المادة: التربية الإسلامية
الأستاذ: محمد بضاض
مفهوم السيرة النبوية
السيرة النبوية هي الحياة العملية الواقعية التي عاشها الرسول .
أهمية السيرة النبوية
- خير معين على فهم الأصل الأول “القرآن الكريم”؛ حيث تساعد على حسن فهم الآيات وإدراك مقاصدها وأسباب نزول بعضها.
- الاقتداء بمواقف الرسول ، فهو القدوة الحسنة والمثل الأعلى في كل شؤون الحياة.
- اتباع سيرة الرسول من مقتضيات الإيمان، فلا بد من الاتباع العملي الكامل
لرسول الله .
- تعميق معرفة المسلم بدينه من خلال الثروة الفقهية المستنبطة من سيرة رسول الله .
- سيرة واضحة لتاريخ نبي مرسل أكرمه الله بالرسالة، فهي شاملة لكل نواحي الحياة تدل
على صدق الرسول .
مصادر ومراجع السيرة النبوية
– كتب السيرة، ومنها: سيرة ابن إسحاق – سيرة ابن هشام – طبقات ابن سعد – تاريخ الأمم والملوك للطبري –دلائل النبوة للأصبهاني – الشمائل المحمدية للترمذي – كتاب الشفا للقاضي عياض – زاد المعاد لابن قيم الجوزية – الرحيق المختوم لصفي الدين المباركفوري – فقه السير لمحمد الغزالي – نور اليقين في سيرة سيد المرسلين لمحمد الخضري –دراسة في السيرة للدكتور عماد الدين خليل، السيرة النبوية دروس وعبر د علي الصلابي – السيرة النبوية الصحيحة د أكرم ضياء العمري – السيرة النبوية دروس وعبر لمصطفى السباعي.
أهداف دراسة السيرة النبوية
- ترسيخ الإيمان: فالاهتمام بالسيرة وتدبرها، وتأمل نصوص الوحي يؤدي إلى
الاعتراف والتصديق بمعجزات الرسول .
- ترسيخ محبة الرسول من خلال معرفة شخصيته ،والاطلاع على أحواله وأخلاقه
وتفاصيل حياته .
- حسن الاقتداء به ، ولا يمكن الاقتداء به حقا وصدقا إلا بمعرفة سيرته وفقهها.
- التدريب على قراءة كتب السيرة النبوية وفق المنهج الإسلامي.
نبذة موجزة عن حياة المؤلف
ولد مصطفى السباعي في مدينة حمص بسوريا سنة 9191، ونشأ في أسرة علمية عريقة معروفة بالعلم والعلماء، حياته غنية بالعطاءات في كافة المجالات: التدريس، الصحافة، التأليف ،السياسة. شارك في مقاومة الاستعمار، وفي حرب 9191 في فلسطين ضد اليهود، أسس العديد من المجلات والجمعيات، أصيب بمرض عضال عانى منه في آخر حياته وتوفي يوم السبت 30 أكتوبر 9169م.
من مؤلفاته: أحكام الزواج – أحكام المواريث – أخلاقنا الاجتماعية – السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي – نظام السلم والحرب في الإسلام – مشروعية الإرث وأحكامه في الإسلام – هكذا علمتني الحياة – المرأة بين الفقه والقانون – من روائع حضارتنا…
قراءة في عنوان الكتاب
المؤلفَّ كما يبدو من عنوانه يتحدث عن الرسول في محطات أساسية كانت لها أهمية بارزة في نشر الدين الإسلامي، وبناء الدولة الإسلامية القوية، والمؤ ل ف لم يكتف بسرد الوقائع والأحداث، وإنما استلهم ما بها من دروس وعبر، تركت بصمات واضحة في حياة الصحابة والمسلمين خاصة، والناس عموما، قاصدا بذلك دفع المسلمين إلى ضرورة تمثلها والاقتداء بها.
أسلوب الكاتب ومدى التزام الأمانة العلمية
لقد افتتح المؤلف كتابه “السيرة النبوية دروس وعبر” بذكر مصادر السيرة النبوية؛ حيث ذكر مجموعة من المصادر والمراجع التي ينبغي الرجوع إليها لمعرفة الأحداث التفصيلية لهذه السيرة العطرة.
إلا أنه لا يحيل على هذه المصادر أثناء حديثه عن الأحداث والوقائع، وهذا ربما يرجع إلى أن المؤلف إنما كتب هذا الكتاب – كما ذكر في المقدمة – على عجل وشدة مرض، بعد أن ألُقِيتْ محاضرات على الطلبة، ولأنه إنما قصد بيان بعض الدروس والعبر، أما تفاصيل الأحداث فيرُجع إليها في مظانها.
طبيعة العظات والعبر المستخلصة
إن الدروس والعبر التي يستخلصها المؤلف من الوقائع والأحداث ذات طبيعة عامة ووظيفية؛ حيث يمكن أن يستفيد منها كل فرد من أفراد المجتمع كيفما كان، فيستفيد منها المدرس والتلميذ والمدير والمهندس والقائد والحاكم والأب والابن والزوج… وذلك باعتبار أن الرسول
قد تمثلت فيه كل هذه الأمور، ولأنه القدوة والأسوة لجميع الناس.
سيرة الرسول قبل البعثة
نسب الرسول
مما لا شك فيه أن اختيار النسب والشرف في تكوين الأسرة مما يساعد على تقوية
الإيمان والتربية على القيم، وقد اتفق النّسّابون على صحة نسبه إلى عدنان بن إسماعيل عليه السلام. وذلك كما يلي:
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر ابن خزيمة بن مدركة بن مضر بن نزار ابن معد بن عدنان بن اسماعيل عليه السلام.
أحداث ما قبل المولد
9– حفر زمزم: حكى ابن إسحاق خبرا مفاده أن عبد المطلب رأى رؤيا منامية في أربع ليالي؛ إذ يأتيه آت فيأمره بخفر البئر دون أن يحدد موقعها، وفي المرة الرابعة عين له مكان البئر وصرح باسمها زمزم، فحفر عبد المطلب في موقعها وكشف عن الماء، فنازعته قريش وطالبت إشراكها معه في الماء، فلم يقبل، فاحتكموا إلى كاهنة، ولكن قبل وصولهم إليها حدث أن نفذ الماء عند عبد المطلب ومن معه، وأبت قريش أن تُشركه في الماء الذي عندها حرصا على الماء في الصحراء، فلما أشرف عبد المطلب ومن معه على الموت حفروا قبورهم، فخرجت عين ماء تحت حافر ناقة عبد المطلب، فشرب القوم جميعا، واعتبروا ذلك علامة على أحقية عبد المطلب.بماء زمزم فأسلموها إليه، ولا شك أن هذه الحادثة عززت مكانة عبد المطلب جد الرسول في مكة.
2– نذر عبد المطلب: ذكر الطبري في تاريخه وغيره أن عبد المطلب بن هاشم نذر إن توافى له عشرة من الأولاد أن ينحر أحدهم، فلما توافى له عشرة أقرع بينهم أيّّهم ينحر، فطارت القرعة على عبد الله بن عبد المطلب، وكان أحب ولد عبد المطلب إليه، فقال عبد المطلب: اللهم هو أو مائة من الإبل، فطارت القرعة على مائة من الإبل.
0– قصة الفيل: قصد جيش أبرهة هدم الكعبة، فأرسل الله تعالى عليهم طير الأبابيل فهلكوا جميعا، ولما علم العرب ما صنع الله تعالى بجيش أبرهة تهيبوا الحرم وأعظموه، وزادتحرمته في النفوس ودانت لقريش بالطاعة.
ما بين الميلاد إلى البعثة
9– زواج عبد الله بن عبد المطلب من آمنة بنت وهب:
كان عبد الله بن عبد المطلب من أحب ولد أبيه إليه، ولما نجا من الذبح وفداه عبد المطلب بمائة من الإبل زوّجه أبوه من أشرف نساء أهل مكة نسبا وهي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة. ولم يلبث عبد الله أن توفي بعد أن حملت آمنة بالنبي صلى الله عليه وسلم، ودُفن في المدينة عند أخواله بني عدي بن النجار، فلم
ير الرسول أباه، فقد ولد يتيما وهذا أبلغ اليتم وأعلى مراتبه.
2– ميلاد النبي : ولد النبي يوم الاثنين 92 ربيع الأول عام الفيل ،23 أبريل
179م، وروى بعض أصحاب السير أن آمنة لم تر أخف ولا أيسر حملا منه.
0– رضاعه : أرضعته حليمة السعدية من بني سعد، وقد نزلت البركات على بيتها طيلة مدة وجوده بينهم أزيد من أربع سنوات.
9– حادثة شق الصدر: جاءه جبريل عليه السلام وهو يلعب مع الغلمان فأخذه وصرعه، فشق عن قلبه فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الشيطان منك.. قال أنس: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره. رواه مسلم. فخافت حليمة وأرجعته إلى أمه.
- وفاة آمنة وكفالة عبد المطلب:
- لما بلغ
ست سنوات أخذته أمه وتوجهت به إلى المدينة لزيارة أخوال أبيه، وبينما هي عائدة أدركتها الوفاة في الطريق فماتت بالأبواء، فكفله جده
عبد المطلب، ثم توفي جده بعد ثماني سنوات من عمر الرسول ، فكفله عمه أبو طالب فكان له رحيما وعليه غيورا.
- السفر إلى الشام: لما بلغ اثنتي عشرة سنة أخذه عمه أبو طالب معه إلى الشام للتجارة.
- حرب الفجار: لما بلغ عشرين سنة حضر حرب الفجار التي كانت بين قريش وقيس.
1– حلف الفضول: حضر حلف الفضول في دار عبد الله بن جدعان حيث تحالفت مجموعة من قبائل قريش على ألا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها أو من غيرهم من سائر الناس إلا قاموا معه حتى ترد إليه مظلمته.
1– رحلته إلى الشام المرة الثانية: لما بلغ خمسا وعشرين سنة سافر إلى الشام متاجرا في مال خديجة بنت خويلد لما سمعته من أمانته وصدقه.
93– زواجه بخديجة: لما رأت خديجة الربح العظيم سرت من الأمين وأرسلت إليه
تخطبه لنفسها، وكانت سنها نحو الأربعين فتزوجها .
99– بناء البيت: أرادت قريش تجديد بناء الكعبة لما تهدم منها نتيجة سيل جارف، فلما وصلوا إلى الحجر الأسود أختلف أشرافهم أيهم يكون له شرف وضعه في مكانه، حتى كادت
الحرب تنشب بينهم، فاتفقوا على تحكيم أول من يدخل عليهم، فكان الداخل هو الرسول ؛ حيث بسط رداءه وأمر أن تأخذ كل قبيلة بطرف منه، ثم وضع فيه الحجر وأمرهم برفعه حتى
انتهوا إلى موضعه، فأخذه ووضعه فيه. وكان عمره حينئذ خمسة وثلاثين عاما.
الدروس والعبر المستخلصة
- معاناة الصغر تُكسب الإنسان دربة وتجربة على مواجهة الصعاب والمواقف الحياتية ،فاليتم ورعي الغنم.. يجعل الإنسان أكثر إحساسا بالمعاني الإنسانية النبيلة نحو الفقراء واليتامى..
ورعاية الحقوق والإخلاص في أداء الواجب.
- نبل القيم وشرف النسب وذكاء الفطنة وقوة العقل.. كلها عوامل أساسية لحسن التواصل مع الغير وتبليغ رسالة الله.
- الاستقامة وحسن الخلق من عوامل النجاح في الدنيا والآخرة.
سيرة الرسول من البعثة إلى الهجرة إلى الحبشة
بدء الوحي:
لما تمَّ للرسول أربعون سنة، أرسله الله للعالمين بشيرا ونذيرا، فبدأ نزول الوحي عليه في يوم الاثنين 97 رمضان سنة 90 قبل الهجرة، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حُ بب إليه الخلاء ليبتعد عن ظلمات هذا العالم وينقطع عن الخلق، حتى جاءه الوحي وهو في غار حراء، فقال له جبريل: اقرأ، فقال: ما أنا بقارئ… فنزل عليه أول سورة “اقرأ”.
فرجع بها إلى خديجة بنت خويلد فقال: زملوني، زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: “لقد خشيت على نفسي”، فقالت خديجة: كلا والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل ،وكان ابن عم خديجة ،فقالت له: يا ابن عم، اسمع من ابن
أخيك، فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله خبر ما رأى، فقال له ورقة:
هذا الناموس الذي نزل على موسى، يا ليتني فيها جذعا ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك منبلادك لمعاداتهم إياك وكراهتهم لك حينما تطالبهم بتغيير الاعتقادات الفاسدة.
فترة الوحي:
فتر الوحي مدة من الزمن، حتى شق على الرسول انقطاع الوحي، وأحزنه ذلك كثيرا، ثم عاد الوحي ينزل، فنزل قوله تعالى: “يا أيها المدثر قم فأنذر”، ثم تتابع نزوله.
الدعوة السرية:
قام يدعو إلى الله تعالى، فبدأ بالدعوة السرية، وكان أول من أسلم خديجة رضي الله عنها، ثم ابن عمه علي رضي الله عنه، ثم مولاه زيد بن حارثة رضي الله عنه، ثم أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وكان أول من أسلم من العبيد بلال بن رباح، ثم بدأ يدخل في الإسلام مجموعة من الناس سرا.
ولم يكن مع الرسول سيف يضرب به أعناقهم حتى يطيعوه صاغرين، وليس معه ما
يرغبهم فيه. ولم يكن يظهر الدعوة في مجامع قريش العمومية، وكان الذي يريد العبادة يذهب إلى شعاب مكة يصلي مستخفيا.
الدعوة الجهرية:
لما دخل في الدين ما يزيد على الثلاثين أمُِر الرسول أن يبلغ الدعوة جهرا، وذلك في قوله تعالى: “فاصدع بما تومر وأعرض عن المشركين” الحجر:19.
وبذلك بدأت مرحلة الإيذاء للمؤمنين، وسخرت قريش من الرسول واستهزؤوا به في مجالسهم، وأرادوا إذايته والنيل منه فحماه عمه أبو طالب، ثم اشتد الأذى بالمسلمين حتى قتُل منهم من قتل، وعذب منهم الكثير.
الهجرة إلى الحبشة:
لما رأى الرسول تعنت قريش واستمرارها في تعذيب أصحابه قال لهم: “لو خرجتم إلى أرض الحبشة، فإن فيها ملكا لا يظُلم أحد عنده حتى يجعل الله لكم فرجا ومخرجا مما أنتم فيه”، فهاجروا للمرة الأولى اثنا عشر رجلا، وأربع نسوة، ثم عادوا بعد أن علموا بإسلام عمر وإظهار الإسلام، لكنهم ما لبثوا أن عادوا ومعهم آخرون من المؤمنين، وقد بلغ عددهم في الهجرة الثانية إلى الحبشة ثلاثة وثمانين رجلا، ومن النساء إحدى عشرة.
كتابة صحيفة المقاطعة:
أجمع كفار قريش أمرهم على منابذة بني هاشم وبني المطلب وإخراجهم من مكة والتضييق عليهم فلا يبيعونهم شيئا ولا يبتاعون منهم، ولا يناكحوهم، ولا يخالطوهم، ولا يقبلوا منهم صلحا أبدا، حتى يسلموا محمدا للقتل، وكتبوا بذلك صحيفة وضعوها في جوف الكعبة ،واستمرت المقاطعة سنتين أو ثلاثا، لقي المسلمون منها جهدا شديدا، حتى أكلوا أوراق الشجر، ثمانتهت المقاطعة بمسعى عقلاء قريش.
الدروس والعبر المستخلصة
- إن الرسول لم يكن زعيما مجتمعيا ولا قائدا سياسيا ولا بطلا مصلحا مما يطمح إليه البشر.. بل رسولا مكلفا بتبليغ الأمانة.
- إن الله تعالى يلقي في قلب من يحب كره العوائد المشينة في مجتمعه، توجيها له لدعوة الخير واستقبالها.
- إن الرسول لم يطلب النبوة ولا كان يحلم بها، وإنما ألهمه الله الخلوة للاستعداد لها روحيا.
- إن حديث بدء الوحي يفند كل الشبهات المثارة حول أمر الوحي والنبوة.
- الفكرة التي يؤمن بها الإنسان إذا كانت غريبة على المجتمع يجب أن لا يجهر بها حتى يؤَ م ن لها أسس النجاح، خاصة إذا تعلق الأمر بالعقيدة.
- من أساليب الدعوة وأسس نجاحها التعليم والتعلم والتربية على القيم.
- الرسول لم يكن يمثل في رسالته آمال العرب ومطامحهم. فهو صاحب رسالة وليس زعيم قومية.
- ثبات المؤمنين على العقيدة رغم العذاب والاضطهاد؛ دليل على صدق الإيمان والإخلاص في المعتقد.
- الاهتمام بالتربية والدعوة بأقرب الناس يكون عونا وسندا على أداء الرسالة.
- تهيئ المكان المناسب والفضاء الخصب لنشر الحق.
- ضرورة الأخذ بالمرونة واليسر في الدعوة حسب مقتضيات الظروف والأحوال.
-عدم التنازل عن الحق والاستسلام لأصحاب الأهواء الباطلة.
- في الأمر بالهجرة إلى الحبشة ما يدل على أن رابطة الدين أقوى من رابطة النسب، وأن الديانات السماوية في مصدرها وأصولها الصحيحة متفقة في الأهداف الاجتماعية الكبرى.
من الهجرة إلى الحبشة إلى الهجرة إلى المدينة:
من أهم الأحداث والوقائع التي حدثت في هذه الفترة نجد:
- موت أبي طالب عم الرسول في السنة العاشرة من البعثة، وكان في حياته شديد
الدفاع عن ابن أخيه رسول الله .
- موت خديجة رضي الله عنها في نفس السنة، وكانت تخفف عن الرسول همومه وأحزانه، وقد حزن عليها حزنا شديدا، وسمي ذلك العام الذي مات فيه عمه أبو طالب، وزوجه خديجة: “عام الحزن”.
- توجه الرسول إلى الطائف لعله يجد من يقبل دعوته وينتصر لها ،وذلك بعد أن اشتد كيد كفار قريش وأذاها بعد وفاة عمه وزوجه، لكنهم أغروا به صبيانهم، وضربوه بالحجارة حتى سال الدم من قدميه الطاهرتين.
- وقوع معجزة الإسراء والمعراج؛ حيث أسُْرِيَ بالرسول من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عُرِجَ به إلى السموات العلى، ثم عاد إلى بيته في مكة في نفس الليلة، وأخبر قريشا بأمر المعجزة، فهزئت وسخرت، وصدَّقه أبو بكر وأقوياء الإيمان.
- في ليلة الإسراء والمعراج فرُِضَت الصلوات الخمس على كل مسلم بالغ عاقل.
بدء إسلام الأنصار
في أثناء مرور الرسول على القبائل في موسم الحج لدعوتهم إلى الإسلام وترك عبادة الأوثان، وبينما هو عند العقبة التي ترُمى عندها الجمار، لقي رهطا من الأوس والخزرج، فدعاهم إلى الإسلام، فأسلموا، وقالوا: إنا تركنا قومنا بينهم من العداوة ما بينهم، فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك، ووعدوه أن يقابلوه في الموسم المقبل، وهذا هو بدء الإسلام لعرب يثرب[1].
بيعة العقبة الأولى:
وفي العام المقبل )سنة 92 من البعثة( قدم اثنا عشر رجلا من الأنصار، فاجتمعوا بالنبي
وبايعوه على أن لا يشركوا بالله شيئا، ولا يسرقوا، ولا يزنوا، ولا يقتلوا أولادهم، ولا يأتون ببهتان يفترونه من بين أيديهم وأرجلهم، ولا يعصونه في معروف، فإن وفوا فلهم الجنة، وإن غشوا من ذلك شيئا فأمرهم إلى الله عز وجل إن شاء غفر وإن شاء عذب. وهذه هي بيعة العقبة الأولى. وأرسل معهم مصعب بن عمير إلى المدينة ليقرئ المسلمين فيها القرآن، ويعلمهم الإسلام، فانتشر الإسلام في المدينة انتشارا كبيرا.
بيعة العقبة الثانية:
ولما كان موسم الحج من العام الذي يلي البيعة الأولى حضر من الأنصار جماعة في
موسم الحج، فاجتمعوا بالنبي ليلا عند العقبة مستخفين، وكانوا سبعين رجلا وامرأتين ،وبايعوه على النصرة والتأييد، وعلى أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم، وعادوا إلى المدينة بعد أن اختار منهم اثني عشر نقيبا يكونون على قومهم.
الدروس والعبر المستخلصة
- حماية أبي طالب )وهو غير مسلم( للنبي يدل على أن الحق ظاهر دائما، وأن الفطرة تميل دائما إلى الحق وسلوك العقل.
- الزوجة الصالحة دعامة أساس في نجاح الفكرة التي يؤمن بها الإنسان.
- إن المرأة ومنذ عهد البعثة تحملت مسؤولية في الدعوة إلى الله، بطرق شتى وبأشكال مختلفة مما يؤكد فعاليتها وقوتها في المجتمع.
- عدم تأثير الحزن على الرسول وثنيه عن مهمته، تربية على عدم الاستسلام للمشاعر، في الثبات على قيم العدل والحق.
- المواجهة العنيفة وسلوك الإرهاب والعنف لا يمكن أن يؤدي إلى زعزعة الحق والوقوف بجانب الباطل.
- سلوك الحوار وتقديم القدوة خير سبيل للانفتاح على الآخر المخالف للعقيدة.
- ربط قضية المسجد الأقصى وما حوله بقضية العالم الإسلامي، وعدم التفريط فيه.
- قدرة الله النافذة في إمكانية الإسراء والمعراج في ليلة واحدة بروح النبي وجسده…
- معجزة الإسراء والمعراج تكريم من الله تعالى لنبيه وتجديد لعزيمته وثباته.
- في فرض الصلاة ليلة الإسراء والمعراج إشارة إلى الحكمة التي من أجلها شرعت الصلاة، فكأن الله يقول لعباده المؤمنين: إذا كان معراج رسولكم بجسمه وروحه إلى السماء معجزة، فليكن لكم في كل يوم خمس مرات معراج تعرج فيه أرواحكم وقلوبكم إليَّ .
- في عرض الرسول نفسه على القبائل في موسم الحج دليل على أن الدعاية والدعوة لا تقتصر على مجمع أو مجتمع أو بيئة معينة.
- عدم اليأس في طلب الحق والثبات عليه.
- في لقاء الرسول بوفود الأوس والخزرج تمهيد وتهيئة المناخ للهجرة إلى المدينة.
الهجرة والاستقرار بالمدينة
من أهم الأحداث والوقائع التي حدثت في هذه الفترة نجد:
- بعد أن علمت قريش بإسلام مجموعة من أهل يثرب؛ اشتد أذاها للمؤمنين بمكة ،
فأمرهم الرسول بالهجرة إلى المدينة، فهاجروا مستخفين، إلا عمر رضي الله عنه، فإنه أعلم مشركي قريش بهجرته، وقال لهم: من أراد أن تثكله أمه فليلحق بي غدا ببطن هذا الوادي، فلم يخرج له أحد.
- لما علمت قريش بهجرة المسلمين عقدت مؤتمرا بدار الندوة[2]، يتشاورون في إيجاد
طريقة للقضاء على الرسول ، فاستقر رأيهم على أن يأخذوا من كل قبيلة شابا جلدا، يجتمعون
أمام دار الرسول فإذا خرج ضربوه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه في القبائل، ولا يقدر بنو عبد مناف على حرب قريش كلهم بل يرضون بالدية، وهكذا اجتمعوا على بابه ليلة الهجرة
ينتظرون خروجه ليقتلوه .
- لم ينم الرسول تلك الليلة في فراشه، وإنما طلب من علي رضي الله عنه أن ينام مكانه، وأمره أن يرد الودائع والأمانات إلى أهلها، ثم غادر بيته دون أن يراه الشباب الموّكلون بقتله، وذهب إلى بيت أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وكان قد هيأ راحلتين من أجل السفر ،فعزما على الخروج، واستأجر أبو بكر عبد الله بن أريقط، وكان مشركا ليدلّهما على طريق المدينة.
- خرج الرسول وصاحبه أبو بكر يوم الخميس أول من ربيع الأول لسنة ثلاث وخمسين من مولده عليه الصلاة والسلام، ولم يعلم بأمر هجرته إلا علي رضي الله عنه، وآل أبي بكر رضي الله عنه، وعملت عائشة وأسماء بنتا أبي بكر في تهيئة الزاد لهما.
- وصل الرسول وأبو بكر إلى غار ثور، فبقيا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر، فيخرج من عندهما بالَّسَّحر، ويصبح مع قريش بمكة كأنه كان نائما فيها، فلا يسمع من قريش أمرا إلا أوصله إليهما في المساء.
- لما علم المشركون بفساد مكرهم، وأنهم إنما باتوا يحرسون علي بن أبي طالب لا محمد بن عبد الله، هاجت عواطفهم، فأرسلوا الطلب من كل جهة، واتجهوا إلى طريق اليمن، ووقفوا عند فم “غار ثور” يقول بعضهم: لعله وصاحبه في هذا الغار، فيجيب الآخرون: ألا ترى إلى فم
الغار كيف تنسج العنكبوت خيوطها، وكيف تعشش فيه الطيور، مما يدل على أنه لم يدخل هذا الغار أحد منذ أمد، وأبو بكر يرى أقدامهم وهم واقفون على فم الغار، فيرتعد خوفا على حياة
الرسول ويقول له: والله يا رسول الله، لو نظر أحدهم إلى موطئ قدمه لرآنا، فيطمئنه الرسول
بقوله: “يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما”.
- جعلت قريش جائزة قدرها مائة ناقة لمن يأتي بالرسول وصاحبه حيين أو ميتين ،فانتدب لذلك سراقة بن مالك، طمعا في الظفر بالجائزة وحده. وقد أدركهما سراقة، فلما اقترب منهما، ساخت قوائم فرسه في الرمل فلم تقدر على السير، وحاول ثلاث مرات أن يحمل الفرس
على السير جهة الرسول فتأبى، عندئذ أيقن أنه أمام رسول كريم، فسأله أن يكتب له كتاب
أمان فأمر أبا بكر فكتب، ووعده الرسول بسواري كسرى يلبسهما، ثم عاد سراقة إلى مكة ،فتظاهر بأنه لم يعثر على أحد.
- وصل الرسول وصاحبه إلى المدينة في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول، وبعد أن طال انتظار أصحابه له، يخرجون كل صباح إلى مشارف المدينة، فلا يرجعون إلا حين تحمى الشمس في وقت الظهيرة، فلما رأوه فرحوا به فرحا عظيما.
- في الطريق إلى المدينة نزل الرسول في بني عمرو بن عوف، فأسس أول مسجد بنُي في الإسلام، وهو مسجد “قباء”، ويقع جنوب غربي المدينة، ويبعد عن المسجد النبوي حوالي 1 كيلومترات، وأقام في قباء أربعة أيام، ثم سار صباح الجمعة إلى المدينة، فأدركته صلاة الجمعة في بني سالم بني عوف، فبنى مسجدا هناك، وأقام أول جمعة في الإسلام، وأول خطبة خطبها في الإسلام، ثم أكمل طريقه إلى المدينة.
- أول عمل قام به الرسول بعد وصوله إلى المدينة أنه اختار المكان الذي بركت فيه ناقته ليكون مسجدا له، وشارك في بنائه عليه الصلاة والسلام.
- آخى الرسول بين المهاجرين والأنصار، فجعل لكل أنصاري أخا من المهاجرين ،فكان الأنصاري يذهب بأخيه المهاجر إلى بيته، فيعرض عليه أن يقتسم معه كل شيء في بيته.
- كتب الرسول كتابا بين المهاجرين والأنصار وادع فيه اليهود وأقرهم على دينهم ،فلا يحاربهم ولا يؤذيهم ولا يعينون عليه أحدا، وإن هاجمه بالمدينة عدو ينصرونه.
الدروس والعبر المستخلصة
- الإيمان بالله كان أحسن زاد تزود به الرسول وصاحبه في هجرتهما.
- الثقة بالنفس أساس لتحقيق الهدف.
- القوة لها أثرها في رد الأعداء )نموذج عمر بن الخطاب(.
- الجندي الصادق المخلص يفدي قائده بحياته )نموذج علي بن أبي طالب(.
- الحرص على أداء الأمانة لأصحابها ولو كانوا أعداء )رد الودائع لكفار قريش(.
- ضرورة الجمع بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله تعالى، فقد استعان الرسول بعبد الله بن أريقط، وكتم أسرار هجرته عن الناس…
- ضرورة الإخلاص والسلامة من الأغراض الشخصية، فالرسول لم يكن يطلب الدنيا ولا تحقيق مصالحه، وإنما يسعى لإخراج الناس من الظلمات إلى النور.
- من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، فقد ترك المهاجرون ديارهم وأموالهم وأهليهم التي هي أحب شيء إليهم، لما تركوا ذلك كله، عوضهم الله بأن فتح عليهم الدنيا، وملكَّهم شرقها وغربها.
- في المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار تمتين لروابط الأخوة وذوبان للعصبيات القبلية.
- التنبيه على عظم دور المسجد في الأمة، فأول ما قام به هو بناء المسجد.
- التنبيه على عظم دور المرأة ،ويتجلى ذلك من خلال الدور الذي قامت به عائشة وأختها أسماء رضي الله عنهما؛ حيث كانتا نعم الناصر والمعين في أمر الهجرة.
- التنبيه على عظم دور الشباب في نصرة الحق ،ويتجلى ذلك في الدور الذي قام به علي
بن أبي طالب حين نام في فراش النبي ليلة الهجرة، ويتجلى من خلال ما قام به عبد الله بن
أبي بكر؛ حيث كان يستمع أخبار قريش، ويزود بها النبي وأبا بكر.
- في معاهدة الرسول لليهود دليل على أن أساس الدولة الإسلامية قائم على العدالة الاجتماعية، وأن أساس العلاقة بين المسلمين وغيرهم هو ال سلم ما حافظوا على العهد، وأن مبدأ الحق والعدل والتعاون على البر والتقوى والعمل لخير الناس ودفع أذى الأشرار عن المجتمع ،هو أبرز الشعارات التي تنادي بها دولة الإسلام.
معارك الرسول الحربية:
ما كاد يستقر النبي في المدينة حتى بدأت المعارك الحربية بينه وبين قريش ومن
والاها من قبائل العرب، وقد بلغ عدد غزوات الرسول ستا وعشرين غزوة، وعدد السرايا
التي بعثها ثمانية وثلاثين سريَّةَّ، وفيما يلي أشهر غزواته :
غزوة بدر الكبرى 2هـ:
سبب غزوة بدر: بعد هجرة المسلمين إلى المدينة وتركهم أموالهم وبيوتهم؛ استولى الكفار عليها جميع ا ، لهذا كانت حالة المسلمين سيئة، وفي السنة الثانية للهجرة مرَّ ت بالقرب من المدينة
قافلة تجارية لقريش آتية من بلاد الشام بقيادة زعيمهم أبي سفيان، فأمر النبي باعتراض القافلة، واستعادة بعض ما سلبته قريش من المسلمين، إلا أن أبا سفيان علم بنية المسلمين، فغ يرَّ طريقه وأرسل إلى قريش يعُلمها بخبر خروج المسلمين لاعتراض القافلة.
أهم أحداث غزوة بدر: غضب كفار قريش ،فخرجوا في نحو ألف مقاتل، ووصلوا قريبا من بلدة بدر وعسكروا فيها، أما المسلمون فكان عددهم ثلاثمائة وثلاثة عشر أو أربعة عشر رجلا، ساروا من المدينة حتى وصلوا أدنى ماء من بدر فنزلوا به ،ودفنوا الآبار التي به إلا بئرا واحدا بنوا عليه حوضا ملؤوه بالماء، وجعلوه أمامهم ليمنعوا الكفار من الوصول إليه.
نتائج الغزوة: تمكن المسلمون من هزيمة المشركين، فقتلوا منهم سبعين رجلا عل رأسهم أبو جهل، كما أسروا منهم سبعين رجلا، واستشهد من المسلمين أربعة عشر رجلا.
نتائج الغزوة بالأرقام | معدات أخرى | الخيل والجمال | عدد الرجال | |
استُشهد 14 | نبال ورماح | فرسان أو ثلاثة | 314 | المسلمون |
قتُل 71/ أسُر 71 | 611 دارع )لابس للدرع( | 111 فرس + 711 بعير | 1111 | قريش |
الدروس والعبر المستخلصة من غزوة بدر:
- الإسلام دين سلام ورحمة، ولم يشرع القتال إلا لرد العدوان.
- حرص الداعية والقائد على هداية أعدائه ورجوعهم إلى الحق والتعقل.
- حسن التخطيط والاستشارة بين الجنود والقادة والخبراء من دعائم النصر.
- صدق التوكل على الله والإنابة إليه ونصرته، سبب في نصر الله لعباده المؤمنين.
- النصر لا يكون فقط بكثرة العدد والعدة بل أيضا بالروح المعنوية والإخلاص والصدق.
غزوة أحد 3هـ:
كانت يوم السبت خمس عشرة خلت من شوال في العام الثالث للهجرة؛ حيث خرج
الرسول والمسلمون معه، ومعهم رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول، وفي منتصف
الطريق انخذل عن المسلمين ومعه ثلاثمائة من المنافقين، فمضى رسول الله حتى وصل إلى ساحة أحد، صف الجيش وجعل على كل فرقة قائدا واختار خمسين من الرماة لحماية ظهر المسلمين من التفاف المشركين وراءهم، ثم ابتدأ القتال، ونصر الله المسلمين على أعدائهم فانغمسوا في أخذ الغنائم معتبرين أن الحرب قد انتهت، فكَّرَّ عليهم خالد بن الوليد قائد المشركين
من خلفهم، فما شعر المسلمون إلا والسيوف تناوشهم من هنا وهناك، وأشيع أن الرسول قد
قتُل، ففر بعضهم واستطاع المشركون أن يصلوا إلى رسول الله حيث أصابته حجارتهم حتى وقع وأغمي عليه، لكن ثبات صحابته الذين دافعوا عنه وفدوه بأنفسهم مثل سعد بن أبي وقاص
الذي حمى الرسول فكان النبل يقع على ظهره، ونسيبة بنت عمارة الأنصارية التي تركت سقاء الجرحى وأخذت تقاتل بالسيف، وانتهت المعركة باستشهاد حمزة رضي الله عنه، ومثلَّت به هند زوج أبي سفيان.
وقد بلغ عدد قتلى المسلمين نحوا من السبعين، وقتلى المشركين ثلاثة وعشرين.
الدروس والعبر المستخلصة من غزوة أحد:
- صمود المؤمنين والمؤمنات في الدفاع عن العقيدة )نموذج سعد بن أبي وقاص ونسيبة بنت عمارة(.
- دور المرأة في الإسلام من خلال مشاركتها في غزوة أحد.
- مخالفة القائد الحازم البصير يؤدي إلى خسارة المعركة، فلو أن رماة النبل ثبتوا في أماكنهم، لما استطاع المشركون أن يلتفوا من حولهم ويقلبوا هزيمتهم إلى نصر. وكذلك يفعل العصيان في ضياع الفرص ونصر الأعداء.
- الطمع المادي في المغانم وغيرها يؤدي إلى الفشل والهزيمة. وكذلك الدعوات يفسدها ويفسد أثرها في النفوس، طمع الداعين إليها في مغانم الدنيا.
- ثبات نسيبة أم عمارة، ووقوفها وزوجها وأولادها حول رسول الله حين انكشف المسلمون يوم أحد، دليل على إسهام المرأة المسلمة بقسط كبير من الكفاح في سبيل دعوة الإسلام. وهو دليل على حاجتنا اليوم إلى أن تحمل المرأة المسلمة عبء الدعوة إلى الله من جديد ،لتدعو إلى الله في أوساط الفتيات والزوجات والأمهات.
- إصابة الرسول بالجراح يوم أحد، فيه عزاء للدعاة فيما ينالهم في سبيل الله من أذى.
- تمثيل المشركين بقتلى المسلمين وخاصة حمزة رضي الله عنه، دليل واضح على خلو أعداء الإسلام من كل إنسانية وضمير.
- تقدم الرسول الصفوف دليل على مكانة القيادة، وأنه لا يحتلها إلا الشجاع المتثبت ،وأن الجبناء خائري القوى لا يصلحون لرئاسة الشعوب، ولا لقيادة الجيوش، ولا لزعامة حركات الإصلاح ودعوات الخير…
غزوة بني النظير 4هـ:
هم قوم من اليهود كانوا يجاورون المدينة، وكان لهم عهد سِلم وأمان وتعاون مع
المسلمين، وبينما كان الرسول مستندا إلى جدار من بيوتهم، إذ تآمروا على قتله بإلقاء صخرة
من ظهر البيت، فكان من رسول الله أن توجه إلى المدينة فأرسل إليهم لمعاقبتهم على غدرهم
بإخراجهم من البلدة، لكنهم تحصنوا وامتنعوا، فخرج إليهم الرسول وأصحابه يحمل لواءهم علي بن أبي طالب في غزوة بني النظير، فلما أرغموا على الخروج اشترط عليهم عدم إخراج السلاح ولهم أموالهم ودمائهم مصونة، فأخذوا كل شيء يستطيعونه وهدموا بيوتهم.
غزوة الأحزاب )الخندق( 5هـ:
وقعت غزوة الأحزاب في شوال من السنة الخامسة للهجرة، بسبب روح الغدر والانتقام
عند بني النضير الذين قدم عدد من رؤسائهم إلى مكة يحرضون قريشا على قتال الرسول فاستجابت، كما استجابت لهم بنو فزارة وبنو مرة وأشجع فاتجهوا نحو المدينة.
استشار الرسول أصحابه فأشار عليه سلمان بحفر خندق حول المدينة، ولما وصلت قريش ومن معها من الأحزاب -وكان عددهم عشرة آلاف- راعها ما رأت من أمر الخندق إذ لا عهد لهم به. فبدأ القتال فسلط الله من يوقع الشك في نفوس الأحزاب كما أرسل تعالى ريحا شديدة في ليلة شاتية قارسة. فامتلأت نفوس الأحزاب بالرعب ورحلوا.
غزوة بني قريظة 5هـ:
وقعت بعد غزوة الأحزاب، وذلك لما رأى الرسول من غدر بني قريظة والتحزب
مع قريش وحلفائها من الأحزاب، بعد أن نقضوا العهد مع الرسول ، فرأى أن يؤدبهم على خيانتهم وغدرهم ويطهر المدينة منهم، فأمر من ينادي في الناس بأن لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة، فحاصرهم لمدة خمس وعشرين ليلة حتى تمكن من القضاء على مؤامراتهم ودسائسهم.
الدروس والعبر المستخلصة
- النصر في المعارك لا يكون بكثرة العدد ووفرة السلاح فقط، بل يحتاج إلى الدعم الروحي والمعنوي، وابتكار أساليب وطرق وأدوات لمواجهة الأعداء.
- التأكيد على نصرة الله لمن نصره.
- النتيجة الحتمية لسلوك الغدر والخيانة ونقض العهود هي الفشل وخيبة الأمل.
- التأكيد على إنسانية الإسلام بالسماح لمنهزمي بني النضير بأخذ أموالهم وصيانة دمائهم.
- الإسلام لا يضيق ذرعا بالاستفادة مما عند الأمم الأخرى من تجارب تفيد الأمة وتنفع المجتمع، فلا شك أن حفر الخندق أفاد إفادة كبرى في دفع خطر الأحزاب عن المدينة.
غزوة الحديبية 6هـ:
في ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة خرج مع الرسول نحو من ألف وخمسمائة
يريد أداء العمرة، وسار حتى إذا وصل إلى “عسفان” جاء من يقول له هذه قريش قد سمعت
بمسيرك، فخرجوا يحلفون بالله لا تدخلها عليهم أبدا، فبعث الرسول عثمان بن عفان إلى أهل
مكة ليؤكد لهم الغرض من مجيئ الرسول وصحابته، لكنه تأخر، فأشيع بين المسلمين أنه قتل، فبايع المسلمون رسول الله على الجهاد والشهادة في سبيل الله، ولما علمت قريش بأمر البيعة خافوا ورأوا الصلح معه على أن يرجع في هذا العام ويعود من العام القادم، وتم الصلح على ما رغبت قريش، وعلى وضع الحرب بين الفريقين عشر سنين، وأن من أتى من عند محمد إلى مكة لم يردوه، وأن من أتى محمد من مكة ردوه إليهم، وكان هذا أصعب شرط على المسلمين. ثم
تحلل الرسول وأمر أصحابه بالتحلل من العمرة والرجوع إلى المدينة.
وقد ظهرت فيما بعد فوائد هذه الشروط التي صعبت على المسلمين ورضي بها الرسول
لبعد نظره ورجحان عقله، وإمداد الوحي له بالسداد في الرأي والعمل.
الدروس والعبر المستخلصة من غزوة الحديبية
- رؤيا الأنبياء حق.
- عدم مخالفة أوامر القائد، وضرورة مشاورة القائد وعدم الاستبداد بالرأي.
- إبداء الرأي والمشورة لا تعني التمرد وعدم الالتزام بالضوابط.
- الأخذ بالرأي والخبرة والتجربة تجسيد لمبدإ الشورى والالتزام به.
- ميل المسلمين إلى الصلح دليل على نبل هدفهم وسعيهم إلى ثقافة السلام والحوار.
غزوة خيبر 7هـ:
وقعت في أواخر محرم من السنة السابعة للهجرة، وذلك أن النبي بعد أن أمَّن جانب قريش بالصلح الذي تم في الحديبية، قرر تصفية مشكلات تجمعات المكر والخداع والغدر فيما حول المدينة بأرض خيبر قبل أن يصبحوا مصدر اضطراب وقلق للمسلمين في عاصمتهم “المدينة”؛ حيث كان في خيبر وحدها نحو عشرة آلاف مقاتل بالسلاح والعتاد محصنة في
حصون منيعة. وأجمع الرسول على الخروج إليهم في ألف وستمائة مقاتل. وابتدأت المعارك يفتح المسلمون منها حصنا بعد حصن إلا الحصنين الأخيرين فقد رغب أهلهما في الصلح على حقن دمائهم، وترك الذرية والخروج من أرض خيبر بذراريهم، فصالحهم على ذلك، ثم غادروها، فوجد المسلمون فيها أسلحة كثيرة، وصحائف متعددة من التوراة، فجاء اليهود بعد ذلك يطلبونها، فأمر بردها إليهم.
الدروس والعبر المستخلصة من غزوة خيبر
- قيم التسامح لدى جيش المسلمين في تعاملهم مع اليهود في إعطائهم صحائف التوراة.
- تربية الرسول للأمة في السلم والحرب على معاني العقيدة وحقيقة العبادة.
- ميل المسلمين إلى الصلح دليل على نبل هدفهم وسعيهم إلى ثقافة السلام والحوار.
غزوة مؤتة 8 هـ:
كانت في جمادى الأولى للسنة الثامنة للهجرة، وكان سببها أن بعث الرسول الحارث بن عمير بكتاب إلى الأمراء التابعين لقيصر الروم، ونزل مؤتة، فقال له أحد أمراء الغساسنة التابع لقيصر الروم: أين تريد؟ لعلك من رسل محمد؟ قال: نعم، فأوثقه وضرب عنقه. اشتد
غضب الرسول لما بلغه الخبر وجهز جيشا عدته ثلاثة آلاف تحت إمرة زيد بن حارثة وأوصاهم أن لا يقتلوا وليدا ولا امرأة ولا كبيرا فانيا ولا منعزلا بصومعة، ولا يقربوا نخلا ولا يقطعوا شجرا ولا يهدموا بناء. فتشاور المسلمون فيما بينهم، وابتدأ القتال الذي أبلى فيه المسلمون البلاء الحسن، لكنهم فقدوا كثيرا من الصحابة، وكان لخالد بن الوليد فضل إنقاذ الجيش الإسلامي من الفناء باستعمال دهائه.
الدروس والعبر المستخلصة من غزوة مؤتة
- قتل المبعوث والرسول يعتبر عملا عدائيا في جميع الشرائع والأعراف، مما يستلزم الدفاع عن انتهاك سيادة الدولة بقتل أو إهانة مبعوثيها.
- ضرورة اعتبار الأسباب النفسية والروحية في النصر أو الهزيمة.
- الرحمة الإنسانية في القتال في الإسلام من خلال وصية الرسول للجيش الإسلامي، فلا يقاتلون إلا من يقاتلهم.
فتح مكة 8هـ:
في رمضان من السنة الثامنة للهجرة اعتدت بنو بكر على خزاعة التي دخلت في حلف
الرسول ، فقتلت منها نحو عشرين رجلا، وأمدت قريش بني بكر بالمال والسلاح، فلما بلغ
ذلك الرسول غضب غضبا شديدا، وتجهز لقتال قريش، إلا أنه لم يخبر الناس بوجهته لئلا
تستعد قريش، فتستباح حرمة البلد الحرام. فسار الرسول من المدينة بعشرة آلاف من
المؤمنين وانظم إليه عدد من قبائل العرب في الطريق. وعثر حرس رسول الله على أبي
سفيان واثنين معه فأسروهم وجاؤوا بهم إلى النبي ، فأسلم أبو سفيان، ثم وصل الجيش مكة ،فأعلن منادي الرسول: من دخل داره وأغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ثم دخل الكعبة وصلى ركعتين فيها، وطاف بالبيت وأزال ما حولها من أصنام )063 صنما(، ثم وقف على بابها وقريش تنظر ما هو فاعل بها، فقال فيما قال ساعتئذ:
“يا معشر قريش ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيرا، أخ كريم، وابن أخ كريم، فقال رسول الله
“اليوم أقول لكم ما قال أخي يوسف من قبل )قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين( يوسف 12، اذهبوا فأنتم الطلقاء”. ثم اجتمع الناس حول الصفا ليبايعوا رسول الله على الإسلام، وأمر بلالا أن يؤذن لصلاة الظهر على ظهر الكعبة.
الدروس والعبر المستخلصة من فتح مكة
- دخول الرسول مكة من غير إراقة الدماء يؤكد الطبيعة السلمية لدعوته.
- الطواف حول الكعبة والصلاة والأمر بالآذان دليل على شكر الله على نعمة الفتح.
- لقد حرص النبي أشد الحرص على ألا يكشف نياته لفتح مكة لأي إنسان، فما أحوج المسلمين اليوم أن يتعلموا الكتمان من هذه الغزوة.
- القائد المتميز هو الذي يتسم ببعد النظر، بالإضافة إلى مزاياه الأخرى، ويتخذ لكل أمر محتمل الوقوع التدابير الضرورية لمعالجته، دون أن يترك مصائر قواته للاحتمالات بدون إعداد كامل.
- الثقة بنصر الله عز وجل، واليقين بتحقيق وعده، قال الله عز وجل: } إنِْ تَنصُرُ وا اللَّهَ ينَصُرْكُمْ { ]محمد:7[ ، وقال جل وعلا: } وَالْعَاقبَِةُ للِْمُتقَّيِنَ { ]الأعراف:921[ ، وقال سبحانه وتعالى: } تلِْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلهُاَ للِذَِّينَ لا يرُِيدُونَ عُل وُّا فيِ الأرَْضِ وَلا فَسَا دا وَالْعَاقبَِةُ للِْمُتقَّ يِنَ
{ ]القصص:10[ كل هذه الوعود صادقة لا تتخلف، إنما الذي يتخلف فعل المسلمين، فلا تأتيهم حينئذ تلك الوعود؛ لأنهم لم يأتوا بالشروط.
- إن النصر لا يؤدي إلى الكبر، وإن النصر لا يقود إلى الخيلاء، وإن النصر لا يؤدي إلى فتنة النفوس بالإعجاب، ولا إلى الطغيان الذي يكون مع المنتصرين من غير أهل الإيمان والإسلام.
- السلام الذي يدعو إليه الإسلام هو: السلام الذي تحميه القوة؛ لأن القوة هي أكبر ضمان لتحقيق ذلك السلام والمحافظة عليه.
غزوة ح نين 8هـ:
كانت في العاشر من شوال للسنة الثامنة من الهجرة بعد فتح مكة؛ حيث خرج مع الرسول
كل من كان بمكة لرد الاعتداء، وسار حتى إذا كان في وادي حُنين خرجت عليهم هوازن وحلفاؤها في نحو عشرين ألفا إلى ثلاثين، فحمل عليهم المسلمون فانكمشوا وانهزموا، فانشغل
المسلمون بجمع الغنائم، فانهال عليهم المشركون بالسهام، فانفرط عقدهم، وأشيع أن النبي قد
قتُل، ففر أهل مكة والمسلمون الجدد، وبقي رسول الله ثابتا على بغلته يقول: “أنا النبي لا كذب، أنا بن عبد المطلب”. لكن ثبات بعض الأنصار والمهاجرين وتشجيعهم المسلمين، استطاع
أن يحول الهزيمة إلى نصر؛ حيث بلغت غنائم العدو مبلغا كبيرا، فَّرَّقه الرسول أوَّلا على المؤلفة قلوبهم من حديثي الإسلام، ولم يعط الأنصار شيئا اعتمادا على إيمانهم وصدق إسلامهم.
فكانت آخر معركة ذات شأن بين الإسلام والمشركين، ولم يلبث العرب من بعدها أن كسروا الأصنام، ودخلوا في دين الإسلام.
الدروس والعبر المستخلصة من غزوة حنين:
- ضرورة الاستعداد المادي واتخاذ أسباب النصر وفق سنن الكون.
- التوكل على الله سبحانه وتعالى والافتقار إليه وعدم الاغترار بكثرة العدد والعدة في مقاتلة الأعداء.
- عنصر الإيمان والحماس والإخلاص والثبات على الحق أساسي في صنع النصر إضافة إلى الاستعداد والتخطيط.
- للإشاعة والإعلام واختراق الجيش من طرف المنافقين والعملاء أثر في الانهزام.
- ضرورة لجوء الدعاة –بعد الاحتراس والحذر- إلى كنف الله، والاحتماء بعزته وسلطانه، والثقة بأن الله معهم نصير، ولهم حفيظ.
- حكمة الرسول في إغداقه العطاء والغنائم على الذين أسلموا حديثا، تأليفا لقلوبهم على الإسلام.
غزوة تبوك 9 هـ:
وتسمى غزوة العسرة، وكانت في رجب سنة تسع من الهجرة، وسببها أن الروم جمعت جموعا كثيرا بالشام، قصد الهجوم على المدينة، والقضاء على الدولة الناشئة في جزيرة العرب ،
لأن انتصارات المسلمين أثارت جزع هرقل وخوفه، فندب رسول الله الناس للخروج، وكان الوقت عسر شديد وحر شديد، فسار ومعه ثلاثون ألف مقاتل، وعشرة آلاف من الخيل، وتخلف من المنافقين بضعة وثمانون رجلا، واعتذر إليه عدد من الأعراب بأعذار غير صحيحة، فقبلها
منهم .
سار الرسول ومعه ثلاثون ألف مقاتل، وعشرة آلاف من الخيل حتى بلغ تبوك فأقام
فيها نحوا من عشرين ليلة، ولم يلق فيها كيدا ولم يدخل حربا، وكانت هذه آخر غزواته .
الدروس والعبر المستخلصة من غزوة تبوك:
- التأكيد على طبيعة غزوات الرسول السلمية، لرد العدوان وإحقاق الحق، فهي ليست عدوانية ولا استفزازية، ولكنها للدفاع عن الدين والبلاد، وردع المعتدين، ومنعهم من الأذى والفساد.
- في وقت الشدائد والمحن يتبين المخلصون من المنافقين، وينكشف أمر الأدعياء.
- إنفاق الموسرين من الصحابة في هذه الغزوة دليل على ما يفعله الإيمان في نفوس المؤمنين من مسارعة إلى فعل الخير ومقاومة لأهواء النفس وغرائزها.
21
حجة الوداع 01هـ:
هي الحجة الوحيدة التي حجها الرسول ، وكانت في ذي الحجة من السنة العاشرة
للهجرة، حيث تسامع الناس أن الرسول سيحج فتوافدوا إلى الحج من مختلف أنحاء الجزيرة
العربية، وخطب فيهم رسول الله آخر خطبه، وكأنه يودع الناس، حيث علم من طريق الوحي بقرب أجله. بعدما طالت حياته حتى رأى ثمرة دعوته وكفاحه تلف الجزيرة كلها، فطهرها من الأوثان تطهيرا أبديا. وقد تضمنت خطبة الوداع إعلان المبادئ العامة للإسلام، حضرها ما يق دره بعض المؤرخين مائة وأربعة عشر ألفا، من مختلف أنحاء الجزيرة العربية، أتوا مؤمنين به مصدقين برسالته، بعد أن كانوا قبل بعثته على الوثنية والشرك، فأصبحوا له محبين مذعنين طائعين.
الدروس والعبر المستخلصة من حجة الوداع:
- العناية الإلهية وصدق الرسالة والثبات على الحق، عوامل أساس في تغير الأفكار والمواقف، حيث البقاء والدوام للحق.
- مبادئ الإسلام وقيمه لا تتغير بتغير الزمان والظروف والأمكنة، فالحق حق إلى يوم القيامة، والباطل باطل.
وفاة الرسول 00هـ:
كانت قلوب الصحابة واجفة خشية قرب أجله ، ولكن أجل الله إذا جاء لا يؤخر، فلما
أشيع عن وفاة الرسول وهو على فراشه اضطرب الصحابة وطاشت عقول كثير منهم، ولم يصدقوا الخبر ولم يستسيغوه، فمنهم من أقعد عن الحركة، ومنهم من شهر سيفه – عمر بن
الخطاب – ينهى الناس أن يقولوا إن رسول الله مات، ويزعم أنه غاب وسيرجع إليهم، ولكن أبا بكر بدا ثابت الجأش واستطاع أن يعيدهم إلى رشدهم وتثبيتهم على الحق والإيمان بقضاء الله
وقدره. فدخل على رسول الله وهو مسجى على فراشه، فقبَّلَّه وقال له: “بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما أطيبك حيا وميتا…”، ثم خرج إلى الناس، فخطب فيهم وقال: أيها الناس من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت”.
الدروس والعبر المستخلصة من وفاة الرسول :
- الرسول توفي لكن الرسالة باقية، وعلى المسلمين تحمل عبئها وتبليغها إلى العالم.
- مبادئ الإسلام نابعة من ذاته وليست لصيقة بشخص مكلف بتبليغها. )وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل(.
[1] يثرب: اسم المدينة المنورة في زمن الجاهلية.
[2] هي الدار التي بناها قصي بن كلاب، وكانت قريش لا تقضي أمرا إلا فيها.
11