بناء أهل بيتِك… زوجتِك وأبنائِك


من عظيمِ ما تُواظبُ عليه مع أهلِ بيتِك – ولو بالقليل وبحسب وقتِك وهِمّتك – مُدارسة :

القرآن من خلال :

*وِرد قراءة من أول القرآن نصف صفحة لكل فرد مع الاهتمام بضبط التلاوة
*وِرد تفسير مختصر في معاني القرآن (من أي كتاب مختصر مُعتمد) نِصف صفحة {أو بحسب انتهاء موضوع الآيات أو الحُكم أو القصة}
مثلا من كتاب (المُعين على تدبُّر الكتاب المُبين )
*قصص القرآن، وقصص السُنّة وصحابة النبي صلى الله عليه وسلم. ومن خلالها تتكلّم معهم عمّا بها من معاني في الإيمان وتزكية النفس والآداب والأحكام
وأنت بهذا لن تحتاج أن تُدرّسهم كتبا في العقيدة أو كتب التزكية والآداب
بل سيكون مُنطلقك في بيان الإيمان وغيره من خلال الوحي نفسه، ولذلك ثمرات عظيمة مِن ربطهم بالوحي وهَدْي الأنبياء والصالحين المرضي عنهم، ووقايةُ من الوقوع في مُخالفاتٍ في تلك الأبواب
فيكون ما جاء في الوحي هو المُحكَم و الميزانَ

وهذا كتاب مفيد (المستفاد من قصص القرآن)

الحديث

وِردٌ في ذلك الكنز الجامع المُبارك (رياض الصالحين)
بمقدار (باب) أسبوعيّا مع شرح مختصر للمفردات وبيان المعاني {يمكن الإفادة من أي شرح مختصر كنُزهة المتقين. شرح رياض الصالحين . مثلا}

العربيّة

من خلال :
القراءة-الكتابة والإملاء- القواعد
من خلال كتاب النحو الواضح

وأي كتاب في قواعد الإملاء

والتدريب على القراءة والكتابة من خلال كتاب مثل صحيح البخاري أومسلم أو غيرهما..

الأذكار بأنواعها

أذكار الاستيقاظ،الصباح، النوم، الطعام والشراب، ودخول الخلاء
مع التذكير المتكرر بفضل التسبيح والتحميد والاستغفار والتكبير والتهليل وغير ذلك

والنوم مبكرا، و الاستيقاظ قُبيل الفجر مع ركعات ودعاء واستغفار

وصلاة الفجر في جماعة وذِكر الله حتى تطلع الشمس وصلاة الضحى
مع ممارسة قليل من الرياضة …
نموذج لتمرينات منزلية سهلة
هذه بداية مُباركة ليومِكم..كدا بقا صباحكم ورد وفُل وياسمين ونشاط
تذكّرْ
أهلُك وأولادُك مِثلُ نفسك، إنْ رأوا منك الجِدَّ والعزم والحرص على الوقت =جدُّوا، وكانوا عَونا لك
والعكس بالعكس..


صرحُ المعرفة وجدارُ الإيمان يُبنى هكذا لبِنةً لبنة
و الإنسانُ يُصلحه القليل المستمر أقوى من كثير مُنقطع
هذه فقط نماذج لما يمكن أن ترفع به الحالة المعرفية والإيمانية لأهل بيتك
و المواظبةُ بالقليل
والاستمرار والصبر على ذلك من أعظم ما تُجلَبُ به البركات وتُفرَّج به الكُربات، ويُستعان به على الحياة وكَبَدِها فلا تعجِز عن مثل ذلك، ولا يشغلك عنها شاغلٌ
فبِناءُ أهل بيتك بناءُ لك
وهو من آكد الواجبات وأعظم القربات
فاللهم أعِنا على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك
وأنزِل البركة والسكينة والرحمة على بيوتنا
واجعلها عامرةً بذكرك…

الإسلام فوبيا…أو الرهاب من الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين على نعمه كلها، الظاهرة والباطنة، ما علمنا منها وما لم نعلم، وأفضل الصلاة، وأزكى التسليم، على سيدنا وحبيبنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد، أيها السادة؛

أتوجه باسمي، وباسمكم جميعا، إلى الله عز وجل بالشكر أن وفقنا لهذا اللقاء،الذي أرجو أن يكون له ما بعده من الثمرات التي ترضي الله عز وجل، والتي تحل الكثير من مشكلاتِ هذه الأمة والتي تقربنا جميعا زلفا إلى الله سبحانه وتعالى.والشكر بعد ذلك للسادة الذين سهروا على تنظيم هذا اللقاء، والشكر مقدما لرعات هذا المؤتمر الذي يأتي كما أرجو من الله بلسما لكثير من أدوائنا في الميقات المناسب، لم يشكر الله عز وجل لم يشكر الناس؛ كما قال معلم البشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم. السادة الحضور، في حَاضِرِ الإعِلَامِ الغَرْبِيِّ عُموماً، وفي عَدَدٍ مِنْ مُؤْتَـمَرَاتِ الشَّرْقِ والإسلام الـمُحْدَثَة، فَشَا الَجدَالُ حَوْلَ ظَاهِرَةِ “الخَوْفُ أو الرُّهَابُ الإسلامي” أو مَا يُسَمَّى “”الإسلام فوبيا”” وَتَقَاطَرَتْ فِي شَأْنِهِ الآراءُ وَالتَّحَالِيلُ وَالـمُقْتَرَحَاتُ مِن كُلِّ حَدَبٍ مِنْ حِدَابِ العَالَمِ الإسلامي والغَرْبِيِّ عَلى السَّوَاءِ. وَلَعَلَّهُ لَن يَخْفَى عَلَى الرَّاصِدِ والـمُتَبَصِّرِ أَنَّ هَذِهِ الظَّاهِرَةُ قَدْ غَدَتْ فِي حَيِّزِ العَيَانِ الـمَشْهُودِ، وَأَنَّهُ اخْتِيرَ لَهَا تَعْبِيرٌ يَنُمُّ عِنْ كَثِيرٍ مِنْ حَقِيقَتِهَا، وَهُوَ الْفُوبْيَا. وبِالنَّظَرِ إلى الْحَالَةِ الّتِي تَمُرُ بِهَا أُمَّتُنَا الإسلاميةِ والْأَحْدَاثِ التي شَهِدَهَ العالمُ الإسلاميُ مُؤَخَّراً، فَإِنَّهُ فِي وَاقِعِ الْأَمْرِ يُنِيطُ بِالْمُسْلِمِينَ وِبِمُفَكِّرِيهِم وَعُقَلَائِهِمْ مَسْؤُولِيَّاتٍ جِسَاماً، وَيَفْرِضُ عِليْهِم حَالَةً مِن النَّفِيرِ الثَّقَافِيِّ وَالْعِلْمِيِ وَالْإِعْلَامِيِّ، وَتَحْرُّرِهِمْ مِنْ دَوْرِ الضَّحِيَّةِ، وَمن التَّعَلُّقِ الزَّائِدِ بِفِكْرَةِ “الْمُؤَامَرَةِ” التي تُلْقِي بِأَسْبَابِ تَخَلُّفِهِم وَإِخْفَاقِهِمْ الحَضَارِيِّ عَلى الآخَرِين، لِتَنْهَضَ بِهِم فِي اقْتِدَارٍ وَعَزِيمَةٍ إلى ابْتِدَارِ جَادَّةِ الإِصْلَاحِ الذَّاتِيِّ أَوَّلاً، مِن خِلَالِ الْوَفَاءِ الْحَقِيقَي لِذِمَامِ الإسلامِ وَقِيَمِ القُرآنِ وَكَرَامَةِ الإنْسَانِ، مِن قَبْلِ الاهْتِمَامِ بِكَسْبِ اسْتِحْسَانِ الآخَرينَ أَوْ مُحَاكَاتِهْم فِي طَرَائِقِ التَّفْكِيرِ والْمَعَاشِ. ولا مَحِيدَ فِي هَذَا السِّيَاقِ عن تَبَنِّي بَعْضِ الخُطُواتِ العِلْمِيةِ فِي تَحْجِيمِ ظَاهِرَةِ “الإسلام فوبيا” والْحَدِّ مِن شُيُوعِهَا، وَمِنْ ذَلكَ:

1- تَسْخِيرُ عَدَدٍ مِنْ وَسَائِلِ الإعْلَامِ بِشَتَّى صُوَرِهِ وَتَوْظِيفِ كُلِّ الوَسَائِلِ التي مِنْ شَأْنِهَا التَّأثِيرُ فِي عَقْلِيَةِ الْمُتَلَقْي الْغَرْبِيِّ، وَتَصْوِيبِ رُؤْيَتِهِ الْمُنْحَرِفَةِ حَوْلَ جَوْهَرِ الإسْلَام وَرُقِيِّ مَبَادِئِهِ وَحَضَارَةِ وِجْهَتِهِ.

2- إِنْشَاءُ مَرْصَدٍ لِجَمْعِ وَمُتَابَعَةِ وَتَحْلِيلِ الْمَعْلُومَاتِ وَالْأَفْكَارِ التي تَتَنَاوَلُ الإسلامَ وَحَضَارَتَهُ بِالتَّشْوِيهِ والتَّحْرِيفِ بِالتَّنْسِيقِ مَع الْمُؤَسَّسَاتِ الإسلاميةِ وَأَرْبَابِ الْفِكْرِ وَالْقَلَمِ.

3- تَعْزِيزُ الانْفِتَاحِ عَلى الْمُؤَسَّسَاتِ الْغَرْبِيَةِ الْوَاعِيَةِ والنَّزِيهَةِ، إِفَادَةً واسْتِفَادَةً.

4- تَوْظِيفُ السِّيَاحَةِ الثَّقَافِيَّةِ في تَصْحِيحِ الْأَفْكَارِ الغَالِطَةِ وَالْمُوْرُوثَاتِ الْوَاهِمَةِ حَوْلَ الإسلامِ وَشَرِيعَتِهِ لَدَى أَبْنَاءِ الْمُجْتَمَعَاتِ الْغَرْبِيَّةِ.

5- الْحَدُّ مِن لَهْجَةِ الانْفِعَالِ والتَّشَنُّجِ في الخِطَابِ الإسلاميِّ، لِما تُفَوِّتُهُ مِن فُرَصٍ كُبْرَى لِخِدْمَةِ الإسلامِ، وَالْكَشْفِ عَنْ مَذْخُورِ فَضَائِلِهِ وخَصَائِصِهِ.

6- التَّوْكِيدُ على أنَّ الْحِفَاظَ عَلَى الْهَوِيَّةِ الإسلاميةِ لَا يَتِمُّ مِن خِلَالِ العُزْلَةِ بَلْ قَد تَتَوَلَّدُ عن ذلك عُقَدٌ نَفْسِيَةٌ تُذْكِي التَّعَصُّبِ وَتُكَرِّسُ الانْغِلَاقَ، وَتَقْتُلُ كُلَّ فُرْصَةٍ لَأَرْيَحِيَةِ العَمَلِ الدَّعَوُيِّ الرَّشِيدِ بالْحِكْمَةِ والْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ،

فَإنَّ الحِفَاظَ عَلَى الْهَوُيَّةِ الإسلاميةِ يَتَدَعَّمُ بِإِيجَادِ صِيغَةٍ عَادِلَةٍ للشَّرَاكَةِ الاجْتِمَاعِيَةِ مَع الْمُجْتَمَعَاتِ الغَرْبِيَّةِ، تَتَّسِقُ وَرُوحَ الإسلامِ وَمَقَاصِدَهُ الْحَضَارِيَّةَ وتَوْجُّهَاتِهِ الْعَالَمِيَّة، وذَاكَ أَنَّ هَذِهِ الشَّرَاكَةَ الاجتماعيَّةَ، بِقَدْرِ مَا تُتِيحُ فُرْصَةَ مَعْرِفَةِ الآخَرِ فِي وَعيٍ وَجِدِيَّةِ، فَإِنَّهَا تُتِيحُ كَذَلِكَ فُرْصَةً حقيقيةً لِمُرَاجَعَةِ الذَّاتِ واكْتِشَافِ مَدَى وَفَائِهَا لِمَسْؤُولِيَاتِهَا الإنسانيةِ، والحقيقةُ هِيَ أنَّ مُرَاجَعَةَ الذَّاتِ تَحْتَاجُ إلى الوَسَطِ الْمُتَنَوِّعِ أَكْثَرَ مِن احِتِيَاجِهَا إلى الوَسَطِ الْمُتَجَانِسِ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13].و أَخِيراً وَلَيْسَ آخِراً فَإِنِّ أَدْعُوكُمْ لِلتَّعَاوُنِ وَالْعَمَلِ الْمُشْتَرَكِ لِتَحْجِيمِ ظاهرة “الإسلام فوبيا” والحَدِّ مِن شُيُوعِهَا؛

ذكرى المولد النبوي 1442ه-2020م {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}

احتفاءٌ واحتفالٌ يقول الله في محكم التنزيل:{ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (58)}سورة يونس

اقتضاء الأمر يفيد الوجوب واللزوم..ولا أجلّ ولا أعظم من الفرح بمولد الهادي البشير ,الرحمة للعالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم..فرحٌ يعكس البهجة على العالم الإسلامي تباهيا بنبيها.سرورٌ يبرهن الوفاء والصدق للعالم أجمعين بالصادق الأمين الذي نقل العالم من الظلمات إلى النور..احتفاءٌ بالمبشِّر المبشَّر رحمة في الدنيا وشفيعا في الآخرة.وهذا الفرح والسرور والاحتفاءمن خلال التخلّق بأخلاقه والتحلّي بصفاته والاهتداء بهديه والتمسك بسنته والمحبة بطاعته والانطباع بإنسانيته صلى الله عليه وسلم .لذلك فإن الاستاذ الباحث في علم النفس والدراسات الإسلامية يبارك للعالم أجمع والإسلام خصوصا بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم داعيا أن يمنّ الله عليهم بحسن الاقتداء وكشف البلاء وصرف الوباء وجميل الوحدة واللقاء..كل عام وأنتم بالرحمة منيرون فرحون خيّرون..

من جميل ما قرأت عن محمد صلوات ربي وسلامه عليه

فتذكر أن محمداً صعد إلى السماء السابعة ووصل إلى سدرة المنتهى واقترب حيث لم يقترب مخلوقٌ من قبل، ولما عاد إلى الأرض كان في خدمة أهله.كان يحلب شاته، ويخصف نعله، ويأتي العبد يطلب أن يتوسط له عند سيده فيفعل، وتأتي الجارية الصغيرة تجره من يده ليشفع لها عند أهلها فيمضي معها.صعد إلى السماء السابعة وبقي يأكل في صحن واحد مع المساكين، ويركب بغله، ويأمر جيشه ألا يقطعوا شجراً، ولا يقتلوا طفلاً ولا إمرأة ، وأن يتركوا الرهبان في أديرتهم هم وما يعبدون…كان كبيراً قبل أن يصعد ، وظل كبيراً بعد أن نزل.

 كلمة وزير الشؤون الإسلامية الماليزي, في الاجتماع الرابع عشر لعام ٢٠٢٠ لمجلس حكماء المسلمين.

فضيلة الإمام الأكبر صاحب المعالي، فخامة العلماء أعضاء المجلس الموقرين، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

إنه لشرف لي الانضمام إلى مجلسكم الموقر، والالتحاق بركب حكمتكم، وإنه ليسعدني العمل معكم في سبيل خدمة الأمة، ونشر قيم السلام، وترسيخ مبادئ التعايش السلمي بين أبناء الأخوة الإنسانية.معالي فخامة العلماء من بقاع الارض قاطبة..

أصحاب الوجاهة والسماحة،فإنني وقفت على جانب من المؤتمرات والفعاليات المقامة من أجل السلام. وكلنا يعلم أن لكل مؤتمر سلبياته وإيجابياته، وفطنت إلى أهم سلبية فيها وجدتها عدم التكلم بواقعية والركون للمثالية..

فارتأيت التكلم بواقعية وكلنا يعلم ارتهان العالم وحاجته للسلام.وكيف أن أعداء الدين من أصحاب إسلام فوبيا وغيرهم يرمون إلى إبعاد الناس عن ساح السلام والتواؤم معه علما أن الفطرة تنشده ولكن تكاثر الأعداء عندما استكان أبناء الحضارة التليدة في التواني عن دينهم..

ونحن نعلم بمقتضى قول الله “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون” وفحوى قوله: “أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير”ولا ننسى من خلال ذلك الدعوة الإخبارية التأكيدية استحضار قول الله: “والله يدعوكم إلى دار السلام” وقوله جل في علاه: “ادخلوا في السلام كافة” إخبار وإقرار فحواهما وماهيتهما سلامٌ وأمانا وطمأنينة واستقرار عن طريق قوله:” وجادلهم بالتي هي أحسن” لأن الذي بينهما العداوة كأنهما أولياء شرط الصبر والحكمة لأنه من أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا..وأود أن أكد إلى أننا في ماليزيا نبارك جهود المجلس المباركة في نشر السلام، وترسيخ مفهوم التعايش، وإننا معكم قلبا وقالبا في كل ما تنتهجونه وتقرونه، ونحن نشد على أيديكم ونتمنى منكم استمرار عقد الندوات والاجتماعات بين أبناء المجلس وذلك للنظر في النوازل المستجدة، وتحقيقا لمفهوم التعايش السلمي ونشر السلام.وتعريج حديثي عما نشر في فرنسا يدل على أصحابها لا على نقص في إسلامنا أو ثلمٍ في معتقدنا فكل من يقابل الدين من أهل الملل والمذاهب يعلم ذلك ويوقن.فياأيها الأحبة هيا إلى سلام منشود وعودٍ مطلوب وميثاق موعود بيننا لنعمم السلام ونحبب بالإسلام.إسلام الرحمة المهداة.. إسلام محمد صلى الله عليه وسلم كما أنزل على محمد وآله وأصحابه فبنوا لنا إرثا خالدا ماجدا.وأخيرا، فنحن في أشد الحاجة الآن إلى أن نتَّحِد ونتعاون لتحقيقِ السلام الإلهي، الذي يضمَنُ لهذه الأمة حقَّها، ويحفظ لها كرامتها وحريتها.وذلك أن الأمة المُجزَّأة المُفكَّكة التي تسعى إلى تحقيق المكسب الذاتي، وتُضحِّي بالصالح العامِّ وحقوق رعاياها – لن تصنع سلامًا وأمنًا، بل تصنع حروبًا وفسادًا وهلاكًا، وفي النهاية فناءً محققًا؛ فالأمة الواحدة هي أمةُ السلام والهيمنة والخير والقداسة والحضارة، ولهذا قرن الله سبحانه وتعالى بين هذه الأمة وبين عبادته؛ كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 92].

في مسألة المخير والسير، التساؤل عن حرية الإنسان تساؤل لا ينتهي..

ومازلت أجد من يستوقفني في الطريق ويسألني .. هل الإنسان مخير أم مسير ؟؟!!

والذين يقرءون أكثر تساؤلا من الذين لا يقرءون .

والقضية أزلية ولا ينتهي الكلام فيها ولا ينتهي الفضول إلى كشف أسرارها لأنها مرتبطة بحقيقة الإنسان ولغز القدر .

وعمدة الحكم في نظري هو ما يشعر به الإنسان في أعماقه .

فتلك الشهادة التي تأتي من الأعماق هي برهان لا يعدله برهان وحجة لا تقف أمامها حجة .

والإنسان يشعر بالفعل في أعماقه أنه يختار في كل لحظة بين عدة بدائل .. وأنه ينتقي ويرجح ويفاضل ويوازن ويتخير .. وهو يحاسب نفسه ويحاسب الآخرين .. ويفرح إذا أصاب، ويندم إذا أخطأ .. وكلها شواهد على أننا نتصرف انطلاقًا من بداهة مؤكدة بأننا أحرار مسئولون .

ونحن نرى يد السجان تمتد إلى سجينه فيضطهده في لقمته ويضربه ويعذبه ويعقله من قدميه ويقهره على الهتاف باسمه قسرًا ويرغمه على التوقيع على ما لم يرتكب .
ولكن هل نراه يستطيع مهما استخدم من وسائل الإرهاب أن يجعل هذا السجين يحبه من قلبه قهرا .. ؟!

لا ..

هنا تقف كل وسائل الإكراه عاجزة .

وسوف يظل هذا السجين حتى الموت حرًا فيما يحب ويكره ..

حرًا فيما ينوي ويضمر .. لا يستطيع أحد أن يقتحم عليه غرفة ضميره ..

حتى الشيطان لا يستطيع أن يدخل قلبك إلا إذا فتحت له الباب وصادف إغراؤه هوى قلبك، ولكنه لن يستطيع أن يحملك على ما تكره مهما بلغت رسائله .

وذلك شاهد آخر على أن الله أعتق القلب وأعتق الضمير من كل وسائل الضغط والإكراه .

الإختيار إذاًَ حقيقة .. وحرية القلب حقيقة .. وحرية النية حقيقة .

والسؤال هو عن مدى هذا الاختيار وحدوده ؟

وكيف نزداد حرية ؟

ومَنْ هو أكثرنا حرية ؟

ثم كيف تكون هناك حرية مع مشيئة الرب وكيف تتفق هذه الثنائية مع عقيدتنا في التوحيد ؟

تلك هي علامات الإستفهام .

ورغم قهر الظروف وكثرة الضوابط و الموانع التى تحد حرية الانسان هنا و هناك إلا أن الإنسان تبقى له مساحة يتحرك فيها و يختار .. و تتسع هذه المساحة كلما اتسع علمه .

و قد أجاب الغزالى على هذا التساؤل الأزلي بكلمات فقال :

إن الإنسان مخير فيما يعلم مسير فيما لا يعلم .. أى أنه يزداد حرية كلما ازداد علما .

و قد رأينا مصداق هذا الكلام فى حياتنا العصرية و شاهدنا الإنسان الذى تزود بعلوم البخار و الكهرباء و الذرة يتجول فى الفضاء بالطائرات و الأقمار و يهزم الحَر و البرد و يُسخر قوانين البيئة و رأينا مساحة حريته تزداد و مجال تأثيره يتضاعف .

و قرأنا فى القرآن عن الذى عنده علم من الكتاب و كيف نقل عرش بلقيس فى طرفة عين .

و قرأنا كيف أحيا عيسى الموتى بسلطان من ربه .

و قرأنا كيف عرج محمد عليه الصلاة و السلام بمدد من الله إلى السموات و كيف جاوز سدرة المنتهى و بلغ مقام قاب قوسين أو أدنى من ربه .

و ذلك هو مجال الحرية الذى يزداد كلما ازداد علم صاحبه و الذى يبلغ أعلى المقامات بالعلم الربانى اللدني و بالمدد الإلهي الإحساني .

فالحرية حقيقة .

والإختيار حقيقة .

والناس متفاوتون فى هذه الحرية بتفاوت علمهم و تفاوت مقاماتهم قربا و بعدا من الله لأن هذه الحرية لا تأتي إلا بالله و من الله .

فالعلم منه و السلطان منه و النفخة التى نقلتنا من جمادية الطين إلى إنسانية الإنسان هى نفخته الربانية و التطلع إلى الحرية فطرة ضمن الفِطَر التى فطرها الله فينا .

و كل إنسان مفطور على اختيار الأحسن من وجهة نظره .

فأما الواحد من عوام الناس فيختار نفسه و مصلحته و شهوته لأنه يرى بنظره القريب أن نفسه هى الأحسن بين جميع الاختيارات .

و أما العارف بالله فهو لا يختار إلا الله لأنه يرى بنظره البعيد أن الله هو الأحسن بين جميع الاختيارات و هو باختياره لربه يخرج عن نفسه و عن اختياراتها و يُسلم إرادته لاختيارات الله له و ذلك هو منهج الطاعة .

و هو بخروجه من نفسه يخرج من المخالفة إلى الموافقة و من الثنائية إلى التوحيد و من المعاندة إلى الانسياب مع الله فى كافة أحواله و تقلباته .

فإذا وقع فى المعصية فإنه لا يصلح أن يقول : إن الله قدرها عليه لأن الله لا يختار لنا إلا شريعته و لا يحب لنا إلا طاعته و هو العارف صاحب الدعوى الذى ادعى أنه خرج من إرادته إلى إرادة ربه .. فهو إن عصى فإن معصيته تشهد على كذب دعواه و أنه مازال عند نفسه لم يبرح .

بل إن العارف الحق بخروجه من نفسه يخرج من منطقة الاختيار كلها و يدخل منطقة الإسلام .. الإسلام لله و للمشيئة الإلهية .. فهو يجتهد فى عمله لأن الله أحب له الاجتهاد و لكنه لا يحزن لخسارة و لا يفرح لنجاح و لا ييأس على فشل لأنه فوض النتائج إلى الله و ارتضى أحكامه بلا جدل .

و بخروجه من منطقة الاختيار يخرج أيضا من المساءلة و ترفع عنه المحاسبة فيكون ممن يوفى لهم أجرهم بغير حساب .

و تلك هى سنة الفرقة الناجية .. خروج من اختيار النفس إلى اختيار الرب .. و تبرؤ من الحول و الطول .. و إسقاط للتدبير .

يقول الصوفى النفرى إلهاما عن ربه :

يا عبدى أَلق الاختيار أُلق المساءلة البتة .

فأهل التفويض و التوكل هم أهل الجنة بالتزكية لأنهم أسقطوا اختيارهم و عاشوا وفق الإرادة الإلهية .

أما أهل الإختيار فهم واقفون عند نفوسهم يتخيرون بين حظوظهم و قد وكلوا أمرهم إلى عقولهم التى تخطىء و تصيب .. فوضعوا أنفسهم مع أهل المساءلة .

فمن يختار يُسأل .

و من أسقط الاختيار و أسقط التدبير لا يعود هناك مجال لمساءلته فمثله لا تقع فى حقه معصية لأنه أسقط مشيئته ضمن ما أسقط من اختيارات .

و شاهد إسقاط التدبير فى حق العارف هو كماله فلا يكون مع الله إلا الكمل .. و لا يصح الإدعاء بأنك مع الله و شواهد أعمالك تدل على أنك مع هواك و شهواتك فتلك تكون حجة الله عليك بأنك كذّاب .

و لهذا لا يترك الله المؤمنين العارفين الذين يدّعون أنهم من أهله و خاصته دون أن يبتليهم و يفتنهم .. فتلك دعوى عريضة لا يصح أن تفوت دون امتحان .

” أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون .. و لقد فتنا الذين من قبلهم .. فليعلمن الله الذين صدقوا و ليعلمن الكاذبين ” ( 2 – العنكبوت )

و العجيب أن الملحدين و أهل الفكر المادى يقولون بالجبر و الحتمية ثم نرى جميع تصرفاتهم أبعد ما تكون عن هذا الاعتقاد و كان المفروض لو كانوا صادقين فى دعواهم بعدم جدوى الحرية الفردية أن يسلموا هذه الحرية لربهم المزعوم ( المادية الجدلية ) و لكن ما يحدث دائما هو العكس فنرى تاريخهم تاريخا دمويا لجبابرة الحكم الفردي .. ستالين .. لينين .. منجستو .. و ما منهم إلا و يقول : .. أنا ..
و ما منهم إلا مدّعٍ يتصور أنه يصنع التاريخ .. و ينسى الواحد منهم أنه قال منذ لحظات أن المادية التاريخية هى التى صنعت له وعيه و عقله و موقفه .

فإذا كانت المادية التاريخية هى التى أفرزت الفن و الفكر و الدين و الوعى فكيف بك يا صاحبى تعود فتدّعى لنفسك أنك تصنع التاريخ و أنت أحد مصنوعات هذا التاريخ .. إلا أن تكون قد عدت فناقضت نفسك و تصورت لإرادتك علوا على التاريخ المادى بما يشفع لها أن تعود فتصنع التاريخ من جديد .

و إذا كان للإرادة الإنسانية علو على التاريخ .. فذلك هو سبق الفكر على المادة الذى تنكرونه فى أ ب فلسفاتكم .

فهذا أنتم قد تصورتم أنكم وضعتم الهرم على قاعدته ثم عدتم فقلبتموه على سنامه .

و هؤلاء هم أهل الضلال البعيد .

أما الوجوديون و العبثيون من أهل الحياة مع الهوى و اللحظة فهؤلاء يقولون أنهم اختاروا نفوسهم فالحياة الحقة عندهم هى أن تكون نفسك .. لا تعبأ بعرف أو تقليد أو دين أو أخلاق و إنما تعيش لحظتك كما تحب و تهوى فأنت لا تملك غير لحظتك و اللحظة التى تمضى لا تعود .

و الحق أن كلا منهم قد اختار حيوانه و أطاع غريزته و أسلم لنزواته و استلهم فكرته .. فهو الآخر عبد و إن يتصور أنه حر .. عبد لآلهة كثيرة تتجاذبه و تتقاسمه .. ثم أنه هو و آلهته عبيد لله دون أن يدرى .. فالكل منه و إليه .

” قل كل من عند الله ” .

و الكون بنواميسه و ما فيه من جمال و فن و فكر و حب و قوانين مادية جدلية و نظريات عبثية ووجودية و أفكار فوضوية .. هو كون مخلوق لله .. و هو مظهر من مظاهر التجلى الإلهى و المشيئة الإلهية .. فلا شيء فى الكون يخرج عن مشيئة الله و إن خرجت بعض الأشياء عن رضاه .

و الكل مسلم لله طوعًا أو كرهًا .

و إنما كل الفارق هو فارق بين عارف و جاهل .

فالعارف أدرك الحقيقة فأسلم باختياره و خرج عن نفسه طوعا و حبا و كرامة و انضوى تحت المشيئة بكليته راضيا سعيدا .

و الجاهل تصور أنه ليس عبدا لأحد .. و أنه لا مشيئة لأحد عليه و أنه اختار نفسه ( و هو ما اختار إلا حيوانه ) .

و الحق أنه هو الآخر عبد خاضع دون أن يدرى .. و إنما هو خاضع بالكرباج منساق بالعصا يتصور أنه يسير إلى الأمام و هو يدور فى ساقية و على عينيه عصابة كالثور يكدح لبطنه و شهواته .

و قد أخرجه جهله و عناده من القرب إلى البعد .

و لأهل البعد النار و لأهل القرب الجنة .

و إنما تكون الجنة مكافأة لعارف عَرف .

و لا حرية إلا لعارف .

و لا حرية إلا بالله و من الله .

و لا تأتى الحرية إلا خلعة من الله .

إنما تأتى حرية العرف من أنه اختار ربه فخلع الله عليه حريته و صفاته فأصبح العبد الربانى الذى يرى ببصر الله و يسمع بسمع الله و يحيا بحياته و تلك هى الحرية القصوى التى يحرك بها العارف الجبال و التى أسرى بها محمد عليه الصلاة و السلام إلى المسجد الأقصى و عرج إلى السموات و جاوز المنتهى .. و التى أحيا بها عيسى الميت .

أما التحرر بمعنى التمرد على الشرائع و عصيان الأمر الإلهى و استباحة الأعراف الخلقية فهو مثل السباحة ضد التيار نهايتها الإنهاك و التعب ثم الغرق .

و كيف يكون الإضراب عن الطعام و الشراب و التنفس حرية .. و هل تكون إلا حرية الموت أو حرية القضاء على الحرية .

و كيف يكون اتباع الشهوات حرية و الشهوات ذاتها عبودية و قيد و كيف تزداد حرية بدخولك فى جاكتة جبس و خضوعك لحيوانك .. !

إنما التحرر لا يكون إلا خروجا من النفس و ضروراتها و استعلاء على هواها و شهواتها .

و العارف الذى خرج من نفسه و اختار ربه هو بالمعنى العميق قد اختار حقيقته فهو ما خرج إلا عن نفسه الحيوانية الأمارة و تلك نفس دونية طينية حكمها حكم الجسد .

أما حقيقة كل إنسان فهى نفسه العلوية الملكوتية التى هى على مثال النفخة الربانية التى أودعها الله فى الجسم .

و هى المثال الذى خلقه الله فى أحسن تقويم فى المبدأ الأول .

و العارف باختياره لربه قد اختار نفسه الحقيقية ( النفس المثال التى خلقها الله فى أحسن تقويم ) .

” لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين ” ( 4 – التين )

و لقد ردنا الله إلى أسفل سافلين حينما أودع هذه النفس العلية فى الحشوة الطينية و ابتلاها بالشهوات و الحيوانية .. و تلك هى حياتنا الدون التى نحياها .. و لكن العارف بخروجه من هذه النفس الحيوانية يسترد الأولى و يعيش نفسه الحقيقية و يكتشف نسبة الروحانى باعتباره نفخة من الله و هو بهذا يختار أصله و حقيقته . يختار ربه .

إنه إذاً أعلى درجات الاختيار و إن كان فى الظاهر خروجا من الاختيار و إسقاطا للتدبير .


و حرية العبد بهذه الصورة لا تتنافى مع التوحيد .. فما أخذ العبد حريته إلا من الله و ما جاءت حريته فى أن يشاء إلا بمشيئة إلهية و دستور إلهى .. فقد أرادنا الله أحرارا .. و لم نغتصب نحن هذه الحرية من الله اختلاسا .

” و ما تشاءون إلا أن يشاء الله ” . ( 30 – الإنسان )

ثم إن الله حينما قضى علينا قضاءه المسجل فى كتابه فإنما قضى على كل إنسان قضاء من جنس قلبه و من جنس ضميره و من جنس نيته .. من أراد حرث الدنيا مهد له فيها و من أراد حرث الآخرة هداه إليها .

” من كان يريد حرث الآخرة نزد له فى حرثه و من كان يريد حرث الدنيا نؤته منها ” . ( 20 – الشورى )

” إن يعلم الله فى قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ” .

( 70 – الأنفال )

” فأما من أعطى و اتقى و صدق بالحسنى فسنيسره لليسرى و أما من بخل و استغنى و كذب بالحسنى فسنيسره للعسرى ” .

( من 4 إلى 10 – الليل )

” فى قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ” 10 – البقرة .

” و الذين اهتدوا زادهم هدى ” . 17 – محمد

تأتى التيسيرات دائما من جنس النية .. فلا ثنائية و لا تضاد بين اختيار الرب و اختيار العبد .. و إنما الإرادتان تلتقيان فى خط واحد و إرادة واحدة .. الله يسيرك إلى عين اختيارك و يختار لك من جنس نيتك .. لا تناقض و لا ضدية .

و مراد الله بهذا أن يخرج المكتوم فى القلوب .

” و الله مخرج ما كنتم تكتمون ” .. ( 72 – البقرة )

ليتم الغرض من الدنيا كدار ابتلاء و امتحان .

و يظل الله هو الحاكم الأحد بلا شبهة شريك .. فلا حرية إلا به و لا تيسير و لا تمكين إلا بإذنه .

أما خارجا عن الله .. فلا حرية و لا حياة و لا قدرة :

فما سوى الله نار

و ما سوى الله ظلمة

و ما سوى الله قيد

و سبحان الذى أسرى بعبده

فلا سريان لنا إلا على جناحه

و لا نفاذ من أقطار السموات و الأرض إلا بسلطانه .

و لا حرية إلا به

و لا نور إلا بنوره .

و هذا الاعتراف هو عين الإسلام .

و هو عين شهادة أن لا إله إلا الله .

أى لا حاكمية و لا سلطان إلا له .. تقدست أعتابه عن الند و الضد و الصاحبة و الولد و الشريك و الشبيه
د. مصطفى محمود رحمه الله
القرآن كائن حي

الرسومات الكاريكاتورية المسيئة لنبي الإسلام محمد صلوات ربي وسلامه عليه

الضربات الموقظة…
عندما يضرب الإسلام في أصوله الكبرى وعقائده الكلية، وشعائره المختلفة من طرف الملاحدة وأعداء الدين الإسلامي من جميع الطوائف والملل والنحل، ماذا يحدث؟ ، يحدث أمر عظيم لو تفطن له الناقمون على الإسلام لرضوا بالصمت والمداهنة من فعلهم ذلك، ذلك أن هذا الطعن في أصول الإسلام وشرائعه من أي وجهة كانت يوقظ الضمائر، ويحيي القلوب، ويرشد الغافلين من أبناء الإسلام إلى أقرب المسالك إلى الحق ، وذلك ببيان ما الواجب عمله؟، ومن هو العدو الحقيقي..؟ “إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا، فمهل الكافرين أمهلهم رويدا”. صدق الله العظيم.

بلاد الأنوار زعموا..!
أخبرونا أن العلمانية تقوم على احترام الآخر والتعايش معه.. لكن في فرنسا العلمانية تعني احترام كل الآخر إلا المسلم.. فيمكن احتقار دينه والسخرية من نبيه صلى الله عليه وسلم..!
فلسفة الأنوار.. هذي..!
ربما لا يعرف كثير من الغرب عقيدة المسلمين في نبيهم صلى الله عليه وسلم.. لا يعرفون أن محبته ركن أصيل من هذا الاعتقاد..!
ربما لا يعرفون أن التاريخ احتفظ في مزبلته بذكر سيء مقرون باللعنة لكل الذين شتموه وسبوه.. من عصابات المشركين في مكة والطائف ثم المنافقين واليهود في المدينة.. ولم تزده سخريتهم إلا علوا وسؤددا ومجدا وكثرة في التابعين والمؤمنين..!
حصلة هذي.. إن كففتم عن الإسلام انتشر وانساب في القلوب.. وإن هاجمتموه انتشر وتدفق في العقول..!
التعايش بين الملل والأديان يقوم على احترام ارادات الناس في الاعتقاد والإيمان.. والكف عن اهانتهم المستمرة وتمزيق مشاعرهم بندوب لا تندمل..!
اذا كان الغرب حريصا على احترام السود والهنود واليهود والشواذ والسحاقيات.. ولا يقبل اهانتهم.. فما باله يصر على إذاية المسلمين..؟
أتذكر أن دولة عربية غضبت غضبا شديدا لأن دولة عربية أخرى سخر جمهورها في مدرجات مباراة رياضية من أحد قادتها.. وتطور الأمر إلى أزمة بين البلدين..!
المهم:
أحد الأصدقاء كان ينوي شراء سيارة من نوع رونو.. فلما علم بسخرية فرنسا من النبي صلى الله عليه وسلم.. أقسم ألا يشتري سيارة من هذه العلامة الفرنسية.. سير ع الله!
الصورة:
نشرت مؤسسة حكومية صورة كاريكاتورية للسخرية من النبي صلى الله عليه وسلم.. إمعانا في حرية التعبير.. زعموا..!

✍ أقسى الألم..!
ليس أقسى على القلب في هذا الزمن الذي بلغنا فيه قاع المذلة والمهانة من أقوام منا يسخرون من ألمنا، ويسفهون غضبنا.. يروننا ضحايا نُجلد مرات ومرات، فيكممون أفواهنا ليمنعونا حتى من صرخة الألم.. يبررون كل الإهانات التي تصب فوق رؤوسنا، ويحملوننا وزرها، ويقمعوننا إذا أنّ لنا قلب أو سال دمع.. !
مجرد الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة أمر مدان عندهم.. مجرد الغيرة والحرقة لما يتعرض له مقامه الشريف أمر مستقبح لديهم.. وكل ما يفعله الآخر فينا من مظالم حرية تعبير مقدسة لا حق لنا في نقدها أو مواجهتها..
ليس أقسى على القلب من أقوام يغضبون لإهانة أناس من فصائلهم السياسية أو النقابية أو الفكرية أو العائلية.. ويقيمون الدنيا ولا يقعدونها.. وهم كألواح ثلج ميتة أمام السخرية من المقام النبوي الشريف..!
كبرت أصنامهم في قلوبهم.. يؤمنون بها اكثر من إيمانهم بالنبي صلى الله عليه وسلم.. ويغارون عليها أكثر من غيرتهم على رسولهم صلى الله عليه وسلم..
لو رأى أحدهم طيف إشارة، أو سمع ربع كلمة في إهانة أبيه أو ابنه.. لأرغى وأزبد.. ورفع عقيرته بالصراخ والعويل.. ولنهج نهج من يسعى لرد الاعتبار.. وهذا حقه.. لكن أين رائحة هذه الغيرة نحو النبي صلى الله عليه وسلم.. وهو احب إلينا من آبائنا وأمهاتنا وولدنا والخلق جميعا..!
📍يا هؤلاء:
أما سمعتم الحديث الصريح: ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين..).
📍يا هؤلاء:
إن محمدا صلى الله عليه وسلم ليس نبي طائفة أو جماعة أو تيار.. إنه نبيكم.. ونبي الناس أجمعين..عجبا.. هل ترون نصرته تفريطا في إيديولوجياتكم واختياراتكم الفكرية..؟ هل تخافون من تهمة الانتماء إلى الإسلام..؟
إن صدق الانتساب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسائل كل مسلم على وجه الأرض.. عن حركة قلبه هذه الأيام الصعبة.. إن لم تألم لما يقع، فاعلم أن لك قلبا أمرضته الدنيا وأهواؤها.. أمرضه التعلق بالخواء الفاني.. أمرضه سوء ترتيب الانتماءات.. أمرضه تقديس أصنام جديدة.. أمرضته الحسابات الضيقة التافهة..!
📍يا هؤلاء:
إن كل هذا الوخز المتتابع – على ما فيه من ألم وعناء- سيحرك الجثة الهامدة، وسيوقظ الهمم الراقدة.. فنحن أمة تمرض طويلا.. لكنها بإذن الله لا تموت.. وإن غدا لناظره قريب.. وليس بعد حلكة هذا الظلام إلا فجر يوشك على الانبلاج..!
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. ولا عزاء للشانئين وأتباعهم التافهين إلى يوم الدين..!

جلال اعويطا: مشحال خايبة تكون محلل ومافاهم تا وزة .. حجم الوعي الذي وصل إليه المغاربة ماغاديش تمر عليه مثل هذه التدوينات ديال الاستاذ يونس .. غادي نشرح بالخشيبات كالعادة حتى تعلموا حجم التضليل الذي يُمارسه هؤلاء:

أولاً: قضية الاساءة للنبي صلى الله عليه وسلم في فرنسا ليست اليوم قضية إساءة صادرة عن اشخاص أو جرائد أو مجلات بل هو فعل ترعاه الرئاسة الفرنسية وتدافع عنه بمبرر العلمانية.

ثانياً: المشكل ليس في حرية الافراد في انتقاد الاسلام بل في دفاع المؤسسات الحكومية الفرنسية عن الإساءة واستغلال حدث شاذ لتمرير هاذ كمية الحقد الكبيرة على شخص محمد عليه الصلاة والسلام.

ثالثاً: المقاطعة هي رد فعل شعبي ضد المؤسسات الفرنسية الرسمية .. دخل لتويتر وضرب طلة على تغريدات المغاربة بمختلف توجهاتهم حتى تعلم جيداً من تُخاطب.

رابعاً: الامر لايتعلق “بمصطي” بل برئيس الجمهورية الفرنسية الذي خرج في عدة خطابات مسجلة بالصوت والصورة ويُمكنك مراجعتها على اليوتوب يُدافع عن الاساءة للنبي محمد وللاسلام بل ويُشجع ويدعو إلى ممارسة الإساءة بلا أدنى مبررات غير الاسطوانات المشروخة !

خامساً: تركيا لا علاقة لها بموضوع المقاطعة اليوم .. وإن رجعت شويا للتاريخ فمثلاً: عندما تمت المقاطعة سنة 2007 للمنتجات الدنماركية بسبب استهزاء جرائد دنماركية بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام وعندما خرج الملايين في الشوارع ضد الاساءة لم تكن حين ذلك تركيا هي من تدعو لذلك بل ردة فعل شعبية طبيعية ضد اهانة مقدسات المسلمين.

سادساً: لا أنت لا غيرك من يُحدد المصالح العليا للبلاد .. المملكة المغربية لها مؤسساتها وهي التي تعرف حقيقةً مصالحها العليا ولم تعطي لأحد الكلمة للتحدث نيابة عنها .. هاذ الهدة ديال الاسواق را مخداماش، المصالح العليا والاقتصاد والتخويف من المستقبل وكذا ..

سابعاً: للي زمر كاع هو الذي يريد تمرير مثل هذه المغالطات في 2020.

ثامنا: الدفاع عن رسول الله عليه الصلاة والسلام والانتصار له من أجلِّ العبادات وأعظمها .. وهي توفيق من الله ووسام عظيم لا تتشرف به كل الصدور.

تاسعاً: الاستاذ المحترم يونس نحن هنا نناقش تدوينتك بإحترام وأدب في إطار الحوار وكذا .. عاوتاني تبقاو تقولو هاجموني وكذا.

الدلائل العقلية التي يقوم عليها الإيمان بالله

لِمَ قد نحتاج لأدلة عقلية على وجود الله
وأصل ذلك: أن الواقع يشهد بتلوث بعض الفطر؛ لذلك نحتاج الدلائل العقلية لرد الإنسان إلى فطرته، وترسيخ ما يتعلق بها، إذ أننا بحاجة إلى التذكير بهذه المعرفة الفطرية وإزاحة الغبار عنها، مع التأكيد على أننا لسنا بصدد إحداثها، إذ أنها أمور حاصلة في النفس-كما بيَّنا-ابتداءً. كما أنَّ البعض لا يكفيه فقط هذه الدلائل الفطرية على وجود الخالق، فمن أجل هذا أرسل الله الرُسل وأيَّدهم بالأدلة على صدق دعواهم.

«رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا»[1]

الدلائل العقلية على وجود الله
وفي هذا السياق لا بد من التنبيه على خطورة الاستدلال بالأدلة الخاطئة أو الضعيفة أو غير المحررة؛ لأن هذا النوع من الأدلة لا ينفع الحق، وإنما يضعف من جانبه، فالمخالفون للحق، سيركزون أنظارهم على هذا النوع من الأدلة، ويعرضون عن الأدلة المستقيمة الصالحة، والحق لا يحتاج في انتصاره إلى كثرة الأدلة بقدر ما يحتاج إلى قوة الأدلة وتماسكها وانضباطها.[2]

«فدليل واحد صحيح المقدمات سليم عن المعارضة خير من عشرين دليلًا مقدماتها ضعيفة»[3]

وسنذكر هنا أهمَّ وأقوى دليلين يعتمدهما المسلمون للتدليل العقلي على وجود الله-دليل الخلق والإيجاد، ودليل الإحكام والإتقان-:

دليل الخلق والإيجاد
يقوم هذا الدليل على الاستدلال بحدوث الكون بعد أن لم يكن على ضرورة وجود خالق عليم أحدث هذا الكون، فالكون حَدَثٌ من الأحداث، فلا بد له مِن مُحدِث يقوم بإحداثه وفعله وإيجاده من العدم.

مقدامات هذا الدليل
الكون حادث من العدم ليس قديمًا.
كل حادِثٍ لا بد له مِن مُحدِث، أو كل ما له بداية فلا بد له من سبب.
إثبات المقدمة الأولى (الكون حادث من العدم ليس قديمًا)
تقول المقدمة الأولى «الكون حادث من العدم ليس قديمًا»، ومعنى تلك المقدمة أن هذا الكون الذي نراه بجميع مكوناته من بشر ونبات وحيوان وأنهار وجبال… ليس قديمًا أزليًّا، بل له بداية لوجوده، خُلق فيها وانتقل بموجبها من العدم إلى الوجود.

ولتدليل على صحة هذه المقدِّمة-والتي يُدركها الإنسان أصلًا-فنحن بحاجة إلى إثبات حدوث بعض مكونات الكون المعلومة بالمشاهدة الحسية، ومن ثمَّ الاستدلال على هذا الحدوث بحدوث الكون كاملًا، وحينها نستدل بهذا الحدوث على وجود خالق لهذا الكون.

يقول أبو سليمان الخطابي: «فمن أوضح الدلالة على معرفة الله سبحانه وتعالى-على أن للخلق صانعًا ومدبرًا-أن الإنسان إذا فكر في نفسه رآها مدبرة، وعلى أحوال شتى مصرفة، كان نطفة ثم علقة، ثم مضغة؛ ثم عظامًا، ولحمًا، فيعلم أنه لا ينقل نفسه من حال النقص إلى حال الكمال، لأنه لا يقدر أن يحدث في الحال الأفضل، التي هي حال كمال عقله، وبلوغ أشده عضوًا من الأعضاء، ولا يمكنه أن يزيد من جوارحه جارحة، فيدله ذلك على أنه في وقت نقصه، وأوان ضعفه عن فعل ذلك أعجز؛ وقد يرى نفسه شابًّا، ثم كهلًا ثم شيخًا، وهو لم ينقل نفسه من حال الشباب والقوة إلى حال الشيخوخة والهرم، ولا اختاره لنفسه، ولا في وسعه أن يزايل حال المشيب ويراجع قوة الشباب، فيعلم بذلك أنه ليس هو الذي فعل هذه الأفعال بنفسه؛ وأن له صانعًا صنعه، وناقلًا نقله من حال إلى حال، ولولا ذلك لم تتبدل أحواله بلا ناقل ولا مدبر.»[4]

Embed from Getty Images

ومع تطور العلوم التجريبية لم يزدد المسلمون إلَّا إيمانًا بصدق تصورهم ومعتقدهم، إذ أثبتت تلك العلوم في عدد من الاكتشافات الحديثة أن الكون حادِثٌ بعد أن لم يكن، وسنتناول باختصار بعض هذه النظريات ودلالتها القوية على حدوث الكون بعد أن كان عدمًا.

نظرية الانفجار الكبير
وأقوى هذه النظريات وأكثرها دلالة على حدوث الكون، وأكثرها حظوة وحضورًا في المجال العلمي هي نظرية الانفجار العظيم، والتي تثبت ضرورة وجود بداية للكون، يقول العالم الفلكي الشهير ستيف هاكنغ: «إن إدوين هابل أجرى سنة 1929م مشاهدة تعد علامة طريق هي أنك حيثما وجهت بصرك، تجد المجرات البعيدة تتحرك بسرعة بعيدا عنا. وبكلمات أخرى فإن الكون يتمدد. ويعني هذا أن الأشياء كانت في الأوقات السالفة أكثر اقترابا معًا. والحقيقة أنه يبدو أنه كان ثمة وقت منذ حوالي عشرة أو عشرين ألف مليون سنة، حيث كانت الأشياء كلها في نفس المكان بالضبط، وبالتالي فإن كثافة الكون وقتها كانت لا متناهية. وهذا الاكتشاف هو الذي أتى في النهاية بمسألة بداية الكون إلى دنيا العلم»[5]

Embed from Getty Images

والأقوال في هذا كثيرة والأدلة العلمية أكثر من أن تُحصى، ولكن سنشير إلى بعض المصادر لمن أراد أن يطلع على المزيد من الدلائل على هذه الحقيقة:

ستيفن هوكنج، موجز تاريخ الزمان.
كريسي موريسون، الله يتجلى في عصر العلم (العلم يدعو إلى الإيمان).
أدلة وجود الله عز وجل– دليل الحدوث – (1/4)
هارون يحيى، خلق الكون من العدم والانفجار الكوني الكبير.
م. عبد الله العجيري، شموع النهار.
د. سلطان العميري، ظاهرة نقد الدين في الفكر الغربي الحديث.
إثبات المقدمة الثانية (كل حادِثٍ لا بد له مِن مُحدِث، أو كل ما له بداية فلا بد له من سبب.)
تقول المقدمة الثانية: «كل حادِثٍ لا بد له مِن مُحدِث، أو كل ما له بداية فلا بد له من سبب»، وهذه المقدمة من المبادئ العقلية الضرورية، والتي لا يُفضَّلُ الخوض كثيرًا في إثباتها، إذْ أنها حاصلة في النفس من غير توسط نظر ولا استدلال. فمن ذا الذي يُنكر أنَّ هناك حدثًا يُمكن حدوثه بلا سبب، أو أنَّه يمكن ترجيح أمرٍ على أمرٍ دونما سبب للترجيح؟!

دليل النظم والإحكام
وهو دليل سهل قريب المأخذ، إذ يعتمد في إثباته على ما نشاهده في الكون من إحكام وإتقان، يمكننا وفقًا للمبادئ العقلية الضرورية إلى القول بضرورة وجود خالق أوجد هذا الإتقان وصمم الكون ليُلائم الحياة ويكون على هذا النحو، ولا بُدَّ لذلك الخالق أن يتصف بالعلم والحكمة والقدرة.

مقدمات الدليل:
الكون مُحكمٌ مُتقَن في خلقته.
الإتقان والإحكام لا بد له من فاعل. (وطريقة إثباتها هي ذات الطريقة التي اتبعنا في إثبات كل حادِثٍ لا بد له مِن مُحدِث)
إثبات المقدمة الأولى (الكون مُحكمٌ مُتقَن في خلقته.)
تقول المقدمة الأولى: «الكون مُحكمٌ مُتقَن في خلقته.»، وتعني أن الكون رُكِّب وعُدِّل في صورة معقدة يصعب اختزالها إلى مكونات أولية، فحتى أبسط مكونات الكون فهي تحمل في ذاتها قدرًا من الإتقان يستحيل اختزال إحداث هذا الإتقان ونسبته إلى الصدفة.

ويمكننا الاستدلال على ما في الكون من إحكام وإتقان من خلال اتجاهين: 1- ما نشاهده من صرامة وإتقان في الكون. 2- ما أثبتته العلوم الطبيعية من دقة الثوابت الكونية التي يؤدي أي تغير طفيف فيها إلى كوارث طبيعية.

دلائل المبادئ الحسية على الإتقان في الكون
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «إذا تأملت هيئة هذا العالم ببصرك، واعتبرتها بفكرك، وجدته كالبيت المبني المُعدّ فيه جميع ما يحتاج إليه ساكنه من آلة وعتاد، فالسماء مرفوعة كالسقف، والأرض مبسوطة كالبساط، والنجوم منضودة كالمصابيح، والجواهر مخزونة كالذخائر، وضروب النبات مهيأة للمطاعم والملابس والمآرب، وصنوف الحيوان مسخرة للمراكب، مستعملة في المرافق، والإنسان كالمُمَلّك البيت، المخول ما فيه. وفي هذا كله دلالة واضحة على أن العالم مخلوق بتدبير وتقدير ونظام وأن له صانعًا حكيمًا تام القدرة بالغ الحكمة»[6]

Embed from Getty Images

دلائل العلم التجريبي على ما في الكون من إحكام وإتقان
وليس أسهل من التدليل على هذا الباب، فالثوابت الكونية وما فيها من دقة متناهية تقف رادعة لكل من يحاول إن ينسب هذا الإحكام والإتقان إلى مجرد الصدفة، فلنبدأ أولًا بثابت الجاذبية (والذي يختلف عن عجلة الجاذبية)، والذي يبلغ G= 6.67408 × 10-11 m3 kg-1 s–2 فتغيير طفيف في هذه النسبة كفيل إلى أن يقلب حياتنا رأسًا على عقب.

فهو مسئول مع القوة الطاردة المركزية عن استمرار الكوكب في مداره لا يبعد ولا يقترب من الشمس، وكذلك سرعة دوران الكوكب حول الشمس، والتي تبلغ درجة حرارة سطحها-الفوتوسفير-حوالي 10000 فهرنهايت (أي ما يُعادل 5500 درجة سيليزيوس مئوية) فيما تبلغ درجة حرارة القلب حوالي 27 مليون درجة فهرنهايت (15 مليون درجة سيليزيوس مئوية)، وتِبعًا لهذا الإتقان تبعد الشمس عنَّا 149.6 مليون كيلومتر.[7]

فَلَكَ أن تتخيل ما سيُحدثه أي تغير طفيف في نسبة من هذه النسب! انتهيت من التخيل؟ اعلم أنَّ هناك من يعتقد بأن هذه الثوابت ما هي إلا مجرد أرقام نشأت نتيجة الصدفة!

«أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ»[8]

بعض المصادر لمن أراد أن يطلع على المزيد من الدلائل على هذه الحقيقة:

كريسي موريسون، العلم يدعو إلى الإيمان (الإنسان لا يقوم وحده).
بول ديفيز، الجائزة الكبرى لماذا الكون مناسبًا للحياة.
ومن ثَمَّ يمكننا التأكيد على أنَّ الإيمان بوجود الله ليس قضية عاطفية محضة، وليس إثباتنا لوجوده وكماله هو من باب سدِّ الفجوات كما يدعي الملحدون مُلوَّثي الفطرة، بل هو إيمانٌ قائم على أصولٍ وثوابتٍ ومقاصد.

استخلص المسلمون عددًا كبيرًا من البراهين والأدلة على وجود الله. نذكر منها باختصار هذه الأدلَّة:

♧♧♧♧◇♧◇◇◇◇◇♧♧♧♧♧♧♧♧

  1. أنَّ العالَم موجود بالفعل أمام حسِّنا ونظرنا، إذن لا بُدَّ من وجود إله له. فلكُلِّ حَدَثٍ مُحدِثٌ أحدثه؛ أيْ أنَّه إذا كان شيء موجودًا فلا بُدَّ له من مُوجِد. العقل الإنسانيّ لا يقبل إلا بهذا، فلا يرتكن إلى أنَّ شيئًا قد أُوجِدَ هكذا وحده. مثلًا: كلّ هذه المُدن والدول والعمران على الكرة الأرضية، هل وُجدتْ وحدها هكذا؟! أمْ أنَّ الإنسان قد بناها وعمَّرها؟.. بالقطع لا يصلح عقلًا تصوُّر أنَّها وُجدت هكذا وحدها بلا مُوجِد، لا يقبل العقل البشريّ هذا الفرض. لذلك كلُّ شيء حولنا هناك مَن أوجده. وبما أنَّ الكون موجود إذن فله خالق خلقه وأوجده.

ولعلَّ هذا الدليل هو نفسه الذي ورد في الأثر المشهور عندما سُئِلَ أعرابيٌّ لِمَ أنت مؤمن بالله؟ فقال: إنَّ البَعرة (مُخلَّفات الماشية) تدلّ على البعير، وإنَّ الأثر يدلّ على المَسير. وهنا نستخدم قياسًا منطقيًّا وأصوليًّا يُسمَّى “قياس الأعلى” أو “قياس الأَوْلَى”؛ فهو يقصد إذا كان مجرَّد رَوَث البهائم يدلُّنِي على أنَّها قد مرَّتْ، ومجرَّد الآثار على الأرض تدلُّني على أنَّ قافلة كانت هُنا؛ فلا بُدَّ لهذا الكون الهائل أنْ يدلَّني على وجود خالق بالأَوْلَى أيْ بالتصوُّر الأَوْلَى. ويُشبه هذا الدليل دليلًا يُسمَّى “برهان الحدوث” فإذا اعتبرنا أنَّ الكون حادث -أيْ ليس قديمًا- فلا بُدَّ له من مُحدِث.

  1. ولعلَّ سؤالًا يُراوِد العقل الآن؛ إذا كُنَّا نقول إنَّ “لكُلّ حدَثٍ مُحدِث”، و”لكُلّ وجود مُوجِد”؛ فمَن أوجد الله؟! ومَن خلقه؟! وبالقطع السؤال يُفسِد نفسَه بمُجرَّد قراءته: مَن خلق الله؟ لا إجابة عنه لسبب بسيط جدًّا هو أنَّ “الله” ليس مخلوقًا أصلًا لنبحث له عن خالق بل هو خالق كلّ شيء، و”الله” ليس موجودًا كبقيَّة الموجودات لنبحث له عن مُوجِد فالسؤال فاسد أصلاً وفرعًا..

وهذا يقودنا إلى الدليل الثاني الذي يعتمد على مبدأ “السببيَّة”؛ وهي أنَّ الكائنات وأفعالها التي على قيد الحياة -إنسانًا أو غيره- مُمكنة الحدوث. دعونا نشرح الأمر بمثال تبسيطيّ: مثلًا: أنتَ في يومك من المُمكن أنْ تذهب إلى العمل ومن المُمكن ألَّا تذهب، من المُمكن أنْ تشرب قهوة ومن المُمكن ألَّا تشرب، من المُمكن أنْ تُحادث صديقك ومن المُمكن ألَّا تُحادثه. كلُّ هذه تسمى “أحداثًا مُمكِنة الحدوث”.

والأحداث مُمكنة؛ بمعنى أنَّك مُمكن أنْ تفعلها، ومُمكن ألَّا تفعلها. فمَن أحدثها ومَن أمكَنَ حدوثَها؟ إنَّه قرارُك بإحداثها. فكذلك الكون نرى كلَّ ما فيه مُمكن الحدوث أيْ من المُمكن أنْ يقع ومن المُمكن ألَّا يقع، بدليل فنائه أمام أعيننا. وذلك يقودنا إلى أنَّ هناك مُرجِّحًا لهذا الكون هو مَن أحدث هذا المُمكن وجعله يحدث بإرادة مُنفردة منه وهو “الله”.

يجب أنْ تنتهي هذه المُمكنات إليه؛ حيث كانَ مُوجِدَها جميعًا، لكنَّه غير مُمكن الوجود، بل هو “واجب الوجود”؛ أيْ إنَّ وجوده ثابت له، غير آتٍ من أيّ سبب آخر، بل هو سبب في وجود كلّ هذه المُمكنات. وهو مُغايِر تمامًا لكلِّ المخلوقات؛ لذلك يستطيع أنْ يخلقها ويُحدثها، وأنْ يبثَّ فيها الحياة. لذا لا بُدَّ أنْ يكون قائمًا بذاته، لا يحتاج إلى مُوجِد، ووجوده لازمٌ وحتميٌّ، وهو مصدر كلّ هذه الموجودات المُمكنة. هذا الواجب هو “الله”. وهذا برهان يسمى بـ”برهان الواجب والممكن”.

  1. الكون بموجوداته يتحرَّك، بل هو في حركة دائمة. إنَّ كلَّ ما في الكون يتحرَّك، في حركة دائمة حتى الموت. الإنسان يُولَد -وهذه حركة- ويتحرَّك حتى الموت. وكذلك النبات والحيوان، والجمادات، والأفلاك. كلّ شيء في الكون يتحرَّك حتى يأتي وقتٌ فيقف عن الحركة. ثُمَّ يبدأ نظيرٌ له بالتحرُّك أيضًا. مليارات العناصر تُولَد وتتحرك وتموت في الكون كلَّ يوم.

ولا بُدَّ لهذه الحركة من مُحرِّك، لا بُدَّ لها من بدء، من قوة تحرِّكها ابتداءً وتُباشر هذه الحركة الدائبة. العقل لا يقبل فكرة أنَّ شيئًا يتحرَّك وحده دون مُحرِّك. هذا المُحرِّك هو “الله”. وهذا يُسمى “برهان الحركة”.

وجود الله وجود الله.. كيف أثبته المسلمون بالعقل؟! 3

  1. يتصل بالدليل السابق وجوب فعل “الموت” بكلّ الكائنات التي تحيط بنا، وبالقطع كلّ البشر. يكون هذا الموت في صورة ذهاب الرُّوح في الكائنات التي بها رُوح، ويكون في صورة البلاء والفناء -أيْ أنْ يبلى الشيء وتزول صفته وتتحلَّل مكوناته- في الجمادات التي تخلو من الرُّوح.

يدلّ هذا الموت الذي يلحق كلّ الكائنات عقلاً أنَّ هناك مُؤقِّتًا لهذا الموت يضع له ميقاته المُعيَّن المُحدَّد، وهناك واهب حياة هو الذي يقدر على سلبها كما وهبها. هذا المُدبِّر المُؤقِّت هو وحده الذي لا يموت ولا يفنى. فضلاً عن أنَّ وجود الموت نفسه يشير إلى أنَّ للإنسان مهمة ولكلّ مخلوق يدركه الموت مهمة خُلق من الأصل ليقوم بها.

  1. وهنا يتأمل المفكرون في الكون فيجدون أنَّه مُرتَّب مُنظَّم تمامًا. وأنَّ ترتيبه وتنظيمه لا بُدَّ يدلُّ على وجود مُرتِّب ومُنظِّم له، قام بهذا الترتيب والتنظيم. فلا يمكن تصوُّر التنظيم بلا مُنظِّم وضع هذا النظام، وهو يقوم على شئونه. فمثلًا: إذا دخلتَ غرفتك فوجدتها مُرتَّبةً مُنظَّمةً، وقد تركتَها على غير هذا الوضع. لا تتعجب ولا يثيرك هذا؛ لأنَّك تعرف أنَّ لك أمًّا أو زوجةً أو أخًا أو.. قد صنع هذا. لذلك عندما نرى الكون مُرتَّبًا مُنظَّمًا لا بُدَّ أنْ نعرف أنَّ هناك سببًا لترتيبه؛ هو “الله” .. وهذا “برهان الترتيب”.
  2. ولكنْ إذا أمعنَّا النظر إلى هذا الترتيب في الكون سنجد عنايةً خاصةً بالإنسان عن باقي الكائنات. فالإنسان خُلق وهو ضعيف هزيل. ولكن خُلقتْ له غريزة أمومة وأبوُّة في أبوَيْه يشدُّان -مدفوعَيْن بتلك الغريزة- من أزره حتى يقوى، وخُلق معه العقل الذي يستخدمه ليسخِّر العالَم ويفهمه. وخُلقت الكائنات في دوراتها المختلفة لتؤدي لهذا الإنسان أدوارًا عدةً في حياته تساعده على معيشته. فكلُّ ما يحتاجه في الكون موجود، بل الإنسان مُهيَّأ لاستغلاله في صالحه؛ وكأنَّ الكون يدور حوله وحول فكرة وجوده هنا على الأرض.

ولا بُدَّ أنْ يكون هناك مُدبِّر مُعتنٍ بالإنسان قد وضع هذا التصوُّر الذي يراه الإنسان بأمّ عينه صباح مساء. مُدبِّر جعل في الأرض خليفة هو “الإنسان”. هذا المُدبِّر هو “الله”. وهذا دليل يسمى “برهان العناية الإلهيَّة”. وهو من أكثر الأدلة التي اعتمد عليها المفكرون المسلمون.

وهناك براهين أخرى اعتمد عليها المفكرون ليثبتوا وجود “الله“؛ مثل: “الوحدة والكثرة”، “المادة والصورة”، “الاختراع”، “التناسل”. لكنها تفريعات على هذه البراهين السابقة.

ولعلَّنا نجد تلك الأدلَّة منطبقةً على تصوُّر “الله” -تعالى- في الكون، بل مجموعها يقود إلى الكلمات القرآنيَّة: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) يخلُفُهُ بمعرفته، وإيمانه به، وعبادته إيَّاه.. فسبحان مَن بيده المُلك.

هذا هو محمد البسيط المتواضع ..

و رأيته في بيته يغسل ثوبه و يرقع بردته و يحلب شاته و يخصف نعله ..

و رأيته يأكل مع الخادم و يعود المريض و يعطي المحتاج ..

و رأيته و هو يصلي و حفدته يتسلقون ظهره و هو ساجد فيتركهم حتى إذا وقف حملهم و استمر في صلاته .

كان الحنان و الحب مجسدا ..

أحب الإنسان و الحيوان .. حتى النبات حنا عليه فكان يوصي بالشجر ألا يقطع .
حتى الجماد شمله بالحب فكان يقول عن جبل أحد .. ” هذا جبل يحبنا و نحبه “

حتى تراب الأرض كان يمسح به وجهه متوضئا في حب و هو يقول “تمسحوا بالأرض فإنها بكم برة “

هذا هو العظيم الذي كان يكره التعظيم و كان يقول لأصحابه حينما يقفون له .. ” لا تقوموا لي كما تقوم الأعاجم يعظمون ملوكهم “

و كان الكريم الذي وصفه أصحابه بأنه ينفق في سخاء من لا يخشى الفقر أبدا ..
لم يحدث أنه أدخر درهما ..
و قد مات كما هو معلوم و درعه مرهونة عند يهودي .

و عاش لم يشبع قط .. و لم يذق خبز الشعير يومين متتالين .. و مع ذلك لم يكن يرفض الهدية تأتيه بالشهي من المأكل و الناعم من الملبس و لكنه يرفض أن يسعى لهذا العيش اللين أو يفكر فيه أو ينشغل به .. و لهذا كان يربي نفسه و يروضها على الفقر و الجوع و القصد في المطالب و الرغبات ، ليكون المثل و القدوة لما أراده الإسلام ..

دين الإعتدال و التوسط .. فلا رهبانية و قتل للنفس .. و لا تهالك و إطلاق للشهوات .. و إنما توسط و اعتدال .

د : مصطفى محمود رحمه الله
كتاب / الطريق إلى الكعبة

حرية المرأة و الحياء، بين الجذب والتنافر..

الحياء زينة المرأة التي يجب أن تتزين به ؛ فمن فقدت حياءها فقد فقدت كل شيء وأصبحت فريسة لأهل الإغواء وأصحاب الهوى يفترسونها متى يشاءون ويبثون لها السموم متى أرادوا ولهذا رأينا في بادىء الأمر أن حياء المرأة وتمسكها كان حائلا كبيرا أمام دعوات التحرر و السفور الآتية من الخارج والتي وجدت صعوبة بالغة في إغواء النساء المسلمات وتغلغل الأفكار الهدّامة بينهم فما كان إلا أن استقطبوا بعض النساء التافهات راغبي التحرر عديمى الحياء فربوهم وعلموهم تلك الأفكار الخبيثة ثم أطلقوهم بين المسلمات ويسروا لهم كل العقبات وأمدوهم بما يحتاجون من الأموال والحاجات فخرجوا في الندوات والمؤتمرات وعلى الشاشات وكتبوا في الصحف والمجلات وبدأوا يقودوا حملة واسعة لتحرير المسلمات ووضعوا لها عنوانا جذّابا فسموها ” حقوق المرأة وحريتها ” وهو عنوان حق أريد به باطل ولكن للأسف أن هذه الدعوات وما استتبعها من برامج وأفكار بدأت تتغلغل بين النساء المسلمات حتى أصبحنا نرى جزء ليس بالقليل وقد اختلطت أفكارهم وساءت أخلاقهم وفقدوا حيائهم فأصبحوا جزءا من تلك الحملة التي تستهدف ضرب الإسلام من خلال تحرير المرأة من تعاليم دينها ألم تعرفي أختاه أنهم قالوا : ” لن تستقيم حالة الشرق ما لم يرفع الحجاب عن وجه المرأة ويغطى به القرآن ” وقالوا ” ليس هناك طريق لهدم الإسلام أقصر مسافة من خروج المرأة سافرة متبرجة ” وقالوا

مزقي يا ابنة العراق الحجابا *** وأسفري فالحياة تبغي انقلابا
مزقيه وأحرقيه بلا ريث *** فقـد كان حارسـا كـذابـا

وهذا هو مكمن الخطر الذي يجب أن نحذره ونُحذر منه المسلمات .
إن الحياء يا أختاه هو تاج فوق رأسك يجب ألا تتخلي عنه ولا تقبلي في يوم من الأيام أن تخلعيه مهما كانت الأغراءات ومهما كانت الظروف والأحداث فكما علمت أن أعداء الأمة لا يريدون خلع الحجاب أو النقاب وإنما يريدون أيضا وفي المقام الأول نزع الحياء من القلوب ولذا فإنه من الواجب علينا أن نستمسك بالحياء ونحافظ عليه حتى نكيد أعداء الله فالحياء لا يأتي إلا بخير كما قال صلى الله عليه وسلم ” الحياء لا يأتي إلا بخير ” ” الحياء خير كله ”

ومن خيره أنه يحافظ على الأمة ويحميها من كيد أعداءها الذين يبغون الفساد وانتشار الشهوات وتسهيل قضاء النزوات ولهذا فإن المسلمة التي تريد الخير لها ولأمتها عليها أن تعيش بالحياء وتحافظ عليه وتسعى إلى نشره بين المسلمين وتضرب المثل والقدوة الحسنة في ذلك حتى يعم الخير ويزداد .

إن ما نراه اليوم من سوء أدب وقلة حياء إنما ينم عن ضعف في الأيمان فالنبي صلى الله عليه وسلم قال ” الحياء والأيمان قرناء فإن ذهب أحدهما ذهب الآخر ” ،

كما أن الحياء شعبة من شعب الأيمان كما قال صلى الله عليه وسلم ” الأيمان بضع وسبعون _ أو بضع وستون شعبة – أفضلها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الأيمان ” ، ولقد مر النبي صلى الله عليه وسلم على رجل وهو يعظ أخاه في الحياء فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ” دعه فإن الحياء من الأيمان ” ، فالأيمان يدعوا إلى الحياء ويرغب فيه كما أن الحياء طريق للأيمان وشعبة من شعبه ولهذا لما ضعف الأيمان في نفوس بعض المسلمات رأينا قلة الحياء تطفح على كلماتهم وسلوكياتهم وأخلاقهم فانظر إلى حالهم في الطرقات والمواصلات وفي المدارس والمعاهد والجامعات وفي الأندية والمنتزهات وداخل المنازل وعلى الشاشات وفي الصحف والمجلات والأعلانات ستجد أننا أمام ظاهرة تستدعى الوقوف معها ودراسة أسبابها فتلك المرأة التي تصاحب أجنبي عنها وتجلس معه في الجامعة أو المنتزه أو تسير معه في الطرقات أو تسافر معه هنا وهناك.. إنها ” عديمة الحياء ” … أو تلك المرأة التي تسمع منها تلك الضحكات الرنانة والكلمات البذيئة في المواصلات والطرق والمنتزهات.. إنها ” عديمة الحياء ” … أو تلك المرأة التي تجلس مع قريناتها يتسامرون ويتحدثون في أشياء تخدش حياء الرجل فضلا عن حياء المرأة .. إنها ” عديمة الحياء ” … أو تلك المرأة التي تختلط بالرجال اختلاطا محرما بل وتسعى إلى ذلك الأختلاط ولا تحاول تجنبه .. إنها ” عديمة الحياء ” … أو تلك المرأة التي تتزين وتلبس ثيابا غير شرعي فيه من السفور والتبرج ما فيه .. إنها ” عديمة الحياء ” … أو تلك المرأة التي تفرح بمعاكسة الآخرين لها لتشعر بإنوثتها أو التي تظهر خصيلات من شعرها لتبرز جمالها وليعلم الناس جمال شعرها ونعومته ونضارته .. إنها ” عديمة الحياء ” … أو تلك المرأة التي تشاهد الصور العارية والأفلام الخليعة وتقلب صفحات المجلات الماجنة والجرائد ومواقع الأنترنت بحثا عن أخبار التافهين والتافهات ورغبة في التحدث إلى أصحاب القلوب المريضة والنفوس الأمارة بالسوء .. إنها ” عديمة الحياء ” … أو تلك المرأة التي تخرج إلى الشواطىء وتنزع عنها الكثير من لباسها بدعوى التنزه والترفيه .. إنها ” عديمة الحياء ” … أو تلك المرأة التي تلتقط خيوط الكلام لتتحدث مع الرجال وتضحك معهم .. إنها ” عديمة الحياء ” … إنها صور كثيرة تعبر عن قلة الحياء وكلنا عنده من الأمثلة والمواقف والحكايات ما يدمي القلب ويعبر عما ذكرناه بل ويزيد عنه .
إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن حال هؤلاء وعن سبب تلك الأفعال فيقول صلى الله عليه وسلم في الحديث ” إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستحي فافعل ما تشاء “

ففقد الحياء يستدعي أن يصنع المرء ما يشاء كما أن الفعل الذي لا يستحي المرء من فعله يصنعه ويُقدم عليه وكلاهما معنيان ذكرهما أهل العلم لهذا الحديث وعليه فإن المرأة التي ضاع حياؤها وصار مفقودا وغائبا عن حياتها ستجدها تفعل ماتشاء كما رأينا في بعض الصور التي ذكرناها ، وقديما قال الشاعر :

إذا لم تخشى عاقبة الليـالي *** ولم تستحي فاصنع ما تشـاء
فلا والله مافي العيش خـير *** ولا الدنيا إذا ذهب الحيــاء
يعيش المرء ما استحيا بخير *** ويبقى العود ما بقي اللحــاء

إن ما قيل هنا ما هو إلا دعو صادقة للمرأة المسلمة الطاهرة النقية التي تحب دينها وترغب في عزته وتخشى من عذاب ربها وترجوا الثواب والنعيم فإننا ندعوها وغيرها إلى أن ترجع إلى الحياء ولتتعلم من ابنة شعيب التي ضربت المثل والقدوة في الحياء حتى استحقت أن يحكى عنها القرآن ويخلد قصتها إلى يوم القيامة وكل امرأة حالها كحال ابنة شعيب فكأنما هي التي حكى عنها القرآن فالله يقول :

( فجاءته أحداهما تمشي على استحياء قالت …… ) ” سورة القصص ” ، والقصة ببساطة أن نبي الله موسى عليه السلام رأى فتاتين يريدان السقيا ولكنهما يتأخران حتى لا يختلطا بالرجال فما كان منه إلا أن تقدم وسقى لهما وهذه من مرؤة الرجال التي قلما أن تجدها في زمان المادية والشهوات وبعد ذلك تولى إلى الظل فما كان من أبيهما بعد أن عرف قصته وما فعله من الخير لأبنتيه إلا أن أرسل إليه ليشكره فجاءت الفتاة الطاهرة الفاضلة العفيفة تمشي في غير تبذل ولا إغواء وإنما تمشي على استحياء فالمشية كانت على استحياء والقول والحديث على استحياء فبعض أهل العلم يقرؤن (فجاءته أحداهما تمشي على استحياء …. )

والبعض يبدأ مرة أخرى فيقرأ ( على استحياء قالت … ) فسبحان من زين تلك الفتاة بالحياء وخلد ذكرها إلى يوم القيامة .

وفي النهاية فإن الحياء أختاه يجب أن يشمل كل سلوكياتكِ وأن يغمر حياتكِ كلها حتى تسعدي وتُسعدي من حولك فالمرأة ضعيفة الحياء هي تعيسة في واقع الأمر وتتعس من حولها بشقاءها وضلالها بل وتضر الأمة بأسرها فكم تعين على معصية وكم تمنع من طاعة وكم تضيع من أوقات الآخرين وكم تضعف من همم المؤمنين الذين يعز عليهم ما يرونه وما يسمعونه فكوني أختاه بحياءكِ معول بناء لا معول هدم.. هدانا الله وإياك إلى طريق الهدى والرشاد .

التشكيك وإنكار صحيح البخاري..

١-فكرة الطعن في البخاري وليدة وحديثة ولم يعرفها المسلمون الأوائل، بل منذ جمع البخاري صحيحة وحتى اليوم فلم يظهر عالم أو محدث واحد يقول إن في البخاري أحاديث مكذوبة!

٢-هذه التيارات الحديثة تستهدف البخاري بصفته على قمة الثبوت في الكتب النبوية، فإن سقط البخاري فبالتالي ما دونه يمكن إسقاطه بكل سهولة.

٣-المشايخ اليوم يدافعون عما استقرت الأمة عليه بالتواتر العملي، وهو وجود السنة ووجود مصنفات لها كالبخاري ومسلم والموطأ وغيرها..يدافعون عن أكثر من نصف تفاصيل الدين التي لن تستطيع معرفتها إذا أهملت ما قاله رسول الله بشأنها.

٤-التيارات التنويرية والعلمانية تحاول بشدة إقناع الناس بأن المرجع الرئيسي لداعش هو الحديث النبوي وعلى رأسه صحيح البخاري، فإنك كمسلم إذا أردت محاربة داعش فعليك بإنكار البخاري ثم إنكار السنة.

٥-الهدف في النهاية هو الطعن في القران، لأنه بنفس منطقهم فمخطوطة أبي بكر الصديق من القران غير موجودة، لكن القران الذي فيها تواتر نقله وتوفرت في كل جيل قضية الاتصال التي تنتفي معها فكرة التحريف والتبديل، وهذا ما تفتقده الأمم والمعتقدات الأخرى..

٦-مخطوطات صحيح البخاري التي نسخها المحدثون موجودة، وقد محص المسلمون كل ذلك منذ مئات السنين، وثبت بالتواتر أن هناك شيئا اسمه صحيح البخاري، فقد روى عن البخاري صحيحه وسمعه منه نحو تسعين ألفاً، ونسخوه وبقيت نسخه لليوم موجودة!
فكيف يدعى العلمانيون اليوم أن البخاري سنده منقطع بعدما سمعه الالاف ونسخوه وحفظوه؟

٧-الاعتبار أصلا في الحفظ هو بنقل البشر الثقات الأثبات سواء تمت الكتابة أم لا..فالكتابة ليست دليل صحة وثبوت إلا إذا انضم إليها السند المتصل الصحيح..أما مجرد الكتابة في حد ذاتها فليست شيئاً أصلاً لأنه يمكن أن آتيك بأي مخطوط تم اكتشافه اليوم وأقول لك: هذا مثلاً نسخة من القرآن، وعليك أن تقبله.

لكنك لن تقبله، لماذا؟ لأنه ليس هناك سند متصل يشهد لصحة نسبة هذا المخطوط لرسول الله وأصحابه!

٨-الأمم السابقة ليس لديها سند فلذلك دوماً عندما تظهر مخطوطةٌ لهم نطالبهم بالدليل على صحة سندها لأصحابها..وطبعاً غالبا ما يكون هذا الدليل مفقوداً..بينما نحن المسلمين فخورون بوجود الاتصال في السند جيلاً بعد جيل الذي به تثبت صحة نسبة المخطوطات لأصحابها.

٩-اختلاف الأئمة في بعض الأحاديث لا ينفي اتفاقهم على أن الحديث الصحيح دليل سواء كان آحاداً أم تواتراً..لذا تجد المحدثين من المذاهب الأربعة مقرون بصحة البخاري في الجملة..سواء كانوا مالكية أم حنابلة أم غير ذلك.

١٠-أخيراً لإخواني أبناء ملة الإسلام:
لا تجعلوا الغضب السياسي يقودكم لإنكار بعض الحقائق الإسلامية..يمكنك أن تتبنى ما يعجبك من الآراء السياسية لكن لا تسمح لها أن تبدأ بالتشكيك في ثوابت دينك التي لا توجد أمة واحدة على وجه الأرض تمتلك نفس المقومات التي تمتلكها الأمة الإسلامية للتثبت من الأخبار والرواة.

١-مجمل ما انتُقد على البخاري تقريباً ١٪؜ من الكتاب.

٢-وهذا الذي انتُقِدَ فإن الجماهير رجحوا فيه قول البخاري على غيره وقالوا إن الانتقاد ليس صحيحاً والحق مع البخاري.

٣-وهذا الذي انتُقِدَ ليس فيه شيء من الأحاديث التي لا تعجب التنويريين ويريدون تغييرها.

٤-وهذا الذي انتُقِدَ لا يجعل البخاري مجالاً لعبث العابثين، ف ١٪؜ لن يعطيك تبريراً للعبث في ال ٩٩٪؜..

٥-يريد التنويريون أن ينطلقوا من هذا المدخل إلى فكرة العبث في السنة طولاً وعرضاً، بحسب اهوائهم ونزواتهم..

احذروهم..حاربوا فكرَهم وارفضوه بالحجة والدليل والبرهان..فلا شيء أغلى من دينكم وثوابتكم.


والله من وراء القصد، وهو مولانا وحسبنا ونعم الوكيل…