العلوم الإنسانية وتدريس العلوم الدينية الإسلامية نموذج علوم التربية وعلم النفس(1)_الأستاذ الدكتور مصطفى حدية

مقدمة:
ما هي مناهج التربية وما هي دلالتها ومبادئها؟ ما هي مناهج علم النفس و ما هي علاقتها بمناهج التربية؟ كيف يمكن رصد مناهج التربية وعلم النفس في العملية التعليمية للعلوم الدينية؟ وما هي أهمية هده المناهج وفائدتها في التعليم الجيد للعلوم الدينية ؟.فالنظرة العميقة لمضمون هذه الأسئلة تحيلنا على مشكلة تربوية معقدة ترتبط بمفهوم التربية في مختلف أبعادها الفلسفية والتعليمية من جهة وما يطرح اليوم من أسئلة وإشكالات حول تدريس علوم الدين وما يرتبط بها من قضايا عقائدية وشرعية من جهة أخرى. أسئلة وإشكالات يذهب بعضها إلى طرح الجدوى والفائدة من تدريس علوم الدين في عصر العلوم والتكنولوجيا المتطورة، زاعمة بذلك أن علوم الدين وما يرتبط بها من أفكار ومعطيات هي المحرك لما يعرفه المجتمع المعاصر اليوم من عنف وإرهاب. إن المشكلة في الأصل لها علاقة بالأسلوب ونمط التعليم المسطر من أجل تنفيذ البرنامج المعد لتدريس العلوم الدينية مع الاستفادة من النظريات التربوية الحديثة وسيكولوجيا التعلم عبر اكتشافاتها وإبداعاتها المهمة في مجال الطفولة. بالإضافة إلى هذا فان أهمية هذا الموضوع تكمن في ما أصبح مسلما به من أن تقدم المجتمعات ونموها وازدهارها رهين بمدى فعالية المناهج التربوية المعتمدة في تكوين الإنسان،ذلك التكوين المتكامل الذي ينم عن تحقيق الإنسان المتصف بالنضج والانفتاح والقادر على مواجهة تحديات مجتمع العولمة في إطار تشبعه بهويته الحضارية والدينية.
مناهج التربية الحديثة
من المؤكد أن المنهج التربوي يحتل موقعا استراتيجيا خطيرا في العملية التربوية عموما والعملية التعليمية خصوصا,على اعتبار أنه يتضمن الأهداف التربوية وخططها واتجاهاتها في كل مجتمع. فالمنهج التربوي يشكل جزءا من النظام التربوي لبلد معين. فالتربية تهدف كما هو معروف في الدراسات التربوية إلى إحداث تغيير مقصود ومنظم في سلوك المتعلمين. وبما أن التعلم هو كذلك تغيير في السلوك فان ضرورة اهتمام التربية بعلم النفس وبالأخص بسيكولوجية التعلم تعتبر أمرا ملحا.فتبعا للتغيير الذي عرفته المجتمعات المعاصرة والذي مس جميع المجالات العلمية والثقافية والسياسية والتكنولوجية،لوحظ تحول إن لم نقل انقلاب في مفهوم التربية من معناها ودلالتها التقليدية إلى مفهومها المعاصر. ففي النصف الأول من القرن العشرين ظهرت مناهج وطرق تربوية متعددة ومختلفة تعطي الأهمية بالدرجة الأولى للطفل ولميوله ولشخصيته بصفة أساسية بدل التركيز على المادة كما كان سائدا في السابق.وهنا تجدر الإشارة إلى أعمال مونتسوري (1870-1952) في كتابها “التربية العملية” حيث تؤكد على أنه “ينبغي أن تتوافر في بيئة الطفل وسائل التربية الذاتية وأن تكون هذه الوسائل شيقة قادرة على اثارة اهتمام الطفل” . وفي نفس السياق “أنشأ- دوكرولي(1871-1932)- مدرسة الحياة من أجل الحياة” مستفيدا في ذلك من اهتمامه بعلم النفس الحديث وهو الأستاذ لعلم النفس الطفل بجامعة بروكسل ببلجيكا. نفس الاهتمام بالطفل نجده عند كل من فروبل وسبستيان فرينيه وما تركاه من من أثار ايجابية على العملية التربوية في شموليتها وما أحدثاه من تغيرفي كيفية التعامل مع جيل المستقبل.
بالإضافة إلى هذه الموجة من الطرق التربوية الجديدة،تم التركيز كذلك وبالتوازي مع الاكتشافات العلمية في مجال العلوم الإنسانية عموما وعلم النفس خصوصا على مناهج حديثة من قبيل التدريس بالأهداف والتدريس بالكفايات وبداغوجية الإدماج الخ. تعددت المناهج والطرق والوسائل وكلها تشترك في المبادئ التالية-
-تعليم الطفل أن يعلم نفسه بنفسه،
-تعليم الطفل الاستقلال بذاته،
-تعليم الطفل أن يحل مشكلاته،
-تحرير شخصية الطفل وتنمية إبداعه.
وما أعطى للتربية الحديثة أهميتها وأظهر جدتها بالقياس الى ما كان سائدا تحث مسمى “التربية التقليدية” هو التشبع بمجموعة من المبادئ الأساسية نذكر منها-
_ تقدم التربية على التعليم،
اعتماد التربية على علم النفس، اعتبار الطفل محور التربية،
الاستقلال الذاتي في إطار التكامل، توفير بنية طبيعية،
تربية فردية وسط روح جماعية، توفير جو التفاؤل والثقة.
ويمكن في ضوء هده المبادئ الإشارة إلى مقومات التربية الحديثة في ما يلي-
-مراعاة الفروق الفردية،
-دراسة نفسية الطفل،
-النشاط الذاتي،
-الحرية والمسؤولية،
-ربط المدرسة بالحياة الاجتماعية.
مناهج التربية ،أنماط التعليم وعلاقتها بعلم النفس-
كما سبقت الإشارة إلى ذلك أعلاه،هناك علاقة وثيقة جدا بين سيكولوجية التعلم وأنماط التعليم وأن تعدد هده الأنماط وتنوعها يعودان جزئيا الى تعدد نظريات التعلم وتنوعها التي تحاول وصف السلوك الإنساني وتفسيره لذلك فمن غير المستغرب أن تكون هناك روابط وأصول نفسية مختلفة لأنماط تعلمية مختلفة ويمكن تحديد هده الأصول في أربعة مناح أساسية هي،المنحى السلوكي والمنحى المعرفي والمنحى الاجتماعي والمنحى الإنساني.
-الاتجاه المعرفي-يركز على فردية خصائص المتعلم وشخصيته، ويعنى باستراتيجيات تطوير جانبه المعرفي بخاصة وجوانبه النفسية الاجتماعية الأخرى بعامة. ويتضمن هذا الاتجاه أو المنحى عدة أنماط تعليمية ,نذكر منها نمط اكتساب المفاهيم لبرونر,ونمط التفكير الاستقرائي لتابا,ونمط الاستقصاء لسكمان ونمط المنظمات المتقدمة لأوزبل ونمط التطور المعرفي لبياجيه. وقد هدفت هذه الأنماط جميعها ,رغم اختلافها من حيث الأهداف التفصيلية,إلى تزويد المعلم بالعديد من الحقائق والمفاهيم والمبادئ والاستراتيجيات التي تمكنه من تعزيز تطوير تفكير طلابه, وتسهيل اكتسابهم لمفاهيم واستراتيجيات تفكيرية متقدمة.

  • الاتجاه السلوكي-يركز هذا الاتجاه على الاستفادة القصوى من مبادئ التعلم الإجرائي المتنوعة التي تمكن المعلم من ضبط سلوك طلابه التحصيلي وغير التحصيلي وتعديله على نحو يبدو فيه هذا السلوك أكثر مرغوبية بالنسبة للمعلم والمتعلم والمجتمع على حد سواء. ويتضمن هذا الاتجاه نمط التدبير ألاشتراطي ونمط التدريب لسكنر وآخرين. يهدف هذان النمطان إلى تزويد المعلم بمجموعة واضحة ومحددة من الإجراءات التي تسهل عليه أمر تخطيط التعليم وتنفيذه بشكل مثمروضبط سلوك طلابه غير التعليمي بحيث يوجهون جل اهتمامهم ونشاطهم نحو تنفيذ ما يحدد لهم من أهداف تعليمية.
    -الاتجاه الإنساني,يركز على “إنسانية” المتعلم و”حريته” لتمكينه من استغلال طاقاته في حدودها القصوى وتحقيق ذاته على النحو المرغوب فيه. ويتضمن هذا الاتجاه نمط التعليم غير الموجه لروجرز وآخرين ونمط التفكير الابتكاري لجوردون وآخرين.
    يهدف هذان النمطان إلى تزويد المعلم بمفاهيم ومبادئ واستراتيجيات تعليمية تمكنه من تشكيل بيئة صفية مفتوحة “حرة” تتيح للمتعلمين فرصة تطوير قدراتهم الذاتية وتعزيز تفكيرهم الابتكاري.
    -الاتجاه الاجتماعي-يعنى بتطوير المهارات الاجتماعية والعلاقات الشخصية المتبادلة من خلال التأكيد على أهمية تفاعل الجماعات ويتضمن الاتجاه عدة أنماط نذكر منها نمط البحث الاجتماعي لثيلين ونمط اللعب لشافتل, وذلك بغرض تزويد المعلم بالمهارات والاستراتيجيات الضرورية لتطوير قدرات طلابه على إنشاء علاقات اجتماعية مثمرة .
    مناهج التربية الإسلامية,منظور شمولي,
    لكي يكون نظام التربية نظاما إسلاميا، لابد أن يكون كليا، يحيط بكل ما يقتضيه نمو الإنسان المتكامل، إن كان ذلك في نموه العقلي، أو الخلقي، أو الوجداني…ومن هذا المنطلق، تتميز التربية الإسلامية بكونها تهدف إلى تكوين “الإنسان الصالح” الذي يعمل في سبيل سعادته في الدنيا، ويحصل من الفضائل ما يضمن له السعادة في الآخرة. ولاشك أن رعاية الأبناء وتعهدهم بالعناية اللازمة، والتربية اللائقة، والأخذ بيدهم نحو الحالة السوية، ستوفر طاقات إنتاجية هائلة، إذ ما أحوجنا في البلاد الإسلامية إلى تربية سليمة تتميز بتوفير رعاية متكاملة وشمولية لمواجهة إشباع حاجات الطفل في مختلف المجالات. ومعلوم أن الطفولة هي الفترة الحرجة والحساسة في حياة الفرد وتطوره. فخلال هذه المرحلة يكتسب الطفل الأنماط الرئيسية من سلوكه الحسي والحركي، والمعرفي، واللغوي، والعاطفي، والاجتماعي.. وما لم تتطور هذه الأنماط تطورا سليما، فإن الطفل يتعرض للإصابة بالمشكلات التعليمية والسلوكية، ويتأثر تكيفه مع البيئة تأثرا بعيد المدى إن المشتغلين بالتربية من رواد الفكر التربوي الإسلامي المعاصر قد بينوا حقيقة التربية في مفهومها الإسلامي الصحيح انطلاقا من الفلسفة الإسلامية ورؤيتها المتميزة للإنسان، واعتمادا على أصوله الثابتة وتعاليمه الربانية وتشريعاته القويمة في القرآن الكريم والسنة النبوية الرشيدة. يتعلق الأمر عند هؤلاء الرواد والمشتغلين بمجال التربية الإسلامية في تأكيدهم على أنه لم يكن هدف المسلمين من التربية دنيويا محضا كما كان عند اليونان والرومان مثلا، ولم يكن دينيا كما كان عند الإسرائيليين في الصدر الأول، وإنما كان غرضهم دينيا ودنيويا معا، وكانوا يرمون إلى إعداد المرء لعملي الدنيا والآخرة وفي القرآن الكريم: “واتبع فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا” وفي الحديث الشريف “اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا”. إن الهدف من التربية الإسلامية يتعلق بتكوين شخصية إسلامية متوازنة روحيا وعقديا وجسميا واجتماعيا الخ، تكوين يجعل الذكر والأنثى مسلما في تفكيره وقوله وفعله وسلوكه وأخلاقه وغايته في الحياة، وفي نظرته للأمور، ووزنه للأشياء وعلاقاته بالآخرين.
    أشارت الدراسات والأبحاث في علم النفس إلى أنه بفضل التغيرات النمائية السريعة التي تحدث في شخصية الطفل، يصبح من الضروري توفير المناخ البيئي الملائم والشروط التربوية المناسبة، إذ أن قدرات الطفل الحسية والحركية والعقلية ذات الاستعداد الكبير للارتقاء والعمل، خلال هذه الفترات سوف تبلغ مداها إذا أخذت التربية دورها بشكل سليم.
    إذا كانت العملية التربوية في مفهومها العام تعني تناول مختلف جوانب شخصية الإنسان بالترقية والتنمية والتهذيب مما يعينه على اكتساب الكفاءة اللازمة كي يحسن التفاعل مع معطيات وواقع الحياة الإنسانية والطبيعة، حاضرا ومستقبلا، فضلا عن تنمية قدرات المجتمع وإمكاناته وتعزيز ذاتيته الحضارية بحيث يكون قادرا على المضي قدما على طريق التقدم والرفاهة، والمنافسة على تحقيق أفضل ما يمكن الإنسان من القيام بواجب الاستخلاف،.
    كل ما في الإسلام الحنيف يبعث على التمتع بالفطرة السوية أو السواء أو بلغة علم النفس الحديث حسن التكيف والتوافق والتمتع بالصحة النفسية الجيدة. التعليم والمبادئ والمثل الإسلامية تشمل كل جوانب الشخصية الإنسانية وتتناولها بالصقل والتنمية والتهذيب والتربية بحيث يشب المسلم شخصية سوية متكيفة ناجحة.
    إن الإسلام عقيدة التوحيد والعدل والمساواة والإخاء، وهو دعوة للسلام وللتعايش بين الشعوب والأمم والإبداع الحضاري في جميع مجالات الحياة، إن التربية الإسلامية هي التي تصوغ المجتمع المسلم وتنشئته تنشئة متكاملة العناصر، لا يطغى فيها جانب على آخر وإنما تتوازن فيها جميع القيم الإسلامية.
    انطلاقا من هذه الرؤية الشاملة للإسلام والمتعلقة بالكائن البشري والمجتمع والتربية، نحدد فيما يلي خصوصية الرؤية الإسلامية للطفل، دون الخوض في التفاصيل الدقيقة لأن هذه التفاصيل لا يستوعبها هذا العمل المحدد في موضوعه، بل سنقتصر على عرض الملامح العامة المفيدة في تقديم صورة ناصعة لخصوصية الطفل في المنظور الإسلامي.
    مكانة الطفل في الإسلام:
    إن الإسلام يقرر أن الأفراد يولدون على الفطرة ويتم تكوينهم وفق سنن الكون التي أرادها الله ليعيشوا حياتهم مزودين بمختلف القابليات والإمكانات ومسلحين بملكة العقل التي تنمو والمشاعر التي تنبض والروح التي تهدي صاحبها إلى سواء السبيل.
    إن تربية الطفل والعناية به في الإسلام لها أهمية خاصة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالعطف على الأطفال وحبهم ويحث على وجوب معاملتهم بالرحمة واللين، فقال صلى الله عليه وسلم: “ليس منا من لا يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا “وللرسول صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تبين أهمية لعب الأطفال وفهم طبيعتهم وأسلوب تربيتهم حيث يقول: “علموا ولا تعنفوا فإن المعلم خير من المعنف”.
    تشكل أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله أرضية صلبة، تأكد من خلالها أهمية الطفولة ومكانتها في التربية السليمة، ولقد أوضح القرآن الكريم في آيات متعددة مراحل الطفولة منذ الإخصاب، وأوضح حقوق الأطفال وحدد مراحل التكليف وتحمل المسؤولية ونصيب الأطفال من الإرث وأهمية معاملة الأطفال اليتامى باللطف والمحافظة على أموالهم حتى يبلغوا أشدهم حيث قال الله تعالى: “ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن” واعتبر القرآن الكريم الأطفال زينة الحياة حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز: “المال والبنون زينة الحياة الدنيا”.
    أجل، لقد اعتنى الإسلام بالطفل ونص على حقه في الحياة وهو جنين في بطن أمه، فلا يجوز قتله بأي طريقة كانت حتى ولو حكم على المرأة الحامل بالإعدام، إذ يؤجل الحكم حتى تضع وليدها وترضعه حتى الفطام. كما أكد على حق الرضاعة، قال الله تعالى: “والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين” (سورة البقرة: أية 233). ومن حقوق الطفل على والديه كما أكدها الإسلام التغذية والملبس والمسكن والحق في العدل وعدم التمييز بين الذكر والأنثى، وحق النسب والتسمية. وقد روي أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ما حق ابني هذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تحسن اسمه وأدبه، وضعه موضعا حسنا”.
    كما أوصى الإسلام الوالدين خيرا بأولادهم قال الله تعالى: “يوصيكم الله في أولادكم” سورة النساء، آية 11). أكد الإسلام على وجوب رعاية الوالدين لصحة أولادهم وأن إهدار صحتهم إثم كبير قال صلى الله عليه وسلم: “كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول” (رواه أبو داوود عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما). وقال كذلك عليه الصلاة والسلام: “مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع “. وقال صلى الله عليه وسلم: “اعدلوا بين أولادكم كما تحبون أن يعدلوا بينكم، (مسند الإمام أحمد، السيوطي).
    وتقديرا لأهمية الطفل وتأكيدا لحقه في الحياة قال الله تعالى: “ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم، إن قتلهم كان خطئا كبيرا” وقال الله تعالى: “ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله”.
    إنه مما لاشك فيه، أن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية قد رفعت من مكانة الطفل أكثر من أي اتجاه أو مذهب وفلسفة سابقة وضمنت له حقوقه كاملة، على اعتبار أن الطفولة هي عماد وأساس المجتمع والحضارة الإنسانية، فإذا تمت رعاية الطفل رعاية متكاملة صلح المجتمع وإذا صلح المجتمع صلحت الحضارة الإنسانية، ولعل هذا ما ترمي إليه التربية الإسلامية وما يحدد المكانة المتميزة للطفل في الإسلام.
    وبالفعل، في التربية من المنظور الإسلامي تتأكد هذه المكانة الإيجابية في أنصع صورها الجميلة. فالإسلام يحث في التربية على مراعاة الإمكانيات الطبيعية ومستوى قدرات واستعدادات الطفل المختلفة عند التربية حيث يجب أن يكون الكلام على قدر إدراك الطفل، إذ ليس من الحكمة أن يكون الكلام وأسلوب الخطاب الكبير نفسه للصغير، ولهذا روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: “يا ابن عباس لا تحدث قوما حديثا لا تحتمله عقولهم” .
    لقد حظي الطفل بمكانة كبيرة في مجال التربية حيث أمر الإسلام بعدم التشدد والضغط والعنف، لأن العنف لا يولد إلا العنف فالأسلوب الأساسي في نظر الإسلام هو أن تكون الوسيلة متسمة بالرفق واللطف وبصفة خاصة في معاملة الأطفال وتربيتهم، ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “إن الله يحب الرفق في الأمر كله” وكان يقول لعائشة “عليك بالرفق فإن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شرع إلا شانه” إذ إن طريقة الغلظة والعنف والقسوة في التربية يكون إنسانا غليظا قاسيا عنيفا يحمل في نفسه الحقد والضغينة على مربيه، ثم هو نفسه يتخذ نفس الأسلوب في التربية عند الكبر، لأن كل أسلوب تربوي غير أخلاقي يكون بدوره نمطا من السلوك غير أخلاقي عند المتربين، ولذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم ينصح بالتيسير والتبشير في التربية والتعليم وكان يقول: “علموا وبشروا ولا تعسروا وسكنوا ولا تنفروا” وفي رواية “يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا”، كما كان ينصح أن يكون المربي كالوالد الرحيم بالنسبة للطفل حيث كان يقول: “أنا لكم مثل الوالد لولده أعلمكم” وأخيرا كان ينصح أن ينزل المربي إلى مستوى المتربي فيقول مثلا: “من كان له صبي فليتصاب له”، ومعروف عنه أنه كان يفعل ذلك بنفسه إذ كان يداعب الأطفال ويلاطفهم وكان يقول: “من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا”.
    إن الحديث عن جوانب العناية التي خص بها الإسلام الطفل والطفولة لا تسعه هذه الفقرات، نظرا لما هو مطلوب في هذا العمل المحدود، نقول إن حديثنا كان مختصرا جدا حيث اقتصرنا على الملامح العامة التي تميز المنظور الإسلامي لمكانة الطفل عن باقي التصورات والاتجاهات التربوية في مختلف الحضارات. مكانة إيجابية تحكمها العناية الفائقة والشاملة لحاجات ومطالب النمو المختلفة، حيث أرسى الإسلام المنهج القويم لتعليمهم وإعدادهم وحدد المسؤوليات نحوهم انطلاقا من الوالدين وانتهاء بمختلف المؤسسات الاجتماعية المتنوعة.
    مراحل نمو الطفل بين علم النفس والتربية الإسلامية:
    يشير مصطلح النمو إلى التغيرات التي تحدث في الجسم حيث يمر الكائن الحي بكثير من التغيرات التي تحدث له في مراحل عمره المختلفة منذ ولادته إلى أن يصبح كهلا. وأن الهدف الضمني لعملية النمو هو تحقيق النضج. ونجد الإشارة إلى أن الفرد يمر بكثرة التغيرات أثناء عملية النمو ومن هذه التغيرات نذكر على سبيل المثال التغير الجسمي والفسيولوجي، كما ينمو لدى الفرد جوانب أخرى نفسية واجتماعية وثقافية وروحية الخ…
    فالنمو يعني سلسلة متصلة من التغيرات ذات نمط منتظم مترابط. ويعتبر علم نفس النمو الدراسة العلمية للنمو يهدف منها إلى تحديد معايير النمو والكشف عن المقاييس المختلفة لكل مظهر من مظاهره المختلفة، كالنمو العقلي والجسمي والانفعالي والاجتماعي والديني لكل مرحلة من مراحل العمر.
