هل العدالة الإجتماعية تتأسس على مبدأ التفاوت؟

مقالة بطريقة إستقصاء بالوضع حول العدالة الإجتماعية تتأسس على مبدأ التفاوت.
شعبة أداب وفلسفة {بكالوريا 2014-2017}
بالتوفيق والنجاح
نص السؤال يقال ׃ إن العدالة الاجتماعية لا تتحقق إلا من خلال احترام التفاوت الموجود بين الأفراد
دافع عن هذه الأطروحة
طرح المشكلة ׃
العدالة الاجتماعية أخذت مكانة بين المفكرين والفلاسفة منذ سقراط حتى العصر الحديث أي أن المجتمعات البشرية حاولت تحقيق العدالة وتجسيدها في أرض الواقع ولكن بقيت هذه الفكرة من المفاهيم التي لم تؤدي إلى وجود اجتماع بين المفكرين ورجال القانون فقد كانت الفكرة الشائعة لديهم هي أن المساواة هي أساس تحقيق العدالة الاجتماعية لكن هناك فكرة تناقضها وهي أن العدالة تقوم على مبدأ التفاوت أي يجب احترام الفوارق الموجودة بين الناس من اجل تحقيق العد ل فكيف يتسنى لنا الدفاع عن هذه الأطروحة ؟
وما هي الحجج والأدلة التي تؤكد صحة ذلك ·؟
محاولة حل المشكلة
عرض منطق الأطروحة ׃ يرى أنصار نظرية التفاوت الذين يقرون بأن الناس ولدوا غير متساوين ويحكمهم التباين والاختلاف ولقد ظهر هذا الرأي منذ القدم في المجتمعات البدائية وعلى رأسهم المجتمع الإغريقي مجتمع أثينا بالخصوص أو ما يسمى بالمجتمع الهرمي وتجلى ذلك التفاوت خاصة في رأي الفيلسوف اليوناني أفلاطون،

بأن العدالة الاجتماعية تتحقق إلا عن طريق احترام التفاوت الموجود بين الأفراد لأنه قانون الطبيعة البشرية فإذا كانت الطبيعة لم تعدل بين الناس وفرقت بينهم وجعلتهم غير مساويين فانه يجب أن نؤسس العدالة على هذا المبدأ و قد استندوا إلى مسلمات ثم أكدواها بحجج منها ׃
هناك تفاوت بين الناس في قدراتهم ومختلف مجالات الحياة لهذا فالتفاوت نوعان ׃
التفاوت الطبيعي وهو راجع لفروق فردية بين الناس في قدراتهم العقلية كالذكي والضعيف عقليا الغبي القوي الذاكرة الضعيف الذاكرة ومواهبهم الجسمية القوي الضعيف والتفاوت الاجتماعي وهو راجع لفروق بين الناس في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الرئيس والمرؤوس العالم والجاهل رب العمل والعامل حيث يقول أرسطو التفاوت هو قانون الطبيعة ونجد الفيلسوف اليوناني أفلاطون الذي قسم الناس في كتابه الجمهورية إلى ثلاثة طبقات؛

وهي طبقة الحكام وطبقة الجند وطبقة العبيد لان هناك اختلاف وفوارق بين الأفراد في القدرات والمواهب وعلى العدالة أن تحترم هذا التفاوت في توزيع الحقوق على الطبقات أما في الفلسفة الحديثة خاصة الألمانية نجد نيتشه الذي يرى بأن العدالة الحقيقية هي التي تستند إلى التفاوت الطبيعي الموجود بين الناس فالأسياد لهم حق الملكية والحكم وللعبيد واجب الطاعة والاحترام وخدمة الأسياد وفقط ·
عرض منطق الخصوم ونقدهم ׃ يرى البعض من الفلاسفة والمفكرين أن العدالة لا يمكنها التحقق ولا باستطاعتها أن تطبق إلا على أساس المساواة المطلقة بين الأشخاص ذلك لان الناس خلقوا متساوين وغير مختلفين في شيء ولقد برزت هذه الفكرة منذ الأزل وذلك في المجتمع الروماني المعروف عليه بأنه ظالم مستبد إذ أن حكام هذا الشعب نادوا بفكرة العدل والمساواة وأشادوا بها في خطاباتهم وأقوالهم ومن بينهم الحكيم شيشرون:

الذي يقول في هذا وليس شيء أشبه بشيء من الإنسان بالإنسان لنا جميعا عقل ولنا جميعا حواس وان اختلفنا في العلم فنحن متساوون في القدرة على التعلم ضف إلى ذلك إن مساواة الإنسان بأخيه الإنسان إعلان أتت به جميع الديانات السماوية وجعلته شعار الإنسانية المثلى فالعدل إذن عند أنصار المساواة لا يتحقق إلا في ظل الكرامة الإنسانية المتمتعة بكامل حقوقها باعتبارها شعور يملا النفوس ·
نقدهم ׃ بالفعل إن نظرية المساواة ساهمت بدور فعال في إزاحة مظاهر الجور والظلم وطغيان الإنسان على أخيه الإنسان لكنها لم تسلم من انتقادات فلاسفة آخرين بموجب إن اعتماد المساواة أمر لا يخلو من الظلم في حالة ما إذا سوينا بين المتساوين وغير المتساوين في الطبع والذكاء والإرادة وبعض الفعاليات العقلية والنفسية والكثير من الصفات المكتسبة عن طريق الوراثة.

ولقد قال احد النقاد إن مبادئ نظرية المساواة يعشقها الجميع ولكن حقا إن اتفق الجميع على تطبيقها فهم لا يقدرون على ذلك فالمساواة في حد ذاتها تنشر الشحناء والبغضاء وهذا دليل على أن الناس مختلفين ولا يحكمهم مبدأ المساواة لوحده بل هناك مبدأ آخر وهو مبدأ التفاوت·
الدفاع عن منطق الأطروحة بحجج شخصية ׃ يمكن تدعيم الأطروحة القائلة إن العدالة الاجتماعية لا تتحقق إلا من خلال احترام التفاوت الموجود بين الأفراد بحجج وأدلة أهمها ׃
يعتبر التفاوت من الأسس المتينة التي تقوم عليها العدالة الاجتماعية لان الله سبحانه وتعالى اوجد فروقا بين الناس ليكون هناك تكامل بينهم في الخدمات فالطبيب يكمل الفلاح وهذا الأخير يكمل الأستاذ…
كذلك مبدأ التفاوت مهم في تحقيق العدالة داخل المجتمعات لأنه يؤدي إلى التناقض بين الأفراد وبالتالي تحقيق التقدم وهذا ما أكده أنصار الفلسفة الرأسمالية وخاصة الفيلسوف الانجليزي أدم سميث الذي وضع النظرية الاقتصادية القائمة على أساس الحرية وبالتالي فهو يقر بالتفاوت وذلك لوجود طبقتين في المجتمع وهما الطبقة البرجوازية والطبقة الكادحة.

أما الطبيب الفرنسي الكسيس كارليل فيقول بدل أن نعمل على إزالة هذا التفاوت محكوم علينا أن نشجعه ففي هذا التشجيع التطور والازدهار ونجد كذلك في هذا السياق هيغلالذي يؤمن بفكرة الاختلاف والتفاوت لأنه يعتقد بان التفوق يجب أن يكون للجنس الأبيض حتى يسود الأمن والاستقرار في العالم وهذا التفوق هو للأمم القوية على حساب الأمم الضعيفة وبهذا فان التفاوت أمر طبيعي لا بد منه·
حل المشكلة ׃ نستنتج في الأخير أن الأطروحة القائلة التفاوت هو أساس تحقيق العدالة الاجتماعية صحيحة وصادقة ويمكن الأخذ بها وتبنيها لان الاختلاف في قدرات وكفاءات الأفراد يساعد العدالة على توزيع الحقوق والواجبات حسب هذه الفوارق·لة العدالة بطريقة إستقصاء بالوضع حول مبدأ التفاوت أساس تحقيق العدالة .
شعبة أداب وفلسفة
بكالوريا 2014-2017
بالتوفيق والنجاح

الكاتب: admin

ذ. بضاض محمد Pr. BADADE Med باحث في:علم النفس،علوم التربية،والعلوم الشرعية. خريج جامعة سيدي محمد بن عبد الله-كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز-فاس خريج جامعة مولاي اسماعيل-كلية الآداب والعلوم الإنسانية-مكناس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *