الوجود والعدم للفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر

ملخص وقراءة لكتاب الوجود والعدم

جان بول سارتر جان بول سارتر فيلسوف فرنسيٌّ يعتبر من أعظم فلاسفة المذهب الوجوديِّ والجدليَّة ومن أبرز الشخصيَّات الفرنسيَّة في القرن العشرين، ولدَ سارتر في باريس عام 1905م، كان سارتر كاتبًا مسرحيًّا وفيلسوفًا وناشطًا سياسيًّا فرنسيًّا مشهورًا، أثَّر في بعض المَجالات المعرفيَّة مثل علمِ الاجتماع والدراساتِ الأدبيَّة، وكان شخصيَّة بارزة في كلِّ من الفلسفةِ الوجوديَّة والفلسفةِ الظواهريَّة، ومن أشهر كتبه “الوجود والعدم”، فازَ بجائزة نوبل في الأدب عام 1964م لكنَّه رفضَها، لأنَّ الكاتب في رأيه لا يجِب أن يصبحَ مؤسَّسة، توفي عام 1980م بعد أن أصبحَ شبه أعمى وتعرَّض لوذمة رئوية،

الإنسان في الفلسفة وعن كتاب الوجود والعدم

الإنسان في الفلسفة وفق الكثير من الآراء الفلسفيَّة التي بُنيت على آراء الفلاسفة القدماء مثل أرسطو وأفلاطون فإنَّ الإنسان حيوان ناطق أو عاقل، فما يميِّز الإنسان هو العقل الذي يجعلُه مباشرةً ضمنَ إطار المسؤوليات والتكاليف. وقد تغيَّرت هذه النظرة كثيرًا في العصر الحديث فقامت الفلسفة الحديثة بعمل انقلابٍ هائلٍ في تعريف الإنسان، وتضمَّن هذا الانقلاب تقييم الأبعاد المعرفية والقدرات العقلية للإنسان. فلم تؤكد هذه الفلسفة على ما جاء به الفلاسفة القدماء من تصورات فلسفيَّة عن الإنسان كما أنَّها لم تعطِ الأبعاد العقلية أيَّ اعتبار وقامت بإهمال هذا الجانب العقلي واعتبرته مجرَّد قوى غريزيَّة لا شعوريَّة،

ومن أشهر الفلاسفة الذين قاموا بإخراج العقل من التصوُّرات الفلسفيَّة هو الفيلسوف الألماني الشهير نيتشه، الذي اعتبر العقل غريزة كباقي الغرائز التي تُبقي الإنسان على قيد الحياة وهذه وظيفته فقط وبذلك انتهى نيتشه إلى الدعوةِ بتغيير وظيفة العقل وتحويلها من معرفيَّة إلى وسيلةٍ لخدمة الغرائز. أمَّا في المذهب الوجودي فيؤمنُ الوجوديون بالوجودِ الإنسانيِّ قبل كلِّ شيء، ويتَّخذونه منطلقًا لكلِّ أفكارهم، ويعتقدون أنَّ الإنسانَ هو أقدمُ شيءٍ في الوجود، وكلُّ ما قبلَه كانَ عدمًا، ويعتقدون أنَّ وجود الإنسان سابِق لمَاهيَّته، ويقولونَ: “إنَّهم يعملونَ لإعادةِ الاعتبارِ الكليِّ للإنسان، ومراعاةِ تفكيرِه الشخصيِّ، وحريَّته، وغرائِزه، ومشاعِره”.

ويرى سارتر في كتاب الوجود والعدم أنَّ على الإنسان أن يخلقَ القيمة بنفسه وأن يرفضَ القيمة القديمة القائمة، فحياة الإنسان كما يعتقد مصنوعةٌ من المستقبل كما الأجسام مصنوعةٌ من الفراغ وفق تعبيره، لأنَّ وضع الإنسان في العالم يحدُّ من حرِّيته وعليه أن يقابل ذلك بمشروع، ومن اللا أخلاقي أن يرفض الإنسان هذا الخلق المستمر وأن يسترخي في ماضيه، وليس هناك جوهر متجمِّد عليه أن يحترمَه إنَّما هناك وجود جديد عليه أن يسوِّغه من دون انقطاع.

كتاب الوجود والعدم كتاب الوجود والعدم من أشهر كتب الفلسفة للفيلسوف الفرنسيِّ جان بول سارتر كتبه عام 1943م في الفلسفة الوجودية، فبعد أن كان سارتر أسيرَ حربٍ قرأ كتاب الوجود والزمان للفيلسوف هايدجر وقد ألهمه هذا الكتاب مساره الفكري وقد كتب الوجود والعدم بنفس الروح تقريبًا، هدف سارتر الرئيسي في الكتاب أن يؤكد على المعتقد الأساسي في الوجودية وهو أنَّ وجود الفرد -كما كان- قبل جوهر الفرد، وبمعنى آخر: الوجود يسبقُ الجوهر أو الماهيَّة، وكان اهتمامه مُنْصَبًّا أيضًا على إثبات وجود الإرادة الحرة.

وكان سارتر في كتاب الوجود والعدم يشكِّك دائمًا في أي مقياس يمكِّن الإنسان من الوصول إلى الاكتفاء، والإنسان في رأيه كائنٌ مدفوع برؤية الكمال وهذا ما يسمِّيه سارتر العلاقة الزوجيَّة وحرفيًّا الكائن الذي يسبب نفسَه، وذلك عند الولادة في الحقيقة المادية التي هي وجود المرء نفسه، فعند ذلك يجد المرءُ نفسه تلقائيًّا موضوعًا في الوجود، لأن الوعي لديه القدرة على تصوُّر الاحتمالات والإمكانيات وإظهارها أو القضاء عليها على حد تعبيره، ويدَّعي سارتر أنَّ الوجود البشري ما هو إلا لغزٌ يوجَدُ فيه كلُّ واحدٍ منَّا، طالما أنَّنا نعيش في ظلِّ حالةٍ عامَّة من العدم، ولذلك يعتبرُ كتاب الوجود والعدم من الكتب التأسيسيَّة في الفلسفة الوجوديَّة

الكينونة والعدم: بحث في الأنطولوجيا الفنومينولوجية (بالفرنسية: L’Être et le néant: Essai d’ontologie phénoménologique)، هو كتاب فلسفي للفيلسوف جان بول سارتر كتبه في عام 1943. يعتبر الكتاب من الكتب التأسيسية في الفلسفة الوجودية، حتى إنه يعرف بـ”إنجيل الوجوديّة”. ولذلك فإن هدف سارتر الرئيسي في الكتاب هو تأكيد المعتقد الرئيسي في الوجودية، وهو أن وجود المرء يسبق ماهيته (“الوجود يسبق الماهية”). اهتمام سارتر الأساسي في الكتاب كان إثبات وجود حرية الإرادة. بينما كان سجين حرب في عامي 1940 و1941، قرأ سارتر الوجود والزمان لهايدغر، وهو دراسة أونتولوجيّة من خلال نهج الفينموينولوجيا الهوسرلية (كان هوسرل معلّم هايدجر). قراءة “الوجود والزمان” ألهمت سارتر واستهلّت مساره الفكري، وقد كتب كتابه هذا على نفس المنوال كما يوحي العنوان.

لكن رغم تأثره بهايدجر، كان سارتر يشكّ بشدة في أي مقياس يمكّن الإنسان من الوصول إلى الاكتفاء، كما يحصل مع هايدجر عند الالتقاء المزعوم مع الوجود. في سرديّة سارتر، الإنسان كائن مدفوع برؤية للكمال، يسميه سارتر “كائنًا يسبب نفسه”. عند الولادة في الحقيقة الماديّة التي هي جسد المرء، يجد المرء نفسه موضوعًا في الوجود. للوعي القدرة على تصوير الإمكانيات، وإيجادها، أو إبادتها

الوجود عند سارتر هو العالم المادي المحسوس الذي يتحرك فيه الإنسان.

ولكن هناك عالم آخر وعالم العدم le neant وهو يقصد به ضمير الإنسان.

وتقول سيمون دي بوفوار أنها سمعت بكلمة الوجودية عندما سألها أحد الصحفيين قائلا (وأنت يا سيدتي هل أنتي أيضا وجودية

يرى. الفيلسوف سارتر أن المفهوم الرئيسي للوجودية هو أن وجود الشخص يسبق جوهره. العبارة “الوجود يسبق الجوهر” أصبحت لاحقًا شعارًا من شعارات التيار الوجودي. ببساطة، يعني هذا أنه ما من شيء يحدد شخصية المرء أو أهدافه إلخ، إنما الفرد وحده هو الذي يعرّف جوهره. حسب سارتر، فإن المرء “أولًا يوجد، يلقى نفسه، يندفع في العالم، ومن ثم يعرّف نفسه.”

إذًا، يرفض الفيلسوف سارتر الأعذار الحتمية، ويدّعي أنه على الكل تحمّل مسؤولية أفعالهم. يعرّف سارتر الجزع بأنه الشعور الذي يشعر به الشخص حينما يكتشف أنه مسؤول ليس عن نفسه فقط بل عن كل الإنسانية. الجزع يجعل الشخص يكتشف أن أفعاله تقود الإنسانية وتمكّنه من الحكم على الآخرين بناء على موقفهم من الحرية. الجزع يتعلّق أيضًا بمفهوم سارتر للأسى، والذي يعرّفه بأنه الاعتماد المتقفائل على مجموعة من الإمكانيات التي تجعل الأفعال ممكنة. يدّعي سارتر أنه “في تكويني نفسي، أكون الإنسان”، يعني أن فعل الفرد يؤثّر في ويكوّن الإنسانية.

يقوم أيضًا سارتر بالرد على ما يعتقد أنها تهم ضد الوجودية. فيردّ على من ينعت الوجوديّة بأنها فلسفة تشاؤمية، قائلًا: إن الفلسفة الوجودية فلسفة متفائلة لأنها في صميمها فلسفة تضع الإنسان مواجها لذاته، حرًا، يختار لنفسه مايشاء، وهذا أمر مزعج لا يعجب الناس.”

خلاصة

يمكن تلخيص رؤية سارتر للعلاقة بين الهوية والحرية بالطريقة التالية: للبشر هوية ولكنهم يتجاوزونها. نُعرّف بأفكارنا ومشاعرنا وقيمنا، ونُعرّف بظروفنا و مجمل تجربتنا. ومع ذلك، نحن في الوقت نفسه نعي هذه التجربة، وبالتالي نكون على مسافة عنها. لدينا أسئلة، ومعضلات، ولحظات من القلق الوجودي والأخلاقي التي تجعلنا ندرك نقصنا وقصورنا. هناك نقص جوهري داخل الحاضر يشل أفكارنا وأفعالنا. لا شيء يمكن أن يحدد لنا تمامًا معنى العالم أو اتجاه حياتنا. ومع ذلك، نحن قادرون على تجاوز كل ما نحن عليه وتصور المستقبل الذي سيمنح معنى للحاضر. من خلال الفعل الحر من أجل غاية غير موجودة بعد، نوجه أنفسنا إلى هذا الهدف ونجعله حقيقيًا بالنسبة لنا. بهذه الطريقة نفهم العالم ونعطي معنى لحياتنا من خلال التزاماتنا النشطة.
الإنسان ليس هوية حاضرة جامدة ولا هدف مستقبلي غير ملموس. نحن نتشكّل من خلال علاقة قمنا باختيارها بحرية بين هوية حالية و غاية. تتضمن الشخصية بالضرورة كل من الحقائق التي تحددنا والحركة وراء هذه الحقائق إلى ما نسعى إلى أن نصبح عليه. فهي تنطوي على الجوهر والوجود، وحيازة الذات والتجرّد منها، والإستبطان والنشوة، الحاضر والمستقبل، الحقيقي والمثالي، الدلالي والشرطي. أنها تنطوي على ما هو حقيقي، وما يمكن أن يكون. في فهم سارتر، نحن نشكل هويتنا الشخصية من خلال قبول من نحن وحرية التحرك وراء هذا.

الكاتب: admin

ذ. بضاض محمد Pr. BADADE Med باحث في:علم النفس،علوم التربية،والعلوم الشرعية. خريج جامعة سيدي محمد بن عبد الله-كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز-فاس خريج جامعة مولاي اسماعيل-كلية الآداب والعلوم الإنسانية-مكناس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *