، وفي الخلاصة يمكننا تفسير العلاقة بين أفلاطون وأرسطو بما يلي: يعتقد أفلاطون وأرسطو معاً بأنَّ الكلمات التصوراتية (أسماء الصفات، مثل “أحمر”و”دائري”..إلخ، وأسماء الأنواع مثل “حصان” و”إنسان” …إلخ) تشير إلى أشياء موجودة، غير ان أفلاطون اعتقد أن هذه “الأشياء” هي مُثُلْ موجودة “وراء” الظواهر الحسية، أي: نحن مصيبون عندما نقول هذه كرسي، وذلك أزرق، ولكن لرؤية ذلك، لابد من أن يكون في حوزتنا، بشكل مسبق مثال الكرسي، ومثال الأزرق، فالمُثُلْ هي التي تمكننا من أن نرى الظواهر بما هي عليه، مثلاً ككرسي وكأزرق، بينما عد أرسطو تلك “الأشياء” صوراً توجد في الظواهر الحسية، وفي التجارب والخبره الحسيه.

“غير أنه يجب أن لا يفهم ذلك بشكل حرفي متطرف، فقد رأى أرسطو أننا نستطيع بعون من العقل إدراك الكليات أو الصور إدراكاً حسياً. وبحسب أفلاطون فإن الخبرة الحسية شكل ناقص من المعرفة، أما المعرفة الحقة فهي في رؤية المثل رؤية متبصرة.

لكن، “على الرغم من أن أرسطو لا يرى، في نهاية المطاف، وجوداً إلا للأشياء الجزئية (الجواهر). غير أننا بمساعدة العقل نتمكن من أن نميز الصور الكلية في الأشياء. وبكلام آخر نقول: إن للتجربة الحسية والعقل مرتبتين متكافئتين عند أرسطو أكثر مما لهما عند أفلاطون، فاذا كانت الكائنات الإنسانية هي الأعلى من بين المخلوقات التي لها وجود مادي، ففي أعلى هذا العالم الهرمي، “تصور أرسطو وجود مبدأ أول، الله، وتصوره وجوداً فعلياً محضاً، أي خالياً من الوجود بالقوة، وبالتالي لا يتغير، فالله مستقر في ذاته، وهكذا يتوج أرسطو الميتافيزيقا التي وضعها بثيولوجيا ، أي بتعليم عن الكائن الأعلى، وليس هذا الإله إلهاً شخصياً: فقد اعتبر أرسطو الكائن الأعلى المحرك الذي لا يتحرك المستقر في ذاته”

وهذا المبدأ الأعلى هو وجود فعلي محض، لا وجود قوة فيه للتحقق، وهو، لذلك السبب والغاية النهائية لكل شيء، فالمحرك الذي لا يتحرك هو الذي تتحرك جميع الموجودات متجهة إليه، أما المستوى الأدنى في العالم الهرمي، فهو المادة المحض (القوة)، ويمثل تصور المادة المحض تصوراً فاصلاً، لا نستطيع أن نتخيله، بكلام دقيق، لأنه لا يحوز على فعل (صفات فعلية)”

مميزات نظرية المثل الافلاطونية

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

“إعتقد أرسطو وأفلاطون بأن البشر لا يتمكنون من العيش إلا في مجتمع، وكلاهما عَنَيا بالمجتمع في دولة المدينة اليونانية، ولكن يتوضح التعارض العام بين أفلاطون العقلي المثالي وفيلسوف الفطرة النقدي أرسطو من خلال نظرتهما إلى المجتمع، أي: ينتقد أفلاطون الأحوال الواقعية باللجوء إلى مطالب العقل، ويعتبر السياسة مهمة يجب القيام بها: وهي تقريب الأحوال الواقعية لتصير متسقة مع المثال الأعلى.

أما أرسطو، فهو ينطلق من الأشكال الموجودة للدولة، وليس للعقل من دور سوى أن يكون وسيلة لتصنيف الموجود في الواقع وتقويمه، وهذا يعني أن أفلاطون ينظر إلى ما وراء النظام القائم، إلى شيء جديد، نوعياً، أما أرسطو، فيبحث عما هو الأفضل بين الموجودات، وما يقوله هو أكثر واقعية، لأنه يلائم بشكل أفضل الأحوال السياسية للدول –المدينية في زمانه، غير أن تنبيهنا إلى تلك الفروق يجب أن لا يحجب عنا الحقيقة المفيدة أن للفيلسوفين الكثير من الأمور المشتركة، بحيث يمكننا القول إن أرسطو يمثل نوعاً من الاستمرارية العقلية لأفلاطون، من دون اتخاذ موقف يتعلق بأي منهما كان المفكر الأفضل”

لكن، على الرغم مما تقدم، فالتلميذ ارسطو لايختلف جوهرياً عن استاذه افلاطون، فإذا كان افلاطون فيلسوف الفردية الارستقراطية، فإن ارسطو هو الفيلسوف الرسمي لامبراطورية أوتوقراطية، انه القائل ” منذ المولد هناك أُناس مُعَدُّون للعبودية واناس معدون للإماره “، وهذا لا يعني تطابقهما على الرغم من ان كليهما من الناحية الفلسفية التقيا على ارضية المثالية الموضوعية التي تقر بمعرفة العالم الخارجي، وتقول بأن هناك صانعاً أو خالقاً موضوعياً خارج الذات أوجد هذا الكون، فقد انتقد أرسطو نظرية افلاطون منطلقاً من أن:-

1- مُثُل افلاطون صورة أونُسخ عن الاشياء الحسية ( نحن في كهف، ندير ظهورنا للشمس لانرى سوى ظلال الأشياء او صورتها على جدار الكهف… هذه هي مثل افلاطون ).

2- أفلاطون يفصل عالم ” المُثُلْ ” عن عالم ” الأشياء ” فهو يعتبر ان المادة مشتقة من “المُثُلْ” او الأفكار السابقة عليها ( الوجود الحق ) .

3- في حين يعتبر أفلاطون الأشياء الحسية ظلالاً او أشباحاً للوجود الحق “المُثُلْ”، ينظر ارسطو إلى الأشياء او الموجودات على أنها تمثل وحدة للصورة والمادة موجودة وجوداً قطعياً (الرجل هو الصورة الذي كان الطفل مادة لها، والطفل هو الصورة التي كان الجنين مادة لها، والجنين هو الصورة والبويضة هي المادة، ولابد ان يكون هناك محرك أكبر لهذه العملية.. هو الله السبب النهائي للطبيعة، الصورة الأولى.. انه صورة العالم وهو كامل كمالاً مطلقاً لادخل له بالتفاصيل، ملك بالإسم لا بالفعل كما يقول “ول ديورانت” في كتابه قصة الفلسفة).

عند أرسطو .. العالم موجود في الخاص، أي اننا لانصل إلى معرفة الكلي اذا لم نتعرف على الجزئي، الجزئي نتعرف عليه بالحواس، الكلي نعرفه بالعقل، نشير في هذا الصدد ان ارسطو كان يحتقر الفعل الجسدي ويقدس العقل وهو القائل ” كل من كان بمقدوره ان يتنبأ بعقله هو بطبيعته معد ليصبح سيداً “، ومن ناحية ثانية، فإن أفضل أشكال الحكم عنده، النظام الأرستقراطي الذي يعتمد حكم القلة من النخبة المختارة، يرفض ارسطو الديمقراطية لأنها كما يقول تقوم على افتراض كاذب بالمساواة، من آرائه، أن الإنسان ينتمي إلى مجموعة واحدة من الحيوانات الولود ذات الثدي، أما المرأة عنده، فهي ناقصة عقل وهي مرتبه دنيا عن الرجل ( في تراثنا الاسلامي المرأة ناقصة عقل ودين ،الرجال قوامون على النساء ) الإنسان الفاضل عنده هو الذي يختار الوسط بين الافراط والتقتير ( في التراث الإسلامي أيضاً: وخلقناكم أمة وسطا، وخير الامور الوسط )!.

المجتمع الطبقي لدى أرسطو:

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧◇♧◇♧♧◇

ميز أرسطو بين الرجال الأحرار المستقلين – أي الإنسان بأفضل معنى- والرجال ذوي عقلية العبودية، طبيعياً، أي: جرت العادة على استخدام العبيد في الأعمال الجسدية، ورأى أرسطو أن مثل تلك الحياة هي أقل قيمة من حياة الرجال الأحرار اليونانيين. واعتقد أرسطو أيضاً أن هؤلاء العبيد المستعبدين هم عبيد بطبيعتهم.

“بالنسبة إلى أرسطو هناك علاقة تضايف بين عمل العبد وهو في حالة العبودية وصفاته الشخصية، بحيث يبدو العبيد، من المنظورين كليهما، دون الإنسان اليوناني الحر، وبهذه الطريقة وضع أرسطو العبيد والنساء في وضع سفلي نسبة إلى وضع الرجال اليونانيين الأحرار: فكلاهما ينتميان إلى المنزل، وليس إلى الحياة العامة في السوق، فالنساء والعبيد كلاهما، بطبيعتهما ونسبة إلى صفاتهما، يقعان في مستوى أدنى من مستوى الرجال الأحرار الذين يظهرون في الأمكنة العامة لدولة المدينة”.

تجدر الإشارة إلى أن الكائن البشري عند أرسطو هو الذكر بشكل رئيسي، بينما ترتبط النساء، بشكل رئيسي بالأسرة والبيئة الأهلية، وهناك يمكنهن أن يحققن أفضل إمكانياتهن. لذلك، عندما نقول إن الإنسان يحقق طبيعته في دولة المدينة، علينا ان لا ننسى أن هذا القول لا ينطبق، عند أرسطو، على النساء ولا على العبيد.

“يقول أرسطو : ان المرأة من الرجل كالعبد من السيد، وكالعمل اليدوي من العمل العقلي، وكالبربري من اليوناني، والمرأة رجل ناقص، تُرِكَتْ واقفة على درجة دنيا من سلم التطور، والذكر متفوق بالطبيعة؛ والمرأة دونه بالطبيعة، والأول حاكم والثانية محكومة؛ وهذا المبدأ ينطبق بالضرورة على جميع الجنس البشري. ان المرأة ضعيفة الإرادة، وبذلك فهي عاجزة عن الاستقلال في المرتبة والخلق. وافضل مكان لها حياة بيتية هادئة، تكون لها السيادة المنزلية بينما يحكمها الرجل في شؤونها الخارجية، لذلك يجب أن لا تتساوى النساء مع الرجال كما في جمهورية افلاطون، ولا بد من زيادة الفوارق بينهما”

ادعى البعض أن أرسطو لم يكن واضحاً، في مسألة ما إذا كانت الحياة الصالحة هي الحياة المعروفة في النشاط النظري أو هي الحياة في متَّحد اجتماعي سياسي عقلاني، غير أنه عندما تكون المسألة مسألة العلاقة بين المتَّحد السياسي العقلاني والعمل المنتج الضروري، فالواضح أن أرسطو اعتبر الأول هو خير للبشر، وهو هدف في حد ذاته، وأن العمل الجسدي مع ما يرافقه من استجمام لا يمثل الحياة الجيدة، وليس له قيمة في ذاته.

لذلك، فإن الذين يُنَفِّذونَ مثل ذلك العمل، سواء أكانوا عبيداً أم لم يكونوا، لا يحققون الحياة الإنسانية بأفضل أشكالها، لأن الفروق الطبقية في زمن أرسطو شكل تمييز بين من يقومون بعمل يدوي ومن يقومون بنشاط فكري وسياسي، لذلك إعتقد أرسطو أن هذه العملية التشكيلية “الأنسنة” تحدث بشكل رئيسي في النشاط الفكري والسياسي، وليس في العمل الجسدي، وهنا لا يختلف أرسطو عن أستاذه أفلاطون، فقد كان الفكر الافلاطوني ينهض برمته على أساس اتحاد وثيق العرى للغاية بين الحياة العقلية والاخلاقية والسياسية وفق منطلقات ارستقراطية.

بيد أن هذا الكل المترابط –كما يعلق إميل برهييه- “يتفكك ويتناثر لدى أرسطو: فالخير الاخلاقي أو الخير العملي، أي الخير الذي يمكن للإنسان بلوغه بأعماله، لا يمت بصلة إلى مثال الخير الذي كان الجدل وضعه في اعلى الموجودات ؛ وليست الاخلاق علماً من العلوم الدقيقة مثل الرياضيات، وانما تعليم يرمي إلى أن يجعل الناس أفضل مما هم عليه، وليست غايته أن يزودهم بآراء قويمة حول الاشياء التي ينبغي عليهم طلبها أو الهرب منها فحسب، بل أن يحملهم فعلاً على طلبها أو الهرب منها.

إذ “لا يكفي أن تعرف الفضيلة، بل ينبغي أيضاً أن تمتلك وتمارس”. ولا يجوز لمعلم الاخلاق أن يتعلل بالأوهام بصدد نجع تعليمه: فالخطب والمواعظ لا تكفي لتلهم الناس الطيبة؛ صحيح انها ستثمر إذا ما توجهت إلى فتيان من ذوي النفوس الكريمة والشريفة، لكنها تقف عاجزة عن الأخذ بيد السوقي إلى الفضيلة.

الاخلاق تعليم اذن، لكنه تعليم ارستقراطي؛ وما هي بوعظ وإرشاد للجمهور، وانما دعوة اهل المواهب إلى التفكير والتأمل، أما الباقون فحسبهم العادة وخوف القصاص، بل أكثر من ذلك: فالفضيلة لا يكتب لها تمام النماء فيما يظهر إلا بين ظهراني الطبقات الميسورة: “فمن المتعذر أو من العسير للغاية على المعوز ان يأتي كريم الفعال، إذ كثيرة هي الاشياء التي لا يستطيع الإنسان قياماً بها إلا إذا اعتمد، في جملة وسائطه، على أصدقاء وثروة وسلطان سياسي”؛ ولا يسع إنساناً عظيم القبح، خسيس النسب، منفرداً ولا نسل له، أن يبلغ إلى السعادة الكاملة، كما وليس في المستطاع ممارسة بعض الفضائل النفسية، نظير الشجاعة والسخاء والادب والعدل، إلا في مستوى اجتماعي محدد؛ “لا يملك الفقير ان يكون يكون كريماً؛ إذ ليس في حوزته ما يمكنه من الانفاق على سعة؛ ولو حاول ذلك، لكان غبياً أحمق”.

لذا نقول “إن أرسطو كان أقرب إلى الآراء الشائعة في زمانه من أفلاطون، فهو مشارك في النظره التقليدية التي كانت تقول إن الرجال أعلى مرتبة من النساء، حتى أنه يوظف حججاً بيولوجية لدعمها، أما بالنسبة إلى نظرة أرسطو إلى الأخلاق، فإننا نجده يميز نفسه من أفلاطون في عدد من النقاط، لقد رأينا أن أرسطو انتقد نظرية أفلاطون المفيدة أن للمُثُلْ وجوداً مستقلاً عن الأشياء، وهذا النقد ينطبق أيضاً على مثال الخير، فالخير الذي هو هدف الحياة الإنسانية ليس عند أرسطو شيئاً منفصلاً عن الإنسان، فالخير موجود في طريقة حياة الكائنات البشرية”

والخير عند أرسطو، هو “السعادة أو النعيم، أي الحالة التي تتطلب على وجه التحديد أن يحقق الناس أفضل قدراتهم في المجتمع، عبر مراحل التشكل الاجتماعي الثلاث، بحيث يجد كل شخص موقعه، أو موقعها، في المجتمع، أي يصير إنساناً فاضلاً، كما رأى أرسطو أيضاً أن الحياة في في نشاط نظري ملائمة لجلب السعادة، وبخاصة لمن يملكون قدرات نظرية جيدة. غير أن الأشخاص المختلفين لهم قدرات وإمكانيات مختلفة، لذا، ليس ملزماً أن تكون الحياة الجيدة متشابهة عند الجميع”.

في ضوء ما تقدم، فإن القراءه الدقيقة لفكر أرسطو، تبين أنه –كما يرى بحق د. حامد خليل- لم يخرج من حيث الجوهر عن إطار نظرية سلفه، استاذه أفلاطون في الإنسان، وكل ما في الامر هو أن البنية الطبقية للمجتمع اليوناني طرأ عليها بعض التعديل، مما اقتضى من أرسطو القيام بتعديلات طفيفة على نظرية أفلاطون، تتناسب مع حجم التحويل الاجتماعي المذكور. أما جوهر النظرية فقد ظل على ما هو عليه دونما تغيير، لقد كان أرسطو في خدمة فيليب المقدوني، الذي استولى باسم الوحدة على مدن اليونان، التي كان قد استشرى فيها الفساد التجاري، وعمت فيها الفوضى السياسية. فالتجار ورجال المال كانوا يبتلعون الموارد الحيوية، ولا شك أن ذلك الخضم الهائل من الفوضى والصراع والتناحر الطبقي، فرض على فيليب أن يكون حذراً، وقد بدا له أن اللجوء إلى الحسم لصالح احدى الطبقات ليس بالوسيلة الممكنة لتحقيق حلمه الكبير بإقامة امبراطورية يكون هو على رأسها يأمر فيطاع، والأصح أن يمسك بالعصا من الوسط، وأن يبتكر توليفة للدولة تحقق التوازن بين تلك المصالح المتعارضة، وطبعاً سيقتضي الامر التخفيف من غلواء مطالب الطبقة الأولى من جانب، وضبط جموح تلك الجموع الغفيرة من القوى المتوسطة الثروة الصاعدة والمتطلعة إلى تصدر قيادة المجتمع من جانب آخر، والحق أن القارئ لفلسفة أرسطو –كما يستطرد د. حامد خليل- يكتشف أنها كانت انعكاساً دقيقاً لذلك الاسلوب الوسطي في معالجة الامور، الذي يهدف في نهاية الامر إلى ترسيخ قيم ما يمكن تسميته بلغتنا الدارجة بالطبقة الوسطى الفتية، ولذلك ظهرت فكرة الاعتدال كفكرة محورية تتمركز حولها نظرية الإنسان عند أرسطو بالكامل”

وبالطبع “فان الاعتدال المذكور والتوازن الذي يترتب عليه، لم يكونا يستهدفان مصلحة كل الناس في الإمبراطورية، وإنما مصلحة الطبقات العليا منهم، أي ان أرسطو ظل أمينا مخلصا لتراث سلفه أفلاطون في الابقاء على التقسيم الطبقي للإنسان، والفرق الوحيد بينهما في هذا المجال هو أن “أفلاطون” كان منحازاً بالكامل إلى صف الطبقة العليا التي كانت تشكل الاقلية في المجتمع الاثيني، بينما انحاز أرسطو إلى جانب الطبقة المتوسطة التي كانت تشكل الاغلبية من بين المالكين والتجار، مستجيباً في ذلك لمقتضيات مرحلة فيليب الجديدة”.

الإنسان والمجتمع والدولة عند أرسطو :

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧◇♧♧♧♧

أرسطو لا يسلم بأن الفرد يتشكل بثقافة المجتمع التي تنمو باطراد عبر التاريخ، تماماً كما هو الحال لدى أفلاطون، وعلى هذا النحو يكون المجتمع عنده مجرد حزمة من الأفراد، وتكون وظيفته الوحيدة هي توزيع السلع والمنتجات بين الناس على أسس حسابية صرفة، على أنه حين ينتقل إلى الدولة ليحدد علاقة الأفراد بها، تجد أن الامر مختلف تماماً، فالامبراطور بحاجة إلى سند عقلي لتبرير قيام دولة يكون هو على رأسها، وليس بحاجة إلى تكوين نسيج اجتماعي تكون مهمته إعداد آدميين”.

ويبدو أن “أرسطو” كان أفضل من يقوم بهذا الدور –كما يقول د. حامد خليل- “فالدولة بالنسبة له هي غاية في ذاتها، وليست وسيلة من اجل خدمة المواطنين، ولهذا ففي مقدورها التضحية بأي مواطن تشاء، يقول أرسطو تأكيداً لذلك : “لا يوجد مواطن ينتمي إلى نفسه، وإنما الكل ينتمون إلى الدولة”.

اذ يجب ان يكون المواطن الصالح قادراً على اطاعة الأوامر والقيادة معاً، والنظام المدرسي الحكومي وحده هو الذي يستطيع تحقيق الوحدة الاجتماعية بين الاجناس والسلالات المختلفة، فالدولة –كما يقول أرسطو- هي تّجّمُّع لطوائف متعددة مختلفة، لذلك يجب توحيد هذا التعدد عن طريق التعليم.

لذلك “ينبغي على الحاكم الذي يريد أن يتجنب الثورة ان يمنع في بلاده تطرف الفقر وتطرف الثروة، ويشجع الاستعمار في الخارج كمخرج لتكاثف السكان الخطير في بلاده. ويكون متديناً وينمي النزعة الدينية في بلاده، كما ينبغي ان يظهر الحاكم، وخصوصاً الحاكم المطلق أو المستبد اهتمامه في إقامة شعائر الدين وعبادة الالهة، لان الناس اذا اعتقدوا بتدين الحاكم وتوقيره للالهة، يقل خوفهم من نزول الظلم بهم على يديه، ويقل ميلهم وتدبيرهم في التآمر عليه، لاعتقادهم بأن الآلهة ستحارب بجانبه”

أما التبرير الذي ساقه لتدعيم فكرة الدولة على النحو المذكور، فلم يكن خلق اتحاد تعاوني حقيقي بين المواطنين بوصفهم جميعهم كائنات بشرية، وإنما جعل مواطنيها عادلين وصالحين، وقد يبدو هذا التسويغ مقبولاً إذا فهمنا منه أن أرسطو كان يستهدف فعلاً صلاح المواطنين وخيرهم، وتنمية قواهم الروحية، والارتقاء بإنسانيتهم، لكن فهم ما يقصده بالعدالة والصلاح يبدد هذا الوهم، إذ هو يجعل من مصلحة فيليب ومصلحة الطبقة الوسطى المثل الأعلى والوحيد الذي كان يرجو تحقيقه في الواقع. وهذا ما تكشف عنه الصورة التي رسمها للعدالة أولاً، وللدولة الفاضلة أو المثلى ثانياً، فالعدالة هي الاعتدال، أو هي الحد الأوسط بين طرفين مرذولين: الافراط والتفريط”

وحين ترجم أرسطو هذا إلى لغة اجتماعية، “بدت العدالة أنها الحد من افراط استبدادية الاوليجاركية، ومن التفريط في الديمقراطية؛ بحيث يؤدي الامر في نهاية المطاف إلى تحقيق حكم الشعب – الغوغاء على حد تعبيره، أو قل إن العدالة هي تحديد حكم طبقة متوسطة قوية تتألف من أولئك الذين ليسوا بالأغنياء جد الغنى، ولا بالفقراء غاية الفقر، وطبعاً لم يكن يقصد أرسطو مشاركة الطبقة المذكورة لفيليب في ادارة شؤون الحكم تماماً، وإنما أن يضمن الدستور مصالح تلك الطبقة لكي تكون السند القوي له في استمراره على رأس تلك الامبراطورية”

المصادر والمراجع

♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧♧

([1]) غنارسكيربك و نلز غيلجي – تاريخ الفكر الغربي .. من اليونان القديمة إلى القرن العشرين – ترجمة: د.حيدر حاج إسماعيل – مركز دراسات الوحدة العربية – الطبعة الأولى ، بيروت، نيسان (ابريل) 2012- ص 155

([2]) بعكس المثالية الذاتية التى تقول بأن ما دام كل فرد مغلق فى افكارة الخاصة، فانة يعرف نفسه فقط دون العالم الخارجي أو حتىدون الآخرين من بنى الأنسان (بيركلى هو فيلسوف المثالية الذاتية…وهي فلسفة رجعية الى أبعد الحدود).

([3]) غنارسكيربك و نلز غيلجي – مرجع سبق ذكره – تاريخ

([7]) ول ديورانت– مرجع سبق ذكره – قصة الفلسفة –

([14]) غنارسكيربك و نلز غيلجي – مرجع سبق ذكره – تاريخ الفكر الغربي – ص 181

([15]) ول ديورانت– مرجع سبق ذكره – قصة الفلسفة – ص97

([16]) اميل برهييه – مرجع سبق ذكره – تاريخ الفلسفة – ص 305-307

([17]) غنارسكيربك و نلز غيلجي – مرجع سبق ذكره – تاريخ الفكر الغربي – ص

([19]) د. حامد خليل – مشكلات فلسفية – الطبعة الثالثة – دار الكتاب – دمشق – 1989/1990 م – ص 46

([20]) المرجع نفسه– ص 48

([21]) ول ديورانت– مرجع سبق ذكره – قصة الفلسفة – ص100-101

([22]) د. حامد خليل – مشكلات فلسفية – الطبعة الثالثة – دار الكتاب – دمشق – 1989/1990 م – ص 49

تلخيص كتاب تساعيات أفلوطين اومايعرف بكتاب أثلوجيا أرسطو

ان إصطلاح الفلسفة الإسلامية المشائية خاطئ لأسباب تاريخية وفلسفية .. فإن هذا الإصطلاح أطلقه خصوم الفلسفة الإسلامية وأعداء الفلاسفة المسلمون ، أو في الإصطلاح الأخف وطأة ” أنشئه وتداوله باحثين غير عارفين بمصادر الفلسفة الإسلامية في المشرق ” . ولعل البدايات التاريخية لهذا الإصطلاح تجد صداه في المشروع الإشعري المخاصم للفلسفة والمعاند للفلاسفة ، وتحت عناوين تهافت الفلاسفة ومصارعة الفلاسفة أو مصارعة الفيلسوف وفضائح اليونانية … وذلك لأن مصادر الفلاسفة المسلمين الثلاثة ، هي مصادر فلسفية لم تكن هي مصادر أرسطو الأصلية ( ومعلوم للجميع إن المشائية هي مدرسة فلسفية أسسها أرسطو بعد إن فشل وخاب أمله من قيادة أكاديمية إفلاطون بعد وفاة الأخير ووراثة إبن أخت إفلاطون الفيلسوف المشائي ” سيبسيوس (408 – 339 ق.م) قيادة أكاديمية خاله) ، وإنما هي مصادر الإفلاطونية المحدثة .. وقد فات هذا الحشد من الباحثين من التدقيق في مشائية الفلسفة الإسلامية .. ولذلك نقول لهم إن الفلسفة الإسلامية من طرف مصادرها هي إفلاطونية محدثة ، ومن طرف منهجها هي إفلاطونية محدثة ، والتي سعت إلى التوفيق ” بين أرسطو (الإفلوطيني) وإفلاطون (الإفلوطيني) .

ونذكر القارئ بأن الإفلاطونية ، هو الإصطلاح الذي كان يطلق يومذاك على عموم أعلام الحركة الإفلاطونية المحدثة . والإفلاطونية المحدثة ، هي ” مزيج فلسفي ، فيه أشياء من إفلاطون ، وأشياء من أرسطو ، وأشياء من الفيثاغورية (وربما المشروع الفيثاغوري الجديد في القرن الأول الميلادي) ، وأشياء من الرواقية وأشياء من الفكر الهرمسي (تسرب من الإفلاطونية المحدثة السورية التي قادها إمبيلكوس وخصوصاً كتابه الأسرار المصرية (أنظر محمد جلوب الفرحان : إمبيلكوس السوري ؛ مؤرخاً للفلسفة اليونانية / منشور في مجلة أوراق فلسفية جديدة العدد الثاني ربيع 2011)) ..

لقد حمل المشروع الإفلوطيني أولاً ، ومن ثم الإفلاطوني المحدث لاحقاً ، بالإضافة إلى التقريب بين أرسطو (الإفلوطيني) وإفلاطون (الإفلوطيني) التوفيق ما بين الحكمة والشريعة أو التقريب ما بين العقل (الفلسفة) والدين . قُدمت أطراف هذا المزيج الفلسفي للعقل المسلم خلال كتاب منتحل غير أصيل ونسب إلى المعلم الأول ” أرسطو” . ولعل الشاهد الإسلامي المتابع للإفلاطونية المحدثة ، عنوان كتاب الفارابي شهير الصيت ” الجمع بين رأيي الحكيمين ” .

ونرى إن سبب الإشكال الكبير في الفلسفة الإسلامية المشرقية ، وبالتحديد فلسفة الكندي ، والفارابي وإبن سينا ، هو بعض من تساعيات إفلوطين (وهي بعض من الأصل) والتي ترجمت إلى اللغة العربية خطأً تحت العنوان المُشكل ” أثولوجيا أرسطو ” (وهو المنتحل) . والذي جلب معه إلى الدار الثقافية الإسلامية ، ودوائر التفكير الإسلامي خاصة ” نظرية الفيض ” التي هي من نتاج إفلوطين والمدرسة الإفلاطونية المحدثة ، والتي ليست لها علاقة بأرسطو لا من بعيد أو قريب . وإن القارئ لنصوص الفلسفة الإسلامية وعلى الأخص نصوص الفارابي ، يلحظ ببساطة هيمنة هذه النظرية الفيضية ، وتراتبيتها المعروفة في كتاب التساعيات وفي نصوص الكتاب المنتحل ” أثولوجيا أرسطو ” . ولذلك نرى إنه لايمكن فهم الفلسفة الإسلامية في المشرق ، وبالتحديد فلسفة الكندي والفارابي وإبن سينا .. دون الإطلاع على :

أولاً – كتاب أثولوجيا أرسطو ، وهو متوافر في نشرته العربية وتحت عنوان ” أرسطو عند العرب ” والتي قام بتحقيقها ونشرها لأول مرة عام 1947 الدكتور عبد الرحمن بدوي طيب الله ثراه .

ثانياً – كتاب تساعيات إفلوطين التي جمعها ، ورتبها ، ووضع مدخلاً شارحاً لها ونشرها لأول مرة عام 270م تلميذه وحواريه فرفريوس الصوري .

والحقيقة إن نشر فرفريوس الصوري لكتاب التساعيات تم فيه الإعلان التاريخي عن بزوغ حركة الإفلاطونية المحدثة في الثلث الأخير من القرن الثالث الميلادي . وبالتحديد في عام 270 ، وهو عام نشر كتاب التساعيات ، وهو كذلك العام الذي تحول كتاب التساعيات إلى إنجيل الحركة الفلسفية الجديدة التي يسميها الأكاديميون الغربيون في بداية العصر الحديث بالإفلاطونية المحدثة (أنظر: محمد جلوب الفرحان؛ فرفريوس الصوري مؤرخاً للفلسفة اليونانية ، منشور في مجلة أوراق فلسفية جديدة ، المجلد الأول / العدد الثاني ربيع 2011 ونشرت منه صفحات في مجلة أفيروس (إبن رشد) ) .

وفي هذا المقال سنقدم دراسة نحسب إنها ضرورية لإجيال المستقبل من الباحثين وطلاب الفلسفة ، اللذين يرغبون في الدراسة والتخصص في الفلسفة الإسلامية في المشرق عامة ، والتخصص في فلسفة الكندي والفارابي وإبن سينا .. على وجه الخصوص ، والذين أطلق عليهم خطأً فلاسفة المشائية الإسلامية . وهذه الدراسة ستركز :

أولاً – على الأصل ؛ كتاب التساعيات

ثانياً – على المنحول ؛ كتاب أثولوجيا أرسطو

كتاب تساعيات إفلوطين :

وسنحاول هنا تقديم عرض لسيرة إفلوطين (204 / 205 – 270م) أولاً ومن ثم تقديم عرض تاريخي لكتاب التساعيات ومضمونه :

ن إصطلاح الفلسفة الإسلامية المشائية خاطئ لأسباب تاريخية وفلسفية .. فإن هذا الإصطلاح أطلقه خصوم الفلسفة الإسلامية وأعداء الفلاسفة المسلمون ، أو في الإصطلاح الأخف وطأة ” أنشئه وتداوله باحثين غير عارفين بمصادر الفلسفة الإسلامية في المشرق ” . ولعل البدايات التاريخية لهذا الإصطلاح تجد صداه في المشروع الإشعري المخاصم للفلسفة والمعاند للفلاسفة ، وتحت عناوين تهافت الفلاسفة ومصارعة الفلاسفة أو مصارعة الفيلسوف وفضائح اليونانية … وذلك لأن مصادر الفلاسفة المسلمين الثلاثة ، هي مصادر فلسفية لم تكن هي مصادر أرسطو الأصلية ( ومعلوم للجميع إن المشائية هي مدرسة فلسفية أسسها أرسطو بعد إن فشل وخاب أمله من قيادة أكاديمية إفلاطون بعد وفاة الأخير ووراثة إبن أخت إفلاطون الفيلسوف المشائي ” سيبسيوس (408 – 339 ق.م) قيادة أكاديمية خاله) ، وإنما هي مصادر الإفلاطونية المحدثة .. وقد فات هذا الحشد من الباحثين من التدقيق في مشائية الفلسفة الإسلامية .. ولذلك نقول لهم إن الفلسفة الإسلامية من طرف مصادرها هي إفلاطونية محدثة ، ومن طرف منهجها هي إفلاطونية محدثة ، والتي سعت إلى التوفيق ” بين أرسطو (الإفلوطيني) وإفلاطون (الإفلوطيني) .

ونذكر القارئ بأن الإفلاطونية ، هو الإصطلاح الذي كان يطلق يومذاك على عموم أعلام الحركة الإفلاطونية المحدثة . والإفلاطونية المحدثة ، هي ” مزيج فلسفي ، فيه أشياء من إفلاطون ، وأشياء من أرسطو ، وأشياء من الفيثاغورية (وربما المشروع الفيثاغوري الجديد في القرن الأول الميلادي) ، وأشياء من الرواقية وأشياء من الفكر الهرمسي (تسرب من الإفلاطونية المحدثة السورية التي قادها إمبيلكوس وخصوصاً كتابه الأسرار المصرية (أنظر محمد جلوب الفرحان : إمبيلكوس السوري ؛ مؤرخاً للفلسفة اليونانية / منشور في مجلة أوراق فلسفية جديدة العدد الثاني ربيع 2011)) ..

لقد حمل المشروع الإفلوطيني أولاً ، ومن ثم الإفلاطوني المحدث لاحقاً ، بالإضافة إلى التقريب بين أرسطو (الإفلوطيني) وإفلاطون (الإفلوطيني) التوفيق ما بين الحكمة والشريعة أو التقريب ما بين العقل (الفلسفة) والدين . قُدمت أطراف هذا المزيج الفلسفي للعقل المسلم خلال كتاب منتحل غير أصيل ونسب إلى المعلم الأول ” أرسطو” . ولعل الشاهد الإسلامي المتابع للإفلاطونية المحدثة ، عنوان كتاب الفارابي شهير الصيت ” الجمع بين رأيي الحكيمين ” .

ونرى إن سبب الإشكال الكبير في الفلسفة الإسلامية المشرقية ، وبالتحديد فلسفة الكندي ، والفارابي وإبن سينا ، هو بعض من تساعيات إفلوطين (وهي بعض من الأصل) والتي ترجمت إلى اللغة العربية خطأً تحت العنوان المُشكل ” أثولوجيا أرسطو ” (وهو المنتحل) . والذي جلب معه إلى الدار الثقافية الإسلامية ، ودوائر التفكير الإسلامي خاصة ” نظرية الفيض ” التي هي من نتاج إفلوطين والمدرسة الإفلاطونية المحدثة ، والتي ليست لها علاقة بأرسطو لا من بعيد أو قريب . وإن القارئ لنصوص الفلسفة الإسلامية وعلى الأخص نصوص الفارابي ، يلحظ ببساطة هيمنة هذه النظرية الفيضية ، وتراتبيتها المعروفة في كتاب التساعيات وفي نصوص الكتاب المنتحل ” أثولوجيا أرسطو ” . ولذلك نرى إنه لايمكن فهم الفلسفة الإسلامية في المشرق ، وبالتحديد فلسفة الكندي والفارابي وإبن سينا .. دون الإطلاع على :

أولاً – كتاب أثولوجيا أرسطو ، وهو متوافر في نشرته العربية وتحت عنوان ” أرسطو عند العرب ” والتي قام بتحقيقها ونشرها لأول مرة عام 1947 الدكتور عبد الرحمن بدوي طيب الله ثراه .

ثانياً – كتاب تساعيات إفلوطين التي جمعها ، ورتبها ، ووضع مدخلاً شارحاً لها ونشرها لأول مرة عام 270م تلميذه وحواريه فرفريوس الصوري .

والحقيقة إن نشر فرفريوس الصوري لكتاب التساعيات تم فيه الإعلان التاريخي عن بزوغ حركة الإفلاطونية المحدثة في الثلث الأخير من القرن الثالث الميلادي . وبالتحديد في عام 270 ، وهو عام نشر كتاب التساعيات ، وهو كذلك العام الذي تحول كتاب التساعيات إلى إنجيل الحركة الفلسفية الجديدة التي يسميها الأكاديميون الغربيون في بداية العصر الحديث بالإفلاطونية المحدثة (أنظر: محمد جلوب الفرحان؛ فرفريوس الصوري مؤرخاً للفلسفة اليونانية ، منشور في مجلة أوراق فلسفية جديدة ، المجلد الأول / العدد الثاني ربيع 2011 ونشرت منه صفحات في مجلة أفيروس (إبن رشد) ) .

وفي هذا المقال سنقدم دراسة نحسب إنها ضرورية لإجيال المستقبل من الباحثين وطلاب الفلسفة ، اللذين يرغبون في الدراسة والتخصص في الفلسفة الإسلامية في المشرق عامة ، والتخصص في فلسفة الكندي والفارابي وإبن سينا .. على وجه الخصوص ، والذين أطلق عليهم خطأً فلاسفة المشائية الإسلامية . وهذه الدراسة ستركز :

أولاً – على الأصل ؛ كتاب التساعيات

ثانياً – على المنحول ؛ كتاب أثولوجيا أرسطو

كتاب تساعيات إفلوطين :

وسنحاول هنا تقديم عرض لسيرة إفلوطين (204 / 205 – 270م) أولاً ومن ثم تقديم عرض تاريخي لكتاب التساعيات ومضمونه :
لوجود (الثالثة) (تسع 6 ميم 3)

45 – في الآبدية والزمن (تسع 3 ميم 7) .

ومن ثم يعلق فرفريوس :

وهكذا يكون في حوزتنا أربعة وعشرين رسالة ، تم تأليفها خلال السنوات الست التي لازمت فيها إفلوطين . والعناوين تدل على إن مثل هذه المشكلات قد أُثيرت في جلسات النقاش . وإذا أضفنا إليها الرسائل الإحدى والعشرين التي كتبها قبل وصولنا ، فإننا نمتلك خمس وأربعين رسالة (فرفريوس الصوري ؛ المصدر السابق ؛ الفقرة رقم 5) .

ويضيف فرفريوس إليها خمس رسائل أخرى ، أرسلها إليه إفلوطين حينما كان يعيش (فرفريوس) في سيسلي . وجاءت بالشكل الآتي :

46 – في السعادة (تسع 1 ميم 4)

47 – في العناية (الإلهية) (الرسالة الأولى) (تسع 3 ميم 2)

48 – في العناية (الإلهية) (الثانية) (تسع 3 ميم 3)

49 – في الطبيعة (أو الجوهر) الواعي وصعود الكل (تسع 5 ميم 3)

50 – في الحب (تسع 3 ميم 5)

ويقول فرفريوس معلقاً على هذه الرسائل الخمس :

كتب إفلوطين هذه الرسائل الخمس ، وأرسلها إلي ، حيث كنت أعيش في سيسلي ، وقد كان حكم كالينيوس في السنة الخامسة عشر (فرفريوس الصوري المصدر السابق ، الفقرة رقم 6) .

وبحسابات التاريخ وإعتماداً على رواية فرفريوس المتعلقة بحكم الإمبراطور الروماني كالينيوس . فإن السنة التي أرسل له الرسائل ، كانت 268م

أي قبل وفاة الأستاذ إفلوطين بسنتين (ومعلوم إن وفاته كانت في العام 270م) . ولكن هذه التواريخ لا تتناغم مع التواريخ التي ذكرها فرفريوس سابقاً ، وخصوصاً تاريخ لقائه الأول بالمعلم إفلوطين والذي حدث عندما كان إفلوطين في التاسعة والخمسين وبالتحديد في السنة العاشرة من حكم كالينيوس كما ذكر فرفريوس .(وإن حكم كالينيوس إستمر خمسة عشر سنة إمتدت من عام 253 وإلى موته في العام 268م) أي إن فرفريوس إستلم الرسائل الخمس قبيل موت أستاذه بسنتين .

ومن الثابت لدينا وفقاً لرواية فرفريوس إنه لازم إفلوطين في روما مدة ست سنوات ، وسافر إلى سيسلي وظل بعيداً عن الأستاذ مدة خمس سنوات ، وثم عاد إلى روما عندما سمع أخبار موت إفلوطين في العام 270 م . ويبدو لنا إن هناك مشكلة تاريخية ليس لها حل حسب رواية فرفريوس .

وللتبسيط نبينها بالشكل الآتي :

إنه قابل إفلوطين وكان عمر المعلم :

59 عاماً + 6 سنوات ملازمة في روما + 5 سنوات في سيسلي وعاد إلى روما عام 270 م وهو تاريخ موت المعلم إفلوطين والذي مات وعمره حسب رواية فرفريوس 66 عاماً .

والحقيقة إن عمر إفلوطين لحظة موته حسب التواريخ التي ذكرها فرفريوس أعلاه ، كان سبعين عاماً وليس كما ذكر فرفريوس الصوري .

أو حل التناقض بقبول الرأي القائل بأن هناك شك حول السنوات الست التي لازم فيها فرفريوس إفلوطين في روما . أو ربما إن فرفريوس وقع في خطأ عندما ذكر إنه عاش في سيسلسي مدة خمس سنوات أو إن فرفريوس أخطأ في حساب الفترتين ؛ فترة الملازمة في روما والفترة التي قضاها في سيسلي . ولذلك كله نحن نقتنع بأن فرفريوس مات عام 270 وعمره ست وستين عاماً وخلاف ذلك هو محض تقدير خاطئ للتواريخ من قبل فرفريوس .

وبعيد سطر واحد فقط ، يقول فرفريوس ما نصه :

وتلك الرسائل الخمس ، قد أرسلها إفلوطين في السنة الأولى من حكم كلوديوس (وهو الإمبراطور الروماني كلوديوس الثاني (213 – 270) وكان إمبراطوراً من 268 وإلى 270) (المصدرالسابق) أي سنة 268 وهي سنة موت كالينيوس وصعود كلوديوس .

ثم يتابع فرفريوس قائلاً :

وفي الأشهر الأولى من السنة الثانية (من حكم كلوديوس ، أي عام 269) وقبيل موته بقليل (وللصدفة فإن الأثنين ؛ كلوديوس وإفلوطين ماتا في عام 270) إستلمت الرسائل الأربعة الآتية :

51 – في الشر (تسع 1 ميم 8)

52 – فيما إذا كان للنجوم فعاليات سببية (تسع 2 ميم 3)

53 – في الحي (أو الأحياء) (تسع 1 ميم 1)

54 – في السعادة (تسع 1 ميم 7) (المصدر السابق) .

وفي نهاية هذا الطرف من كتاب فرفريوس الصوري ” حياة إفلوطين وترتيب عمله ” ، بين حقيقتين :

الأولى – إن مجموع رسائل إفلوطين التي في حوزتنا الآن هي أربع وخمسين رسالة . وبلسان فرفريوس ” إذا أضفنا الرسائل التسع الأخيرة إلى الرسائل الخمسة والأربعين ، وهي رسائل المجموعتين الأولى والثانية ، فإن المجموع أربعة وخمسين ” (المصدر السابق) .

الثانية – إن رسائل إفلوطين تتفاوت في قوتها ودرجة نضوجها . وعلى هذا الأساس وزعها فرفريوس في ثلاث مراحل مرت بها عملية الكتابة الإفلوطينية ؛ أولاً رسائل المرحلة المبكرة ، والتي شملت الرسائل الإحدى والعشرين الأولى . وحسب رأي فرفريوس إنها كشفت عن قدرة بدرجات ما ، ودللت على صور من الذكاء . ولكنه لم يصل إلى درجات عالية من النضوج . مع قوة تصاحبها حساسية وتوتر. ثانياً رسائل المرحلة المتوسطة ، والتي ضمت رسائل المجموعة الثانية ، والتي تكونت من أربع وعشرين رسالة ، تميزت بالقوة العالية . ما عدا الرسائل القصيرة التي إتصفت بالكمال . ثالثاً رسائل المرحلة المتأخرة ، والتي تكونت من الرسائل التسع الأخيرة . وقد حملت هذه الرسائل شواهد على بداية الضعف في قوى إفلوطين العقلية . بل ويرى فرفريوس بأن هناك إختلافاً ملحوظاً حتى ما بين الرسائل الأربع الأخيرة مقارنة بالرسائل الخمسة التي تتقدم عليها . فمثلاً نلحظ إن الحماس كان أقل في الرسائل الأربعة الأخيرة مما هو عليه في الخمسة الأولى (المصدر السابق) . كان هذا هو تاريخ تأليف الرسائل التي كتبها المعلم إفلوطين ، والتي كونت محتوى كتاب التساعيات الستة حسب رواية فرفريوس . أما قصة الخطة التي إقترحها فرفريوس لترتيب كتاب التساعيات ، فهي موضوع المحور القادم .

خطة فرفريوس في ترتيب ونشر كتاب التساعيات :

في الفقرة الرابعة والعشرين من كتابه ” حياة إفلوطين وترتيب عمله ” أفصح فرفريوس عن خطته الشاملة في ترتيب كتاب التساعيات ومن ثم إعداده للنشر . وهذه الخطة تكشف عن رؤية التلميذ الأكاديمية العالية لعمل الأستاذ المعلم . وهنا نسعى إلى توفير بعض الحقائق المتعلقة بخطة فرفريوس ، وبالنقاط الآتية :

أولاً – يعلن فرفريوس بصراحة إن المعلم إفلوطين طلب منه أن يقوم بترتيب التساعيات ، وكان ذلك بالتحديد ” في حياة إفلوطين ” . وبالمقابل إن فرفريوس تعهد لإفلوطين ” والحلقة المحيطة به ، على إنه سيقوم بإنجازها ” (فرفريوس الصوري : حياة إفلوطين وترتيب عمله / الفقرة رقم 24) .

ثانيا – يعترف فرفريوس بأنه قام بمراجعة جميع رسائل المعلم إفلوطين . كما إنه ضمناً إعترف بأن هناك أمامه خيارين في الترتيب تقدمهما الرسائل بحد ذاته . الخيار الأول منطقي (أي هناك إمكانية لترتيبها وفق الإعتبارات المنطقية أو التتابع المنطقي) . والخيار الثاني تاريخي زمني (اي ممكن ترتيب الرسائل وفقاً لزمن كتاباتها) . والذي حدث إن فرفريوس أهمل الخيارين ، فلم يأخذ بالتتابع المنطقي ولا بتاريخ كتابة الرسائل معياراً منهجياً في الترتيب (المصدر السابق) .

حقيقة إن نشرة فرفريوس قد تجاهلت التاريخ الذي كتب فيه إفلوطين رسائله . والتاريخ مفتاح مهم في فهم درجات التطور والنمو الفلسفي الواقع خلال عملية التأليف . وهذه مسألة مهمة قد لا يجدها الباحث في نشرة فرفريوس لكتاب التساعيات . ولكن فرفريوس وفر لنا بنفسه فرصة لقراءة التساعيات من وجهة نظر تاريخية ، خصوصاً في الفقرات الرابعة والخامسة والسادسة من كتابه حياة إفلوطين وترتيب عمله (أنظر المحور السابق من هذا البحث) .

ثالثاً – إعترف فرفريوس بصدق بأنه بعد إن أهمل الخيارين ؛ التتابع المنطقي للرسائل ، وتاريخ كتابتها ، فأنه أخذ وتابع المنهج المتوافر في بعض النصوص السائدة . فقد كانت أمام ناظريه حالات تشبه حال مؤلفات إستاذه إفلوطين . وقد رتبها ونشرها تلاميذ وحواريين مثل حال فرفريوس الصوري . وحقيقة إن فرفريوس قدم لنا كشفاً عن هذه المؤلفات . منها أعمال الشاعر اليوناني ” باكروس ” (عاش مئة عام وللفترة مابين 550 و450 ق.م ، وقد جاء ذكره عند إفلاطون في محاورة جورجياس ، وعند أرسطو في كتاب الشعر . أنظر: أم برنارد ؛ تاريخ كيمبريدج للأدب الكلاسيكي (الأدب اليوناني) 1985 / الفصل الثاني عشر ، ص 367) . والتي قام بنشرها المؤرخ الإسكندراني – الأثيني ” أبلودورس ” في عشرة مجلدات (ولد عام 180 ومات بعد عام 120 ق.م ، وهو عالم نحوي وباحث يوناني ، وكان من طلاب الفيلسوف العراقي ديوجانس البابلي (الرواقي ورئيس المدرسة الرواقية في أثينا ، وأبلودورس هرب من الأسكندرية وإستقر في أثينا . أنظر: سيمون هورن بلور : أبلودورس الأثيني ؛ معجم أكسفورد الكلاسيكي ، نشرة مطبعة جامعة أكسفورد 1996 ، 124 وما بعد) .

وكذلك كانت أمام أنظار فرفريوس أعمال الفيلسوف أرسطو (384 – 322 ق.م) وأعمال خليفته على المدرسة المشائية الفيلسوف المشائي ثيوفروتس (371 – 287 ق.م) والتي قام بتصنيفها ونشرهما على أساس الموضوعات الفيلسوف المشائي إندرنيقوس (إزدهر عام 60 ق.م ، وهو فيلسوف من رودس ، ورئيس المدرسة المشائية في روما حوالي عام 58 ق.م أنظر: هيك كسهولم ؛ الموسوعة البريطانية ، نشرة مطبعة جامعة كيمبريج 1911 ، ط 11) .

وفعلاً فإن كل من أبلودورس وإندرنيقوس قد وفرا سوية نصوصاً رتبت ونشرت على أساس الموضوعات . وهذا المنهج سيتبناه فرفريوس الصوري ويشتغل عليه في ترتيب ونشر رسائل المعلم إفلوطين . يقول فرفريوس صراحة :

لقد تبنيت خطة مشابهة (فرفريوس الصوري : المصدر السابق) .

أما عن خطته في ترتيب ونشر التساعيات ، والتي ركز الحديث عنها في الفقرات الثلاثة الأخيرة من كتابه حياة إفلوطين وترتيب عمله ، وهي الفقرات الرابعة والعشرين والخامسة والعشرين والسادسة والعشرين ، فيقول بلسانه :

كانت رسائل إفلوطين الرابعة والخمسين أمامي ، فقمت بتقسيمها إلى ست مجموعات . وكل مجموعة تألفت من تسع رسائل . وهو ترتيب أسرني كثيراً ، وذلك لأنها سعادة مرتبطة بالتكامل ما بين العددين 6 و 9 . وكل تساعية عالجت موضوع واحد

وبصورة عامة . ولهذا تميزت النشرة ببساطة في تقديم موضوعات الرسائل (المصدر السابق) . وهكذا كانت هناك تساعية عالجت موضوعات الأخلاق ، وأخرى ركزت على الفيزياء … وهذا ما سنبينه بالشكل الذي رتبه فرفريوس الصوري :

التساعية الأولى : وإعتماداً على الخطة ، فأن معظم رسائل هذه التساعية تركز على الأخلاق ، وهي :

1 – في الحي والإنسان

2 – في الفضائل

3 – في الجدل

4 – في السعادة

5 – هل السعادة تعتمد عل طول الوقت

6 – في الجمال

7 – في الخير الأولي والأشكال الثانوية للخير

8 – في الشر

9 – في هوامل المعقولات من الحياة

التساعية الثانية : وهي ذات طبيعة فيزيائية ، وتتكون من رسائل حول العالم وما يتعلق به . وهي :

1 – في العالم

2 – في الحركة الدائرية

3 – هل للكواكب تأثيرات سببية

4 – في نظامي المادة

5 – في الإمكانية والواقعية

6 – في الكيفية والصورة

7 – في الوحدة (أو الإتحاد)

8 – لماذا تظهر الأشياء البعيدة صغيرة

9 – ضد الذين يدعون إن خالق العالم ، والعالم ذاته هما شران

التساعية الثالثة : وهي إستمرار لموضوع العالم ، وتتضمن معالجة فلسفية لبعض مظاهره . وهي :

1 – في القدر

2 – الرسالة الأولى في العناية

3 – الرسالة الثانية في العناية

4 – في أرواحنا الحارسة

5 – في الحب

6 – في عدم إمكانية اللامادي من الشعور بالألم

7 – في الزمن والأبدية

8 – في الطبيعة ، والتأمل والواحد

9 – أسئلة متنوعة (المصدر السابق) .

قدم فرفريوس في الطرف الأول من الفقرة الخامسة والعشرين ، بياناً كشف فيه الأسباب ، وعرض التبريرات التي حملته على نقل بعض الرسائل إلى التساعيات الثلاثة الإولى . فيقول :

إن التساعيات الثلاثة الأولى تؤلف وحدة منسجمة . فمثلاً إن رسالة في أرواحنا الحارسة ، قذ نقلت إلى التساعية الثالثة ، وذلك بسب إن الروح لم تعالج كموضوع بحد ذاته ، وإنما جاءت مقالة تصنف تحت مضمار أصل الإنسان . والشئ ذاته فيما يتعلق برسالة في الحب . أما رسالة في الزمن والأبدية ، فقذ نقلت إلى التساعية الثالثة بسبب إنها ركزت على الزمن . والحال كذلك بالنسبة لرسالة في الطبيعة ، والتأمل والواحد ،فكان نقلها بسبب تركيزها على الطبيعة ( المصدر السابق ، الفقرة رقم 25) .

أما التساعيتان الرابعة والخامسة ، فلهما قصة أخرى . وهذا ما سيتم معالجته .

التساعية الرابعة : وتتضمن رسائل عالجت موضوع النفس . وهي :

1 – في جوهر النفس (رسالة رقم 1)

2 – في جوهر النفس (رسالة رقم 2)

3 – أسئلة متعلقة بالنفس (رسالة رقم 1)

4 – أسئلة متعلقة بالنفس (رسالة رقم 2)

5 – أسئلة متعلقة بالنفس (رسالة رقم 3)

6 – في الحواس والذاكرة

7 – في خلود النفس

8 – في هبوط النفس إلى الأجسام

9 – هل النفوس واحدة (فرفريوس الصوري ؛ المصدر السابق ، الفقرة رقم 25) .

التساعية الخامسة : وتكونت من عدة رسائل درست مضمار النفس ؛ منها رسائل ركزت على المبدأ العقلي . وفيها معالجة لصعود الكل إلى المبدأ العقلي في النفس ، وإلى الأفكار . وهي:

1 – في الأصول (المبادئ) الثلاثة الأولية (الشرح منا : وهي عند إفلوطين : الواحد ، العقل والنفس)

2 – في أصل نظام عالم ما بعد الأوليات

3 – في الطبيعة (أو الجوهر) الواعي وصعود الكل

4 – كيف يصدر ما بعد الأولي عن الأولي ، وفي الواحد

5 – إن المعقولات لا توجد خارج المبدأ العقلي ، وفي الخير

6 – إنه لا يوجد فعل عقلي يتعالى على الموجود الحقيقي ، وفي الطبيعة فهناك فعل عقلي أولي وأخر ثانوي

7 – هل هناك أفكار للجزئيات

8 – في الجمال العقلي

9 – في المبدأ العقلي ، في الأفكار ، والموجود الحقيقي (المصدر السابق )

ومن ثم يعلن فرفريوس بأنه رتب التساعية الرابعة والخامسة على أساس إنهما يبحثان في مضمار واحد (المصدر السابق ، الفقرة رقم 26) . ووفقاً لفرفريوس فإن التساعية السادسة تؤلف لوحدها مضماراً مستقلاً . وعلى هذا الأسس ذهب إلى إن عمل إفلوطين برمته يتوزع تحت ثلاثة مجالات ؛ الأول ضم التساعيات الثلاثة الأولى . والثاني تكون من التساعية الرابعة والخامسة . والثالث جاء ليشمل التساعية السادسة (المصدر السابق) .

التساعية السادسة :

ونود هنا أن نلفت أنظار القارئ إلى إن أرباكاً قد أصاب أرقام أقسام أو ميامر التساعية السادسة أو ترتيب رسائلها . ففعلاً قد وقع خطأ في ترتيب الرسالة الأولى والتي تبحث في أنواع الوجود ففي الترتيب التاريخي منحها رقم 6 (ومنح رقم 6 لرسالة في الأعداد كذلك والتي جاءت في الترتيب التاريخي تحمل الرقم 34). ولعل الخطأ أصبح واضحاً وهو إن الرسالة الأولى في أنواع الوجود كان من المفروض أن تحمل الرقم 1 بدلاً من 6 الذي سبب الأرباك . وفعلاً إن فرفريوس في خطته الخاصة في ترتيب التساعية السادسة منحها الرقم 1 . ونحسب إن الخطأ وقع في الترتيب التاريخي (ولذلك ندعو القارئ والباحث إلى مقارنة الترتيب التاريخي للرسائل التي تحمل الأرقام 42 ، 43 ، 44 ، والخطأ وقع في رقم رسالة 42 . وقارن ذلك بمكونات التساعية السادسة ، الفقرة رقم 26 من كتاب فرفريوس ؛ حياة إفلوطين وترتيب عمله). ويبدو لنا إن فرفريوس أدرك هذا الإرتباك ولكنه حله بدمج رسائل أنواع الوجود الثلاثة في ثلاثة أرقام متتالية (1 ، 2 ، 3) .

وتكونت التساعية السادسة حسب ترتيب فرفريوس ، من الرسائل الأتية :

1 ، 2 ، 3 – في أنواع الوجود . وأفضل العودة إلى الترتيب التاريخي ووضعها بما ينسجم وخطة فرفريوس التي خرج عليها هنا وبالشكل الآتي :

1 – في أنواع الوجود (الرسالة الأولى)

2 – في أنواع الوجود (الرسالة الثانية)

3 – في أنواع الوجود (الرسالة الثالثة)

ومثلما حدث مع الرسائل الثلاث الأولى ، حدث مع الرسالة الرابعة والخامسة والتي دمجهما معاً وبالشكل الآتي :

4 ، 5 – الموجود الحقيقي كلي وواحد ، والوحدة الذاتية للمتشابهات (وفي الترتيب التاريخي جاءتا مستقلتين (أنظر الترتيب التاريخي أعلاه ، وبالتحديد الرسائل التي تحمل الأرقام : 22 ، 23 والذي نهض على إتفاق بين فرفريوس وإميليوس تلميذ إفلوطين لمدة ثمانية عشر سنة قبل أن يأتي فرفريوس إلى روما ويقابل إفلوطين . إن دمجهما معاً يثير سؤال مهم يتعلق بمصداقية رواية فرفريوس حول الإتفاق بينه وبين إميليوس . ويبدو هنا إن فرفريوس تخلى عن قواعد الإتفاق . وهذه مسألة ثانية تثير الحيرة ؛ فهناك ضاع دفتر ملاحظات إميليوس ، وهنا تخلى فرفريوس عن الإتفاق بينهما في تحديد هوية الرسالة 22 و الرسالة 23 وهي الرسائل التي كتبها إفلوطين عندما تمتع بإجازة صيفية حسب إميليوس الحاضر وفرفريوس الغائب) . ونحن نفضل العودة إلى الترتيب التاريخي ، وترتيبهما حسب خطة فرفريوس في ترتيب رسائل التساعية السادسة وبالشكل الآتي :

4 – الموجود الحقيقي كلي وواحد

5 – الوحدة الذاتية للمتشابهات

6 – في الأعداد

7 – في وجود الوفرة في الأفكار ، وفي الخير

8 – في الإرادة الحرة ، وإرادة الواحد

9 – في الخير أو في الواحد (المصدر السابق ، الفقرة رقم 26) .

وفي ختام الفقرة رقم 26 من كتاب فرفريوس الصوري ” حياة إفلوطين وترتيب عمله ” ، أعلن فرفريوس عن بعض الأفكار البالغة الأهمية ، والمتعلقة بدوره في ترتيب كتاب التساعيات ، والإضافات التي ضمها إليه ، ووضع الشروح عليها . كما إنه صرح بأن في ترتيب رسائل التساعيات ، عاد إلى الترتيب التاريخي . ومن ثم راجع عمل إفلوطين بشكل شامل ، ووضع الفواصل بين جمل النص ، وصحح بعض الأخطاء في الأفعال . فقال :

وهكذا فإن ما قمت بترتيبه من (عمل إفلوطين برمته) أربع وخمسين رسالة . وقمت بترتيبها في ست مجموعات ، وكل مجموعة ضمت تسع رسائل . وقد أضفت لبعض الرسائل شروحاً معمقة ، وذلك إستجابة لطلب الأصدقاء ، وسؤالهم عن إيضاح هذه النقطة أو تلك . وأخيراً وضعت موجزاً لكل رسالة من مجموع رسائل إفلوطين (ما عدا رسالة في الجمال) . وقد رتبت الرسائل إعتماداً على المنهج التاريخي . وسيجد القارئ إضافة إلى الموجزات ، نمواً وتطوراً . كما أني إتبعت المنهج التاريخي في ترقيمها . ومن ثم قمت بمراجعة العمل برمته ، فوضعت الفواصل (الفوارز) وصححت الأخطاء في الأفعال وما ورد في النص . والقارئ سيلاحظ ذلك بنفسه (فرفريوس الصوري ؛ حياة إفلوطين وعمله ، الفقرة رقم 26) .

ولعل من الملفت للنظر إن النشرات المعاصرة لكتاب التساعيات ، قد إستسلمت لرؤية التلميذ فرفريوس ، ولم تتمكن أن تتجاوز خطته المنهجية الأكاديمية العالية قيد أُنملة على الإطلاق ، سواء في نشرته اليونانية (ومعلوم إن المعلم والتلميذ كانت ثقافتهم ولغتهم اليونانية) أو الترجمة الإنكليزية . فمثلاً نشرها باليونانية الأستاذ ” كيرشوف ” في لايبزك عام 1856 . كما نشره باليونانية مع ترجمة مقابلة بالإنكليزية وشروح مضافة الأستاذين ستيفن ماكينا وب. أس بيج ، وبعدة مجلدات وللفترة الواقعة ما بين عامي 1917 و 1930 . ثم توالت النشرات لأجزاء من التساعيات وتحت عناوين منتخبة من نشرة فرفريوس الأصلية الأولى . حقيقة إن أقل ما يقال عن التساعيات إنها موسوعة فلسفية كبيرة عكست تطورات فلسفية ، أسهم فيها نومنيوس الأفامي السوري ، وأمونيوس ساكس الإسكندراني ، وتتوجت في رسائل هذه الموسوعة التي كتبها إفلوطين ، والتي لعب التلميذ البار فرفريوس الصوري ، دوراً غير إعتيادي في جمعها ، وترتيبها ووضع الشروح لها ، وكتابة مقدمة لها .

فعلاً لقد كانت التساعيات الإنجيل الروحي للحركة الفلسفية الجديدة التي سيقودها التلميذ فرفريوس الصوري بعد موت الأستاذ ، والذي كان يحمل الأمل في قلبه وضميره في قيام هذه الحركة – المدرسة الفلسفية التي ستملأ القرون الثالث والرابع والخامس .. وحتى إغلاق جوستنيان لمدارس الفلسفة عام 529م ، وإتهام الفلاسفة بالهرطقة ، ومن ثم طردهم خارج الإمبراطورية .. ورغم فعل جوستنيان السلبي على الفلسفة والفلاسفة ، فإن أثر الحركة الفلسفية التي ولدها كتاب التساعيات إمتد إلى عصر النهضة (الرينسانس) الإيطالية على أقل تقدير ، والتي سيطلق عليها كتاب العصر الحديث إصطلاح الإفلاطونية المحدثة .

تعقيب :

هذا هو أصل التساعيات التي كتبها إفلوطين أو ” الشيخ اليوناني ” كما يطلق عليه العقل العربي الإسلامي في عصور ما يسمى بالوسطى . ولكن الذي وصل إلى دائرة التفكير الفلسفي العربي الإسلامي في المشرق ، بعض من التساعيات تحت عنوان منحول ، أو كتاب منحول هو أثولوجيا أرسطو . وتعامل الفلاسفة (الكندي والفارابي وإبن سينا .. ) أو ما أطلق عليهم خطأً بالفلاسفة الإسلاميون المشائيون ، على إنه كتاب ألفه فيلسوف إسطاغيرا . وخصوصاً الفارابي الذي قارب على أساسه بين الحكيمين أرسطو وإفلاطون ، وبين الفلسفة والشريعة أو العقل والوحي . ولعل كتاب الفارابي ” الجمع بين رأيي الحكيمين ” شاهد على دور المنحول في مشروع الفارابي الفلسف

ثانياً – مضمون كتاب التساعيات :

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

نحاول أولاً أن نذكر بعض الحقائق المتعلقة بالمؤلف إفلوطين وكتابه ، ومن ثم ننتقل للإشارة إلى بعض الملاحظات التي تركها فرفريوس الصوري حول نظام نشر الكتاب واخيراً ننتقل إلى مضمون كتاب التساعيات .

بعض الحقائق عن المؤلف إفلوطين وكتابه :

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤

تلقى إفلوطين تعاليم أستاذه الفلسفية “أمونيوس ساكس” الشفهية وعمل على تطويرها في محاضراته التي كان يلقيها على طلبته وخصوصاً تلميذه فرفريوس الصوري ، والتي تركها على شكل ملاحظات غير كاملة وغير منشورة . مات إفلوطين وفرفريوس الصوري كان مريضاً يعاني من حالة إعتلال صحي ، وترك إفلوطين في روما وذهب إلى سسيلي للعلاج والراحة بناءً على نصيحة أستاذه إفلوطين ، وظل هناك بعيداً عن إفلوطين مدة خمس سنوات .

إن من الشائع عن إفلوطين ، إنه كان مهملاً في ترتيب محاضراته ، ولم يعتني بتصحيح الأخطاء التي تقع فيها . إضافة إلى إنه لم يخطط إلى ضمها في كتاب ، فتركها على صورة ملاحظات (مشروع مقالات وكان إفلوطين حريصاً على سرية تداولها بين طلابه ومحبيه) يعتمد عليها في إلقاء محاضراته . كما إنه غالباً ما يترك مهمة تصحيحها وترتيبها على عاتق تلميذه فرفريوس الصوري .

عاد فرفريوس إلى روما فقام بإلقاء المحاضرات في الفلسفة . ومن ثم بدأ بجمع رسائل أستاذه إفلوطين ، ونقحها ووضع لها مقدمة ونشرها مع سيرة إفلوطين في العام 270 م . وفرفريوس هو الذي وضع لها عنوان ” التساعيات ” وهو العنوان الذي أستنبطه من رسائل إفلوطين ذاتها . وفعلاً فأن كتاب التساعيات جاء بنشرة فرفريوس يتألف من ستة تساعيات ، وأحسب إن لمسات فرفريوس واضحة على الكتاب . كما إن مقدمة الكتاب التي كتبها فرفريوس ، هي في الحقيقة بيان بعث للإفلاطونية المحدثة على يديه وبعزمه (أنظر: محمد جلوب الفرحان ؛ حقيقة تساعيات إفلوطين وإسطورة أثولوجيا أرسطو ، قيد الإنجاز) .

إن فرفريوس أسس تقليداً فلسفياً سيتبلور لاحقاً في صورة مدرسة فلسفية ، هي المدرسة الإفلاطونية المحدثة ، فبعد العودة من سيسيلي ، ونشر كتاب التساعيات والسيرة الذاتية لإفلوطين ، أخذ يقدم المحاضرات في الفلسفة ، وبدأ يتهافت عليه الطلاب من روما أو من الخارج ، فمثلاً مارسللا زوجته كانت طالبة مواضبة على حضور محاضراته ، بالإضافة إلى حضور طالبتين أخريين . كما أن أمبيلكوس السوري كان طالباً مواضباً على حلقته الفلسفية . ومن المعروف إن الفيلسوف الإفلاطوني المحدث إمبيلكوس سيقود المدرسة بعد موت فرفريوس ، وبعد موت إمبيلكوس سيسير على الدرب الإفلاطوني المحدث عدد من ورثة إمبيلكوس .

وعلى هذا الأساس يصبح فرفريوس الصوري هو المسؤول تاريخياً عن الإعلان الفلسفي عن إنبثاق حركة فلسفية جديدة ، هي الإفلاطونية المحدثة وذلك عندما قام بنشر كتاب ” التساعيات ” (أنظر: أرمسترونك ؛ إفلوطين ، نشرة مطبعة جامعة هارفارد 1966- 1988 وهو سبعة مجلدات) ، والذي تحول لحظة نشره إلى إنجيل الحركة الفلسفية الجديدة ، والتي سيطلق عليها إصطلاح ” الإفلاطونية المحدثة ” .

ومن زاوية المصادر الغربية الحديثة ، وعلى الأقل المصادر الأنكليزية وما ترجم إليها ، فأنها ترى إن فرفريوس قد لعب دوراً تاريخياً في التعريف الواسع بإسم أستاذه إفلوطين وذلك من خلال كتابة سيرته ومن خلال نشر كتاب التساعيات والشرح الممتاز الذي قدمه لفلسفة إفلوطين سواء في المقدمة التي كتبها لكتاب التساعيات أو في محاضراته وكتبه الأخرى . ولعل الشاهد على ذلك الأثر الذي تركه فرفريوس على الفيلسوف الإفلاطوني المحدث أمبيلكوس وورثته ، والذي درس الفلسفة على يد فرفريوس الصوري ، ونحسب إن محور دروس فرفريوس كانت فلسفة إفلوطين .

وأخيراً فقد لاحظ روبرت بيركمان إن هناك عدداً من الكتاب في عالم الثقافة الرومانية ، وعالم الثقافة اللاتينية ، والثقافة البيزنطية المسيحية ، من يعبر عن إعجابه وخوفه في الوقت ذاته من فرفريوس الصوري . كما وإن رؤية فرفريوس الخاصة للفلسفة الإفلاطونية المحدثة قد فرضت هيمنتها على دوائر التفكير الفلسفي في العالم الغربي وحتى القرن التاسع عشر (أنظر: فرفريوس ضد المسيحيين ، الفصل الأول ، ص 2) . ونحسب إن كل هذه الجوانب تركت أثارها على كتابات التساعيات ، الذي جمعه ونشره تلميذ إفلوطين ” فرفريوس الصوري ” هذا طرف من القضية ، والطرف الثاني سيأتي الحديث عنه في الفقرة الآتية .

دور فرفريوس الصوري في ترتيب كتاب التساعيات :

☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆

كتب فرفريوس الصوري سيرة إفلوطين ، وملاحظات حول الكيفية التي إتبعها في ترتيب كتاب التساعيات . وكان عنوانها المترجم إلى اللغة الإنكليزية ” فرفريوس الصوري : حياة إفلوطين وترتيب عمله ” (ترجمه عن اليونانية ستيفن ماكينا ، نشرة المطبعة الإسكندرانية ، الولايات المتحدة الأمريكية 1984) . وإن المتصفح لهذا الكتاب ، يقف على الحقائق الآتية :

أولاً – إن إفلوطين حسب رواية فرفريوس منحه تفويضاً في مراجعة مايكتب . يقول فرفريوس الصوري :

أنا فرفريوس الصوري ، واحد من أصدقاء إفلوطين المقربين ، وكان إفلوطين يفوضني على مراجعة ما يكتب (فرفريوس الصوري ؛ حياة إفلوطين وترتيب عمله ، ترجمه من اليونانية إلى الإنكليزية ستيفن ماكينا ، نشرة المطبعة الإسكندرانية ، الولايات المتحدة 1984 ، الفقرة رقم 7) .

ثانياً – إن المعلومات التي قدمها لنا فرفريوس ، تؤكد بشكل واضح على إن هناك عدداً من الطلبة قد سبقوا فرفريوس في ملازمة الأستاذ إفلوطين . منهم ” إميليوس ” ، والذي كان أحد المصادر المهمة لكتابة ” حياة إفلوطين وترتيب أعماله ” . خصوصاً في ناحيتين : الأولى إن إميليوس كان شاهد عين على حياة إفلوطين ولمدة ثمانية عشر عاماً حتى لحظة وصول فرفريوس إلى روما ، ومقابلة المعلم إفلوطين . الثانية إن فرفريوس الصوري بنفسه يذكر بإن إميليوس قد ألف كتاباً عن أستاذه الأول ” نومنيوس الأفامي السوري ” ، وإشتغل على ترتيب أعماله ، وهذا الكتاب تكون من مئة رسالة ، وبعد إكماله قدمها لولده بالتبني ” هوستيالينوس الأفامي السوري ” .

والسؤال : ماذا يعني هذا ؟ يعني إن إميليوس قد سبق فرفريوس في هذا النوع من الكتابة ، وإن كتابه عن أستاذه نومنيوس ، سيكون موضوع تفكير فرفريوس ، حين سيباشر في التأليف عن حياة إفلوطين وترتيب عمله ،إضافة إلى إن إميليوس كان يحمل معه دفتر ملاحظات ، يسجل فيه يوميات إفلوطين ، وبالتأكيد هذه اليوميات مصدر معرفي في غاية الأهمية . إلا إن فرفريوس يفاجئنا عندما يعلن عن ضياعه (أنظر: محمد جلوب الفرحان ؛ ملاحظات منهجية حول كتاب فرفريوس الصوري ” حياة إفلوطين وترتيب عمله “) . يقول فرفريوس الصوري ما نصه :

وصلت إلى اليونان في السنة العاشرة من حكم الإمبراطور الروماني ” كالينيوس ” وبرفقة إنطونيوس الروديسي ، ووجدنا إميليوس برفقة إفلوطين ما يقارب الثمانية عشر عاماً . وكان ينقص إميليوس القدرة على كتابة أي شئ ، ما عدا إنه كان يحمل دفتر ملاحظات ضاع وإنطمر بعد ذلك ، وكان إفلوطين في التاسعة والخمسين عندما قابلته كنت في الثلاثين (فرفريوس الصوري ؛ المصدر السابق / الفقرة رقم 4) .

ثالثاً – يعلن فرفريوس الصوري عن مسألة في غاية الأهمية ، تتعلق بشخصية المؤلف إفلوطين ، فقد ناهز الخمسين من عمره ولم يكتب شيئاً (وصل إفلوطين إلى روما ، وهو في الأربعين زائداً عشر سنوات ، وهي الفترة التي لم يكتب فيها) . ونحسب إن في رواية فرفريوس إشكال ؛ ففريوس كان غائباً هذه الفترة ، وبعيداً عن روما وحياة المعلم إفلوطين . والسؤال : ما هي المصادر التي إعتمد عليها في كتابة هذه الرواية ؟ حقيقة إن فرفريوس كتبها دون أن يذكر شيئاً . ونظن إن مصدره إميليوس أو كتاب ملاحظات إميليوس الذي ضاع وإنطمر. وإن هذه المسألة تظل مفتوحة لقبول أراء أخرى .

يقول فرفريوس الصوري عن الكاتب إفلوطين :

☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆

عقد إفلوطين عهداً مع كل من أرنيوس وأوركن ، بأن لا يتكلموا عن عقائد أمونيوس (وهو أمونيوس ساكس معلم إفلوطين في الإسكندرية) . وفعلاً فقد حافظ إفلوطين على هذا العهد ، وحاول تجنب الحديث عن النظام الفكري للمعلم أمونيوس ، خصوصاً خلال مناقشاته مع زملاء الحلقة . إلا إن هذه السرية لم تستمر طويلاً ، فقد إنفرط العهد أولاً من قبل أرنيوس ، ومن ثم من قبل أوركن . حقيقة أوركن لم يكتب شيئاً . ولكن ذلك جاء في رسالة ” الموجودات الروحية ” .

أما فيما يخص المعلم إفلوطين ، فإنه ولفترة طويلة لم يكتب شيئاً . ولكنه بدأ يؤسس لقاعدة نقاش حول ما جمعه من دراسات تمت تحت إشراف أمونيوس . وفي ضوء ذلك فإنه لم يكتب شيئاً ، سوى التشاور والنقاش المستمرين مع جماعة من الزملاء ، وهذه الفترة إستمرت مدة عشر سنوات . (فرفريوس الصوري ؛ المصدر السابق ، الفقرة رقم 3) .

رابعاً – ووفقاً لرواية فرفريوس ، وحسابات السنين من حياة المعلم إفلوطين ، نحسب إن فترة السنوات العشرة الممتدة ما بين الخمسين من عمره والتاسعة والخمسين (وهي السنة التي قابل فرفريوس إفلوطين) هي فترة نشاط الفيلسوف في التأليف والكتابة . ومثلما واجهنا إشكال في أطراف من الروايات الفرفوريسية السابقة ، نرى إن الإشكال يتجدد مرة أخرى . خصوصاً إذا ما وضعنا في الإعتبار غياب التلميذ فرفريوس عن روما وعن حياة المعلم إفلوطين على حد سواء . وهنا لا يذكر فرفريوس أي مصدره زوده بهذه المعلومات ؛ وهل هو إفلوطين ذاته أو تلميذه وصديقه إميليوس أو زيثوس العربي … لا أحد يستطيع أن يقول شيئاً عن ذلك .

ويرى فرفريوس إن المعلم إفلوطين بدأ الكتابة ” في السنة الأولى من حكم الإمبراطور الروماني ” كالينيوس ” (218 – 268م) ، والذي شارك الحكم مع والده في العام 253م . وإذا قبلنا ذلك من فرفريوس ، فأننا نحسب إن هناك نوعاً من عدم التناغم بين سني عمر المعلم إفلوطين ، والتي إقترحها فرفريوس بنفسه ، وسنوات إعتلاء الإمبراطور ” كالينيوس ” سدة الإمبراطورية الرومانية .

يقول فرفريوس الصوري عن فترة الكتابة ، وعدد الرسائل التي كتبها المعلم إفلوطين :

بدأ إفلوطين في الكتابة ، في السنة الأولى من حكم كالينيوس ، وعن موضوعات أخذ النقاش يدور حولها . وحين وصولي لمقابلة إفلوطين ، كانت السنة العاشرة من الحكم (حكم الإمبراطور كالينيوس) . وقد بلغ مجموع ما ألفه إفلوطين إحدى وعشرين رسالة (فرفريوس الصوري ؛ المصدر السابق ، الفقرة رقم 4) .

خامساً – كشف فرفريوس عن حقيقة هذه الرسائل التي كتبها الفيلسوف المعلم إفلوطين ، وبين مايحيط بها . فهي من ناحية رسائل مقيدة بطابعها الخاص ، ولذلك كان تداولها فيه تباطئ وحذر ، ونشرها كان يأخذ طابع السرية . وإن من حصل عليها قد خضع لتمحيص دقيق . ومن ناحية أخرى ، فإن هذه الرسائل كانت لا تحمل عناويناً لها . ولذلك كان كل فرد يقترح عناوين يعتقد مناسبة لها (أنظر : المصدر السابق) . ويقول فرفريوس معلقاً على عناوين الرسائل :

وأنا هنا إقتبستهم تحت عناوين وضعت لهم فيما بعد . وهذه العناوين ليست إلا الكلمات الأولى التي تبدأ بها كل رسالة ، وذلك لتسهيل مهمة التعريف بهويتها

(فرفريوس الصوري ؛ المصدر السابق) . ونحسب إن عناويين الرسائل تعبر عن مضمون التساعيات . وهذه قصة سنقوم بتناولها في المحور اللاحق . كما إن هذه الرسائل (21 رسالة) لا تشكل إلا جزء من نشرة التساعيات المتداولة

أولاً – السيرة الذاتية لإفلوطين :

☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆☆

نحسب أن تكون البداية ، هي التعريف بمؤلف الكتاب ، وذلك لأن الكتاب يعكس شخصية كاتبه ؛ فلسفته ومنهجه . ولعل السؤال المفتاح : من هو الفيلسوف ” إفلوطين ” ؟ وما هو إتجاهه الفلسفي ؟ عرف التراث الثقافي العربي الإسلامي عامة ، و دوائر التفكير الفلسفي في المشرق الإسلامي خاصة الفيلسوف ” إفلوطين ” وأطلقت عليه لقب ” الشيخ اليوناني ” . ولا أعرف مدى دقة تسمية النصوص العربية ، وإفلوطين حسب رواية تلميذه ” فرفريوس الصوري ” مات وعمره ست وستين عاماً . وهو المؤسس الحقيقي لما سيطلق عليه في بواكير العصر الحديث ” المدرسة الإفلاطونية المحدثة ” (أنظر: بحثنا القادم والمعنون : إشكالية الفلسفة الإسلامية : بين المشائية والإفلاطونية المحدثة) .

الحقيقة لم تأتي المعلومات عن سيرة إفلوطين ، من المصدر الأول ، وذلك إن إفلوطين ذاته لم يذكر أو يترك بيراعه معلومات عن إصول عائلته (أجداده) ، وعن طفولته ، بل ولم يتكلم عن مكان وتاريخ ولادته . ولكن جميع المصادر التي تتكلم عنه لاحقاً ، تتحدث عنه كرجل عاش حياته الشخصية والإجتماعية في ضوء معايير أخلاقية وروحية عالية جداً . ورغم هذا الحال ، فإننا محظظون جداً في معرفة شخصية الأستاذ إفلوطين من زاوية حواريه التلميذ الروحي ” فرفريوس الصوري ” (233 – 305 والبعض يرى إنه توفي في عام 309 تقريباً) الذي لازمه ودرس تحت يده في روما فترة ليست بالقصيرة (ست سنوات ركزها على دراسة فلسفة إفلوطين ومشروعه الفلسفي الدي سيعرف بالإفلاطوني المحدث) ، وإن كان بعيداً في السنوات الآخيرة من حياته (خمس سنوات كان فرفريوس بعيداً عن إفلوطين) ، ومات إفلوطين في روما ، وفرفريوس الصوري ذهب للعلاج إلى سيسلي الإيطالية (بعد حالة فرفريوس النفسية ، ومحاولته على الإقدام على الإنتحار..) بناءً على إقتراح أستاذه إفلوطين . وفعلاً بعد سماعه بأخبار موت أستاذه ، ركب البحر وعاد سريعاً . فجمع أوراق أستاذه ، وبدأ يرتبها ويفكر بطريقة نشرها . وهذه قضية سيكون الحديث عنها في المحور الخاص بكتاب التساعيات . ولكن فرفريوس لم يكتفي بنشر كتاب التساعيات ، بل وكتب مدخلاً شرح فيه فلسفة إفلوطين ، وسيرة ذاتية له ونشرها مع التساعيات (أنظر : محمد جلوب الفرحان : فرفريوس الصوري مؤرخاً للفلسفة اليونانية / المحور المعنون الإعلان عن الإفلاطونية المحدثة / مصدر سابق) .

وعلى هذا الأساس فإن مصدرنا القريب للمعلومات عن حياة وسيرة إفلوطين ، هو حواريه وتلميذه فرفريوس الصوري . فقد كتب فرفريوس قائلاً : ” كان عمر إفلوطين ست وستين عاماً عندما جاءته المنية في عام 270 م ، وبالتحديد في السنة الثانية من إعتلاء الإمبراطور الروماني ” كلوديوس الثاني ” . وهذا كان دليلاً تاريخياً مكن الباحثون من إقتراح 205 سنة لولادة إفلوطين . وقد ولد حسب رواية المؤرخ السفسطائي ” يونبيوس ” (من كُتاب القرن الرابع والخامس الميلاديين) في مدينة يونانية ، تقع في دلتا مصر السفلى (أنظر : إفلوطين / موسوعة جامعة كولومبيا الإلكترونية / 2003) .

ونرجح إن موت إفلوطين كان في بداية عام 270  والسبب إن فرفريوس نشر كتاب التساعيات والسيرة الذاتية والمدخل الشارح لفلسفة إفلوطين في عام 270 كذلك . فبعد سماع فرفريوس أخبار موت أستاذه في العام 270 ، عاد من سيسلي ، وبالتأكيد يحتاج العمل إلى وقت لترتيب الملاحظات التي تركها إفلوطين لمحاضراته الشفهية ، وفرفريوس يحتاج إلى وقت للإتصال ببعض تلاميذ إفلوطين ليرى ما يمتلكون وما يحفظون من معلومات عن فلسفة الأستاذ إفلوطين . كما إن المدخل الشارح لفلسفة إفلوطين الذي كتبه فرفريوس يحتاج إلى وقت ، كما إن كتابة سيرة إفلوطين تحتاج إلى وقت لجمعها والتدقيق فيها وكتابتها ونشرها . وكل ذلك حملنا على القول إن فرفريوس عمل كل ذلك ونشره في وقت متأخر من عام 270م .

بدأ إفلوطين بدراسة الفلسفة عندما كان في السابعة والعشرين من عمره ، ولدراسته للفلسفة قصة ذات طعم خاص ، فبالتحديد في عام 232 ، شد الرحال إلى مدينة الإسكندرية . وهناك عاش تجربة معرفية ، إختبر فيها الكثير من معلمي الفلسفة ، وكان ساخطاً وغير راض على مادتهم الفلسفية ، وغير مقتنع بهم ، حتى شكى حاله لواحد من معارفه ، فإقترح عليه الإستماع إلى أفكار ” أمونيوس ساكس ” (القرن الثالث الميلادي) وهو المؤسس الروحي للحركة الفلسفية الجديد التي ستعرف بإسم الإفلاطونية المحدثة . وبعد إن إستمع إفلوطين لمحاضرته ، صرح لصديقه قائلاً : ” هذا هو الرجل الذي أبحث عنه ” . ومن ثم بدأ بحماس ونشاط يدرس الفلسفة تحت إشراف هذا المعلم الجديد . والحقيقة إن أمونيوس كان معلماً لأفلوطين مدة إحدى عشر عاماً ، وبالتحديد إمتدت من عام 232 وحتى عام 243 . وكان لأمونيوس بالتأكيد تأثيراً كبيرا على إفلوطين في تطوير الإفلاطونية المحدثة . ولكننا اليوم لا نعرف إلا القليل القليل من وجهات نظره الفلسفية (أنظر : محمد جلوب الفرحان : فرفريوس الصوري مؤرخاً للفلسفة اليوناني / المحور المعنون ” الإعلان عن الإفلاطونية المحدثة / مصدر سابق ) .

ومن النافع أن نشير إلى إن جميع المعلومات التي توافرت لدينا عن معلم إفلوطين الفيلسوف ” أمونيوس ساكس ، قد جاءت إلينا من طرف فقرات تركها فرفريوس الصوري عندما تحدث عن حياة أستاذه إفلوطين . حيث قال بالنص :

وعندما كان عمره ثمانية عشر عاماً (الحديث عن إفلوطين) شعر بالرغبة في دراسة الفلسفة ، وقد نُصح بالذهاب إلى الإسكندرية ، وإكتساب التعليم على يد معلمي الفلسفة هناك ، والذين كانت لهم سمعة مشهودة . ولكن محاضراتهم سببت له السأم ، فإنصرف منها حزيناً . وفعلاً فقد أخبر صديق له بالمصاعب التي يواجهها في تعلم الفلسفة . وفهم الصديق رغبة قلبه ، فأرسله إلى أمونيوس ، والذي لم يكن بعيداً ، وإقترح عليه إن يحاول حضور محاضراته . وعندما ذهب للإستماع إليه ، رجع وأخبر صديقه ، قائلاً : ” هذا هو الرجل الذي أبحث عنه ” . ومن ذلك اليوم لازم إفلوطين أمونيوس ، وإكتسب منه المعرفة والتدريب الفلسفي الكاملين . وبعد ذلك إتصل بتعالم الفرس الفلسفية ، والتي كانت متداولة بين الهنود ” ( فرفريوس الصوري ؛ حياة إفلوطين / نقلاً من ج . ريل ؛ تاريخ الفلسفة القديمة / ج 4 والمعنون ” مدارس العصور الإمبراطورية ، مطبعة الشمس 1990 ، ص 298) بالإضافة إلى أمونيوس ساكس ، فأن إفلوطين تأثر بكتابات ” الإسكندر الإفروديسي ” وهو واحد من شراح أرسطو في القرن الثالث الميلادي . وجاء الإفروديسي إلى أثينا في نهايات القرن الثاني الميلادي . وكان تلميذاً لإثنين من الرواقيين ، أو ربما كان واحد من معلميه مشائياً . وفعلاً في أثينا أصبح الأفروديسي رئيس المدرسة المشائية (أنظر : ج . ب . لونش ؛ مدرسة أرسطو ، نشرة جامعة باركلي 1972 ، ص 215) . كما وتأثر بالفيلسوف الفيثاغوري الجديد الإفلاطوني ” نومينوس الآفامي السوري ” (إزدهر خلال النصف الثاني من القرن الثاني الميلادي) . ويبدو إن نومينوس قد لعب دوراً في تاريخ التمهيد لتأسيس المدرسة الإفلاطونية المحدثة (أنظر : كتابات نومينوس الإفلاطوني المحدث ، ترجمة كينث كوثري ، نشرة دار سيلين للكتب ، بلا تاريخ) . وقرأ أثار عدد من الفلاسفة الرواقيين .

وبعد إن صرف أحد عشرة سنة أخرى ، قرر إفلوطين البحث عن تعاليم الفلاسفة الفرس والهنود ، وكان عمره يومذاك ثمان وثلاثين عاماً (أنظر : فرفريوس الصوري ؛ حياة إفلوطين وترتيب كتبه ، الفصل الثالث) .ولإنجاز هذه الرغبة ، ترك الإسكندرية ، وإلتحق بجيش الإمبراطور الروماني ” جورديان الثالث ” (225 – 244م) ، وبعد تقدم الحشود نحو بلاد فارس ، فشلت الحملة ومات الإمبراطور فجأة ، فوجد إفلوطين نفسه معزولاً في بيئة معادية ، وبصعوبات مضنية ، تلمس طريق العودة إلى مدينة إنطاكيا .

وفي سن الأربعين ، وبالتحديد خلال حكم الإمبراطور الروماني ” فيليب العربي ” (204 – 244) ، عاد إفلوطين إلى روما (للإطلاع أنظر: ألين بومان ؛ تاريخ كيمبريدج القديم : إزمة الإمبراطورية من 193 وحتى 337 ، نشرة مطبعة كيمبريدج 2005) ، والتي قضى سنواته الآخيرة فيها . وفي روما جذب حوله العديد من الطلبة والرموز الثقافية يومذاك ، من أمثال فرفريوس الصوري ، وإميليوس جنتاليتيوس (إفلاطوني محدث وكاتب من النصف الثاني من القرن الثالث الميلادي) ، وهو في الأصل تلميذ نومنيوس الآفامي . ولكنه بدأ يحضر محاضرات إفلوطين ، وبالتحديد في السنة الثالثة من عودة الآخير إلى روما (أنظر : وليم سميث ؛ معجم السير والآساطير اليونانية والرومانية ، نشرة مطبعة براون ، بوسطن 1867 ، ص 142 وما بعد) .

كما وكان السناتور كاستريوس فرموس (وهو إفلاطوني محدث من القرن الثالث) من المقربيين للفيلسوف إفلوطين . وكان حسب رواية فرفريوس الصوري ” يحترم إفلوطين بإجلال ، ولازمه إلى نهاية حياته ” (أنظر : فرفريوس الصوري ؛ حياة إفلوطين ، ترجمة ستيفن ماكينا ، لندن1917 – 1930) . والقائمة طويلة . ولكن من أهم حواريه وطلابه ، كان العربي ” زيثوس ” (إفلاطوني محدث من القرن الثالث) ، وهو حسب رواية فرفريوس ، من أصول عربية ومات قبل موت إفلوطين ، وكان مقرباً جداً إلى إفلوطين ، ويقضيان أوقاتهما في الريف (أنظر : فرفريوس الصوري ؛ المصدر السابق) . وكان للنساء حصة في التلمذة على يد إفلوطين ، فمثلاً كانت جيمينا تلميذة له ، وكان يعيش في بيتها خلال حياته في روما . كما كانت إبنتها جيمينا الثانية تلميذة لإفلوطين كذلك . والثالثة كانت إمفيسلا وهي زوجة أرستون إبن إمبيلكوس الفيلسوف الإفلاطوني المحدث ، ورئيس المدرسة السورية للإفلاطونية المحدثة (أنظر: محمد جلوب الفرحان : الملك الفيلسوف إمبيلكوس السوري مؤرخاً للفلسفة اليونانية / منشور في المجلد الأول ، العدد الثاني من مجلة أوراق فلسفية جديدة / ربيع 2011) .

وفي السنوات الأخيرة من حياته في روما ، إكتسب إفلوطين إحترام كل من الإمبراطور الروماني ” كالينيوس ” (218 – 268م) وزوجته ” سالونيا ” (لا تذكر المصادر شيئاً عن حياتها ، سوى إنها تزوجت الإمبراطور قبل عشر سنوات من أن يصبح إمبراطوراً ، وإعدمت عام 268 م مع أفراد عائلتها بقرار من مجلس السناتورات (أنظر: بات سوذرن ؛ الإمبراطورية الرومانية من سيفريوس وحتى قسطنطين ، نشر دار روتلدج ، لندن 2001) .

ولعل المهم في علاقته بالإمبراطور ، إنه حاول إقناعه بإعادة تجديد مستعمرة كامبيا المهجورة ، والتي كانت تعرف بمدينة الفلاسفة ، والتي كان سكانها يعيشون في ظل دستور صاغه إفلاطون في محاورة القوانين . وحسب رواية فرفريوس الصوري ، فإن المساعدات المالية لهذا المشروع لم تحصل على الإطلاق ، ولأسباب غير معروفة حتى لفرفريوس الصوري الذي أخبرنا بهذه الحادثة .

بعد ذلك رحل فرفريوس إلى سيسلي ، وبعد خمس سنوات ، جاءت الأخبار عن موت إستاذه إفلوطين . ويذكر إن إفلوطين صرف أيامه الآخيرة في ضيعة في كمبانيا وهي الضيعة التي ورثها من حواريه العربي الإفلاطوني المحدث ” زيثوس ” بناءً على أساس وصية الأخير له قبيل موته .

ومات إفلوطين ولم ينشر اي شئ على الإطلاق . ولكنه حسب رواية فرفريوس الصوري ، ترك بعض المقالات الناقصة ، وملاحظات كان يعتمد عليها في إلقاء محاضراته (أنظر: محمد جلوب الفرحان ؛ فرفريوس الصوري مؤرخاً للفلسفة اليوناني / مصدر سابق) . ولذلك سنفضل التخلي عن المصادر الثانوية التي كتبت عن إفلوطين ، ونعتمد على ما كتبه فرفريوس بيراعه وهو المصدر الأول ، والذي عاش مع إستاذه مدة ست سنوات ، ورحل إلى سيسلسي والتواصل مستمر بينهما ولمدة خمس سنوات أخرى ، وفعلاً فإن إفلوطين كان يرسل إليه كل ما هو جديد مما يكتب . وهذه قصة سنتناول أطرافها لاحقاً .