    كما يهدف إلى أحسن الشروط الممكنة التي تؤدي إلى أحسن نمو ممكن، كما تسعى إلى جعل الإنسان يكتسب أفضل طرق التوافق الاجتماعي. وبما أن النمو يمر في مراحل متعددة، فكل مرحلة تؤثر في لاحقتها كما تؤثر في سابقتها. وهكذا يتميز النمو بميزات رئيسية يمكن حصرها في:
    أولا: يكون النمو داخليا بمعنى أن نمو الكائن الحي يكون من الداخل لا من الخارج، على أن يكون هذا النمو نموا كليا لا جزئيا، إذ لا تنمو قدم الطفل اليمنى ثم اليسرى بل يكون نموها كليا.
    ثانيا: يكون النمو عاما ثم يصبح خاصا، وهذا يعني أن الطفل يتحرك بكامل جسمه في مرحلة الطفولة الأولى – سنين المهد – لم يبدأ تدريجيا في التحرك حتى يستطيع ضبطها فيما بعد وهذا ما يسمى بالنمو الخاص. وهذا المبدأ صحيح لكل أنواع النمو الحركي والعقلي والاجتماعي واللغوي والانفعالي.
    ثالثا: يكون النمو مستمرا وهذا يعني أن كل مرحلة من مراحل النمو تتأثر بما قبلها وتؤثر فيما بعدها من مراحل .
    وقد انصب الاهتمام على دراسة النمو في هذه السنين الأخيرة، وتبين أن النمو يتصف بسمات قد يستمر وجودها لفترة طويلة بشكل بارز وبعدها تندمج في سمات أعم وتستمر هي الأخرى مدة أطول وهكذا، مما جعل مختلف الدارسين للنمو من علم نفس النمو والتربية يتحدثون عن مراحل خاصة بالنمو حددت تحديدات مختلفة بناء على عدة معايير وخصائص حسب منظور مختلف الدارسين.
    تقسيمات وتسميات متباينة ولكنها تتفق في أغلبها على أن النمو يتميز بمراحل متعددة بنفس الصفات تقريبا، يمكن عرضها بإيجاز فيما يلي:
    1- مرحلة ما قبل الولادة.
    2- مرحلة الطفولة في سن المهد.
    3- مرحلة الطفولة المبكرة
    4- مرحلة الطفولة الوسطى.
    5- مرحلة الطفولة المتأخرة.
    6- مرحلة المراهقة.
    7- مرحلة الرشد.
    8- مرحلة الكهولة.
    9- مرحلة الشيخوخة.
    تعتبر هذه المراحل بخصائصها ومطالبها الإنمائية مكاسب مهمة مما توصلت إليه العلوم النفسية والتربية الحديثة في المجتمع الغربي، لكن ما تجدر الإشارة إليه هو أن الإسلام وبالضبط من خلال الآيات القرآنية والسنة الرشيدة وآراء الفقهاء والفلاسفة الإسلاميين قد سبقوا وأشاروا إليها في أكثر من موضع في معرض الحديث عن نمو الكائن البشري، سبقوا إليه بشكل أعمق وأشمل من وجهات النظر تلك. ومن الحديث الآتي للنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم نقف على الخطة التي وضعها لتربية الأطفال، قال صلى الله عليه وسلم: الغلام يعق عنه يوم السابع، ويسمى، ويماط عنه الأذى، فإذا بلغ ست سنين أدب، فإذا بلغ سبع سنين عزل فراشه. فإذا بلغ ثلاثة عشرة سنة ضرب على الصلاة والصوم. فإذا بلغ ست عشرة سنة زوجه أبوه، ثم أخذ بيده، وقال (له): قد أدبتك، وعلمتك، وأنكحتك. أعوذ بالله من فتنتك في الدنيا، وعذابك في الآخرة” .
  • المرحلة الأولى من الطفولة هي أهم مرحلة في تربية الطفل جسميا وخلقيا، وفي تعويده أحسن العادات وأكرم الأخلاق وأجمل النظم.
    في المرحلة الثانية: إذا بلغ ست سنين وهذب وأرسل إلى المدرسة للتعليم، وربى تربية كاملة جسمية وعقلية وخلقية وروحية واجتماعية وعملية بحيث يعد للحياة العملية التي تنتظره.
    في المرحلة الثالثة: إذا بلغ سبع سنين عزل فراشه، وجعل في حجرة خاصة به، وعلم الوضوء وعود الصلاة في أوقاتها الخمسة الخ.
    في المرحلة الرابعة: إذا بلغ ست عشرة سنة: شجعه أبوه على القراءة والصلاة وصاحبه في ذهابه وإيابه، ونصحه أبوه على انفراد وأظهر له حبه وعطفه، ويشجعه على الزواج المبكر وبعد الزواج أمكنه الاعتماد على نفسه. ومع الأسف الشديد، لو كتب للتراث العربي الإسلامي في هذا المجال الذيوع والانتشار والترجمة الدقيقة لاعتبر مرجعا سابقا على ما جاء بعده اليوم خصوصا وأن الإسلام قد اهتم بمراحل النمو المختلفة عامة وبالطفولة من خلال اهتمامه بقضية التربية والتعليم، ودعا إلى طلب العلم من المهد إلى اللحد وهو ما يعبر عنه في الوقت الحاضر باصطلاح “التعليم المستمر” طوال حياة الفرد، ولقد كان إسلامنا سباقا في هذا المضمار على علوم التربية وعلم النفس في العصر الحديث، ولقد جعل الإسلام الخالد طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ودعا إلى طلبه حتى وإن كان في الصين.
    بالإضافة إلى هذا، فلإسلام يدعو إلى عدم تحميل الطفل ما لا طاقة له به، فلكل نفس ما وسعت… ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، حتى لا يكون هناك تشدد على الطفل أو مغالاة فيما نطلبه منه، ذلك لأن تكليف الطفل لما يفوق قدراته يجعله يشعر بالفشل والإحباط ويفقد الثقة في نفسه. لقد أولى الإسلام أهمية كبيرة لمراحل نمو الطفل، وذلك اعتبارا لما لهذه المراحل من دور في تنشئة الطفل، بما تتضمنه من مطالب للنمو وحاجات خاصة به تتطلب الإشباع، فالتربية السليمة في إعداد المواطن الصالح تتحكم فيها مراعاة خصائص كل مرحلة من مراحل النمو كي تحقق التربية في جميع أبعادها وأهدافها وغاياتها المتمثلة في اندماج سليم في المجتمع وتوافق نفسي للفرد نفسه.
    هكذا يتميز الإسلام في تربيته وعنايته بالكائن البشري عموما وبالطفل خصوصا عن جميع النظم والفلسفات التربوية الغربية والشرقية، والمواثيق والإعلانات الدولية بما يعطيه من أهمية وخصوصية في الرؤية الشاملة لإعداد الإنسان حسب فطرته وسنن الله في الكون.
    تدريس علوم الدين بين مناهج التربية وعلم النفس-
    انتشر التعليم في العالم العربي في السنوات الأخيرة انتشارا واسعا، فظهرت المدارس والجامعات، فكان لزاما أن تواكب العملية التربوية هذا الانتشار والتوسع انطلاقا مما سبقت الإشارة إليه من مناهج تربوية وأنماط تعليمية وما يرتبط بها من اتجاهات نفسية( معرفيةوسلوكية وإنسانية واجتماعية) كل هذا على أساس فلسفة تربوية محددة تتجسد في مبادئ وقيم التربية الإسلامية ورؤيتها للطفولة في نموها وشموليتها.هذا على اعتبار أن التربية الإسلامية تتفق مع الاتجاهات الحديثة وبالأخص مع تلك التي تتحدث عن التربية من جميع جوانبها خاصة بعد الاكتشافات العلمية الجديدة والتي ساعدت على اكتشاف جوانب نمو الفرد المختلفة. فالاستفادة تبعا لهذه المستجدات العلمية ستكون مهمة وكبيرة عندما يتعلق الأمر بالجوانب الإجرائية والتطبيقية في العملية التربوية، الخاصة بتدريس العلوم الدينية في مدارسنا وجامعاتنا.
    من الملاحظ أن الأساليب السائدة في تدريس العلوم الدينية تعتمد في الأعم الأغلب على المشافهة والتلقين فقط. وهذا الأسلوب يؤدي إلى القضاء على شخصية المتعلم ويغيب عقله،لأن عليه أن يتقبل ما يلقى إليه من قبل المعلم دون تفكير أو إعمال للعقل.لأن ما يسمعه صواب ولا يقبل النقاش.إذن لا بد من إيجاد أساليب ووسائل وطرق حديثة لتدريس العلوم الدينية تتوافق ومعطيات العصر، وتتماشى مع النهضة التربوية الحديثة. ولا تتعارض مع مع الحقائق والمفاهيم والأحكام الإسلامية.وهذا يتطلب أولا إعداد معلم ومعلمة التربية الإسلامية وتطوير أدائهما وفق الأساليب والطرق الحديثة في إعداد المعلمين وتزويدهم بما يستجد في ميدان التربية والتعليم من خلال إقامة دورات تدريبية قصيرة أو طويلة المدى.ثانيا حث معلم التربية الإسلامية على التزام التخطيط العلمي لتدريس المادة وذلك من خلال التخطيط لتدريس المادة خلال العام الدراسي ،وخلال الفصل الدراسي الواحد، والتخطيط الأسبوعي، والتخطيط اليومي ،وذلك كتابيا حتى يمكن التقليل من الأخطاء ويكون العمل أكثر اتقانا.
    مثال لتخطيط يومي,
    أولا- تحليل محتوى الدرس
    أ-المعارف
    ب-المهارات العقلية والعملية
    ج- النشاطات الإبداعية
    د- السلوكيات والأخلاقيات
    ثانيا- الأهداف السلوكية
    -أن يتوصل التلاميذ الى موضوع الدرس الجديد…..
    -أن يستنتج التلاميذ….
    -أن يدرك التلاميذ…
    -…………………….
    ثالثا- المواد التعليمية-
    -ورقة مكتوب عليها نص موضوع الدرس
    -جهاز عرض رأسي ضوئي
  • السبورة أو حاسوب
    -الطباشير أو أقلام الكترونية
    رابعا- التقويم
    متابعة الطالب من خلال تصرفاته في المدرسة ومن خلال الاتصال بولي أمره للتوصل إلى نسبة تطبيقه لما اكتسبه.ومناقشته بعد ذلك.
    خلاصة-
    إن العلاقة بين مناهج التربية وعلم النفس علاقة وطيدة ،فأوزبل يرى انه يجب على المعلم أن يبدأ بمجموعة من المبادئ السيكولوجية القائمة ذات العلاقة بالتعليم المدرسي, حيث يختار على نحو عقلاني أفضل الطرق والتقنيات التعليمية الحديثة ,عوضا عن الضياع في متاهات الحدوس الغامضة,فالمبادئ السيكولوجية المنطقية, لا توحي بالعديد من أساليب التدريس الجديدة فقط ، بل تستبعد أيضا كافة المحاولات التي لا تستحق الاختبار ،لعدم اتفاقها أصلا مع المبادئ النفسية التي أكدت البحوث صدقها.إن معالجتنا لهذا الموضوع تمت انطلاقا من هذه الرؤية وبينا كيف أن تدريس العلوم الدينية يمكنها الاستفادة مما ورد من بحوث في هذا المجال أي مجال التربية الحديثة وعلم النفس انطلاقا من الرؤية الإسلامية للطفولة وللفلسفة التربوية النابعة من الدين الحنيف.
    .
    المراجع-
    1- هذه المساهمة التي تستهدف توضيح إمكانية استفادة تدريس العلوم الدينية من مناهج التربية وعلوم النفس، بعيدا عن ما يمكن تصوره من تنافي بينهما. ولقد تأتى لنا الحديث في هذا الموضوع بحكم دراستنا للعلوم الأصلية لسنوات وعلم النفس في الأخير كتخصص.
  • د. سعيد إسماعيل علي: التكامل والتعاون بين التربية الوالدية والتربية المدرسية، المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة – الرباط 2004.
  • د. فؤاد البهي السيد: الأسس النفسية للنمو، القاهرة، دار الفكر العربي، 1975.
  • د. عمر التومي الشيباني: دور التربية في بناء الفرد والمجتمع، طرابلس- المنشأة العامة، للنشر 1983.
  • المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة: الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي 1988.
  • د. عبد الحي عمور: التربية في مرحلة ما قبل المدرسة – سلسلة النظام التعليمي – الدار البيضاء، النجاح الجديدة 1995.
  • المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، نحو استراتيجية لتطوير التربية في البلاد الإسلامية، 1990.
  • د. عبد الله عبد الدائم: التربية عبر التاريخ، بيروت، دار العلم للملايين، 1975
  • د. أبو بكر القادري: المجتمع الإسلامي في مواجهة التحديات الحضارية الحديثة، الدار البيضاء، النجاح الجديدة، 1998.
  • د. خالد الصمدي: القيم الإسلامية في المناهج الدراسية، المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، 2003.
  • د. محمد الرحيلي: الإسلام والشباب، بيروت/دمشق، دار القلم، 1993.
  • ابن القيم: تحفة الودود بأحكام المولود، بيروت، دار الجيل، 1988.
  • الإمام الغزالي: إحياء علوم الدين، القاهرة، مصطفى البابلي الحلبي، 1939.
  • د. المصطفى حدية: التنشئة الاجتماعية والهوية، ترجمة محمد بن الشيخ، منشورات كلية الآداب،الرباط- 1996-

الكاتب: admin

ذ. بضاض محمد Pr. BADADE Med باحث في:علم النفس،علوم التربية،والعلوم الشرعية. خريج جامعة سيدي محمد بن عبد الله-كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز-فاس خريج جامعة مولاي اسماعيل-كلية الآداب والعلوم الإنسانية-مكناس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *